|
نقد الفكر التحريفي الإنتهازي ل-حزب النهج الديمقراطي- الجزء الأول
الأماميون الثوريون
تيار ماركسي ـ لينيني ـ خط الشهيد زروال
(Alamamyoun Thaoiryoun)
الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 4 - 23:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
نعود مرة أخرى إلى المناضل الثوري " فؤاد الهلالي" في نقده للتحريفية الإنتهازية ب"حزب النهج الديمقراطي" عبر إبراز منزلقات هذا الحزب الديمقراطي البورجوازي الضغير ، المتجلية في منطلقاته الأيديولوجية و السياسية و الإستراتيجية المتسمة بالطبيعة الإصلاحية و الممارسة الإنتهازية التي تحدد مبادىء تصوراته فكرا و ممارسة.
الأماميون الثوريون
الورقة الأولى : قراءة نقدية في "مشروع ورقة حول الوضع السياسي ومهامنا"
I - العام والخاص
1- الرأسمالية العالمية :
-أ- التحليل المقدم :
- اعتماد التحليل على قانون "الانخفاض الميولي لمعدل الربح" "كقانون أساسي" ووحيد ومجرد وخارج السياق التاريخي ومراحله. - السياسات الاجتماعية والاقتصادية المطبقة لمواجهة آثار هذا القانون مدمجة في الجزء الخاص بهذا التحليل كقوانين موضوعية للرأسمالية.
- النظام العالمي يتشكل من تشكيلتين (مركز – أطراف) :
• تشكيلات المركز تقوم على تراتبية. • تشكيلات الأطراف تقوم على تراتبية كذلك.
العلاقة بينهما : خارجانية لا تحكمها علاقات موضوعية (نظام عالمي مندمج = الإمبريالية)
- فيما يخص التطورات الرئيسية للرأسمالية العالمية :
يتطرق هذا الجزء إلى العوامل المساعدة للسيطرة الرأسمالية عالميا ويختزلها في فشلات أوضعف الحركات المناهضة للنظام. تلكم هي أهم الأفكار الواردة في الجزئين الأولين من التحليل. فما هي السمات المميزة لهذا التحليل ؟
-ب - افتقاد التماسك النظري:
الأسباب:
• تجاهل قانون القيمة "المعولم" : قانون أساسي يحكم النظام العالمي (تحوله عالميا). • تجاهل قانون آخر ذو قيمة تاريخية : "قانون التطور الغير المتساو" للرأسمالية ونتائجه : تقاطبية النظام وتناقضات قطبيه. • عدم إدراك أن تشكيلات النظام العالمي تحكمها علاقات الاندماج والتوسع والتبعية، وليست علاقات خارجانية (هذا الطرح هو نتيجة حتمية لأسس التحليل المقدم المعتمد على نمط الإنتاج الرأسمالي بشكل مجرد. لذلك تظهر علاقات التراتبية كما لو أنها غير خاضعة لقوانين موضوعية تحكمها.
= السقوط في نظرة أروبيو مركزية للماركسية تعيد إنتاج النظرة الاشتراكية الديمقراطية لقانون القيمة.
• الخروج عن الفهم العلمي عند اعتبار السياسات الاجتماعية والاقتصادية المطبقة لكبح تأثير قانون الانخفاض الميولي لمعدل الربح قوانين موضوعية للرأسمالية. • لا وجود لرصد التطورات الرئيسية للنظام حاليا، بل هناك فقط كلام عن عوامل مساعدة على السيطرة عالميا. النتيجة : لا وجود لأساس نظري لفهم تطور الرأسمالية الحالي وتناقضاته لانعدام منهجية ماركسية : ضرورة الربط بين التحليل النظري العام للرأسمالية (تحليل نمط الإنتاج الرأسمالي) واستقصاء القوانين التي تحكم الرأسمالية كنظام عالمي، ووضعها داخل حقل أوسع (حقل المادية التاريخية) وإعطاء القيمة للصراعات الطبقية على الصعيد العالمي.
