|
التعليم سلاح اليهود السري
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 18:01
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
اعتدتُ أن أسأل الطلاب والأطفال في سن الدراسة، كلما التقيتُ بهم عند انتهاء الإجازة الصيفية: هل أنتم فرحون بالعودة إلى مدارسكم؟ لقد كانت الإجابات مفجعة، فمعظمهم يتمنون امتداد الإجازة ! أما محبي العودة للمدرسة، فقد كانوا يجاملونني أو يخشون أن ألومهم وأغضب منهم. أما الفرحة الوحيدةُ بعودة الأبناء للمدارس - للأسف- فهي فرحة الآباء بعودة الأبناء إلى مقاعد الدراسة. وتعود فرحة الآباء في الغالب الأعم إلى أسباب منها: تقليل مصاريف النفقات، فالأطفال حين يلعبون يشترون أكثر، ويأكلون أكثر، ويُخربون أكثر، كما قال لي أحد الآباء! وقال أبٌ آخر إن يوم عودة أبنائي للدراسة، هو العيد! فهو اليوم الوحيد الذي تزول فيه المشاحنات والمشاكل بين أبنائي. ولم يقل لي أبٌ: إن الفرحة تعود إلى (اكتساب الأبناء المعارف والمهارات) فهذه الغاية ليست على جدول كثير من الآباء. إذن عظَّم اللهُ أجركم وشكر الله سعيكم أيها الآباء، فأبناؤكم سيعودون لقضاء محكومياتهم التعليمية في المدارس بعد أيامٍ قليلة، لتسعدوا وتهنؤوا براحتكم الشخصية! إذن فكثير من مدارسنا- في عرف كثيرٍ من الآباء- هي سجونٌ لأبنائنا، يُجرَّعون فيها المحفوظات( المُرَّة) بالقوة، ويعودون إلى بيوتهم في المساء، يقاسون مرارة (التجريع). أما( سدنةُ التعليم) المدرسون والإداريون، فهم وفق قول أحدهم: عادوا لجو المدارس الخانق، حتى أن أحدهم قال لي: إن سبب مرض الربو المزمن الذي أعاني منه يعود للمدرسة، فأنا لا أشفى إلا في الإجازات والعطل!! إذن فالمشكلة كبيرةٌ، وتحتاج إلى دراسة، وهي بالمناسبة موجودة في معظم الدول في العالم بصورٍ مختلفة، غير أنها عندنا هي الأبرز والأكثر إلحاحا، لما للتعليم الفلسطيني من أثرٍ في ترسيخ قضيتنا العادلة في العالم، كما أننا نحن الفلسطينيين كنا وما نزال مبعوثي الثقافة والتربية في العالم العربي! يجب أن نسأل أنفسنا دوما سؤالا صعبا وهو: كيف نجعل مدارسنا محبوبة للطلاب؟ وهذا بالتأكيد يقودنا إلى سؤال آخر وهو: كيف نجعل المناهج الدراسية محبوبة مرغوبة؟ وعلينا أن نعيد طرح السؤال بصيغة أخرى: لماذا يكره كثير من الطلاب المدارس والمناهج! إن هذا الطرح أجاب عنه تربيون كثيرون وجعلوه مقدمة لثورة منهجية تعليمية، تقوم على تغيير المناهج وطرق الاختبارات والشهادات، وتحويل المدارس من سجون إلى نوادٍ تعليمية، أو أماكن للترفيه التربوي والتعليمي. إن السبب الرئيس في ضعف العرب وتراجع مساهماتهم الحضارية، يعود إلى التعليم بالدرجة الأولى، فأكثر الدول العربية ما تزال تحيا ماضيها ، ولا تؤمن بالحاضر أو المستقبل ، تُعلم أبناءها وطلابها كيف يلبسون ثياب أجدادهم ، ويحفظون محفوظات آبائهم الأولين، فالمتفوقون عند العرب هم من تكون عقولهم مستودعات للمحفوظات التقليدية فقط، وليست عقول الإبداع والتنوير. ما أكثر الكتابات والتعليقات والتحليلات في السياسة والنقد العام، وما أقلّ الكتابات في أخطر موضوع في مجتمعنا ، وهو التعليم. سيظلُّ كثيرون من المثقفين وقادة الفكر يدفنون أفكارهم في الرماد، خوفا من إثارة زوبعة حول التعليم، إما خوفا مما سيصيبهم من نتائج إذا دعوا لانتفاضة على الميراث التقليدي، وإما لأنهم لا يملكون أفكارا محددة لتغيير التعليم. أحصيت في الصحف الإسرائيلية المتاحة خمسة موضوعات من مقالات وتحليلات هذا اليوم فقط حول السنة الدراسية الجديدة التي ستبدأ في أول سبتمبر 2011 ، واستعدتُ مقولة الكاتب اليساري توم سيغف في كتابه (الإسرائيليون الأوائل)الذي لخص الغاية من التعليم في بداية تأسيس إسرائيل: " التعليم مصنعٌ لإنتاج روح الأمة" وقد ظلَّ هذا الشعار حاضرا في المقالات، فما يزال المفكرون والتربيون عازمون على صياغة تعليم جديد في عام جديد! وحسبي أن أختم مقالي بلقطة من مقال الكاتب آفي راث في صحيفة يديعوت أحرونوت 30/8/2011 : " ستظل هناك فجوة بين آمال الكبار، وبين واقع المتعلمين الصغار، وهم جيل التكنلوجيا الرقمية، الفيس بوك والهواتف المحمولة والإنترنت والقنوات التلفزيونية والصور والرسائل النصية، الذين يعيشون عالما مثيرا في فضاء رقمي، وصاروا يملكون عالما خاصا بهم (لا يمت بصلة لواقع المناهج التقليدية) هم محتاجون إلى طوق نجاة يُعزز استقرارهم العاطفي، وإلى دعم نفسي، لأن التعليم هو سلاح الشعب اليهودي السري" ما نوع التعليم الملائم لأطفالنا في هذا الأسبوع؟ ما هي الرسالة التي نود أن نُوصلها لهم؟ كيف نُعيد للآباء دورهم في حياة أبنائهم ، بعد أن سلبهم الفضاءُ من آبائهم؟" وأخيراً هل يمكن أن نقول نحن أيضا: إن تعليمنا الفلسطيني هو سلاحنا السري في المستقبل؟
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة عملية الرصاص المصبوب 2
-
ألاعيب وحواسيب
-
غزة سجنت سجنها
-
ليتني بقيت في السجن !
-
الاحتلال وثورة الخيام
-
فجاعة ومجاعة
-
حروف مضيئة من كردستان
-
قطرة حرية من وادي النسناس
-
غزة والقهروباء
-
من المخزون العنصري الإسرائيلي
-
قصة قريتين فلسطينيتين
-
إلى مناضلي غزة
-
أكبر أخطاء إسرائيل في التاريخ
-
مسكين هذا الشهر
-
التعليق السياسي
-
محاكمة سكان العراقيب وتغريمهم
-
ابنة النيل وسفَّاح النرويج
-
نشرة أخبار سلطانية
-
وثيقة أمريكية عن سلاح إسرائيل النووي
-
تقرير يُشخِّص أزمة العرب
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|