|
لقاء مع عضو مجلس الشعب د. جورج جبور: المادة (137) مصادرة قانونية لحق التقاضي ومخالفة دستورية يجب إلغاؤها
كمال مراد
الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 05:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
■ الصرف من الخدمة دون سبب، هو انتهاك لحق كل إنسان في أن يعرف الذنب المنسوب إليه. ■ المادة 137 تتغاضى عن الظلم وتمنع المظلوم من استعمال حق كفله له الدستور. ■ «رئيس مجلس الوزراء وعد بأن تأتي التعليمات التنفيذية مخالفة لأحكام القانون الذي هو بدوره مخالف لأحكام الدستور»!! ■ إذا كان القانون عاجزاً ومعه القضاء، فلنصلح أمر القانون والقضاء!! ■ المادة (137) مساهمة في الفساد.
بعد الانتقادات الشديدة على إقرار مجلس الشعب للمادة التعسفية (137) في قانون العاملين الأساسي، والتي كانت قبل التعديل تحمل الرقم (138)، المأخوذة عن المادة (85) في قانون الموظفين الأساسي... اقترح رئيس مجلس الشعب:« أن يتم استبدال الجهة التي يحق لها صرف العامل لتصبح رئيس الجمهورية بدلاً من رئيس مجلس الوزراء»... ووافق المجلس (بالإجماع) على هذا التعديل مع بقائها مادة تعسفية: (تسريح دون ذكر الأسباب).. ورفع المجلس هذا التعديل لرئيس الجمهورية ليجري إقرارها.. ونظراً لمخالفة هذه المادة الواضحة والصريحة للنص الدستوري في حق العمل والتقاضي، إضافة إلى طبيعتها التعسفية وخروجها عن القوانين النافذة، التقت «قاسيون» مع الأستاذ الدكتور جورج جبور، القانوني البارز والأستاذ المحاضر في الدراسات العليا في كلية الحقوق ـ جامعة حلب ـ وعضو مجلس الشعب، وكان الحوار التالي: ________________________________________
أثناء مناقشة مجلس الشعب للمادة 137، كنتم خارج سورية، وبصفتكم حقوقياً بارزاً، مامعنى الصرف من الخدمة دون ذكر السبب من الوجهة القانونية.. ألا تتسع صفحات القانون الإداري للعقوبات تجاه المسيئين حتى تستخدم السلطة التنفيذية التعسف في الصرف من الخدمة؟! انتهاك للحق! • الصرف من الخدمة دون سبب، هو انتهاك لحق كل إنسان في أن يعرف الذنب المنسوب إليه، وبالتأكيد فإن الفصل دون إبداء سبب إنما هو فصل تعسفي في معظم الحالات إلى أن يثبت العكس. وإثبات التعسفية مطلوب، أي أن معرفة سبب الصرف مطلوبة. لقد كفل الدستور السوري حق العمل والتقاضي، وبالتالي هذه المادة غير دستورية. مخالفة دستورية • حق العمل الذي يكفله الدستور هو حق عام لكل مواطن، وهكذا فإن البطالة مثلاً تصبح مخالفة للدستور، وبالتالي هذه المادة إعلانية، تعلن عن حق أي إنسان أن يكون عاملاً مفيداً بنفسه ولوطنه، إلا أن تطبيق هذه المادة الدستورية صعب، أو يكاد يكون مستحيلاً، وفي بعض البلدان ثمة تعويض عن البطالة يأتي تطبيقاً لهذه المادة، من جهة أن فشل الدولة في تأمين عمل لمواطن يرغب في العمل، إنما تقوم الدولة بالتعويض عن فشلها عن طريق إعطائها راتباً للعاطل عن العمل. لكن نحن في سورية، كما ذكرت، هذه المادة إعلانية بالمعنى الواسع وهي مثل أعلى ينبغي أن نصل إليه، لكننا نعلم جميعاً أن البطالة منتشرة وأن الحق في العمل غير متوفر لكل من يعمل. أليس منع العامل المصروف من الخدمة على تلك المادة من الاعتراض أمام أية جهة كانت، هي مصادرة «قانونية» للحق بالتقاضي؟ مصادرة قانونية لحق التقاضي • نعم، هو مصادرة قانونية لحق التقاضي وهو مخالفة دستورية، لأن القضاء ينبغي أن يكون دائماً مفتوح الأبواب أمام كل من يرى نفسه أنه تعرض لظلم، وهكذا فإن هذه المادة تبدو وكأنها تتغاضى عن الظلم وتمنع المظلوم من استعمال حق كفله له الدستور، وهو الحق بالتقاضي. وألاحظ أني قرأت في جريدة «تشرين» مقالاً جميلاً لصحفي لاأعرفه شخصياً هو السيد أسامة يونس، نقل السيد يونس عن السيد رئيس مجلس الورزاء قوله، بأن بعض من صرف من الخدمة اعترض على صرفه بالأسلوب الإداري، وأن تحقيقات أجريت، وأن بعض من اعترض إنما كان على حق، فأعيد إلى عمله، ونقل السيد