ميزة الطرح اللينيني : كونه وضع قضايا المادية التاريخية ضمن إشكالية الصراعات داخل النظام الإمبريالي وليس الرأسمالي فقط. وقد واجهت الماركسية الثورية طرحان :
1) الطرح الاقتصادوي : الاقتصار على بلورة القوانين الاقتصادية لاشتغال الاقتصاد العالمي. وذلك لفهم ثمن البضائع المتبادلة عالميا، معدلات الربح، ثمن قوة العمل، مداخيل الطبقات الاجتماعية المختلفة ... هناك تحديد موضوعاني.
2) الطرح السياسي (السياسوي): رفض صلاحية أية قوانين اقتصادية حاكمة للاقتصاد العالمي واعتماد خطاب سياسي على الصعيد العالمي (تمفصلات الصراعات والتحالفات الطبقية عالميا). وهنا الوقوع في اللاتحديد.
أما الطرح الماركسي المستمد من اللينينية فيضع المقولات الاقتصادية في حقل المادية التاريخية (الصراع الطبقي).
-2- الحركات المناهضة للرأسمالية : المفاهيم والتناقضات.
- الملفت للنظر هو غياب أي تحديد بنيوي طبقي لهاته الحركات، مما جعلنا غير قادرين على استنتاج طبيعتها ومضمونها. ذلك أن التحليل غير مبال تماما بأهمية هذا الأمر. وسيكون لذلك نتائج وخيمة على الخلاصات بسبب غياب منطق داخلي، رابط بين هاته الحركات يجعلنا نتلمس علائقها وخصوصياتها. وبالإمكان تبيان مكامن ذلك :
1) هناك سقوط في الخلط بين حركة الطبقة العاملة باعتبارها نتاج موضوعي للصراعات الطبقية من جهة وتعبيراتها السياسية المحددة تاريخيا من جهة أخرى.
2) السقوط في تحليل لاتاريخي لحركات التحرر الوطني ودور الطبقات الوسطى (لا وجود لتحيين التحليل على ضوء المعطيات الجديدة لمزيد من الفهم والتدقيق) نعني بذلك تدقيقا ملموسا، تاريخيا، لمفهوم التحرر الوطني، وبالتالي إدراك دعائمه الإيديولوجية، السياسية والاجتماعية (الطبقية) ضمن سياق تاريخي محدد عالميا (الثورة الاشتراكية) ووطنيا (التحرر الوطني الديمقراطي ذو الأفق الاشتراكي).
3) لقد بين لينين الطريق للماركسيين حيث أقام فرقا واضحا بين:
- الحركات البرجوازية الديمقراطية الإصلاحية. - والحركات الوطنية الثورية. على هذا الأساس استعار مفهوم التحرر الوطني أصله، أي من التمييز اللينيني.
4) الغريب أن التحليل أدمج التناقضات الما بين الإمبرياليات وتأثيراتها ضمن الحركات المناهضة للرأسمالية. وقد يتساءل المرء بحسن نية عن أسباب ذلك ؟ هل هي عودة جزئية غير واعية لنظرية "العوالم الثلاث" لصاحبها Deng xua Peng؟ مجرد سؤال !
5) بالنسبة للنيوليبرالية وتطبيقاتها في المراكز والأطراف سنقف على أطروحة مخالفة تماما للحقائق الملموسة.
هكذا سنجد أن السياسات النيوليبرالية تطبق في المراكز والأطراف حسب موازين القوى (وهذا ليس خاطئا تماما) لكن الأمور تنقلب حين نجد أنفسنا أمام طرح للأمور كما يلي :
- في المراكز المتقدمة هي أقل تطبيقا (موازين القوى !؟ ) - في الأطراف المتخلفة هي أكثر تطبيقا (موازين القوى !؟)
ولأننا لا نمسك برأس الأفعى تنقلب الأمور إلى الأسوأ. والنتيجة عملية قلب للأمور بين المركز والأطراف داخل النظام الرأسمالي العالمي. هكذا قفزت الأطراف إلى المركز، وتدحرجت المراكز إلى الأطراف. وهذا سقوط في خطأ نظري فادح، لتجاهل التحليل حقيقة تفقع العين : إن المركز هو نقطة انطلاق الهجوم النيوليبرالي الذي تم الإعداد له إيديولوجيا (النيوليبرالية كإيديولوجيا ماضوية، نظرية ما بعد الحداثة ...) وسياسيا واقتصاديا.
