أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - قصة قصيرة : عند أمّ حازم














المزيد.....

قصة قصيرة : عند أمّ حازم


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 10:47
المحور: سيرة ذاتية
    


عندما أقرر الكتابة ، يحدث لي ما يحصل لمن لسعه زنبور أو نحلة ، أقفز من مكاني وأجري بحثاً عن الكراسة والقلم مخافة أن تهرب عني أفكاري وتفلت مني . هذه الليلة ، في غرفة الفندق ، النوم هو من تركني لتتجاذبني الذكريات المريرة ، أقف عند كل محطة ، أبتسم تارة وأكشر وأعبس تارات أخرى . وسط هذا الزخم من الأفكار ، عدت تلميذاً صغيراً في المرحلة الابتدائية أبحث عن شيء ما في انتظار رجوع النوم .

هذه المرة ، استحضرت صديقاً في الطفولة ، اسمه حازم ، اسمه يكفي ، لقد كان كذلك بالفعل ، فقد تعلم عني الأمازيغية بسهولة . والده كان قاضياً بالدائرة ، رجلاً أبيض ، طويلاً وأنيقاً . كان يرتدي بذلات ومعاطف متنوعة ، ابنه حازم كذلك ، ملابسه دائماً جميلة . أما أنا فلم أبرح جلباباً أسود وسروالاً وحيداً وحذاءً من نوع "سبرانت" SPRINT . من حين لآخر يعطف علي صديقي بشيء مما فاض عن حاجته . أحسست بصداقته لي ، فقد كان ينتظرني كل يوم عند مفترق الطرق للذهاب إلى المدرسة ، وتأكدت أكثر عندما حاول معلمنا نقله إلى طاولة أخرى وإبعاده عني فبكى لأول مرة . رأيته يبكي للمرة الثانية عندما تم نقل والده إلى مدينة أخرى وجاء يودعني وعيناه دامعتان . بكيت بدوري مرات عديدة على فقداني له وعلى أمه ، وبالخصوص على الأشياء التي كانت هذه السيدة تقدمها لي ، سيدة بيضاء محترمة ، هي أمي بعد تلك التي ولدتني ، حتى أنني كنت أحياناً أفضلها على من ولدتني .

كان السيد القاضي يستدعيني ويطلب مني أن أعلم ابنه الوحيد الأمازيغية ، ومن حين لآخر يمنحني مائة فرنك وهو مبلغ مالي مهم بالنسبة إلى واحد مثلي آنذاك ، عندما أجده عند باب المنزل الوظيفي ، أقوم بتقبيل يده ويمررها على رأسي ، فأشعر بشيء من العطف والاطمئنان ، وهي حركة لم يكن يفعلها والدي أبداً ، هو كان يمرر يديه فقط على الماعز والغنم والحمير والبقر .

في أحد الأيام ، قلت للسيد القاضي : " عمي ، أريد أن أصير ابنك ليكون حازم أخي " ابتسم وقال : " يا بنيَّ هذا غير ممكن ، ثم إن والدك لن يقبل أبداً " وسمعته يقول لزوجته : " هذا الولد يشكو من شيء دون شك " فأردفت قائلاً في نفسي :" نعم عمي القاضي ، أشكو الفقر والعوز" .
أما عندما أقبل يـد أم حازم فتقول لي : " هل أنت جائع يا ولدي ؟ "، لا أجيبها ، فالسكوت علامة الجوع ، فتكون فرصة لأكلة أبتلعها بسرعة وشره ونهم .
عند أم حازم جلست لأول مرة على الأريكة ، من قبل كنت أجلس على الأرض والحجر والحصير .
عند أم حازم شاهدت التلفاز لأول مرة ، في بيتنا كنت أشاهد الصندوق الخشبي الكبيرالذي كانت تخزن فيه أمي أغراضها .

عند أم حازم أكلت الخبز الأبيض ، في بيت أسرتي خبز أسود من الشعير لا يستسيغه الحلق .
عند أم حازم شربت المياه المعدنية والمشروبات الغازية وعصير البرتقال لأول مرة ، في بيتنا آكل البرتقالة وقشورها ، هي فعلاً مرة ، لكن معيشة أسرتي أمر منها .
عند أم حازم أكلت الموز والتفاح والتوت الأرضي و... و... و...
على يد أم حازم تعلمت أشياء كثيرة في الحياة .
الآن ، تحيتي واحترامي للسيد القاضي ،
الآن ، تحيتي واحترامي للسيدة أم حازم ،
الآن ، تحيتي لصديقي المجهول حــــــــــــازم .
ذ.أحمـد أوحنـي - أفـورار - المغرب
مراكش في : 10-4-2011



#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجلٌ للبيع
- أغبى رجل في العالم
- قصة قصيرة جداً : البحث عن موجود
- امرأةٌ ونصف رجل
- لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - قصة قصيرة : عند أمّ حازم