|
الثورة الليبية ، كر وفر ونزال مستمر .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 16:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما أكثر الأحداث في ليبيا هذه الأيام ، وأما أكثر الأحاديث حولها عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية خاصة بعد استبشار العالم بمعالم سقوط الطاغية ودك ( باستيله) المتمثل في مقره المعروف بباب العزيزية حيث المباني الفخمة ،والقاعات الفسيحة ،والمنتزهات الجميلة البعيدة عن أنظار جنود الملك سليمان؟ ***سقوط (باستيل القذافي) سريعا ، تكتيك حربيٌّ أم قوة هجوم ؟ ظهور سيف الإسلام القذافي في وسائل الإعلام ، سفه نسبيا مصداقية المجلس الإنتقالي ، وولد شكوكا وعلامات استفهام محيرة لدى المتابعين ، غير أن الهجمة الثورية التي أعقبته على (باب العزيزية) وافتكاكها بسرعة غير متوقعة ،والإستيلاء على ثمينها مغنما بدد كل الشكوك ، والسؤال المحير المتبقي هل انسحاب الطاغية من مقره الرسمي يُعد تكتيكا لجمع الأنفاس واستعادة النزال من جديد كما فعل في البريقة وبن جواد و مصراتة والزاوية سابقا ؟ أم أن شلالا أصاب قواته الفعليه فلم يبق سوى (تشراك الفم) ؟، وهو أمر ستنبؤنا به الأيام القادمة المتسارعة خاصة بعد تمكن الثوار من فك أسر البعثة الصحفية الأجنبية في (نزل ركسوس ) ،فإن كان التخمين التكتيكي صادقا فإن معالم معركة المدن على الأبواب ، وأن القذافي جر خصومه إلى موقعة مليئة بالمفاجآت والكمائن والأشواك ، وذاك ما أشارت إليه روسيا على لسان رئيسها بأن المعركة لم تُفصل بعدُ وباب التفاوض بين الخصمين ممكن ،وهو مالا نتمناه ولا نريده ، لأنه سبيلٌ لمزيد من الفوضى وإراقة الدماء جزافا ، ولعل في منحة القبض على القذافي المرصدة المغرية ، كفيلة بإخما د الفتة ووأدها قبل استفحالها ؟؟ . *** ثورة ليبيا ليست كالثورات .... إن الثورة الليبية متميزة عن غيرها من ثورتي ( تونس ومصر ) ، فهي ثورة مكتملة ناضجة ، أدركت منذ البداية بأن أهداف الثورة لن تتحقق بالسبل السلمية في وجود (ملك ملوك إفريقيا ) الطاغية بألا عيبه وحيله، ففجرت ثورة مسلحة من جهاتها الشرقية اعتمادا على مقدراتها البسيطة تحت قيادة مجلس حكم انتقالي استطاع أن يكسب لها زخما إعلاميا وتأييدا دوليا ، و طلبُها الغطاء الجوي كان وجيها ، فهو مطلب وجه أساسا للجامعة العربية من أجل حماية الليبيين ..والذي حولته إلى مجلس الأمن الذي استصدر قانون 19/73 .، ولا ينكر ناكر جهود (فرنسا ، وبريطانيا ، والولايات المتحدة ،وقطر، والإمارات ) في استصادره ، وفُعل بفرض رقابة محكمة على أجواء ليبيا وضرب المنشآت و كتائب القذافي للحد من قتالها وتقتيلها للشعب ، ولولاها لدك القذافي بنغازي الثائرة ضدهُ بمن فيها ، ولحولها إلى حطام ، ومن جملة تميزها هو كنس النظام برمته بإديوبوجيته ألأخضرية ، وفكره وشخوصه الكبرى بالرغم من وجود بعض من الرجالات الذين كانوا مسؤولين سابقا في نظام القذافي ، لكنهم انحازوا للثورة وأمنوا بعدالة قضيتها فهم منها وليسوا ضدها وأطراف فاعلة في نجاحها ، واستغرب فيمن يشحذون سكاكينهم ضد الثورة باعتبارها استقوت بالأجنبي الكافر ؟ ويتناسون بأن التاريخ طافح بالفعل المماثل ، آخره استقواء السعودية بالولايات المتحدة في إنهاء نظام صدام تحت يافطة فتوى ( ابن باز ) الذي أحلها باعتبار أن الرسول الكريم استعان بأناس من اليهود في حربه فأسهم لهم ، واستعان ( بصفوان بن أمية ) الكافر في يوم حنين بعارية مؤداة . *** القذافي انتهى سياسيا ..