6) حول مهام الحركات المناهضة للرأسمالية :
تعاني هاته الفقرة من العيوب السابقة، أي غياب تحليل شمولي للنظام الإمبريالي ولتناقضاته المتحكمة في مسار تطوره الراهن. لأن بدون ذلك لا يمكن أن نتوفق في تحديد مهام القوى المناهضة له. من هنا تتم الاستعاضة بالعموميات. والنتيجة لا وجود لبنية للحركات المناهضة لنظام الإمبريالية، انطلاقا من تمفصل مختلف تناقضاتها وتعبيراتها حول التناقض الأساسي للرأسمالية (رأسمال – عمل) وحول التناقضات الرئيسية من داخل التشكيلات الاجتماعية المحددة تاريخيا.
-أ- بالنسبة للمركز :
- هناك تغييب للمهمة المركزية : إعادة بناء وحدة الحركة العمالية بارتباط مع مهمة إعادة بناء أحزابها الثورية. - عدم استيعاب تجارب فشل الحركة العمالية والحركة الاشتراكية وإدراك أهمية إعادة بناء النظرية الثورية (الماركسية اللينينية). - لغياب التدقيق المنهجي يقع السقوط في الخلط بين الحركات المناهضة للرأسمالية والحركات المناهضة للنيوليبرالية (الرأسمالية المتوحشة). وكمثال على ذلك، الخلط بين الحركات المناهضة للحرب، وجزء كبير من الحركات المناهضة للعولمة بحركات مناهضة للنظام الرأسمالي. ونفس القول ينطبق على جزء مهيمن داخل الحركة الإيكولوجية ...
-ب- بخصوص حركة التحرر الوطني :
نفس العيوب المسطرة سابقا تنطبق على هذا الجزء. هناك شعار طرحته الحركة الشيوعية العالمية يكثف المهام ويظل سديدا "يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة اتحدوا".
-ج- السياق العربي والمغاربي :
- هناك محاولة لتحليل أسباب فشلات حركات التحرر الوطني العربية. بالنظر إلى ذلك، وحين يتم التطرق إلى مكوناتها، سنجد أن التقييم يتم في غياب أي طرح لمهامها العامة، بارتباط مع المرحلة التاريخية المحددة لمضمونها ولقواها الاجتماعية. ومن ثمة تقييم فشلات مختلف الاستراتيجيات التي حملتها قوى طبقية وسياسية مختلفة، دون نسيان تدقيق الوضعية الحالية وما عرفته من تحولات طارئة على حركة التحرر العربية. - من هذا المنطلق يكون التجزيء المنهجي للحركة والتطرق لمكوناتها مشروعا، وصولا إلى الربط بين المنطقي والتاريخي، وتحقيق التركيب، لمعرفة الخصائص الراهنة لحركة التحرر العربية، وتحديد موقعنا ومهامنا داخلها.
1) حركة التحرر العربي والقيادات البورجوازية والبورجوازية الصغيرة :
القاسم المشترك حسب التحليل هو الطبيعة الطبقية لهاته القيادات، وغياب الديمقراطية لديها. أضف إلى ذلك قطريتها (القيادات البورجوازية التقليدية) أو طرحها الشوفيني القومجي واللاديمقراطي للوحدة العربية (البورجوازية الصغيرة).
2) الأحزاب الشيوعية العربية :
عدم إدراك أهمية المسألة الوطنية بمبرر أولوية الصراع الطبقي وباسم أممية مجردة وانتشار داخلها لنظريات مثل "نظرية التطور اللارأسمالي" التي سوقتها القيادة السوفياتية، ثم تبعيتها للأنظمة القومية البعثية والناصرية، وأخيرا تحولها إلى أحزاب اشتراكية ديمقراطية.
