|
روسيا البيضاء والغرب:
خالد ممدوح العزي
الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 13:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
روسيا البيضاء والغرب: روسيا البيضاء والغرب: (1-2) عين على الجمهورية رقم4 ديكاتورية الدولة، و الثورة المستوردة نقيضان: لايزال الغرب حتى اليوم على علاقة سيئة ومتوترة مع" جمهورية بلاروسيا، روسيا البيضاء"، ويصف رئيسها " الكسندر لوكاشنكو" بأنه أخر ديكتاتور من ديكتاتوريات أوروبا ؟؟؟. فما هي الأسباب التي تدفع الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغوط شديدة ،على دولة مستقلة وعضو مؤسس في هيئة الأمم ، وفرض حصار اقتصادي وسياسي وإعلامي شديد ، منذ العام 1996م. الرئيس الجديد: "الكسندر لوكاشنكو"هو القادم إلى السلطة من رحم وصلب المجتمع البيلاروسي، وليس بواسطة انقلاب عسكري، أو قوة ضغط خارجي،هو مدين بوصوله إلى السلطة لقدرته الشخصية وشعاراته السياسية والاجتماعية الجدية من الشعب و المطروحة في بداية التسعينات، بعد معاناة أليمة و مريرة، عاشها "الشعب البيلاروسي ، وشعوب الاتحاد السوفياتي السابق" فبعد الانهيار السريع لدولة الاتحاد ، ذاقت الشعوب أشد الويلات ، فجرب فيها كل شيء، تجربة فاشلة لقيادة شابة طامحة بالتغيير والوصول إلى السلطة، طمعا منهم ليس بالحب والتغير، وإنما بالسلطة و المستنسخة،للتجربة الغربية. فإن غيب القراءة السليمة والطبيعية للمتغيرات والإحداث أدت إلى الخراب، و تطبيق تجارب مستوردة وجلب نماذج مختلفة، بعيدة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي، لهذه الشعوب أدى الانفجار. تجارب التغير المستوردة والفاشلة : ظهرت المافيات الجديدة والعصابات الاقتصادية والتجارية وبدأت تنمو وتمارس أبشع و أفظع عمليات التحول الاقتصادية في حياة العالم المعاصر، لقد تم الانتقام من الماضي، نهبت كل موارد الدولة ومرافئها الاقتصادية والاجتماعية ، هدم كل شيء، وبرزت طبقة طفيلية جديدة في هذه المجتمعات نتيجة النهب، والسرقة والطمع ،عرفت هذه الفئة فيما بعد باسم:( " النوفا روسكي " إي الروس الجدد) ، الأغنياء الذين ميزوا أنفسهم عن باقي الشعب البيلاروسي أو الشعوب الأخرى التي سيطر عليها شبح الجوع ، والبطالة ،حصل إقفال قصري لكل المصانع والمؤسسات الرسمية ، صرف علني غير قانوني للموظفين،تأميم سريع، وغير مدروس لقطاعات الصناعة ،والخدامات العامة في البلاد ، و الحياة الرسمية منها:( كالتعليم، الطبابة، الأمومة ، مصانع الأسلحة حتى الجيش نفسه لم يسلم لقد صرفت منه أعداداً هائلة ، بمن فيها الجيوش العائدة من الدول الشرقية "في حلف وارسو"ومن أفغانستان . الحالة الشعبية: ساهمت النقمة الشعبية العارمة في بيلاروسيا،والتي كانت التحركات الاحتجاجية والاعتراضات العلنية ، بداية السخط على سياسة السلطة الجديدة، وممارستها الفاشلة. فكل هذا الحراك الشعبي، لقي صدى واسع في ضمير مجموعة صغيرة من البرلمانيين البيلاروس، ومن بينهم الرئيس الحالي،والذي كان يرأس يومها "اللجنة النيابية لمكافحة الفساد الإداري والاقتصادي". نجح "الكسندر لوكوشكو"، نجاحاً باهراً، في حملته على الفاسدين، نفذ مهمته الصعبة، في محاربة الفساد، واستطاع "لوكاشنكو" تسليط