أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - باسم عبدو - أسرار الكتابة














المزيد.....


أسرار الكتابة


باسم عبدو

الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 15:39
المحور: المجتمع المدني
    


كثيرون حينما تسألهم لماذا لا تكتبون وتعبّرون عن موقفكم في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد؟ يجيبون بكلمات مترهلة، وبفم مائل وشفاه مقلوبة، ثم تنتفخ وجوههم وتحمرُّ عيونهم، ويقولون ببرودة أعصاب إن حرارة الموقف وقيظ تموز غير ملائمين للكتابة، فالكتابة لها طقوسها. وبعضهم يردد كما يفعل بعض الكتاب الكبار (لقد جفت أقلامنا وهرمت أفكارنا، ولم نعد نجد الصحف التي تتحمَّل أثقال الكلمات). وهناك من يقول ما الجدوى من الكتابة، أو لم يعد هناك من يقرأ.. إلى آخر التبريرات. ويفضّل هؤلاء الجلوس في البيت ومراقبة الفضائيات وكشف أهدافها وسمومها، مع شرب (المتّة)، فهو الأكثر جدوى في هذا الزمن المكهرب بالأكاذيب.
أما أسرار الكتابة فيزيد عددها على عدد الأسنان والأضراس، ومنها على سبيل المثال، أن أحدهم لا يستطيع الكتابة إلاَّ بين أكوام الصحف والكتب المرصوفة على مكتبه. وآخر لا يكتب إلاَّ إذا حلق ذقنه وتعطَّر، وارتدى بذلة وربطة عنق مع (ركوة قهوة) سادة. ومن الأسرار الأخرى الاستماع إلى الموسيقا الكلاسيكية التي تشحن بطارية الذاكرة، وآخرون يحبذون الاستماع إلى أغاني جورج وسوف. وقال أحدهم إن صوته الأجش يبعث الثورة في ذاكرتي المحطّمة، التي سرعان ما تتجمع أجزاؤها المتناثرة، مثل حروف الكلمات فأرتّبها من جديد. وأشعر أن نبعاً فوَّاراً يتدفق من جبل الروح، ثمَّ يتحول إلى سيل جارف من الأفكار..عندئذ أمتلئ بالسعادة وأرشف ما بقي في فنجان القهوة رشفة أخيرة باردة، وأستلقي بارتياح وأتنفّس وأنا مطمئن على مستقبلي، فمقالتي ستنشر في الغد أو بعده في أكثر الصحف انتشاراً. ويتابع باسترسال ونفحات تشاؤم تحطّم آخر دفعة تفاؤلية. وتثلَّجت أعصابي وهو يشحنني بنرجسيته ويقول، إنَّ مقالته الميمونة تأجل نشرها، فاضطر إلى نقلها بالبريد السريع إلى صحيفة أخرى ، ثم إلى ثالثة.. ونامت هناك إلى الأبد!
ومن الطبيعي أن تكون في حياة كل كاتب وأديب طقوس للكتابة..وللكتابة سرّ عميق، بل هناك أسرار تتشكل نُطفها وتنمو في اللاشعور، وتتجسد في خياله، دون مشورة الذاكرة.
وفي أحايين أخرى تخرج الأسرار من رحم الذاكرة قسراً، ويمكن أن يولد السرّ معوقاً، فيحتاج حينئذ إلى رعاية واهتمام وعلاج يتطلّب تبديل الفواصل والنقاط، والكثير من الجمل الهرمة التي اقتحمها الشيب.
هناك من يتلذذ بالكتابة عند غروب الشمس، وهي تسقط في البحر مع أحلامها، أو قبل بزوغها، وفي الليل يشارك قلمه السكون.. للكتابة طقوس وأسرار دوَّنها عديد من الكتاب في يومياتهم ومذكراتهم ورسائلهم وكشفوا الأغطية عنها، فهي في الحقيقة تتحول إلى عادة من كثرة تكرارها، وتصبح جزءاً من السلوك.
أتساءل أحياناً في نفسي كيف يستطيع بعض الكتاب كتابة قصة أو مقالة في المقهى؟
إن المقهى أكثر الأمكنة صخباً وضجيجاً( طقطقة النرد وقرقرة النراجيل). أتصور أن الضجيج هو العامل الأول الذي يحفّز الكاتب ويحثّه على الكتابة والإبداع، ومن دون هذه الأجواء لا يكون الكاتب قادراً، على تفعيل الذاكرة في أجواء هادئة ونظيفة وغير ملوَّثة..!
تتعدد أنماط الكتابة.. وتتعدد أسرارها ووجوهها المرئية والخفية.. وعندما سألت أحد النقاد لماذا تحبس نفسك في مكتبك وتغلق النوافذ والباب؟ أجاب والابتسامة تتحرر من القيود أريد أن أحجر على ذاكرتي، وأطلق الحرية لهواجسي في هذا الفضاء الضيق، فهو الذي يحرّرني من سيطرة الخارج..!



#باسم_عبدو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة أم طلقة الرصاص؟!
- الحدث والمصطلح
- الحوار الديمقراطي الأساس الصلب في توحيد الشيوعيين السوريين


المزيد.....




- السعودية.. الأمن العام ينشر فيديو لاعتقال 14 وافدا يمنيا ويك ...
- المقاومة تستهدف آلية للاحتلال في طولكرم وحملة اعتقالات بمخيم ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
- المستوطنون يهاجمون بلدات في نابلس والجيش الإسرائيلي يشن اعتق ...
- اعتقالات باقتحامات جديدة لقوات الاحتلال بالضفة الغربية
- مسؤول أمني إسرائيلي: نتنياهو يعمل على تعطيل المرحلة الثانية ...
- على ترامب أن يصون حرية التعبير حتى إذا لم تناسبه
- خطوة ألمانية جديدة.. مركز لإعادة اللاجئين إلى دول الاتحاد ال ...
- الحكومة الإسرائيلية تدفع قانونين يمنعان توثيق جرائم الحرب ال ...
- فلسطين: هيئة الأسرى ونادي الأسير يحملان الاحتلال مسؤولية معت ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - باسم عبدو - أسرار الكتابة