3) اليسار الماركسي اللينيني العربي :
قام تأسيس هذا اليسار على نقد الأطروحات التحريفية وعلى استراتيجية مواجهة ثالوث الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية.
وتعود أسباب فشل هذا اليسار الماركسي اللينيني حسب وثيقة التحليل السياسي إلى العوامل التالية :
عدم قدرته على التجذر وسط الطبقات الاجتماعية الأساسية، وذلك لغياب عمل صبور وطويل الأمد وسط الطبقة العاملة، ونهج أساليب مواجهة فوقية ضد الأنظمة والقوى الإصلاحية والتحريفية. ويعود ذلك لغياب طول النفس لدى قاعدته الاجتماعية، المشكلة من الشبيبة المدرسية. وهذا هو سبب عزلتها وقمعها إضافة للدور الذي قامت به أنظمة الخليج في إرشاء المثقفين. وعالميا دور المرحلة التاتشيرية والريغانية. عبثا إذن البحث في التحليل ( وهذا أمر غريب بالنسبة للماركسيين) عن استعمال مفاهيم تحليلية من قبيل التناقض الأساسي، التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. وكمثال على ذلك إدماج التناقضات المابين إمبريالية ضمن منظومة الحركات المناهضة للرأسمالية، إضافة إلى إسقاطات قديمة على أوضاع راهنة، وقس على ذلك ...
نعتقد أن شعوب العالم العربي خلال القرن العشرين قد وضعت ضمن حدود ثلاث حكمت مسارها التاريخي الحديث وهي :
1) اندماج تشكيلاتها الاجتماعية في النظام الإمبريالي من موقع تابع. 2) المعاناة من الاضطهاد القومي الاستعماري ومن التخلف والتجزئة ومن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني. 3) معاناة الطبقات الأساسية (عمال وفلاحون) من الاستغلال المكثف للكومبرادور والرأسمال العالمي.
ثلاث حدود لإشكالية مركزية : وحدة شعوب العالم العربي بشعارات ثلاث : الاستقلال الوطني، الديمقراطية، الاشتراكية.
وحول هذه الحدود والشعارات انخرط النقاش الدائم بين مكونات حركة التحرر العربي حول علاقة الطبقي والقومي (الوطني القطري كذلك) والأممي. ولعل القضية الفلسطينية بحكم موقعها الخاص قد استقطبت أكثر من غيرها هذا النقاش.
ودون الدخول في نقاش مستفيض، لا بد من استدراك أن الأحزاب الشيوعية التحريفية بسبب تبعيتها الإيديولوجية الفجة للاتحاد السوفياتي، وبحكم ستالينيتها وبيروقراطيتها وأحيانا عزلتها عن الجماهير، قد عجزت عن إدراك جوهر مهام التحرر الوطني الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي الوحدوي. واعتمدت استراتيجيتها على مفاهيم خاطئة، مثل مقولة الأمة بحسب الطرح الستاليني (هنا خطأها في قبول قرار تقسيم فلسطين وهو خطا قاتل) وتبنيها قياسا على ذلك لمفهوم "الثورة الوطنية الديمقراطية" أو "طريق التطور اللارأسمالي" – الخروتشوفية. وقد أدى بها ذلك إلى تبعية للبرجوازية العربية ولأنظمتها الوطنية لأن المرحلة تظل تحت قيادة البورجوازية لتحقيق وحدة السوق العربية، وتطوير قوى الإنتاج التي ستؤهل الطبقة العاملة لانتقال إلى الاشتراكية، عبر أحزابها الشيوعية (مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية). وبناء على ذلك تم السقوط في التحريفية بأبعادها الإيديولوجية والسياسية والاستراتيجية.
