أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ( القاموس القرآنى ) : الهوى















المزيد.....

( القاموس القرآنى ) : الهوى


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 20:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة : معنى الهوى
(1)الحسى: السقوط والتردى (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) ( طه 81 )
(2)وبمعنى عقيدى أى الضلال :(وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)(الانعام 119 ) .
والمعنيان معا فى سورة النجم: بمعنى سقط :(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)(وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى )،وفى (هوى) بمعنى الضلال:(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)( النجم 1 ، 53 ، 3 : 4).ونعطى مزيدا من تفصيل معنى الهوى المعنوى العقيدى:
أولا :
1 ـ دين الله لا مجال فيه للهوى . الدين الحق يملكه الله جل وعلا وعلينا الطاعة لو شئنا دخول الجنة ، وإلا فمصيرنا الخلود فى النار، بينما دين البشر الارضى يقوم على الهوى.وفى اتباع الهوى فساد فى الأرض ، بسبب تعارض الأهواء وسهولة الانغماس فى الفتن والحروب والمذابح والبغى والظلم ، وكل ما حدث ومايحدث الآن سببه مذاهب سياسية عرقية وأديان أرضية تقوم على الهوى وتتناقض مع القيم العليا للدين الحق ، دين رب العزة من العدل والحرية والتسامح أو الاحسان ، ولذا فلو نزل شرع الله تعالى مستجيبا لأهواء البشر لانتشر الفساد، يقول جل وعلا :(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ)( المؤمنون 71 )
2 ـ دين الحق ينزل بالحى الالهى الذى لا مجال فيه للهوى البشرى ، فالرسول حين كان ينطق بالوحى القرآنى فإنه ما كان ينطق بهواه ، ومن هذا الوحى ما كام تأنيبا له ونقدا ،ولكنه الوحى وليس هوى النفس (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) ( النجم 3 : 4 ).
3 ـ وجاءت وصايا للانبياء تحذرهم من اتباع الهوى فى أحكامهم وتصرفاتهم، فقد قال جل وعلا للنبي داود عليه السلام:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )(ص 26 )،ونزل تحذير لخاتم المرسلين بأن يتبع شرع الله جل وعلا وأن يبتعد ن هواه :(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)( الجاثية 18 ).
4 ـ والهوى يناقض العدل لذا أمر الله جل وعلا المؤمنين بإقامة القسط والعدل بأقصى درجة دون أى إتباع لهوى من أى نوع ، يقول جل وعلا:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ( النساء 135 )
ثانيا: الهوى أساس الدين الأرضى
1 ـ الهوى اساس الكفر والشرك: للشرك والكفر العقيدى مظاهر كلها تقوم على هوى النفس ، منها عبادة الأوثان والأولياء والقبور المقدسة،أوالشرك العملى، وكان كفار قريش يضغطون على خاتم المرسلين ليتبع دين قومه فنزل امر الله جل وعلا له أن يقول:(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِين)(الانعام 56 ).
ومن ملامح الشرك العلمى فرض أهوائهم فى التشريع الالهى مثل تحريم الحلال واستحلال الحرام ، ولذا جاء النهى عن اتباعهم فى الافتراء على التشريع الالهى ،أو الشرك العملى (وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) ( الانعام 119 ).
وبوجه عام يقول رب العزة يحذّر خاتم المرسلين من إتباع أهواء المشركين ، بل عليه أن يتبع القرآن الحكيم فقط :( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ)( الرعد 37 )، ونهاه ربه جل وعلا عن اتباع أصحاب الأهواء من الملآ المستكبرين الذين لايؤمنون باليوم الآخر :(وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ( الانعام 150 )،بل أمره أن يصبر نفسه وأن يلزمها صحبة المؤمنين مبتعدا عن الملأ من ذوى الأهواء الكفرة المستكبرين :(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)( الكهف 28 )، وهو تقريبا ما قيل لموسى عليه السلام من قبل :(إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى) ( طه 15 : 17 )
2 ـ ووصف رب العزة المشركين الكافرين المكذبين للحق باتباع الهوى بلا هدى وبلا علم وبلا عقل وبصيرة : (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ )(القمر 3 )، (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(القصص 50 ). وفى مقارنة بين المؤمنين متبعى الحق الالهى والضالين متبعى الهوى يقول جل وعلا :(أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ) ( محمد 14 )، ويقول جل وعلا عن اتباعهم الظن والهوى :(إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ؟ ) ( النجم 23 ـ )ويقول جل وعلا :(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ) ( الروم 29 ).
3 ـ ونهى رب العزة رسوله الكريم عن إتباع أهواء اليهود والنصارى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )(البقرة 120 )، وأشار رب العزة الى أن أهواءهم هى التى سببت تفرقهم،يقول جل وعلا فى معرض نهيه خاتم المرسلين عن اتباع آهل الكتاب :(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) (البقرة 145 )، ولذا جاء لهم النصح من رب العزة بدعوتهم لاتباع الحق بدلا عن الهوى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) ( المائدة 77 ).
4 ـ وجاء فى القرآن الكريم حقيقتان عن أهل الهوى :
4/1 : تشبيه أهل الهوى بالحيوانات:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الاعراف175: 176 ) (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا )( الفرقان 43 : 44).
4/2 : إن من يتحكم فيه هواه يستحيل أن يهتدى:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (الجاثية 23 )، وترتبط تلك الحقيقة بسابقتها ، فلا يمكن للمؤمن العاقل أن يكون على درجة مع الحيوان غير العاقل ، فالهوى يسلب التعقل والهداية من الانسان ويساوى بينه وبين الحيوان .
ثالثا : الصراع بين الحق الالهى والهوى البشرى:
1ـ كانت الرسل تترى ، يأتى رسول فيكذبه أهل الهوى والضلال ، وينتصر الحق فى النهاية ، ولكن يعود الهوى يطل برأسه ويتكاثر أهل الهوى ، ويرتدى الباطل رداء الحق ، ويصبح الحق منكورا ، ويحتاج المر الى مبعث رسول جديد يقف ضد الهوى وتتكرر المسيرة فى الصراع بين الحق وأهل الهوى . نجد هذا فى قصص الأنبياء السابقين والامم السابقة المندثرة مثل قوم نوح وعاد وثمود . وتكرر الأمر فى تاريخ بنى اسرائيل،يقول جل وعلا :(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)(البقرة 87 ) (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ) ( المائدة 70 )، أى تحكم فيهم الهوى الى درجة قتلهم الأنبياء .
2 ـ وفى عهد خاتم المرسلين تآمر عليه بعض أهل الكتاب ، بعضهم حاربه حربيا ـ وبعضهم كان يكيد له بصور شتى منها لجوؤهم اليه ليحكم بينهم، ولذا جاء تحذير النبى من اتباع أهوائهم :(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)( المائدة 48 ، 49)(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)( الشورى 15 ). وتلك كانت الأغلبية من أهل الكتاب ،على أنه كان من بين أهل الكتاب من آمن بالله واليوم الآخر وصدّق بالقرآن ، ولكنهم أقلية أورد رب العزة ذكرهم فى القرآن الكريم فى مواضع متفرقة منها :( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ لصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ)( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )(آل عمران 113 ـ ، 199) وأيضا فى (النساء 162)(الاسراء 107 : 109).
3 ـ بعض الصحابة كان يكره القرآن متبعا هواه وبعضهم كان متبعا للقرآن دون هواه، وهو تقريبا نفس الحال مع أهل الكتاب ، بل كان هناك تعاون وموالاة بين منافقى الصحابة والكافرين من أهل الكتاب، أشار اليه رب العزة فى القرآن الكريم ( المائدة 51 ـ ) ( الحشر 11 ـ ) . كان يجمع بين الفريقين عبادة الهوى ، ومن المنافقين من كان يسمع القرآن من فم الرسول ثم يخرج من عنده لم يؤثر القرآن فى قلبه ، يقول جل وعلا عنهم :(وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ) ( محمد 16ـ )، أى يدخلون على الرسول وهم كفرة قلوبهم ويخرجون من عنده وهم كفرة قلوبهم ، وهو بالضبط نفس الحال مع (أهل الهوى ) من أهل الكتاب ، يقول جل وعلا عنهم : (وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ) ( المائدة 61 )
أخيرا
1ـ وأولئك المنافقون كانوا فريقين ، فريق فضح نفسه بتصرفاته وأقواله فنزلت آيات القرآن ترد عليه ، وفريق أعرق كفرا وأشد خطرا كتم كفره وحافظ على مظهر التقوى فلم ينكشف أمره للمؤمنين ، ولكن الله جل وعلا ـ الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدورـ تحدث عنهم بما ينبىء مقدما بخطرهم بعد انتهاء نزول القرآن، ويؤكد إن الله جل وعلا هو الذى سيتولى عقابهم مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة ، أى سيموتون بلا توبة : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)(التوبة 101 ). هذا الصنف الذى ظل بلا توبة يطوى القلب على حقد هائل على الاسلام ربما يكون السبب الذى أدخل المسلمين فى عصيان للاسلام بعد موت النبى عليه السلام. وجاءت الفتوحات العربية بأبناء أهل الكتاب الذين أرجعوا عقائدهم القديمة فى أديان أرضية جديدة تقوم على الهوى ، وتحمل أسماء ( السّنة ) و ( التشيع ) و (التصوف ). أولئك قد سجلوا أهواءهم فى أحاديث منسوبة للنبى بعد موته وجعلوها وحيا ودينا ، وهى هوى يناقض دين الله .
2ـ ويوم القيامة، سينقسم البشر الى طائفتين: (أهل الهوى) و(أهل الجنة ) يقول جل وعلا :(فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)( النازعات 37 : 41 ).