الضوء على مجموعة كبيرة من الزمر والعصابات المحمية من قبل هذا النظام، عندها بدأ التحدي الكبير و العلني ، وعلى أمام أعين الناس، ومن خلال المنابر الحكومية والرسمية" والإعلامية ، كانت المعركة الفاصلة لإنتاج معارضة من خلال معركة قوية يخوض غمارها "لوكاشنكو " وصل العراك فيها إلى الأيادي داخل قبة البرلمان، مما أدى به إلى كسبه ثقة الناس وودهم لأنه يدافع عن مصالحهم ، عندها سطع نجم الرئيس" الكسندر لوكاشنكو"كسياسي جديد ،وأصبح يمثل المعارضة الفعلية ،والقوية في الدولة الحديثة، والمدعومة بالحراك الشعبي المستمر. رصيده الشعب، والكلمة الجريئة، ارتفعت أسهمه السياسية ليس في بلده ، وإنما في الدول المجاورة التي أصحبت تأخذه مثلاً أعلى لها وتطالب حكوماتها الاقتضاء به والمضي قدماً بتنفيذ سياسته في محاربة الفساد، والمحافظة على شعبه. هذه الحالة الجديدة في السياسة البيلاروسية ، فتحت المجال قدما أمام "لوكاشنكو" نحو الصعود السريع إلى السياسة العليا"الرئاسة". لوكاشنكو والضغط الغربي: نجحت الانتخابات الرئيسية في بيلاروسيا ، المنظمة في أواخر عام 1996 م. وكان "لوكاشنكو" صاحب الحظ الأوفر من بين المرشحين ألآخرين المدعومين من الغرب ومن الكرملين، نجحت المعارضة في الانتخابات الديمقراطية والشفافة كما وصفها الغرب والعالم كله بالوصول إلى السلطة، عندها لم يكون يعرف احد شخص :("لوكا شنكو أو الأب" الباتكا"كما يطلق عليه البيلاروس"). الكسندر غريغوريفتش لوكاشنكو ،واثق الخطى يمشي ملكاً ،هو الشاب القوي، والعازم على مواكبة عمله ،صادق و صريح مع نفسه ومع الجميع ، محب لبلده وشعبه ، يمارس مهامه دون كلل أو ملل ، يتكلم بكل المواضيع، خطيب، يتحدث دون خوف ، في بلاده،يصفونه بالرجل الشرقي ،بسبب امتلاكه علاقة جيدة مع الدول العربية والإسلامية ، وعدم علاقته مع الغرب،هذه الصفات ،جعلت الشعب "البيلاروسي"، ينظر إليه بأنه المنقذ والمغير في حياة "بيلاروسيا الجديدة"كما كان يطلق على القائد السلافياني التاريخي "بكدان خملنيسكس". استلم الرئيس دفة القيادة في الدولة ،و في الخزينة الحكومية" 20$ " المبلغ الذي تبقى فيها من خزينة الدولة السوفياتية"البيلاروسية" . "بيلاروسيا "لأنها الجمهورية الأفقر بين الجمهوريات السابقة ، وبسب طبيعة البيلاروس وإطاعتهم، للأوامر السياسية والالتزام، كان المركز لهم كل شيء وللمركز كل شيء ،" المركز هو عاصمة الدولة والقرار السياسي والاقتصادي في موسكو ". أم اليوم نتكلم عن احتياطات مالية كبيرة يتألف من أكثر من 2 مليار دور وعملات أخرى وذهب وفضة . الرجل المناسب في المكان المناسب: لم يخطئ الشعب البيلاروسي عندما أدلى بصوته لصالح " لوكاشنكو" لم يخيب ظن الشعب في انتخابه وإعطائه ثقتهم ، إنه ابنهم البار ، لقد صنع بيلاروسيا الحديثة ، وأعاد تركيبها من جديد ، لم يتنازل عن حقوق الشعب في تفريط أموالها وممتلكاتها، أعاد رونق الحياة ،للدولة وللشعب معاً. لقد رمم كل مرافق الحياة الاقتصادية السابقة، صنع الانبعاث الجديد، فكان له ما أراد ،وغضب الغرب منه ، لعملية البعث ،إذ أراد الغرب بأن تكون بيلاروسيا وشعبها ممراً إجبارياً، للبضائع والسياسة الغربية الى موسكو، والوقف على تخومها و استباحت سيادة الدولة بيلاروسيا