أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر زمان - خواطر متدين سابق ( 3 ) أنا وزوجتى وصغيرتى















المزيد.....


خواطر متدين سابق ( 3 ) أنا وزوجتى وصغيرتى


زاهر زمان

الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 10:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت ابنتى ذات التسعة أعوام تجلس الى جوارى على الأريكة عندما هتفت فجأة تسألنى
- : هوه ربنا شكله ايه ؟
ولست أدرى بالضبط مالذى دفعها لتسألنى ذلك السؤال المباغت . ربما وردت كلمة ربنا على لسان أحد الممثلين فى المسلسل الذى كانت تتابعه فى التلفاز أمامنا قبل الافطار مباشرةً . السؤال كان مفاجئاً . لم يكن ملائماً بحكم عمرها أن أجرها الى جدال فلسفى وعقائدى حول مدلول كلمة " ربنا " أو "الله" أو " الرب " أو غير ذلك من المفردات المرتبطة بمدلول الألوهية ، لكنى أردت أن أنبه عقلها بجرعة خفيفة فى مستوى تفكيرها ، قد تكون محفزاً لها على التفكير بعقلانية وواقعية بعيداً عن متاهات المسألة الدينية فأجبتها بسرعة :
- محدش من الناس شاف ربنا نهائى ! [ لا أحد من البشر رأى ربنا مطلقاً ]
وأردفت مؤكداً :
- ولا حتى النبى !
بانت الدهشة على وجهها لكنها قالت :
- خلاص..لما أشوفه يوم القيامة حأقول له يجيب لى عجلة ...!
وتابعت مستطردة :
- ويجيب لى جاتوه !!
صمتت برهة ثم قالت :
-أنا هاأدعيه وهو يجيب لى عجلة ( دراجة ) وجاتوه !!
أدركت أنها كقطعة من الاسفنج تتشرب كل مايدور حولها بين الكبار وفى التلفاز ومن خلال مكبرات الصوت فى مآذن المساجد من مفردات ومصطلحات دينية طوال الأربع والعشرين ساعة ، خاصة اذا ماارتبطت تلك المفردات بكيانات لفظية ، ترى هى فيها مدخلاً للحصول على ماتشتهيه نفسها وماتتطلع الى اقتناءه أو التمتع به ، مثل لفظ " ربنا " أو " الله " أو " محمد " . هى أصغر من أن تستوعب حواراً حول مصداقية تلك المفردات الدينية ، خاصة وأنها ترى كل أقربائها فى الأسرة يتباركون ويهرولون ويرددون تلك المدلولات بخضوع وخشوع يغرسان فى عقل الصغيرة ، الذى هو صفحة بيضاء، أهمية غير عادية لتلك المدلولات والمفردات الدينية ، وأقرب هؤلاء الى قلبها أمها وجدتها وعماتها وأعمامها وخالاتها وأخوالها ! وحتى البنات الصغيرات اللاتى ترتاح للعب معهن يرددن مثل تلك المفردات الدينية ، حتى ولو كن لا يفقهن أغلب مضامين مايرددنه أو معانيه أو مراميه !مازلت أحاول استدراج عقلها الصغير نحو الواقعية والموضوعية ولكن بأسلوب ومنطق يتناسبان مع سنها الصغيرة .
قلت :
- طيب..ادعى ربنا انه بكرة الصبح يجيبلك عجلة هنا على باب الشقة !!
واستطردت :
- أول ماتصحى الصبح تفتحى الباب وتلاقى العجلة ( الدراجة ) مستنياكى بره !!
بانت الدهشة على وجهها البرىء الصغير ، ولم تنبس ببنت شفة ، وعلمت على الفور أنها بدأت تشك فى امكانية أن تجد دراجة تنتظرها خارج باب الشقة بمجرد أن تدعو " ربنا " يجيب لها عجلة وجاتوه .
قلت لها كى أثبت فى عقلها لمحات العقلانية والواقعية التى بدأت تعتمل فى عقلها الصغير :
- مفيش حاجة اسمها الدعاء يجيب بيها الانسان اللى هوه محتاجه...فيه حاجة اسمها العقل..الانسان لما يحب يجيب حاجة ، لازم يشغل عقله...ويشتغل ويبذل مجهود ويقبض فلوس...وبعدين ينزل يشترى اللى هوه عايزه .
كانت أمها تسترق السمع من داخل غرفة النوم عبر بابها المفتوح على الصالة التى نتحاور فيها أنا والصغيرة .
هتفت الأم معترضة :
- لا..الدعاء مطلوب...
أدركت أن الأم تريد العودة بالصغيرة الى المربع الأول من الاعتقاد والاعتماد على مدلولات المفردات ، التى ربما تكون هى من زرعتها فى وجدانها ، بعدما استشفت أننى أحاول بطريقة غير مباشرة زعزعة ثقة الصغيرة فيما تكون قد تشربته من البيئة المحيطة بها خاصة وأن الأم تعلم تماماً موقفى الفكرى والفلسفى والعقائدى من تلك المسائل ، كما تعلم أننى ناقم على توظيف المشاعر الدينية للصغار والكبار بهدف استخدامها سياسياً .
هتفت على الفور موجهاً حديثى للأم :
- طيب ...المسلمين ليهم أربعتاشر قرن بيدعوا ربنا يهلك الكفرة والمشركين واليهود وكل أعداء الدين ..وماحصلش حاجة...بالعكس الكفرة والمشركين واليهود وكل أعداء الدين...بيتقدموا كل يوم عن اليوم اللى قبله...والمسلمين حالهم لا يسر عدو ولا حبيب !
صمت برهة ثم استطردت وأنا أهدف الى تثبيت الواقعية والعقلانية فى وجدان الصغيرة عند التعامل مع أمور الحياة والأحياء من حولها ، لم يكن حديثى موجهاً للأم بقدر ماهو موجه للصغيرة :
- مسألة الدعاء دى ..حدوتة كانوا الكهان بتوع الأصنام بيضحكوا بيها على الناس لما الناس يزنقوهم فى طلب يعجزوا عن تحقيقه..كانوا بيقولوا للناس : ادعوا الالاه وهوه يحقق لكم اللى عايزينه ..وبعدين جاءت الأديان السماوية وخدت نفس القصة..بس بدل الأصنام..جعلوا الناس تدعى الالاه اللى ف السما...
ولتأكيد الفكرة فى ذهن الصغيرة ، قلت مخاطباً الأم:
- يمكن تقولى لى الأخذ بالأسباب مطلوب مع الدعاء...أقول لكِ ...اما الدعاء واما الأخذ بالأسباب ..فليس من المعقول أن أحقق ماأريد باستخدام العقل والعرق والجهد ، ثم أنسب الفضل فى كل ذلك الى بضعة ألفاظ اسمها الدعاء...منطقياً لا يستقيم الأمر...