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأصيل القرآنى لمصطلح ( العرش )
- ملامح السخرية فى المقال السابق عن المجلس العسكرى
- اتهامات ظالمة للمجلس العسكرى فى مصر ، والرد عليها بقوّة
- القاموس القرآنى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) البلوغ والتكليف
- خاتمة كتاب ( الزكاة فى الاسلام )
- المجلس العسكرى و أسماء محفوظ
- رسالة الى الأحبة الذين لا يروقهم منهجنا
- بيان المركز العالمى للقرآن الكريم عن معاناة سكان ( أشرف )
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : (8) الحكم الشرعى فى دفع الضر ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة ( 7) الحكم الشرعى فى دفع الزكا ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : (6 ) مجتمع بلا زكاة مصيره ال ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : ( 5 ) أنصبة المستحقين فى إطا ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة ( 4 ) أثر حق أولى القربى فى ال ...
- لمحة عن ثورات الحرافيش ضد العسكرالمملوكى : هدية لثوار مصر فى ...
- أم سلمة زوجة الخليفة السفاح العباسى
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : ( 3 ) بين الزكاة و الجهاد با ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : (2 ) تأكيد على الاطار الأخلا ...
- الفصل الختامى فى موضوع الزكاة : (1 ) تذكير بأهم تشريعات الاس ...
- أئمة السلفيين هم سبب تاخر المسلمين
- حقائق أساسية فى فهم السّلفية


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ( القاموس القرآنى ) : الهوى