تحت "شعار ، بيلاروسيا هي دولة أوروبية ، وفي قلبها"، لأن حصار روسيا هو الأهم لهم ، لم يحقق "لوكاشنكو"لهم مبتغاهم، فكانت القطيعة. وأعلنت الاتهامات له بالديكتاتورية، وبأنه مقيد الديمقراطية الحديثة ،ففرض الحصار على الدولة والشعب . الوحدة الروسية –البلاروسية: انتبه "لوكاشنكا" لإستراتيجية الغرب والقصد منها من خلال معركة إعلامية وسياسية ، فتحت ضده وضد نظامه ،لأن المقصود به هو روسيا، فالبيلاروسي الذي يعتبر نفسه مدافعاً تاريخياً عن روسيا وشعبها ، جاء رده السريع على الغرب و بكل شجاعة في طرح الوحدة الاقتصادية والسياسية والأمنية مع" موسكو"،وعدم الابتعاد عنها طالما أن الغرب والعالم يريد الدخول إلى أسواقها،والاستفادة من اقتصادها، فلماذا يجب هو وشعبه أن يبتعد عنها . لوكاشنكو القائل:( نحن شعب السلاف التاريخيون والأقرب إلى الروس من كل النوحي، وجزء لا يتجزأ منهم ، لماذا يجب أن نحرم، من الثروة وغيرنا يستفيد بها، وهل نحن نقدمها إلى الغير، هبا لكي نكون من الافاضل) . فكل خيرات وثروات روسيا هي حق طبيعية للبيلاروسي،هم من ودفعوا، عن أرضها ودفعوا ضريبة الدم سوية مع الآخرين على مدى 70 عام من الوحدة، في الدولة السوفياتية و400سنة عمر الإمبراطورية الروسية التي كانت جزء فيها لا يتجزأ ،لوكاشنكو الذي يخاطب شعبه دوماً بأننا لن نذهب إلى الغرب كشحاذين نطلب قوتنا اليومي منهم " فالكاتب الروسي فيودر دستيفسكي يكتب:" بأن روسيا لأن تذهب إلى أوروبا وتكون كالمتسولين فيها، وتترك الشرق الذي تعيش فيه قياصرة " ، لوكاشنكو يؤكد هذا بتعبيره المختلف " نحن في وسط أوروبا ولدينا مقومات حياتية مختلفة وبنية تحتية اقتصادية قوية ، وهذا منذ القديم ويجب الاستفادة منها ، بلدنا ممر "ترانزيت إلى روسيا ، ومنها إلى أوروبا ، وممر خطوط النفط وأنابيب الغاز الروسية ، لدينا بنية علمية قوية ، لا نريد أن نصبح أعداء للروس ونتنكر لتاريخ الآباء والأجداد. دكتاتورية لوكاشنكو: الغرب من خلال إعلامه الموجه يتهم "لوكاشنكو""بأنه دكتاتور"ومغتصب للسلطة لأنه تحدى قانونياً مجموعة من نواب الأمم الذين اعتصموا في مبنى البرلمان عام 1998 ورفضوا الاقتراح المقدم منه، للشعب في تحويل الدولة إلى جمهورية ، وتقليص دور البرلمان ، وإجراء انتخابات نيابية ، احتلوا البرلمان ، ورفضوا الخروج والمواجهة الديمقراطية، حتى مع الشعب الذي انتخبهم، لأنهم اخفوا كلمة الشعب القادمة ، فكان "لكوشنكو" هو الديمقراطي الوحيد الذي استمد سلطته من خلال الجماهير الذي أيدته وتفاعلت مع استفتائه ،فترك النواب المعتصمون والمعارضون في البرلمان وانتقل إلى مكان آخر ، لإجراء الانتخابات والاستفتاء ، مع العلم أن دول أخرى قمعت التمرد عسكرياً ولم يستطيع أحد التعليق على هذا الموضع احد ، لأنهم دول كبرى، وهذا ما حدث في روسيا عام 1993 م ، فكان رد الرئيس الراحل "بوريس يلتسن" بقصف البرلمان بالدبابات واحتلاله واعتقال النواب وحجزهم بالحبس ،ولكن المعاير والأعراف تختلف . المصلة الوطنية فوق كل اعتبار : أمض الرئيس "لوكاشنكو" مدته الرسمية الأولى حسب الانتخابات الرسمية المعمول عليها وفقاً للاستفتاء الشعبي الذي جدد ثقته به، بالرغم من الحصار والضغوط والتهديد والوعيد. فكان الرد