أما اليسار الماركسي اللينيني العربي –مع اختلاف التجارب- فرغم شعاراته السياسية حول الثورة العربية، القضية الفلسطينية، الاشتراكية، القيادة البروليتارية للتحرر الوطني إلخ، فسرعان ما تقوقع على نفسه، في عزلة مميتة عن الجماهير العربية وعن قضاياها العامة، وانخرط بدوره في القطرية، بل إن الكثير منه استعاد الأطروحات التحريفية قبل أن ينمحي أو يتحول إلى الاشتراكية الديمقراطية، فاسحا المجال لأسلمة حركات التحرر العربي على يد الحركات الإسلامية، المدعمة من طرف أمريكا وأنظمة الخليج البترولية. ولا يمكن إسقاط بعض التقييمات المحلية المغربية، كما يفعل التحليل في الورقة، لإيجاد الأسباب. وإن كان بعضها نتيجة وليس سببا. هناك عوامل عدة ساهمت في انحسار اليسار الماركسي اللينيني العربي، منها تكالب القوى الإمبريالية وتحالفها مع الأصولية، بدعم مادي ولوجستيكي للأنظمة الخليجية، مما أطال حالة انحسار المد الثوري في المنطقة، أضف إلى ذلك عدم الاستمرار في تعميق القطيعة مع التحريفية والإصلاحية بدل الاكتفاء بالنقد لمواقفها السياسية، مما كان يستوجب فهما عميقا للجذور الإيديولوجية والتنظيمية للتحريفية. دون ذلك تم السقوط في التجريبية التنظيمية والانتقائية والنظرة النخبوبة للعمل مع الجماهير ثم الانتقال إلى الاشتراكية الديمقراطية بالنسبة للعديد من المنظمات الماركسية اللينينية السابقة.
4) إن التقدم في طرح إشكالية وحدة شعوب العالم العربي مسألة يجب أن تحظى بالأهمية انطلاقا مما سطرناه. ولذلك انعكاسات اسراتيجية على المغرب. إن أسئلة كثيرة تنطرح أمامنا :
• كيف نطرح شعار "القضية الفلسطينية قضية وطنية" الذي أصبح يرفعه الجميع الآن ؟ • لايجد القارئ للوثيقة ما يشفي غليله حين تخبره بأن تحرير فلسطين من مهام العرب والأمازيغ والأكراد والفرس. • هل يعني هذا الانتقال من عروبة القضية الفلسطينية إلى إسلاميتها ؟ • وما دور إيران الإقليمي، البلد الذي يحتل مناطق عربية (عربستان، جزر خليجية)، وما مصالحها الاستراتيجية ؟ ما أن نخرج من هذه الأسئلة حتى نفاجأ بطرح حول "الحل الديمقراطي للمسألة اليهودية" بدل "الحل الدمقراطي للقضية الفلسطينية" أيهما نأخذ؟ كان أحرى بالتحليل أن يقدم نقدا للأسلمة التي تعرضت لها القضية الفلسطينية، ومسؤوليات الأنظمة العربية واليسار العربي والفلسطيني. وعموما تستدعي القضية الفلسطينية تدقيقا أكثر لتجاوز اللخبطة التي يعاني منها المناضلون في الميدان.
5) مغاربيا: فشل التحليل تماما في وضع الأصبع على الحقائق الاستراتجية في المنطقة وتناقضاتها. وهو بذلك يتأثر منطقيا بضعف التحليل العام للإمبريالية في الجزء الأول. ويمكن إجمال الملاحظات التالية :
• هناك تقليل من وزن الوجود الإمبريالي الأمريكي في المنطقة وبالمغرب خصوصا. ويتم التعامل مع هذا الوجود كمعطى خارجي فقط. • بدرجة أقل تم التعامل مع الوجود الإمبريالي الفرنسي، حيث المواجهة معه لها اسباب سياسية مباشرة (حالة ساركوزي) ويتعلق الأمر بمواجهة "دفاعية" لها مبررات سياسية، مما ترك الغموض حول الطابع الاستراتيجي للمواجهة. • هناك مصطلحات وجب تجاوزها مثل "الشرق الأوسط" و"الإمبريالية الرجعية" كما لو أن هناك إمبريالية تقدمية.
