أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - القوانين الاستثنائية في سورية















المزيد.....

القوانين الاستثنائية في سورية


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1034 - 2004 / 12 / 1 - 08:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عندما يستمر سريان جملة من القوانين لمدة تقارب الأربع عقود، ولا تزال سارية المفعول، على الرغم من صدور الدستور الدائم، وتعارض هذه القوانين الصارخ معه، بل على الرغم من أن موضوعها لم يعد قائما، يصبح الحديث عن طابعها الاستثنائي والمؤقت مجازيا إلى حد كبير. في هذه المقالة سوف نتوقف عند مرسومين تشريعيين: هما المرسوم التشريعي رقم 4 تاريخ 2/1/1965، والمرسوم التشريعي رقم 6 تاريخ 7/1/1965. لقد استخدم هذان المرسومان منذ تاريخ صدورهما، ودخولهما حيز التنفيذ لقمع كل رأي مخالف، إنهما من أخطر وسائل السلطة القانونية إرهابا للمواطنين. ومما يزيد الوضع خطورة، أن أغلب أعضاء السلطة التشريعية الراهنة، بل أكثر المسؤولين التنفيذيين، والإداريين في الدولة، عداك عن جمهور المواطنين، لا يعلمون بوجود مثل هذه القوانين. ولذلك فهي بمثابة الفخ المصلي، الذي يمكن في كل لحظة، متى ارتأت السلطات المعنية ذلك، إيقاع أحدهم فيه. وبالفعل فقد تعرض آلاف المواطنين إلى المحاكمة، بغطاء قانوني من هذين المرسومين، لا لأنهم ضد النظام الاشتراكي وتشريعاته، حيث أن عدد كبير منهم شيوعيون، وبعثيون، واشتراكيون..الخ، بل لأنهم دافعوا عن الخيار الاشتراكي، وانتقدوا عمليات النهب، والإفساد المنظم، الذي تعرض له الوطن، ومواطنوه.
لقد صدر المرسوم رقم 4 بتاريخ 2/1/1965، على أثر صدور ما سمي في حينه بقوانين التأميم في أواخر عام 1964، وهو يتكون من ثلاث مواد. تنص المادة الأولى منه على أن >. أما المادة الثانية منه فتحدد المحكمة العسكرية كجهة الاختصاص للنظر بالجرائم المنصوص عنها في المادة الأولى، وإجراءات تصديق الأحكام الصادرة عنها، في حين تحدد المادة الثالثة بدء سريانه، وهو تاريخ صدوره.
لقد قرأت نص هذا المرسوم مرارا، ومع أنني لست من ذوي الاختصاص في مجال التشريع، وفي كل مرة أقراه فيها، ينتابني شعور بالدهشة والغرابة، لكيفية صياغته، فالعبارة الواردة فيه <<..بأي وجه من الوجوه..>>، يمكن تأويلها لتشمل أي أفعال يقوم بها المواطنون، ولا ترضى عنها السلطات، وبالتالي يمكن أن يحكم على المخالف بالإعدام. بالطبع لم يعدم أحد استنادا إلى هذا المرسوم، على حد علمي، لكن أيضا لم يحاكم أي مرتش،أو فاسد، أو مفسد، أو لص، أو مخرب للاقتصاد الوطني، وما أكثرهم هذه الأيام، وفق ما نص عليه هذا المرسوم، بل لا نريد أن يحاكم أي شخص لأنه ضد النظام الاشتراكي، فهذا مجال لاختلاف الآراء.غير أن الآلاف من المواطنين كما ذكرنا، تمت محاكمتهم وصدرت بحقهم عقوبات شديدة، استنادا إلى نص المرسوم التشريعي رقم 6 تاريخ 7/1/1965، الذي أريد منه أن يكون توضيحا، وتفصيلا، لما جاء في المرسوم رقم 4. و لا يزال يحاكم حتى الآن العديد من الناشطين في مجال الحقل العام، وحقوق الإنسان تحت الغطاء القانوني لهذا المرسوم سيئ الصيت.
تضمن هذا المرسوم في نصه الأصلي تسعة مواد، غير أن إلغاء المحاكم العسكرية الاستثنائية، المحدثة بموجبه، وذلك بموجب المرسوم التشريعي رقم 47 تاريخ28/3/1968، ونقل صلاحياتها إلى محكمة أمن الدولة العليا، والقضاء العسكري، ألغيت منه أغلب مواده، في حين أبقت السلطات على المادتين: الثالثة، والرابعة منه قيد النفاذ، وهي أخطر ما فيه. لقد شملت المادة الثالثة الأفعال التي يجرمها هذا المرسوم، في حين حددت المادة الرابعة منه العقوبات.
لقد جاء في الفقرة أ من المادة الثالثة من هذا المرسوم: << الأفعال التي تعتبر مخالفة لتطبيق النظام الاشتراكي في الدولة، سواء أوقعت بالفعل، أم بالقول، أم بالكتابة، أم بأية وسيلة من وسائل التعبير، أو النشر>>. كما جاء في الفقرة ب منها: << الجرائم الواقعة خلافا لأحكام المراسيم التشريعية رقم 1 و2 تاريخ 2/1/1965، ورقم5 تاريخ4/1/1965، وجميع المراسيم التشريعية التي صدرت أو ستصدر ولها علاقة بالتحويل الاشتراكي>>. هذه الأفعال تعتبر جرمية، يعاقب مرتكبوها وفق الفقرة أ من المادة الرابعة من المرسوم المذكور بالأشغال الشاقة المؤبدة، أو بالإعدام تشديدا. فحسب نص الفقرة أ من المادة 4 من المرسوم رقم6 << يعاقب مرتكبو الأفعال المنصوص عليها في الفقرات( أ ، ب ) من المادة السابقة بالأشغال الشاقة المؤبدة، ويجوز الحكم بعقوبة الإعدام تشديداً>>.
من الواضح أن الفقرات( أ و ب )من المادة الثالثة، والفقرة أ من المادة الرابعة، من المرسوم التشريعي رقم 6، هي نسخ لما جاء في المرسوم التشريعي رقم 4 المشار إليه. وحتى عندما فصلت الفقرة أ من المادة الثالثة من المرسوم رقم 6 بالأفعال الجرمية، التي جاءت في المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 4، بصيغة << بأي وجه من الوجوه>>، لم تغير من الأمر شيئا، فهي لم تستثني أي فعل يمكن أن يقوم به أي إنسان، ربما غير أحلامه، هذا إذا اعتبرت الأحلام أفعالاً.