البلاروسي يتجه نحو سياسة الانفتاح على الدول الشرقية والإسلامية وروسيا والصين والهند،ولم يكترث "لكاشنكو "لهذه السياسة التي تمارسها أمريكا على دول مثل بيلاروسيا وتجبر دول أخرى انتهاج هذه السياسة . ذهب"لكاشنكو " إلى الأمم المتحدة وصرح من أعلى منابرها بالتعددية القطبية، العمل إلى تغير في ميزان النظام العالمي الجديد ، انتقد "كلينتون وبوش" بالتفرد والغطرسة ، أقام صداقته الشخصية والرسمية مع الرئيس الأسد الابن ،هوغو شافيز، احمدي نجاة ، والعديد من دول أخرى، ليس الهدف من ذلك تشكيل محاور أو جبهات ، وإنما علاقات قائمة على مصلحة الدولة والشعب قبل كل شيء ، فمن خلال التسويق والتبادل الاقتصادي والتجاري ،استطاع الرئيس بسياسته وعلاقته الشخصية من رفع مستوى الميزان التجاري للدولة. روسيا البيضاء و الغرب: (2-2) عين على الجمهورية رقم4 الجماهير تحدد الديمقراطية: ديمقراطية " لوكاشنكو" تجددها جماهيرها المتدفقة لترشيحه و تحجب عنه كل أخطاءه، فالغرب الذي عمل على إحياء معارضة من الخارج إلى الداخل كانت فكرة ضعيفة و بعيدة المنال بسبب غيابها عن هموم الشعب و مشاكله، المعارضة البيلاروسيا، لم تثبت فعاليتها الرسمية، لكنها نجحت بين الفينة و الفنية من أن تحدث ضجة بسيطة لكي تعلن عن وجودها و لكي تبرر لداعميلها صرف الأموال المدفوعة لها من الخارج. الفشل الذر يع للغرب في بلاروسيا: لقد فشل الغرب و الأمريكان في الترويج " لثورة الجينز الزرقاء" في بلاروسيا، عندها جن جنون الغرب، عند الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في بيلاروسيا عام 2005 م . وكان الفائز فيها الرئيس الحالي والمرشح الشعبي الوحيد " لوكاشنكو" بالرغم من وجود خمسة مرشحين قد نافسوه، تمت الانتخابات بجو من الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي، سادة الشفافية فيها بناءاً لتقرير من لجنة المراقبين الدوليين المشرفة على الانتخابات، لكن الغرب رفض نتائج الانتخابات والإقرار بفوز الرئيس المنتخب، ورفض التعامل مع إرادة الشعب الذي أعطى، صوته الرئيس الحالي ، لقد افشل الشعب "ثورة الجينز الزرقاء"، التي حاولت، أمريكا تصديرها الى بيلاروسيا ، بعد نجاحها في دول أخرى كانت في المدار والفلك السوفياتي السابق، وعندما سأل كاتب هذه المقالة إثناء مقابلة تلفزيونية عن سير وطبيعة الانتخابات : البيلاروسيا" وعن الحالة السياسية، وعن كيفية الفواز الباهر للرئيس، فكان الرد : ( "إن فوز الرئيس يعود أصلا إلى رغبة الشعب البيلاروسي في الدفاع عن المكتسبات الاقتصادية والأمنية والمعيشية التي حققها خلال فترة حكم الرئيس " لوكاشنكو"، خوفاً من المجهول والعودة إلى الوراء)، والذي غاب برنامج المعارضة:( البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والأمني)، مكتفية برفع شعارات سياسية بحثه. " لان تجربة الشعب باهظة الكلفة، وصلت حتى الجوع، وما يزال الجميع يتذكر أيامها الصعبة لان الأجيال الصاعدة ليس بقدرتها على إنتاج ذاكرة جديدة، تكاد لا تطمس تلك الأيام الصعبة والأليمة، من مخيلتها،ولان الشرائح الكبرى في البلاد لا تزال موجودة :( كالعمال والفلاحين وكبار السن والجيش وموظفو الدولة)، لا تريد التغير والعودة إلى الوراء إي