-ج- الحركات المناهضة للرأسمالية وأسباب فشلها :
لا يمكن الوقوف على تقييم موضوعي لأسباب فشل الاشتراكية، وكذا المكونات الأخرى، باعتبار النتائج أسبابا أو عوامل فقط مساعدة للسيطرة الإمبريالية عالميا. ومن هنا :
1) الغياب "الظاهري " لتفسير أسباب فشل وضعف الحركة الاشتراكية، ومن ثمة انعدام البديل. (سنعود لهذه النقطة في فصل آخر). 2) تفسير تراجع حركات التحرر الوطني بطبيعة قيادتها البورجوازية وغياب الديمقراطية غير مقنع، وقد نتحقق من معنى ذلك لاحقا.
المهم أننا أمام نصف تحليل أو لا تحليل !
الأسئلة الحقيقية المطروحة هي كالتالي :
- هل لازالت البورجوازيات المتوسطة (أو البورجوازية الوطنية) ثورية؟ - إذا كان الجواب بالإيجاب، هل الديمقراطية قادرة على لجم نزعاتها المعادية للديمقراطية. - ما القول في حركات التحرر الوطني التي قادها شيوعيون (الصين، فيتنام، اللاووس، الكامبودج ...) ومع ذلك كان الفشل، - كمحطة أخيرة، رغم المكتسبات – في تحقيق الديمقراطية والاشتراكية على حد سواء. إنه الإشكال الرئيسي والمركزي الذي يستدعي الجواب إذا أردنا التقدم في تحديد مفهوم التحرر الوطني بأبعاده الديمقراطية والاشتراكية. دون ذلك لا وضوح في الآفاق !
3) بالنسبة للاشتراكية الدمقراطية:
- منذ الانشطار التاريخي بين الحركة الشيوعية والاشتراكية الديمقراطية (الحرب الإمبريالية الأولى وثورة أكتوبر)، لا ندري منذ ذلك متى كانت هذه الحركة مناهضة للنظام الرأسمالي. إنه سؤال كبير ذو علاقة بالاستمرارية التاريخية (استمراريتنا نحن). - أما أزمتها الراهنة فلا يمكن الاكتفاء بردها إلى علاقتها بالطبقة الوسطى. بذلك لم نقم بحل المشكل. هل بالإمكان إذن إيجاد تفسيرات أخرى؟
- من وجهة نظرنا بالإمكان ذلك إذا استحضرنا عدة عوامل :
• تاريخية : ارتباطها بالأرستقراطية العمالية بعد انتقال الرأسمالية إلى المرحلة الإمبريالية. • إيديولوجية : فهمها للرأسمالية وتناقضاتها، ومن ثمة استراتيجياتها الإصلاحية للنظام المسماة اشتراكية. • اختلال موازين القوى بين الرأسمال والعمل، وتجاوز صيغة التراكم الرأسمالي، وإعادة إنتاجه (لما بعد الحرب العالمية الثانية) (نهاية النموذج الكينزي ...) وانتقالها (أي الاشتراكية الديمقراطية) إلى صفوف الليبرالية والنيوليبرالية ...
4) حول الحركة النقابية :
لتقييم الأزمة التي تتخبط فيها الحركة النقابية العالمية، ووقعها على الحركة العمالية العالمية، ولتجاوز السطحية في التحليل، كان لازما ولو بتركيز الإشارة إلى العوامل التاريخية (انتقال الرأسمالية إلى الإمبريالية وبروز أرستقراطية عمالية كقاعدة للإصلاحية النقابية...)، وإيديولوجية (تأثير الاشتراكية الديمقراطية على الحركة العمالية والنقابية وانقسامها التاريخي ...)، والسياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من طرف الرأسمال لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تلك السياسات التي انخرطت فيها الاشتراكية الديمقراطية والشيوعية التحريفية بحماس (سياسة الأجور، مأسسة العمل النقابي والبيروقراطية وغير ذلك ...). استطاع الرأسمال في ظل ذلك (حقبة ما يسمى بالثلاثين سنة "المجيدة") أن يخضع ويدمج العمل النقابي في آليات الضبط من أجل إعادة إنتاج علاقات الإنتاج الرأسمالية. ويكفي التطرق للتحولات الحاصلة في علاقة الرأسمال – العمل (حاليا) لفهم الانعكاسات البنيوية.