وعسكريا.. وقانونيا ... وأخلاقيا .... تحرير طرابلس ، ودك باب العزيزية هي نهاية مؤكدة للقذافي مهما ناور وخطط للبقاء ، وجميع تخميناته باءت بالفشل ، من تقسيم ليبيا ، وتسليح الملايين ضد الثوار ، وتفجير حرب أهلية لصالحه ، ومتابعة الثوار وملاحقتهم (كالجرذان ) هي أمور لم تتم ولن تتم ، وبرز الشعب الليبي متلاحما مؤمنا بعدالة قضيته وحقق مكاسب لم تكن متوقعة بشهادة الكثيرين ، وانقلب السحر على الساحر ، فأصبح القذافي مطاردا ( كالجرذ ) في أقبية طرابلس ، فالباحثون عن منحة القبض عليه ( حيا أو ميتا ) مغرية فقد تكون زبانيته المقربة أولى بالمعروف باصطياده ... فأين المفر يا زعيم قادة العرب ؟؟!!! *** ملامح ما بعد القذافي بدأت تتضح : الحراك السياسي الداخلي والخارجي أنبأ ببداية دولة مدنية يسبقها تعيين مجلس عام تشارك فيه جميع الحساسيات والأطياف والمدن ، سيتمخض عنه ميلاد حكومة مؤقتة تشرف على إعداد أول دستور لليبيا ، وإجراء استفتاء حوله ، تليه انتخابات المجلس التشريعي الذي سيتولى حكم البلاد ، خلال أربعة أشهر تجرى فيها انتخابات ر ئاسية تحت رقابة أممية ، والأمل كبير في أن لا تعود تجربة القذافي الدموية حسب طروحات الشاعر نزار قباني متذمرا : . في كل عشرين سنة...يأتى إلينا نرجسي عاشق لذاته ليدعى بأنه المهدى .. والمنقذ والنقى .. والتقى.. والقوى والواحد .. والخالد ليرهن البلاد والعباد والتراث والثروات والأنهار والأشجار والثمار والذكور والإناث والأمواج والبحر على طاولة القمار.. في كل عشرين سنة يأتى إلينا رجل معقد يحمل في جيوبه أصابع الألغام. ............ في كل عشرين سنة يجيئنا مهيار يحمل في يمينه الشمس وفى شماله النهار ويرسم الجنات في خيالنا وينزل الأمطار وفجأة.. يحتل جيش الروم كبرياءنا وتسقط الأسوار !! ..... هل النظام في الأساس قاتل؟ أم نحن مسؤولون عن صناعة النظام ؟
وحتى لا تتكرر مازوخيتنا في صناعة الأزلام ، ولا نكون مسؤولين عن صناعة النظام القاتل ...، وتتحسن عزائمنا في تأسيس دولة الشعب مسؤول عنها ، وليس الشعب خاضع لها ....فلا بد من تقييد سلطات الحكام عبر ترسانة من الأحكام ، تضمن جودة الأداء ، وتضع حواجز تضمن التداول السلمي على السلط والمناصب في إطار الشفافية والقانون ... وحتى لا تزول الدولة بزوال حاكمها كما وقع حاليا ، وبذلك سنكون أوفياء للذين ضحوا بأرواحهم وأعضائهم التي ُبترت ، وعقولهم التي خدرت لأزمان سحيقة ، من أجل ليبيا حرة كريمة تحكم نفسها بنفسها في إطار دولة (ليبرالية ، ديمقراطية .مدنية ) يكون فيها المواطن قائدا لا منقادا حرا ينعم برخاء وطنه وهويته في إطار الإحترام المتبادل بين أطيافه وإن اختلفت في توجهاتها ونظرتها لهويتها ومستقبلها وحياتها . طريق الحرية شائك بكل يد مضرجة يُدق ، وتضحياته لن تذهب سدى ، فالأ مل يحذونا في أن تتحول التضحيات الجسيمة التى قدمها شعب ليبيا قدوة ونبراسا لغيرها من شعوب العالم ، في التحرر من أنظمتهما الإستبدادية الجائرة ولعل في تجربة التضحيات الليبيية ما يُفيد في تحقيق آمال الشعبين اليمني والسوري ، فهي لا شك ستعطي زخما ودفعا قويا للثورتين القائمتين لبضعة أشهر دون حسم ! ، ولا تُستبعد التجربة الليبية عنهما إن استمر تعنت النظامين إلى أمد بعيد دون حسم لصالح الشعب الثائر فيهما .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتحُ طرابلس .
-
ليبيا والثورات العربية ، دروس بلا منتهى ...
-
هل الإسلام دين الدولة ؟
-
في صراع المجد مع المتمجد .
-
أنظمة لا ترحل ... إلا بترحيل شعوبها .
-
قبائل هوارة الأمازيغية بمصر .
-
اللغة ...إلهام رباني أم صناعة بشرية ؟
-
لسنا الأفضل.... ولغَتنا ليست أفضل اللغات.
-
الناطقون بالعربية من غيرالعرب .... هل هم من قومية عربية ؟
-
الأزمة البربرية (BERBERISMES ) ومفهوم (الجزائر الجزائرية ).
-
سيفُ القذافي ... إن لم يُقطع قطعَ !!؟ .
-
القذافي وليبيا ، أين المنتهى ؟
-
نجاح ثورة ليبيا ... هي إنذار ثالث للأنظمة العربية .
-
الجزائر .... وعبرة الإنتفاضات المجهضة .
-
أين الخلل في بوتفليقة أم العسكر ؟
-
ثورة مصر في الميزان .
-
الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!
-
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|