انتهى الحوار بأن انطلق آذان المغرب وتجمعوا كلهم حول المائدة ، لكى يتناول الصائمون طعام الافطار ، بينما ظللت فى مكانى على الأريكة أتابع مايبثه التلفاز . ورحت أفكر فى كيفية القضاء على الوهم والخرافات وأسلوب التفكير الغير واقعى والغير عقلانى ، فى بيئة كل مافيها مفعم ومشبع بالمفردات والمضامين الدينية ، التى تتسرب وترتسم على عقول البشر فيها ، من بدايات التكوين الوجدانى والنفسى والمعرفى ، فى سنين العمر الأولى ، رموز ورسوم وألفاظ وعبارات ، تفعل فعلها فى تدجين العقل واقتياده فى الوجهة التى يريدها منظرو الفكر الدينى وعلماؤه ، تمهيداً لتسليمه لمنظرى السياسة الاسلامويون لحشده واقتياده للحرب المقدسة ضد كل تطور فكرى أو عقلانى أو انسانى فى أية بقعة على كوكب الأرض ، حتى وان اقتضى الأمر تفجير كل من يجرؤ على مخالفتهم أو مخالفة مايزعمون أنه الحقيقة المطلقة وأن كل ماعداها باطل !

وللخواطر بقية ،،،،،،،،

رؤية نقدية بقلم زاهر زمان




#زاهر_زمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر متدين سابق ( 2 ) الله والشيطان ومحمد وأنا
- خواطر متدين سابق 1
- هل سيقرر الشعب المصرى مصيره بنفسه حقاً ؟
- لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [ 4 ...
- اسلام العوام !!
- ثورة الغضب الثانية...دوافعها ونتائجها
- خواطر من الماضى ! [ 2 ]
- الزواج على الطريقة الدينية !
- مصالح من التى سوف تتحقق ؟!
- خواطر من الماضى ! [1 ]
- الدولة الدينية :وصدام الحضارات !
- مسالة الحكم فى المنطقة العربية
- لماذا يتعصب المسلمون أكثر من أتباع الديانات الأخرى ؟
- حول محاولات البعض تفكيك الدكتور كامل النجار ( 3 )
- حول محاولات البعض تفكيك الدكتور كامل النجار
- k حول محاولات البعض تفكيك الدكتور كامل النجار k ( 1 )
- الله .. ونحن .. والآخر !( 1 )
- ﴿ خرابيط 1 ﴾
- التيارات الظلامية تجتاح الدوائر الرسمية فى الدولة المصرية !!
- لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [3 ...


المزيد.....




- استقبل الان تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات والعرب ...
- 85 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- السعودية وإيران تبحثان تعزيز التعاون في القضايا ذات العلاقة ...
- “احجـز مكانك قبل الغلـق”رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام ...
- 85 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الجيش الإسرائيلي يمهد لإدخال 250 يهوديا لزيارة ضريح حاخام دا ...
- خطوات التسجيل في الاعتكاف بالمسجد الحرام شهر رمضان 1446
- علماء ينتجون -فئرانًا صوفية- في خطوة لإعادة حيوان الماموث إل ...
- متحف السيرة النبوية بالسنغال.. تجربة تفاعلية تكشف تفاصيل حيا ...
- رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 والضوابط المفروضة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر زمان - خواطر متدين سابق ( 3 ) أنا وزوجتى وصغيرتى