المجهول، ولكن، فئات الطلاب وصغار التجار وبعض المعارضين البيلاروس هم ممن يحاولون التغير ليس نحو الأفضل إنما نحو ما تقتضيه مصالحهم الخاصة. رصيد الرئيس البيلاروسي: فأن عدد المؤيدين للرئيس لايزال كبير في شرائح المجتمع البيلاروسي وفي كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وتشكل النسبة بحوالي 80% من نسبة السكان، وهذا العرض ليس للمبالغة او من باب الصدفة و للعديد من الثوابت التي لا يزال الشعب يتمسك بها وهي: 1- ضعف المعارضة التي تعتبر شبه غائبة، وعدم استطعتها في التأثير الفعلي على الحياة السياسية البيلاروسية كباقي المعارضات في روسيا،أو أوكرانيا أو حتى جورجيا. 2- غياب المعارضة عن الهموم الشعبية البيلاروسية، وغياب البرامج الكاملة من أدبيات المعارضة . 3- عدم تمكن المعارضة من بناء أية مقومات بنيوية اقتصادية تذكر من خلال الأموال الممنوحة لها للتغير. 4- الوضع الاقتصادي الذي يعيش به البيلاروس مقارنة مع الدول السوفياتية وخاصة التي ثمة فيها ثورات ملونة. 5- سيطرة الاستقرار على الوضع العام في الدولة البيلاروسية "الأمني و الاقتصادي". 6- استمرار الدولة بمواكبة التطور الدولي في مجال العمران والصناعة والعلوم والنمو الاقتصادي للبلد. كل هذه الأمور توفر خط دفاع أساسي للمواطن في الدفاع عن النهج الحالي والاستمرار بنهج وسياسة الرئيس البيلاروسي، وبالرغم من الشوائب التي تخللتها ممارسة السياسة من قبل الرئيس ،لكن هذا النهج يبقى الوحيد المدعوم شعبياً والذي يساعد الرئيس في تقديم بديل أو خليفة له في الفترة الرئيسية القادمة للدولة. الوحدة الاقتصادية البيلاروسية – الروسية وأزمة الغاز: قد يفاجئ كل من يقرأ المقال ويقول ماذا نسمع بمشكلة الغاز بين البلدين، طبعاً هناك حالة غير طبيعية تخرج للنور كل عام وتحاول ان تعكر الجو الهادئ والصافي بين الأحباب، لا بد إن نطرح الموضوع بكل موضوعية من خلال عرض المشكلة. روسيا التي وهبها الله قدرة اقتصادية هائلة تستطيع التصرف بها وفقاً للحالة والظرف، وبما ان الدولة تعتمد أسلوب السوق فإنها تحاول فرض شروطها الاقتصادية والجيو-سياسية على المنطقة من اجل الحفاظ على فلكهان لذلك تبدأ قصة الغاز بالتجاذب قبل عيد رأس السنة من كل عام لأن العقود تكون قد انتهت بهذه الفترة، وهي فترة قاسية جداً، والجميع يحاول فرض شروطه من خلال الضغط على جماهيره. بالطبع في روسيا هناك جماعة الضغط التي تعمل وفقاً لمصالحها وحسابها الشخصي مستفيدة من قوانين السوق وتعمل على تعكير المزاح من ناحية وتطبيق القوانين إلي تحمي مصالح روسيا الاقتصادية إمام ذلك تكون المعركة حاسمة وتتهرب منها بيلاروسيا وشعبها، فبيلاروسيا التي تملك خط الغاز الثاني الذاهب إلى أوروبا والتي تمتلك روسيا نصفه ، فروسيا دوماً تحاول تذكر الشعب البيلاروسي، إننا لا نريد إي تغير في السياسة الداخلية لبلدكم كي لا تتخرب الأمور فيما بيننا وتصبح كما هو الحال في أوكرانيا صاحبة الخط الأول الذي يتم سرقة الغاز منه، وقطعه عن أوروبا وبيعه لمصلحة أشخاص يكنون العداء لروسيا وشعبها، فروسيا بظل الحرب الباردة بين القطبين لم تستعمل سلاح الغاز كوسيلة ضغط ضد أوروبا. بيلاروسيا التي تقول نحن أصبحنا في وحدة اقتصادية واحدة تم التوقيع