|
الحادي عشر من سبتمبر و ما حدث في دريزدن
نزار كمال الدين جودت
الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 19:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحادي عشر من سبتمبر وما حدث في دريزدن مرت علينا منذ ايام ذكرى الحادي عشر من سبتمبر كدلاله على حدث محدد .. لكنها بالنسبه الينا منعطف تأريخي كبير شمل مجمل الشرق الاوسط. لذا لا يمكن حصر التحليل في الحدث دون الافاضه في المقدمات و التداعيات ... وأرتباطهما ليس من حيث الاسباب انما من حيث التأثير على مجمل المشهد السياسي . من يتابع السياسة الغربيه يعرف انهم يتعمدون خلق الاعداء الخارجيين للمحافظة على السلام الداخلي .. يسخرون وسائل الاعلام بتاثيرها الهائل في الحصول على مواقف معينه من الاخرين، وكما في لعبة الشطرنج حيث تؤدي حركة بعض البيادق المدروسة الى تقليل خيارات المقابل وتدفعه نحو رد فعل معين ..و مع التركيز الاعلامي او ما يسمونه صب الزيت الحار على الفأر ينتخبون عدوهم .. الذي يجد نفسه قد اصبح عدوا لهم دون ان يرغب في ذلك ...ان هذه الممارسات يمكن اعتبارها نوع من العاده او السياق او الاستراتيجية .. المهم هم يطبقونها في كل شئ حتى في الشأن الداخلي .. وفي الشأن الخارجي لم يجدوا افضل من الاسلام المتطرف كعدو قادر على الفعل المحفز للشعور بالخطر القادم من الشرق وارتباط ذلك بمسائل تأريخيه ودينيه ولكن وما حدث في 11 سبتمبر لم يكن متصورا ... كان خروجا عن الاحتمالات المألوفة وخارج الحلبة المحددة للعب السياسي . ما حدث قد حدث وعليهم الان الاستفادة من الحدث بأستعمال سياستهم المشهوره استغلال الضرر وعكسه وهذه المرة يتم استغلالة بشكل بالغ النرجسية حولوا موقع البرجين الى نافورتي ماء معكوستين تحيط بهما اسماء من قتلوا في العمل الارهابي في رمزية للحزن على ارواح الابرياء متناسين ان من قتلهم في الحقيقة ماكنة قتل من صنع امريكا دربته وجهزته لمقاومة الغزو االسوفياتي لافغانستان وبعد اندحاره لم تعد لتلك الماكنة التي يقودها بن لادن اي فائده للغرب وتم التخلي عنها وخيانتها بعد الخدمه الجليله التي قدمتها في طرد النفوذ السوفياتي ... انه "جزاء سنمار" تلك القصة التراثية العربية ..ومن سخرية القدر ان يكون بن لادن يمني ايظا .. لم يقتلوه مثل سنمار انما اطلقوه و جماعته في البريه ربما كجزء من السياق في خلق الاعداء . تحول الصديق الى عدو موتور مدرب .. من يدري ربما ارسلوا من يخدعة بان ضرب برجي التجاره العالمي في نيويورك سوف يؤدي الى انهيار اقتصاد الولايات المتحده الامريكيه و بالتالي انهيارها كدوله عظمى كما حدث مع الاتحاد السوفياتي ..و بذالك ينال شرف القضاء على عظمة اكبر دولتين في العالم فخر ما بعده فخر .. .. لا بد من وجود احلام العصافير كهذه حتى يمكن تفسير اختياره للبرجين ، اذ لو كان الهدف الانتقام لاختار البيت الابيض او المخابرات او البنتاكون . ولكن فعل بهذا الحجم الكبير والشرس لم يكن متوقعا من الاداره الامريكيه هم كانو ياملون في عدو يلاعبونه ويشاغلونه وليس عدو يدمي انوفهم ... مع ذلك تم الاستفاده من الحدث الكبير و احتلت افغانستان بمباركه و مشاركه دولية والسهوله التي تمت فيها مسحت العقده الفيتناميه لتحل محلها ما ايقض الاحلام الامبرياليه .. خاصة وان التفاحه العراقيه نضجت بفعل الحصار على وشك السقوط في حضن ملالي طهران ... وخوفا من ان تقطفها طهران استدار الاهتمام الى بغداد ..