محمد أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 1033 - 2004 / 11 / 30 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في يوم الخميس 9/11/2000م زارتني الصحفية الفرنسية johanne sutton مراسلة راديو فرنسا الدولي ، ودار بيننا حوار طويل حول عدة قضايا تشغل بال المهتمين بالقضية الفلسطينية ، وقد سألتني السؤال التالي : لماذا ترسل الأمهات الفلسطينيات أبناءهن للموت ؟ ابتسمت بمرارة وقلت : هل تعتقدين أن أماً تتمنى الموت لابنها ؟ يا عزيزتي هذا أمر غير مقبول ، وهذه أكذوبة ساذجة أطلقتها إسرائيل وصدقها البعض للأسف ، سأحكي لك قصة طريفة بطلها حفيدي " عهـد " ـ ابن ابنتي ـ الذي لم يبلغ الثالثة من عمره بعد ، فقد ذهبت في زيارة لابنتي في الأسبوع الماضي وفوجئت بحفيدي يحمل بندقية مصنوعة من برابيش المياه السوداء، سألت والده عما أراه ، فأخبرني أنه وجد ابنه يبكي دون انقطاع ، ولما سأله عن السبب ، أجابه بأنه يريد منه أن يصنع له بندقية ، ولم يجد الوالد أمامه غير خراطيم المياه السوداء ، فصنع منها ما يشبه البندقية ، ولكن الطفل لم يتوقف عن البكاء ، ولما سأله والده عما يريده ، أمسك الطفل بيد والده طالبا منه الصعود إلى السطح ، وعند الحائط الغربي ، وفي مواجهة إحدى مستوطنات غوش قطيف ، أحضر الطفل كرسيا وصعد فوقه ، ووضع بندقيته فوق الجدار الواقي وأخذ يصدر أصواتا من فمه تشبه صوت الرصاص ، ويشتم المستوطنين ، نزل الطفل بعدها مبتسما وهو يشعر أنه فعل شيئا مهما .
بعدها سألت الصحفية : ما السبب الذي دفع الطفل إلى فعل ما فعل ؟ هل هي أمه ؟
أجابت بالتأكيد لا ، ولم أشأ أن أحملها عناء الإجابة عن الدافع الذي حدا بالطفل إلى فعل ذلك، وأكملت حديثي قائلا : لا شك أن الطفل أدرك مما يشاهده في التلفاز أن حياته أصبحت مهددة بالخطر بعد مشاهداته المتكررة لجنود إسرائيليين وهم يطلقون النار على الأطفال الصغار وأنه بحاجة إلى الدفاع عن نفسه ولو ببندقية من الخراطيم البلاستيكية السوداء أو بحجر صغير . فهل عرفت يا صديقتي من الذي يرسل أطفالنا للموت بعد أن يزرع في نفوسهم الحقد والكراهية ضد المحتل وضد الجرائم التي ترتكب بحجة مواجهة العنف الفلسطيني المتمثل في حجر صغير بيد طفل برئ يواجه به الأباتشي الأمريكية .
#محمد_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