|
تأجيل الانتخابات العراقية انتصار لصدام والزرقاوي
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1032 - 2004 / 11 / 29 - 07:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدعوة من لجنة تنسيق التيار الديمقراطي العراقي في بريطانيا دعيتُ مع زميلين آخرين، للحديث في (ندوة الانتخابات العراقية) في لندن مساء يوم 24/11/2004. وقد حضر الندوة جمع غفير من العراقيين من مختلف الاتجاهات، وساهم معظمهم في إغناء النقاش بعد مداخلات المحاضرين وأبدوا حماساً منقطع النظير لإجراء هذه الانتخابات في موعدها المقرر يوم 30/1/2005 وإنجاح التجربة الديمقراطية الوليدة، عدا عدد قليل جداً طالبوا بتأجيلها لأسباب أمنية من أجل توفير الفرصة لمشاركة الجميع فيها دون استثناء. وبالتأكيد كان ذلك الحماس هو انعكاس لحماس الشعب العراقي في الداخل وقياداته السياسية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني باستثناء فلول صدام حسين وحلفائهم الزرقاويين وغيرهم من المتضررين من الديمقراطية لأن هؤلاء يعرفون جيداً أن الشعب سيرفضهم بالانتخابات لذلك يعادونها ويحاولون منعها بتخويف الناس عن طريق جرائم القتل والاختطاف وقطع الرقاب.
إلا إننا، ومع الأسف الشديد، فوجئنا فيما بعد بدعوة عدد غير قليل من القادة السياسيين العراقيين المعروفين بمواقفهم المؤيدة للديمقراطية والذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير، يطالبون بتأجيل هذه الانتخابات عن موعدها المقرر وحجة هؤلاء ما يلي: 1- ظروف البلاد الأمنية غير مناسبة للانتخابات بسبب الإرهاب، 2- الموعد 30/1/2005 ليس موعداً مقدساً لا يمكن تأجيله، 3- بتأجيل الانتخابات سنسحب البساط من تحت أقدام أعداء الديمقراطية من فلول البعث والزرقاويين ونجردهم من حججهم، وبذلك سنجري الانتخابات بعد ستة أشهر عن موعدها المقرر ليتسنى لجميع أبناء الشعب المشاركة فيها بدلاً من مقاطعتها!!
طبعاً، ليس هناك من يستهين بهذه الحجج، خاصة الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد في مدن ما يسمى بالمثلث السني ومثلث الموت والرغبة الأكيدة في مشاركة الجميع دون استثناء. ولكن التأجيل سيواجه عقبات قانونية، عراقية ودولية وذلك كما يلي: 1- يتعارض مع المادة الثانية من(قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية)، التي تقضي بإجراء الانتخابات قبل 31 كانون الثاني 2005. وفي حالة التأجيل سيفقد هذا القانون قيمته ويصبح سابقة خطيرة للاستهانة بقوانين الدولة مستقبلاً في العراق الجديد الذي نأمل منه أن يكون دولة القانون. 2- يتعارض مع قرار مؤتمر شرم الشيخ الأخير الذي لم يجف حبره بعد والذي رحب بإجراء الانتخابات في موعدها وطالب العالم بتقديم الدعم للحكومة العراقية لتنفيذ هذه الخطوة الضرورية لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق وإرساء الديمقراطية وحكم القانون فيه. 3- يتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي 1564 في بنده الثالث فقرة (ج) الذي ينص بإجراء الانتخابات (.. في موعد لا يتجاوز بأي حال من الاحوال 31 كانون الثاني (يناير) 2005),
إضافة إلى ما تقدم فإن تأجيل الانتخابات سيؤدي إلى المخاطر التالية: 1- شق الوحدة الوطنية، لأن المطالبة بالتأجيل جاءت من قيادات القوى السنية العربية على الضد من القيادات الشيعية وعلى رأسها المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني، الحريص جداً على إجرائها في موعدها المقرر. (ومن دواعي سرورنا، وخلافاً لما أشيع في وقتها، فإن الحزبين الكرديين نفيا مطالبتهما بالتأجيل). 2- التأجيل لا يساعد على استتباب الأمن والاستقرار كما يعتقده دعاة التأجيل، بل على الضد من ذلك، إذ سيفاقم الوضع ويهدد بحرب أهلية وطائفية خطيرة، إن حصلت لا سامح الله فسوف تحرق اليابس والأخضر. 3- سيعتبر التأجيل نصراً كبيراً لفلول النظام الساقط وحلفائهم الزرقاويين من أعداء الديمقراطية و تحقيقاً لإرادتهم وهزيمة لإرادة الشعب العراقي وخيبة أمل له في نضاله ضد الإرهاب. كما إنه يعتبر نصراً لأعداء الديمقراطية من دول الجوار مثل إيران الإسلامية وسورية البعثية ومنظمات الإرهاب وبالتالي سيتمادون في المزيد من الإرهاب ليس في العراق فحسب بل وفي جميع أنحاء العالم. 