خاصة وان الموضوع من البدايه كان العراق وما حدث في المسأله الافغانيه كان حدث اعتراضي تم معالجته و لا بد من العوده الى المخطط الاول الذي بدأ بعد الفوز بسقوط الاتحاد السوفياتي حيث استثمر هذا الفوز في اوربا ولا بد ان يستثمر هنا في الشرق الاوسط المهم . مع صدام حسين كانت الامور قد جرت بنفس السياق حيث صور برجنسكي الامر لصدام بان اي ضربه لايران سوف تؤدي الى انهيار النظام .. وقصده من ذلك تهيئة الظروف لاطلاق سراح رهائن السفارة . بالنسبه لصدام كان الامر مغريا التخلص من النظام الايراني و تطلعاته نحو العراق و رضى امريكا عنه هذا لا يعني ان الثوره الايرانيه انتهت وطنيه كما بدأت فهي الاخرى ولدت من رحم المخابرات الغربيه التي تخلت عن الشاه الذي شق عصى الطاعه في ايامه الاخيره واتفق على سلام مع العراق انهى التمرد الكردي الذي يشكل بالنسبة لاسرائيل عامل توازن مصيري وفق رؤيتها لمستقبل المنطقة . وكانت الحرب العراقيه الايرانيه و حصل ما حصل .. ولكن نهايتها لم تكن مرغوبه بهذه السرعة و الشكل ولا بد من التدخل المباشر فلم يعد الوقت يسمح ارسلوا من يقنع المتعطش للنفوذ والبطوله القوميه بأن الخلافات العربيه شأنا عربيا داخليا لا علاقه للغرب به ولعل ما قاله في وقته في الاعلام و بعد سقوط الاتحاد السوفياتي من ان العالم اصبح مشاعا و على الاخوه في الخليج الانتباه الى ملابسهم من تقطع منها ردن .. وهذا يعكس قناعته الجديده ... وكانت البطله هذه المره السفيره الامريكيه في بغداد .. في نفس الوقت يحرض الكويت لانتهاج سياسه مؤذيه للعراق و الكويت في نفس الوقت …يستفز فيها دكتاتور يصرح بأنه قادر على كل شئ ما عدى ماهو من اختصاص الله . و حصل الغزو وبدأ الناس تسأل في الداخل و الخارج كيف حدث هذا من العراق البلد القومي المدافع المضحي دوما ، كيف يغزو جاره عربيه صغيره لا تناسبه لا في الحجم ولا في الامكانيات ؟ اين موقف الشعب العراقي من هذا العمل ؟ كلها علامات استفهام لمن لم يكن يعرف ما حصل في العراق طوال حكم البعث .. اذ كيف تمكن شخص واحد ( صدام ) من مسخ الحزب العريق صاحب المبادئ . حصل كما في كل الدكتاتوريات في العالم .. تجد جوابه ليس في امير ميكافلي انما في خنزير جورج ارول في قصته الشهيره مزرعة الحيوانات حيث فرض سطوته على الحزب اولا بقوة كلابه التي رباها منذ كانت جراء صغيرة وبالغ في تفرده حتى وصل الى ما لم يستطيع جورج ارول تصوره و هي مرحلة الضروره التأريخيه ..التي خدع بها قطاع كبير من الناس و ادى الى استمراره في الحكم كل هذه المده ومساندة الكثير من اشقائنا العرب لحكمه . وكانت الحرب الثانيه ، اي حرب الكويت .. ولن ندخل في تفاصيلها ولكن اذكر ان العراق ضرب بطريقه لا علاقه لها باخراجه من الكويت بل بطريقه تؤدي الى تدميره التام ..مما يؤكد وجود مخطط مسبق ذو اهداف بعيده وكموضوع متصل كنت اشاهده وهو يتفقد الهدايا التي كانت ترسل اليه وينظمها في معارض يأخذ المصاحف بيده ويفتحها على طريقة قرائة الطالع ..