من جهة أخرى المادة الثالثة من المرسوم التشريعي رقم 6، أشارت إلى أفعال جرمية أخرى، مثل الأفعال الجرمية التي تمس أمن الدولة الداخلي أو الخارجي(الفقرة ج)، ومخالفة أوامر الحاكم العرفي( الفقرة د)، والتي يعاقب مرتكبوها حسب نص الفقرة ب من المادة الرابعة، بالعقوبات المنصوص عنها في القوانين النافذة، خصوصا قانون العقوبات العام.
أما الفقرة هـ من المرسوم المذكور، فهي من أكثر فقرات المرسوم استخداما ضد القوى الوطنية الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان، فقد شملت << مناهضة تحقيق الوحدة بين الأقطار العربية، أو مناهضة أي هدف من أهداف الثورة، أو عرقلتها، سواء أكان ذلك عن طريق القيام بالتظاهرات، أم بالتجمعات، أم بأعمال الشغب، أم بالتحريض عليها، أم بنشر الأخبار الكاذبة بقصد البلبلة، وزعزعة ثقة الجماهير بأهداف الثورة>>. وقد حدد المرسوم المذكور، في الفقرة ج من المادة 4 منه، عقوبة الأفعال الجرمية التي شملتها هذه الفقرة بالأشغال الشاقة المؤقتة، والتي تتراوح عادة بيم 8 و15 سنة.
من جهتها الفقرة (و) من المادة الثالثة فقد اعتبرت أي قبض لأموال من جهات خارجية، أو وعد بتلقيها، بل من سوريين أيضاً، جريمة يستحق مرتكبوها الإعدام. لقد جاء في النص << قبض المال أو أي عطاء آخر أو الحصول على أي وعد أو أي منفعة أخرى من دولة أجنبية أو هيئة أو أفراد سوريين أو غير سوريين أو أي اتصال بجهة أجنبية بقصد القيام بأي تصرف قولي أو فعلي معاد لأهداف ثورة 8/3/1963>>، يعاقب المخالفون بالإعدام حسب نص الفقرة د من المادة الرابعة من المرسوم المذكور. ويعاقب بالإعدام أيضا حسب نص الفقرة (د)، الاعتداء على الأماكن المخصصة للعبادة، أو مؤسسات الدولة، أو الدوائر الحكومية...الخ، أو << إثارة النعرات أو الفتن الدينية أو الطائفية أو العنصرية، وكذلك استغلال هياج الجماهير والمظاهرات للإحراق والنهب والسلب>>( الفقرة ز من المادة الثالثة من المرسوم رقم 6). الفقرة الأخيرة التي تقصدت نقلها كما هي، كانت أيضاً من بين التهم الجاهزة للمعارضين من القوى الوطنية والديمقراطية.
اللافت أن من يحتكر التجارة بالمواد الغذائية ، أو يرفع أسعارها بصورة فاحشة، أو يقوم بتهريب الأموال النقدية على اختلافها، بطرق غير مشروعة( الفقرة ح والفقرة ط من المادة الثالثة من المرسوم رقم6)، يعاقب بالاعتقال المؤقت حسب نص الفقرتين (ح) و(ط) من المادة الرابعة من المرسوم المذكور، ربما لأن مرتكبي هذه الأفعال، لا يخالفون التشريعات الاشتراكية ولا النظام الاشتراكي!.
إنه لمما يدعو إلى الدهشة والاستغراب أن يصدر في سورية مثل هذه القوانين وأن يحافظ عليها نافذة، على الرغم من أن موضوعها لم يعد قائما، وان التوجهات الرسمية للحكومة هي نحو مزيد من الانفتاح على اقتصاد السوق، لأنه لا بديل عنه حسب مذكرة هيئة تخطيط الدولة التي رفعتها إلى القيادة القطرية. ثم ما هي الرسالة التي توجهها هذه المراسيم للمستثمرين، الذين تحاول الحكومة خلق البيئة الاستثمارية المناسبة لجذبهم إلى الاستثمار في سورية. أين هي سياسة التحديث والتطوير من هذه المراسيم و شبيهاتها وهي كثيرة جداً. ألم يحن الوقت لتشكيل لجنة لتعديلها أو إلغائها لتتوافق مع الدستور الدائم، الذي كان قد نص على ذلك منذ صدوره في 13/3/1973، وسحب هذا النص من الطبعات اللاحقة.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...
- د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف ...
- د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة ...
- د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو ...
- ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
- ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة ...
- أ - بمثابة موضوعات لحزب سياسي
- كيف ينظر بعض السوريين لما حدث في مساء 27/4 في دمشق
- حول - الإرهاب يدخل إلى سورية -
- تنمية الموارد المائية ف سورية وترشيد استعمالاتها
- الدولة والسلطة في سورية


المزيد.....




- مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا ...
- 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
- رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح ...
- مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في ...
- -حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي ...
- -أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور ...
- رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر ...
- CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع ...
- -الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب ...
- الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - القوانين الاستثنائية في سورية