عبدالله مساعد الخريف
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 21:23
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
مما لا شك فيه أن للنقابات العمالية أثرا كبيرا في إحداث تغييرات مباشرة في مسار نهضة الدول ورقي مجتمعاتها، وقد تختلف طبيعة تلك التغييرات باختلاف طبيعة تكوين المجتمعات، كما أن للأهداف التي تنشأ من أجلها تلك النقابات دورا مهما في رسم سياسات العمل وإبراز معالم الرؤى المستقبلية به.
وتعد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من أكثر الهيئات الحكومية في الكويت احتواءً للعمل النقابي، إذ تضم أربع نقابات عمالية متمثلة برابطة أعضاء هيئة التدريس، ورابطة أعضاء هيئة التدريب، ونقابة العاملين بالهيئة، بالإضافة إلى رابطة أعضاء هيئة التدريب للكليات التطبيقية والمستحدثة مؤخراً.
وبغض النظر عن شريحة العاملين الذين يندرجون تحت مظلة كل رابطة، فإن جميع الروابط سالفة الذكر هدفها الرئيسي وبالدرجة الأولى الدفاع عن حقوق الأعضاء المنتمين إليها، وتبني قضاياهم وتمثيلهم أمام إدارة التطبيقي، إلا أنه وفي الفترة الأخيرة لوحظ تقاعس الكثير من ممثلي الروابط في أداء دورهم المنشود في الذود عن حقوق الموظفين حتى بات بعضهم إما يسعى وراء منصب معين أو تلميع لأغراض انتخابية ومصالح شخصية أخرى ولا عزاء للموظف في حقوقه المسلوبة.
مسلسل تقاعس
تعد رابطة التدريس والتدريب من أهم النقابات بالتطبيقي، فهي تمثل شريحة كبيرة ومؤثرة من أعضاء هيئة التدريس في كليات الهيئة وأعضاء هيئة تدريب في معاهدها المختلفة وفي السنوات الأخيرة افتقرت الروابط الى معيار الكفاءة الأكاديمية والشفافية في تحقيق أهدافها والتي من أهمها الحفاظ على حقوق الموظفين، فالجزء الأكبر من عمر الدورة النقابية يضيع على تنظيم رحلات سفر سياحية أو على حجوزات شاليهات ومنتجعات بحرية أو إقامة ندوات «فشنك» ذات عناوين نارية لكن غير واقعية، أو الغرض منها مجرد ذر الرماد في العيون ولا يوجد لها أي تطبيق فعلي، وعند اقتراب موعد الانتخابات النقابية، تصبح الرابطة مثل خلية نحل للبحث عن الصوت الذي يساعدها على صياغة جزء آخر من مسلسل التقاعس والنأي عن الدفاع عن حقوق الموظف. فأين هي تلك النقابات من عدم صرف الحقوق المالية لأعضاء هيئة التدريس والتدريب والأساتذة المنتدبين لفترة قد تمتد للبعض لأكثر من أربع فصول دراسية؟ وأين هم من ترقيات أعضاء هيئة التدريس العالقة لفترات طويلة؟
الضحك على الذقون
على سبيل المثال، لا الحصر، ومع قرب موعد الانتخابات النقابية واحتدام المنافسة بين مرشحيها قرر أحد النقابيين تمرير وثيقة الغرض منها المطالبة بكادر المهندسين، إضافة الى كادر أعضاء هيئة التدريس والتدريب، وقد قام بوضعها بطريقة درامية تدغدغ مشاعر قارئها وتستقطب صوته الانتخابي وهو يعلم تماما أن تلك الوثيقة مرفوضة شكلاً وموضوعاً، كونها تتعارض مع قانون العمل بالكويت الذي لا يسمح للموظف بالاستفادة بأكثر من كادر مالي في آن واحد، ألا يعد ذلك استخفافاً بالعقول وضحكا على الذقون؟
ومثال آخر على تقاعس العمل النقابي في التطبيقي: لجوء أحد الموظفين إلى أحد أعضاء رابطة التدريس لإنصافه في حقه المسلوب فكان الرد برفع تظلم عند الإدارة القانونية وبعد اقتراب موعد الانتخابات أصبح ذلك العضو كسوبرمان يبحث عن الموظف المعني لكي يجد له ضالته.