-ج- السياق الوطني :
- تحليل المشروع المخزني وتوزيع القوى الاجتماعية والسياسية بالمغرب (حسب وثيقة التحليل السياسي).
التناقضات الداخلية للمشروع المخزني :
يقوم المشروع حسب الوثيقة على الأسس التالية :
سياسيا : الاستبداد في خدمة المافيات المخزنية. اقتصاديا : الاحتكار والخوصصة والمستفيد الأول من ذلك "أونا".
هذا المشروع تتضرر منه الشرائح الضعيفة داخل الكتلة الطبقية السائدة وأغلب شرائح الطبقات الوسطية. وتتمحور التناقضات وسط الكتلة الطبقية السائدة حول دور الملكية الاقتصادي، وتناقضه مع دورها السياسي(الملكية: حكم بين مختلف المصالح وسط الكتلة الطبقية السائدة ). إذن شرائح متضررة (داخل الكتلة الطبقية السائدة) في تناقض مع العائلة الملكية والمافيات المخزنية. ويضيف التحليل وجود تناقضات وسط الشرائح المتضررة، مما يستدعي تدخل السلطة لضبطها.
وفي سياق نقده لأطروحة داخل اليسار الديمقراطي، والقائلة "بوجود اتجاه ديمقراطي متنور وسط السلطة والذي يجب حسب الأطروحة إفساح المجال له لتحقيق الإصلاحات الديمقراطية" يكون الرد كما يلي : "يتعلق الأمر بصراع بين الذين يحنون لعهد الحسن الثاني والذين يدافعون عن جوهر النظام المخزني مع تغييرات في الشكل". إذا انطلقنا من الأسطر أعلاه، فهذا النقد غير بديهي.
القوى السياسية :
- الكتلة الديمقراطية :
هذه الكتلة تم كسبها من طرف النظام عبر شعاراته الإيديولوجية والسياسية وبدور من عناصرها النافذة. أما الآفاق بالنسبة لها فقد أصدر التاريخ حكمه عليها. وما الصراعات داخلها إلا صراعات حول الاستفادة من المصالح التي توفرها المشاركة في الحكومة. إن التحليل كما يظهر يقوم على مقاربة تعتمد تحليل عنصر الوعي لدى هذه القوى وكيف استطاع النظام مخاطبته وإقناعه بشعاراته. فهل هكذا يكون تحليل ماركسي ؟ نعتقد أن المعطيات وفيرة حتى يتم التعاطي مع الموضوع من كل جوانبه. لربما العياء أخذ مأخذه من الوثيقة !
- المعارضة اليسارية :
تضم النهج الديمقراطي، كقوة ديمقراطية جذرية مع تأكيد الوثيقة على نضاليته، إلى جانب باقي مكونات اليسار المعارض الذي يعاني من عدة تناقضات. لكن ما لا يقوله التحليل هو وجود وسط هذا "اليسار المعارض" أطروحات مخزنية جديدة، ومعاناته من عزلة مميتة وسط الجماهير، إضافة إلى كونه يخضع لعملية الفرز التي تخترق الطبقات الوسطى عموما. وحدث ولا حرج ...
- البيروقراطية :
هي الأخرى اقتنعت بالأطروحات الإيديولوجية والسياسية للنظام. وينطبق عليها ما جرى للمرحومة "الكتلة الديمقراطية". المجتمع المدني :
هناك اختراق للمجتمع المدني من طرف النظام (شراء الذمم، الرشوة). لكن ما هو موقع "المجتمع المدني" في الاستراتيجية الجديدة للنظام وما هي أهدافها؟ لا جواب. أما الإضافات الجديدة للوثيقة فهي إدخالها لما يسمى "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان" ومؤسسات النظام الشهيرة ضمن مؤسسات المجتمع المدني... !!