عليها عام 2009 بين روسيا و بيلاروسيا وكازاخستان والتي يجب إن يتم العمل بهذه المعاهدة الاقتصادية مع بداية العام 2011م. فكان السؤال إلى الحكومة الروسية كيف يدخل كل شيء في الوحدة الاقتصادية الجديدة،عدا أسعار الغاز والنفط. إن تنفيذ بنود اتفاق الوحدة وبيع الغاز إلى بيلاروسيا كما هو حال المدن الروسية، وحسب طرح رئيس جمعية الصداقة اللبنانية –البيلاروسية السيد فضل جانيين:"بان البيلاروس محقون بمطلبهم". لكن الحكومة الروسية التي ستتدخل لحل الخلاف السريع، من خلال إبقاء السعر كما هو في العقود الرسمية وتقوم روسيا بدفع الفارق المادي من الخزينة الروسية بحجة إن روسيا وضعت ميزانية الدولة دون إدخال النفط والغاز فيها،وبالفعل تم الاتفاق النهائي في بداية شهر شباط على إن تأخذ بيلاروسيا حصتها من الغاز حسب التسعيرة التي وضعت لها ويخصم الفرق من سعر الضرائب المفروضة على سعر التصدير الى الخارج. وهذا المخرج لا يحرج روسيا في حربها ضد الإخوة السابقين وأعداء اليوم أمام شعبهم بالفصل بين العلاقة والمادة وهذه بيلاروسيا الحليف يتعامل كالآخرين. الوضع الاقتصادي للدولة: 1. استطاع الرئيس "لوكاشنكو" أن يحمي الدولة وشعبها وممتلكاتها في أصعب لحظة عاشتها الدولة في فترة انتقال البلد والتحول الاقتصادي. فالبلد الذي تم نهبه وتركه على شفير الهاوية كان للرئيس دوراً هاماً من إعادة الحياة له فكان الرابط الاقتصادي بالعملة الروسية التي تغطي العملة البيلاروسية بسبب غياب الغطاء الذهبي لهذا البلد فأخذت عملة الدولة اسم الروبل الروسي، فارتفاعه وهبوطه متأثراً فقط بحركة الروبل الروسي، ومن هنا كانت الأزمة المالية العالمية بعيدة عن السوق البيلاروسي المباشر. 2. تعتبر بيلاروسيا من الدول القلائل في العالم التي لا تأثر بشروط البنك الدولي والذي يفرض شروطه القاسية على العديد من دول العالم لأن الدولة، هذه الجمهورية، لا توجد على لوائح الدول المستدانة من صندوق البنك الدولي، وهذا الشيء هو الذي ساعدها على التحرك دولياً وفتح لها أسواقا جديدة وصناعات عالمية قوية وتشجيع فرص الاستثمار الخارجية دون فرض أية شروط عليها. 3. تطوير الحياة الاقتصادية وفقاً لحاجتها وحاجة شعبها، والذي ساعدها بذلك على فتح أسواق دول الاتحاد السوفياتي السابق أمامها وأمام مواطنيها، بالرغم من تقيدها على الصعيد الأوروبي والعالمي. 4. دخول رأس المال الروسي إليها ،مما وفر لها فرصة مالية كبيرة من التحرك. 5. فكان لبيلاروسيا ما تريد من القروض المالية المفتوحة من الحكومة الروسية ، وعليها المبادلة بالمواد الصناعية التي يحتاجها السوق الروسي، وهذا مما ساعد على إعادة تطوير الصناعات البيلاروسية التي كانت في أيام الدولة السوفياتية، ولكن بطريقة جديدة مما ساعدها على المنافسة الأوروبية والتي أصبحت فيما بعد تعتبر بيلاروسيا الدولة الصناعية الثانية في أوروبا بعد ألمانيا. 