مشاهد وأمثلة كثيرة تدل على ضعف الدور النقابي بالتطبيقي تتكرر بشكل مستمر لا يجنى من ورائها سوى بيع الأوهام من خلال تصريح صحفي يتيم مستنسخ، وهو أن حقوق الموظف ضائعة، والسؤال هنا أين دور نقابات التطبيقي في متابعة تنفيذ القرارات التي تصب في مصلحة العمل، والتي من شأنها حفظ حقوق الموظفين كافة؟ وما دورهم الحقيقي في معالجة أوجه الفساد المستشري بالتطبيقي، أم أن الموضوع لا يتعدى كونه فرقعات صحافية الغرض منها إثبات وجود؟
شماعة الفساد
يعد فصل التدريس عن التدريب الموضوع الأبرز، وحديث الساعة في أروقة التطبيقي وشرارة الحرب بين نقاباتها، حيث أصبحت قضية فصل قطاع التدريس عن قطاع التدريب الشماعة التي تعلق عليها الآمال في معالجة أوجه الفساد ومواطن الخلل، الأمر الذي جعل الكثير من نقابيي التطبيقي يحيدون عن أهدافهم الأساسية التي انتخبوا من أجلها.
الوضع الراهن في التطبيقي لا يسمح بالمضي قدما في فصل القطاعين وولادة جامعة تطبيقية من رحم الهيئة لأسباب عدة منها انتفاء الصفة الأساسية التي أنشئت من أجلها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ألا وهي توفير العمالة الفنية الوسطى، كما أن غالبية برامج الهيئة غير معتمدة أكاديمياً، فضلا عن عدم الاعتماد على الكتب والمراجع العلمية، واكتفاء الكثير من مقررات التطبيقي على المذكرات الموضوعة بشكل ركيك.
النقابيون وأعضاء روابط التطبيقي لا يفكرون بقضية الفصل من نواح فنية بحته، فنرى البعض يؤيد قضية الفصل لكي تكون اللبنة الأولى لقيام جامعة تطبيقية تدرس بها المواد والمقررات نفسها التي تدرس حالياً في برامج الدبلوم مع إضفاء تعديلات بسيطة «لزوم البرستيج»، والبعض الآخر لا يرى ضرورة في عملية الفصل لكي لا ينتفي وجوده أو يقل «برستيجه» ووضعه الاجتماعي والأكاديمي، أي أنه وفي جميع الحالات ينصب الموضوع في القالب نفسه وهو المصالح الشخصية.
رشى أكاديمية
من أوجه الفساد الإداري أيضا تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، ومن أسباب رضوخ الكثير من النقابيين وأعضاء الروابط المختلفة بالتطبيقي قبولهم لكثير من المناصب الإدارية والإشرافية أثناء وجودهم على رأس عملهم النقابي، الأمر الذي يفتح المجال للمساومات وترضيات سياسية هدفها غض البصر عن المخالفات والتجاوزات الجسيمة، ويساهم بشكل مباشر في ترسيخ الفساد والتواطؤ في إهدار حقوق الموظفين الأمر الذي يسميه البعض بالرشوة الأكاديمية.
فكيف لعضو هيئة التدريس أو التدريب القدرة على تحمل الأعمال المنوطة بهذا المنصب، وفي الوقت نفسه يطالب باجتثاث الفساد كونه عضوا نقابيا فضلاً عن أعبائه التدريسية؟!
نقابيون موالون
إن العمل النقابي مهم جداً في المشاركة بإرساء قواعد التعليم الحديثة وتحقيق حالات الرضا الوظيفي بين العاملين في قطاعات التطبيقي المختلفة والتي من ناحية أخرى تساهم في خلق كوادر وطنية قادرة على المساهمة في تنفيذ خطط التنمية وترجمتها إلى واقع ملموس.
ولتحقيق مفهوم العمل النقابي وتنفيذه بشكل صحيح، يتوجب على القائمين عليه تحقيق الأهداف المرجوة منه وتطبيقها على أرض الواقع من دون الجمع بين المناصب الإشرافية أو العضوية النقابية حتى لا يصبح حينها العمل النقابي بوابة فساد نتيجة لتوافق المصالح، أو يصبح النقابيون موالين للإدارة يتم تحريكهم «كبيادق» الشطرنج.
#عبدالله_مساعد_الخريف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