أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - تأجيل الانتخابات ونفسية المصلحة السياسية















المزيد.....

تأجيل الانتخابات ونفسية المصلحة السياسية


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1035 - 2004 / 12 / 2 - 07:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما صرخ أحد الاولياء يوما "الهي! لماذا تعذبهم وهم عبيدك؟! فإن الجواب جاءه واضحا وقاطعا بقدر واحد في دلالته على انه هو (الله) الذي يدرك حقيقة الرحمة! وهي إشكالية كانت وما تزال تعذب العقل والضمير الإنسانيين في بحثهما عن تبرير أو إدراك لحقيقة الرحمة والعذاب. وهي الإشكالية التي تشكل صلب التفكير الفلسفي واللاهوتي، والتي لا حل نهائي لها مازال العذاب والرحمة جزءا من كينونة الإنسان. لكن حالما ننقلها إلى واقع الإنسان وحياته الاجتماعية والسياسية، فإنها ستتمحور في قضية النضال والصراع من اجل السعادة. إذ ليست حقيقة الرحمة الإلهية سوى الوجه الآخر للسعادة الإنسانية. لهذا يتلقيان حالما نضعهما بمعايير الحق والعدالة والمساواة سواء في الرؤية الدينية أو الدنيوية.
والتاريخ الإنساني في جوهره هو صراع من اجل تقرير ماهية الرحمة والعذاب من اجل إحقاق الحق والعدل والمساواة. وعندما يعجز البشر عن تحقيقها الفعلي، فإنهم ينقلوها إلى ما وراء الحياة والموت بوصفها الصورة "المثلية" للرغبة الجامحة في تحقيقها بوعد الجنة للمحسنين ووعيد العذاب للمذنبين. غير أن الوجود الإنساني هو ليس صورة باهتة لنماذج أفلاطونية رفيعة المستوى، بل ومساع لا تنتهي لتجسيدها في نماذج مقبولة للعقل والضمير. وهي مساعي ضحى بانفسهم من اجلها أنبياء وأولياء وعقلاء ونبلاء ومؤمنين وملحدين وحالمين ومقاتلين ورجال ونساء، أي كل من أدرك قيمة الحق والعدالة والمساواة، بوصفها القيمة الضرورية للوجود الإنساني.
وهو الأمر الذي يشير إلى أن هناك قيما ذات أهمية بحد ذاتها تتجاوز "المصلحة العابرة" أيا كان شكلها وتأسيسها النظري. ولعل أهم هذه القيم في ظروف العراق الحالية هي تلك التي لها صلة بفكرة بناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني. ومما يجعل منها فكرة فائقة الاهمية مقارنة بغيرها من الافكار. وذلك لما فيها من تمثل عقلاني وضروري لنفي زمن الاستبداد والدكتاتورية التي سحقت بصورة شبه تامة مفاهيم الشرعية وقيمها. بعبارة أخرى، إنها الفكرة التي تتمحور فيها حقيقة المصالح الكبرى والصغرى للعراق المعاصر. مما يجعل منها في ظروفه الحالية محك ومعيار المضمون الفعلي للأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية والشخصيات الفكرية والأدبية والإعلامية وغيرها، أي لكل من له دورا في تحديد المسار اللاحق لتطور المجتمع والدولة.
ولعل دور رجل السياسة هو الأكثر أهمية في الظرف الحالي للعراق وذلك بسبب ضعف القوى الاجتماعية والبنية الحقوقية للدولة ومؤسساتها ككل. مما يعطي للسياسة قوة وفاعلية استثنائية وذلك بسبب ضعف الوعي الاجتماعي القادر على عقلنة الصراع وجذبه صوب الرؤية الواقعية ومتطلبات الحياة التي تفرضها قواعد المجتمع المدني. من هنا المسئولية الكبرى للأحزاب السياسية في الظرف الراهن للعراق. وهي مسئولية ترتقي للمرة الأولى إلى مصاف ما يمكن أن نطلق عليه بالفعل وليس مجازا كلمة "المسئولية التاريخية".
إن المسئولية التاريخية للأحزاب السياسية ورجال السياسة تفترض دوما العمل بمعايير الرؤية الاستراتيجية وليس بنفسية "المصلحة السياسية". إن فكرة وقيم "المصلحة السياسية" الحقيقية تفترض ألا تكون جزء من لعبة المؤامرة والمغامرة. طبعا أن السياسية والصراع السياسي لا يخلون من هذه النقيصة بوصفها إحدى المكونات "الطبيعية" للحياة السياسية، الا انه حالما يجري رفعها إلى مصاف التأسيس "الحقوقي"، فإنها تتحول إلى رذيلة سياسية سافرة. وهي رذيلة ترتقي في ظروف العراق الحالية إلى مصاف الخيانة الوطنية الكبرى وذلك بسبب طبيعة وآفاق الانتقال من التوتاليتارية إلى الديمقراطية.