4- إن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وليس تأجيلها، هو الذي سيعجل بقيام حكومة شرعية ديمقراطية منتخبة، وبتالي سيجرد أعداء العراق من حجتهم أن الحكومة الانتقالية غير منتخبة من الشعب. 5- التأجيل سيكون بمثابة خيبة أمل للدول الصديقة وخاصة تلك التي ضحت بأبنائها وأموالها لتحرير العراق وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا. 6- إن معارضة الإرهابيين للانتخابات ليست خاضعة لحجج لكي نجردهم منها، فالإرهابيون لا يحتاجون إلى حجج، بل قالوها صراحة أنهم لا يعترفون بهذه الانتخابات ولا بقرارات مؤتمر شرم الشيخ، وإنما الشيء الوحيد الذي يقنعهم هو عودة حكم صدام حسين. ******************* مناقشة: على رأس الذين طالبوا بتأجيل الانتخاب هو الدكتور عدنان الباجه جي، رئيس تجمع الديمقراطيين العراقيين المستقلين. هذا السياسي المخضرم ومع احترامنا له صريح في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية قبل ستة أسابيع حول إجراء الانتخابات حيث قال: «يجب عدم اضاعة هذه الفرصة ويجب اجراء الانتخابات في موعدها او ان الوضع المؤقت سيبقى هو السائد في العراق»، مشيرا الى ان «هناك دولا كانت تعيش حالة حروب اهلية وجرت فيها الانتخابات». وأضاف الباجه جي، متحدثا عن ضمانات نجاح الانتخابات، قائلا «اذا كان هناك تكثيف امني في المناطق القلقة يمكن ان نطلب المزيد من القوات لغرض انجاح عملية الانتخابات، وعلينا ان نحاول كل جهدنا، كما ان وجود الامم المتحدة والمفوضية العليا المستقلة المعينة من قبل الامم المتحدة كلها ضمانات لنجاح الانتخابات»، مشيرا الى انه «ليس هناك خيار آخر سوى اجراء الانتخابات في موعدها وان تأجيلها يبعث برسالة سيئة للشعب العراقي». (الشرق الأوسط، 7/10/2004). ونحن إذ نشد على يد الدكتور الباجه جي على هذا التصريح الحكيم ونقول له فما عدا مما بدا يا دكتور؟ ولماذا غيرت رأيك اليوم وطالبت بتأجيل الانتخابات وأنت الذي حذرتنا بحكمتك من عدم إجراء الانتخابت في موعدها سيكرس الحكم المؤقت والدستور المؤقت في العراق. ولكي لا نظلم الدكتور الباجه جي على تغيير موقفه من الإنتخابات ب 180 درجة، نحي فيه روحه الديمقراطية عندما قال اليوم (27/11/2004- الفضائيات العربية) أن مطالبته بتأجيل الانتخابات لا يعني مقاطعته لها في حالة إجرائها. وعليه نتمنى على الآخرين أن يتخذوا مثل هذا الموقف الديمقراطي وليس الإصرار على إغراق السفينة العراقية.
خلاصة القول: 1- أن الإرهابيين لا يبحثون عن حجج لكي نجردهم منها عن طريق تأجيل الانتخابات ولا يمكن استرضائهم فهم ضد الانتخابات إلى الأبد ولا يرضون بأقل من عودة حكم صدام حسين. 2- التأجيل عبارة عن رسالة سيئة للشعب تؤكد إدامة وتكريس الحكم المؤقت والدستور المؤقت إلى ما لا نهاية. 3- التأجيل رسالة مشجعة لأنصار صدام حسين والزرقاوي على الاستمرار في ترويع الشعب والعبث بأمنه. 4- إن وجود قوات متعددة الجنسيات في العراق لا يتعارض مع شرعية الانتخابات. فالعرب الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات في العراق بحجة الوجود المؤقت لهذه القوات فيه يطالبون بإجرائها في فلسطين رغم أنها محتلة من قبل إسرائيل احتلالاً استيطانياً. وعليه يجب على كل الخيرين من العراقيين وأصدقائهم في العالم عدم الرضوخ للضغوط الداعية إلى تأجيل الانتخابات، بل الإصرار على إجرائها في موعدها المحدد.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في العراق.. الطائفية أقوى من الوطنية
-
الشرطة العراقية والموت المجاني؟
-
حذار من تكرار خدعة بن العاص في الفلوجة
-
ماذا يعني فوز بوش للولاية الثانية؟
-
لماذا نداء المجتمع المدني ضد التدخل الفرنسي في الشأن العراقي
...
-
المثقفون الأحرار في مواجهة فقهاء الإرهاب
-
متى تتوقف المجازر في العراق؟
-
دور الأردن في تخريب العراق
-
حول(عقلية التدمير) والدقة العلمية..!!
-
هل مازال صدام يحكم العراق؟
-
ازدواجية الموقف العربي من الإرهاب
-
الأمن في العراق ضحية الطوباوية والمزايدات السياسية
-
تعقيباً على ردود العرب وعقلية التدمير
-
العرب وعقلية التدمير
-
حجب الفكر عن الشعب دليل على الإفلاس الفكري
-
لماذا التحالف ضد الانتخابات في العراق؟
-
يفتون بالإرهاب ويتبرّأون من عواقبه!
-
موقف كوفي أنان من القضية العراقية
-
من أمن العقاب مارس الإرهاب
-
: قراءة تأملية في كتاب: صعود وسقوط الشمبانزي الثالث
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|