هل اصبح مصير امتنا بيد شخص يؤمن بالخيره وفتح الفال . ثم كان الحصار ثلاثة عشر سنه من التدمير للقيم والاخلاق العراقيه الاصيله حتى سادت مفردات ما كانت لها وجود مثل الحواسم و القفاصه والعلاسه .. الخ و الحاكم مشغول ببناء القصور و الجوامع ويعد لحماية نفسه من الشعب بما يسميهم فدائيوا صدام . وهم حثاله مدربه لقمع الشعب .. وما عاد للحكومه نفوذ سوى بغداد فلا احد كان مستعدا للدفاع عن النظام .. ثم جاء الاحتلال ولم تكن لدى الناس اي رغبه في المقاومه وكأن الموضوع لا يعنيهم الى ان بدأ المحتل يسئ الى الناس فحرمت عليهم الكثير من احياء بغداد ولحد الان لا يستطيع المحتل ان يسير عشرة امتار مفردا دون ان يقتل حتى لو كان مسلحا في بغداد في بعض المنطق . وكان للعشائر الدور الرئيسي في مقاومة الاحتلال و احتظان المقاومين لم يسلط الضوء الاعلامي عليه لخطورته ولتأثيره على الارض.. انما كان يسلط على السياسيين كعامل حاسم ولكن ذلك لم يكن غائبا عن فهم الامريكان للواقع الى الدرجه التي دفعت الامريكان للتفتيش عن مخرج او حل مع العشائر وبعد ان ايقنت ان العراق ليس لقمه سائغه و عليهم التعامل معه بطريقه مختلفه وما كان يعلن عن خسائرهم لا يعكس الحقيقه .. ما اقصده من ذلك ليس اتهام احد بالكذب انما لابين انها كغيرها من الحروب .. لعبت فيها الحرب النفسيه دورا كبيرا في اخفاء الخسائر او في تشويه سمعة الخصم . لم يكن المحتل وحده من ساهم في تشويه سمعة المقاومه ساعده في ذلك العناصر الدخيله القادمه من الخارج من القاعده التي رحب بها كقوى داعمه ودون ان يكون لهل حاجه فعليه في الواقع و لم ينتبهوا الى فكرها المتطرف و المتعصب واسلوبها العشوائي الذي لا ينسجم مع معتقدات و طبيعة المجتمع العراقي ..وبدل ان يساعدوا في مقاومة المحتل سعوا الى فرض افكارهم المتخلفه المريضه ...فكانوا معول هدم في بنية المجتمع العراقي... وربما هذا هي احد الاسباب التي دفعت الامريكان الى تسهيل دخولهم الى العراق لانهم بذلك يمنعون قيام مقاومه شامله وادت في النتيجه الى قيام صحوات العشائر . الشئ الوحيد الايجابي في كل هذا الجحيم هو الاعراض الجانبيه الغير مقصوده لفعل الاحتلال..كانت الفوضى العارمه في كل شئ ومنها الفوضى في حريه الرأئ التي ادت في النهايه وبعد ثماني سنوات الى اعادة تجميع شتات المجتمع ولكن بصيغه جديده و بمعزل من ارادة المحتل انما بحكم قوانين الطبيعه في ردات الافعال الحتميه ..خلقة بواكر رأي عام مستقل و وطني .. راي عام مؤثر سيكون له الدور الرئيسي في اقامة و حراسة ديمقراطيه حقيقيه في عراق حر غير مستقل لو ترك ليتبلور . قد يوجد تساؤل، كيف يمكن الجمع بين الحريه وعدم الاستقلال و الجواب ذلك هو واقع الحال الموضوعي الموجود خارج ارادة الشعب ..واقع الحال الذي يجب ان نعيشه .. لاوجود للاستقلال المطلق في عالمنا فنحن محاطين بالمصالح المتضاربة بعضها من دول الجوار وبعضها الاخر عبر البحار كلها عوامل جذب كل باتجاهه بعضها قوي ساحق وبعضها ضعيف هزيل . لن اقول ما حدث في دريزدن واترك الموضوع لذكاء القاريء لان المقال طال اكثر من الازم .
#نزار_كمال_الدين_جودت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانطباع و الرأي في السياسة العراقية
-
سقوط بغداد العباسية .. والمشهد العراقي الحالي
-
بغل مولكا و الحوم التكنلوجي
-
هل الاسلام هو الحل
-
التنجيم والتدين
-
الكون و الاديان
-
السياسة والادراك العلمي للطائفبة
-
في الايمان العقلي
-
مقدمة في علم الاديان
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|