مميزات المرحلة الجديدة :
هناك تراجع واسع للهيمنة الإيديولوجية (في الوثيقة = "الفكرية") وللشرعية السياسية للنظام وحلفائه. ويوافق هذا التراجع استعدادات نضالية للجماهير. نحن الآن، مع الوثيقة بالطبع، نعيش بداية نهاية المشروع المخزني ومرتكزاته. وهي فترة قد تطول –من فضلكم- إذا لم يوجد بديل لهذا المشروع المأزوم. ولا ندري لماذا هذه السرعة الخارقة في إصدار أفكار دون تمييز ولا تمحيص؟ طبعا نشتم رائحة العفوية، ولكن وراء الأكمة ما وراءها! خاصة أن الساحة فارغة من كتلة ديمقراطية صدر عليها حكم التاريخ. ولأننا في عطلة من التحليل (تحليل الخلاصات المقدمة) فلا داعي للسرعة!
- ملاحظات عامة :
إن التحليل أعلاه يفتقد إلى نظرة تستوعب مستوى الصراعات الطبقية في ظرفية سياسية محددة، حيث أطراف الصراع تتحرك على أرضية اقتصادية، سياسية وإيديولوجية واجتماعية، نستطيع من خلالها الإمساك بالحلقة المركزية، لنقيم عليها بناءنا السياسي والتظيمي.
هناك تناقضات على كل المستويات، والعوامل المختلفة تتبادل التأثير لكن دون تحديد بنيوي صلب (البنية الاقتصادية). في ظل هذا الغياب تكون السياسة مجرد صراع بين "الفاعلين السياسيين" عبر شعارات ومواقف سياسية (اختراقات وارتشاء من جهة، ومقاومة من جهة أخرى) بهكذا تحليل لا نستطيع الوصول إلى الحالة الملموسة للقوى المتصارعة (المتناقضة)، ولا إلى تحديد القوى المحركة داخل الظرفية المحددة، اللهم "النخب" المسماة "فاعلة" داخل ما يسمى "الطبقة السياسية". والنتيجة كما يتلمس القارئ المتوفر على حد أدنى من الحس النقدي وقوفنا على ما يلي :
- كتلة طبقية سائدة عائمة. - حركة جماهيرية منسجمة. - قوى سياسية مدمرة وأخرى تخترقها تناقضات مشلة. - كلام عن بداية نهاية المشروع المخزني دون رؤية المشروع النيومخزني الذي بدأ يتبلور. - كلام عن البديل دون تحديد طبيعته والقوى الاجتماعية التي يرتكز إليها.
#الأماميون_الثوريون (هاشتاغ)
Alamamyoun_Thaoiryoun#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنرفع عاليا راية الماركسية اللينينية
-
من أجل فضح أفيون القوى التحريفية المضادة للثورة في المغرب !!
...
-
مساهمات بعض المناضلين الثوريين في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة ا
...
-
في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة الثورية الماركسية اللينينية الم
...
-
الإستراتيجية و التاكتيك من منظور المنظمة الثورية الماركسية
...
-
الشروط الموضوعية المساهمة في تأسيس منظمة -إلى الأمام-
-
لائحة أولية لوثائق منظمة إلى الأمام - المرحلة الثورية ما بين
...
-
الورقة الأطروحة لمنظمة -إلى الأمام-
-
الصراع مع التحريفية الإنتهازية تناقض أساسي
-
الوثائق الأساسية للخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام-
-
لنرفع راية النضال الثوري عاليا ضد الكومبرادور و التحريفية ال
...
-
حلول الذكرى الأربعين لمنظمة -إلى الأمام-
-
مواقف الأماميين الثوريين
-
حول الخط الأممي /الماركسية اللينينية لمنظمة -إلى الأمام-
-
الخط العام لإعادة البناء التنظيمي لمنظمة -إلى الأمام- (1972
...
-
إعلان الأماميين الثوريين
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|