فالعراق بحاجة إلى انتقال حقيقي وديمقراطي فعلي ينهي زمن الاستبداد والدكتاتورية. وهي مهمة ممكنة التحقيق فقط من خلال الرجوع إلى المجتمع وحقه في اختيار مشروع البديل الشامل لشكل النظام السياسي وبنية الدولة والمجتمع. ذلك يعني انه اختيار تاريخي هائل لأنه يستتبع تغيرا جوهريا في بنية الدولة والمجتمع والثقافة. وهي تغيير لا يعني رهنه "بالمصلحة السياسية" سوى الخروج على حقيقة المصلحة السياسية، التي تفترض في ظروف العراق الحالية وضع المسار الطبيعي لتطور الدولة والمجتمع والسلطة على قواعد الحق والقانون. وهي مهمة ممكنة التنفيذ فقط من خلال التمسك المطلق بحق المجتمع في انتخاب واختيار من يراه مناسبا. وبالتالي لا يعني "تأجيل" هذه المهمة سوى "تأجيل" حق المجتمع في انتخاب واختيار من يراه مناسبا. مع ما يترتب على ذلك من وقوف ضد التيار الطبيعي للتقدم وضد متطلبات بناء الشرعية ومؤسساتها.
أما محاولات البرهنة على ضرورة تأجيل الانتخابات من خلال رفع ذلك إلى مصاف الدفاع عن "الحقوق"، فهي ليست الا الصيغة النموذجية في ظروف العراق الحالية، لغرس تقاليد الرذيلة السياسية. وقد يكون بعض هذه المحاولات جزءا من الاجتهاد السياسي، إلا أن التجارب التاريخية للعالم اجمع تبرهن على أن النوايا السيئة للسياسيين عادة ما تؤدي إلى نتائج وخيمة يدفع المجتمع والدولة ثمنها الباهظ. كما أنها لا تجنب رجال السياسة أنفسهم من خاتمة شنيعة. وهي حقيقة لا يفصلها في ظروف العراق الحالية سوى حسم الموقف الواضح من الانتخابات. وذلك لان حقيقة النوايا السياسية ليست جزء من خبايا الروح الأخلاقي، بل من متطلبات الموقف السياسي والمصلحة السياسية. وليس هناك من قوة قادرة على كشف حقيقة هذه النوايا في ظروف العراق الحالية سوى الانتخابات وإجراءها في موعدها المحدد. وذلك لما فيها من أثر حاسم بالنسبة للحاضر والمستقبل. فهي العملية التي يمكنها أن تكشف عن سبع قضايا جوهرية بالنسبة للعراق المعاصر وقواه السياسة وهي:
أولا، إنها تخلص القوى السياسية جميعا من طبيعة الضعف الذي تعاني منه. فمما لا شك فيه واقع الضعف الاجتماعي للقوى السياسية العراقية جميعا. وهي بقية واثر من بقايا الاستبداد والدكتاتورية. ومن ثم فإن المشاركة الفعالة في الانتخاب يعني المشاركة الفعالة في كشف الهوية السياسية وإجلاء عناصرها الفعلية أمام المجتمع. ومن ثم العمل على تقوية الحزب السياسي والمجتمع على السواء.
ثانيا، إنها ضرورية بالنسبة لإرساء أسس الشرعية والقانون والحق. فالعراق بحاجة إلى حكومة تحكم بالقانون وليس إلى سلطة تحكم بمعايير المصلحة السياسية. ولا يمكن تأسيس شروط وجود هذه الحكومة وإعادة إنتاجها بمعزل عن الانتخاب وحق الانتخاب والالتزام بمواعيده.
ثالثا، إنها ترسي مقدمة بناء الأسس الاجتماعية لارتقاء وقوة الأحزاب السياسية. وذلك لأنها تضع الجميع أمام امتحان فعلي وصعب. لاسيما وأنه الامتحان الوحيد القادر على كشف محتوى شعارات الاحزاب السياسية وخطابها وبرامجها العامة ورؤيتها العملية للأولويات ومدى تأثيرها الفعلي في الوعي الاجتماعي والسياسي العام.
رابعا، إنها تعيد للمجتمع فاعليته السياسية ومن ثم دوره الحاسم في تحديد شعارات ورؤية ومسار الأحزاب السياسية.
خامسا، إنها تكشف المضمون الفعلي للنوايا السياسية للأحزاب والقوى الاجتماعية والأفراد وحقيقة ما كانت ترمي إليه وتسعى من اجله‎. مع ما يترتب على ذلك من إلغاء تدريجي للخلاف بين الباطن والظاهر في الأحزاب السياسية. بمعنى عرض حقيقتها على ساحة الصراع الاجتماعي المباشر.
سادسا، انها تعمق بالضرورة قيمة الأبعاد والمواقف الاجتماعية في النشاط السياسي، بوصفه المضمون الضروري للحزب السياسي.
سابعا، انها تكشف الحدود الوطنية الفعلية للحزب السياسي وتضعه عند حدوده كما هي. فالانتخابات العامة تظهر سعة الامتداد الوطني للحزب وتجبره على العمل بمعايير الرؤية الوطنية وليس العرقية أو الطائفية أو المذهبية أو الجهوية أو أيما صفة جزئية. مما يساهم في الإغناء الفعلي لبرامجه العامة والخاصة.
إن وضع هذا الفهم في أساس إدراك حقيقة المصلحة السياسية للحزب سوف يحرره من نفسية المؤامرة والمغامرة. وبالتالي المساهمة في رفع الحزب السياسي والوعي الاجتماعي ككل إلى مصاف الإدراك الحقيقي للمصلحة السياسية بوصفها جزءا من رؤية الأبعاد الاستراتيجية في بناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي السياسي والمجتمع المدني.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارك المدن العراقية - الأبعاد الوطنية والاجتماعية
- تأجيل الانتخابات أم تأصيل المغامرات
- خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به في طالع الشمس ما يغنيك عن زحل
- أدب التصوف
- اسلام الشرق و الشرق الاسلامي


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - تأجيل الانتخابات ونفسية المصلحة السياسية