6. إبقاء كل المقومات السوفياتية السابقة بيدها والتصرف على أساس أنها هي المالك بالرغم من إن الملكية الحصرية تعود لروسيا فقط. "السلاح،التصنيع العسكري ،الالكتروني، البيع والتصدير، المطارات، الشركات، السفارات الروسية:"فأصبحت روسيا البيضاء الطفل المدلل لروسيا. فكل هذه الإمكانيات المفتوحة التي باتت أمام بيلاروسيا استفادة الدولة وقيادتها من العمل على تجهيز البناء التحتي للدولة والشعب بعكس الدول الأخرى التي ابتعدت عن الفلك الروسي فكانت ضحية لمطامع أشخاص اعتبروا أن الخروج عن هذا المدار يوفر لشعبهم فرص ذهبية بالتطور الاقتصادي فكانت لهم السلطة والمال وكان لشعبهم الفقر والجوع: "أوكرانيا، جورجيا، ملدوفيا ... الخ"، وهذا ما انتبهت له الجمهوريات الإسلامية في أسيا الوسطى أيضا التي سارت على نفس طريق بيلاروسيا. التطور الاقتصادي في بيلاروسيا: تم تطوير المرافق الاقتصادية والصناعية في بيلاروسيا، وتحسنت الظروف المعيشية للمواطن وأصبحت فرص العمل متناولة للجميع، قلة الهجرة الداخلية والخارجية بعدما كانت الهدف الاسمي للمواطنين، بيلاروسيا لا تزال تحافظ على التعليم المجاني المهني والجامعي، الطبابة، حقوق الأمومة والشيخوخة والمواصلات المجانية للطلاب والمسنين، لا تزال وسائل النقل المشترك تعمل من خلال الدولة. الدولة تدفع الرواتب الشهرية للمسنين دون التأخير، الارتفاع المستمر بالحد الأدنى للأجور مع التغيير العالمي للأوضاع المعيشية وهذا ما فقدته الدول الاشتراكية كلها بما فيها روسيا مما شكل للغرب احراج فعلي وذلك يعود للرئيس نفسه في الإشراف على هذه السياسية . ان خطوط المترو "مترو الإنفاق" الذي تم أقافها في كل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة وحتى في كل المدن الروسية عدى موسكو بسبب حالة موسكو الاقتصادية العالية التي تسمح لها بتطوير هذا المرفق. لكن بيلاروسيا استمرت فيما بعد بفتح محطات المترو باستمرار فان كل متر لهذه الإنفاق يكلف آلاف من الدولارات. لقد أدهشت روسيا العالم كله في محاربتها للتصحر الديمغرافي التي تعاني منه أوروبا كلها، فكل أم تلد طفلاً ثانياً تعطى مبلغ مئة إلف دولار، فكان رد بيلاروسيا لا يختلف كثيراً نظراً لإمكانياتها المتواضعة، فكانت تعرض شقة من أربعة غرف مجانية على كل عائلة تلد ثلاثة أطفال، بالرغم من سياسة التمليك التي إعادة العمل بها الدولة البيلاروسية حسب القانون السوفياتي وهو البناء وتوزيعه على المواطنين حسب الدور والحاجة بمبلغ زهيد على مدة تسليف طويل. فكل هذا موجود في دولة فقيرة كبيلاروسيا وغائب في دول أخرى، مما أزعج الغرب والشرق من سياسة رئيسها واتهمتهم بالدكتاتور "لوكاشنكو" الذي سوف يخلد اسمه في دولته ليس بالأب كما يطلق عليه بالروسية وإنما خلد نفسه كزعيم يأتي إلى أمته كل عدة عقود، لهذا السبب لن يقبل البيلاروسي بأقل ما قدم له "لوكاشنكو" بغض النظر عن أي رئيس ياتي من بعده. العلاقة مع دول الممانعة: لقد كتبت الصحافة الإسرائيلية الالكترونية المترجمة إلى اللغة الروسية، في إحدى تقريرها المعدة عن بيلاروسيا بالقول:"بان الغرب أخطاء في التعامل مع بيلاروسيا وحيثية نظامها، لقد تم حشر "لوكاشنكو" في زاوية من قبلنا ومن قبل الغرب مما ساعد على الذهاب بالرئيس بعيداً. فكانت إيران وسوريا وليبيا وكوبا وفنزويلا محطاته الاولى"وتمت زيارة له إلى لبنان عام 2005. نعم اخطأ الغرب ولم يعترف به وحاول تطوير هذا الخلاف يومياً من خلال افتعال مشاكل بحق هذا النظام ورئيسه ولم يقف لحظة واحدة إمام نفسه بان معادة النظام والشعب عادة أصبحت من الماضي، فوراء بيلاروسيا يقف حليف قوي لا يسمح بالتعدي على فلكه وحديقته، لقد نسوا الروس، ونسوا بان البيلاروس هم خط الدفاع الأول والدائم عن الإمبراطورية الروسية وعاصمتها "موسكو" المشكلة ليست مع الرئيس أو شكل النظام لكن المشكلة مع الشعب الروسي الأخ ألسلافي والأرثوذكسي للبيلاروسي. بيلاروسيا التي تبيع السلاح لهذه الدول بموافقة روسيا لان البيلاروس لم يوقعوا على اتفاقات دولية تمنعهم من بيع وتدريب جيوشهم وطلابهم في كلياتها الأكاديمية ،وهي التي تفتش عن النفط في دول أمريكا اللاتينية والعربية وإيران. لها العلاقات الواسعة مع الهند والصين وتركيا والدول الإسلامية والإفريقية ودول عدم الانحياز التي سوف تلعب بيلاروسيا الدور الرئيسي ، كما الراحل "تيتو" المستقبلي في دول حركة عدم الانحياز، وفي تفعيل دور هذه المنظمة عالمياً. طبعاً ان بيع صواريخ "الاس300 " إلى هذه الدول وتزود جيوشهم بقطع الغيار السوفياتية السابقة ليس من العجيب، فبيلاروسيا تقاوم الإرهاب والجريمة والمخدرات وتبيض الأموال ولكن ليس وفقاً للمصلحة الأميركية وإنما وفقاً لمصلحتها والمحافظة على شعبها من العبودية الخارجية "لكاشنكو" الذي سن قانون في منابر الأمم المتحدة ليحافظ على المرأة ويحميها من المتاجرة "تجارة الرقيق". في الختام: نود الإشارة إلى إن الرئيس "لوكاشنكو" في سياسته لم يستطيع ان يفصل نفسه عن الثورة الديمقراطية والتحول الذي يحدث في روسيا ومحورها "موسكو – سنترسبورغ" ويتجه نحو الغرب من اجل مبالغ صغيرة من صندوق النقد الدولي ويكرر تجربة أوكرانيا بالرغم من العواقب والمشاكل التي تضع أمام المشروع الاقتصادي الاتحادي من قبل جماعات الضغط المستفيدة من هنا وهناك. د.خالد ممدوح ألعزي كاتب إعلامي باحث في الشؤون الروسية ودول الكومنولث [email protected]
#خالد_ممدوح_العزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا البيضاء: نجاح الدولة في الانتخابات ، هزيمة المعارضة وا
...
-
جمعة بشائر النصر في سورية، وسقوط نظام ألقذافي...!!!
-
كوثر البشراوي في حوار الثقافة...
-
الثورات العربية و المحطات الفضائية:
-
الحرية والإعلام: نقيب الصحافة الإيرانية في المعتقل...!!!
-
اليتيم على أبواب القرن21
-
روسيا البيضاء: رأس المال العربي مدعو للاستثمار في الجمهورية.
-
عروق العرب ليست أقليات بمختلف أطيافها الدينية
-
الثورة سورية : إستراتجية إيران لإنقاذ حليفها في بلاد العرب،
...
-
القدس....لنا... القدس... لنا... وفلسطين لنا...
-
لبنان وسورية: رئيس واحد،و حكومة واحدة لشعبين...!!!
-
المصالح الروسية الخاصة فوق الشعب السوري ومجازره اليومية...؟؟
...
-
تطوير العلاقات العربية – البيلاروسية ???
-
يوميات الموت مستمرة في سورية ، ودول عديدة تنظم على خط الضاغط
...
-
استقلالية القرار الوطني الفلسطيني....
-
عيدية الرئيس بري،وحكومة الرئيس ميقاتي ...!!!
-
حناجر المتظاهرين يطلقون: -جمعة صمتكم يقتلنا - رفضا للتواطؤ ا
...
-
قراصنة النظام السوري للإعلام الالكتروني
-
احتجاجات مستمرة في سورية ، رغم انتشار الأمن والقتلى في ارتفا
...
-
المثقف السوري: ودوره في حركات التغير الحالية، بظل الاستبداد
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|