يونس عن السيد رئيس مجلس الوزراء أنه قال: إن التعليمات التنفيذية لقانون العاملين الموحد ستنص على أسلوب لمراجعة قرار الصرف من الخدمة، وعلق السيد يونس تعليقاً ذكياً إذ قال: إن رئيس مجلس الوزراء وعد بأن تأتي التعليمات التنفيذية مخالفة لأحكام القانون الذي هو بدوره مخالف لأحكام الدستور. أحب أن أوجه التحية إلى الصحفي أسامة يونس. كانت ذريعة الحكومة في تثبيت المادة التعسفية: «لمساعدتها في القضاء على الفساد»!!.. هل القانون عاجز بنصوصه عن محاكمة المفسدين كي تصرفهم دون ذكر سبب؟!.. تبريرات غير مقنعة • التبريرات من أجل قبول هذه المادة كثيرة، وكلها حقيقة غير مقنعة بما فيه الكفاية، إذا كان القانون عاجزاً ومعه القضاء، فلنصلح أمر القانون والقضاء. أما أن نحارب الفساد بصرف من الخدمة دون تدقيق، فإنما هو أمر يصب في صالح الفساد عينه، لأن الموظف غير المحصّن يشعر بأن عليه أن يقتنص كل فرصة مادام أنه غير محصّن ومعرّض للصرف من الخدمة في أي وقت وبمقتضى أية دسيسة غير مثبتة. المادة 137 مساهمة في الفساد هكذا إذاً يمكن القول إن المادة 85 كما كانت عليه المادة 138 وثم المادة 137، إنما هي مساهمة في الفساد وليس وجودها ناجحاً في قطع دابر الفساد. ونلاحظ أيضاً أن المادة 85 حين كانت في قانون الموظفين الأساسي إنما كانت تنص على أن قرار الصرف من الخدمة يتخذ في مجلس الوزراء وليس من قبل رئيس مجلس الوزراء وحده، وإنها كانت قاصرة في التطبيق على الحلقتين الأعلى في الدولة، الأولى والثانية، أي أن تطبيقها كان يقتصر على كبار الموظفين وليس على جميع الموظفين، وفي هذا حكمة لأن الموظف الكبير كان يستطيع إعاقة توجهات الدولة السياسية، أما الآن فهذا غير وارد... حرمان من المعيشة وألاحظ أن المادة 138 طبقت في معظم الحالات على الصغار الصغار من العاملين في الدولة فحرمتهم من معيشتهم وهذا خطأ كبير، وفي كل حال كان على رئاسة مجلس الوزراء، وما يزال عليها أن تقدم إلى مجلس الشعب دراسة وافية دقيقة عن الكيفية التي طبقت فيها المادة 138 منذ صدور قانون العاملين الموحد عام 1985 وحتى الآن، وهذا ما نأمل منها أن تفعله لكي يكون البحث في قانون العاملين بحثاً مستنيراً جاداً. وفي كل الأحوال أصبح القانون اليوم أمام سيادة رئيس الجمهورية وهو وحده له الحق الآن في أن ينظر ملياً في القانون، فإما أن يصدره بالشكل الذي رفع إليه من قبل مجلس الشعب، وإما أن يعيده إلى مجلس الشعب. وثمة نقطة أخرى في القانون وهي أن حق الصرف بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 137 إنما أعطي لسيادة رئيس الجمهورية، بينما بقيت الفقرة الثالثة على حالها، وهي تعطي حق منح الإذن بإعادة استخدام المصروف من الخدمة لرئيس مجلس الوزراء. لقد سها مجلس الشعب عن أنه كان من الضروري تغيير الفقرة الثالثة لكي تنسجم مع الفقرة الأولى. وهكذا أصبح حق الصرف من الخدمة بيد السيد رئيس الجمهورية بينما أصبح حق منح الإذن بإعادة استخدام المصروف بيد رئيس مجلس الوزراء، وهذا أمر غير منطقي أبداً. ألا تعتقدون بأن تحويل هذا الأمر إلى السيد الرئيس هو عبء جديد يضاف لأعبائه؟.. ولماذا الإصرار على مصادرة حق من حقوق السلطة القضائية ليتم وضعه بيد السلطة التنفيذية؟ مادة غير ضرورية يجب إلغاؤها ● هذا عبء إضافي للسيد الرئيس ونظرتي إلى المادة أنها بالأساس غير ضرورية ذلك أن في تقاليدنا الإدارية ما يجعل ممكناً ومباشرة وقف المسيء عن إساءته بأسلوب وضعه تحت التصرف. فإذا كان هناك من يسيء يمكن للوزير المختص وضعه مباشرة تحت التصرف، أي أن ينتزع منه عمله دون أن ينتزع منه راتبه. إذاً إن هذه المادة غير ضرورية على الإطلاق، وفي رأيي الشخصي من المناسب إلغاؤها. هل يجوز بحكم القانون وضع المسيء تحت التصرف بدلاً من تقديمه لمحاكمة عادلة؟ مرحلة انتقالية ● يتم وضعه تحت التصرف ريثما تتم المساءلة القانونية وهو وضع انتقالي لكي يتم البحث فيما إذا كان هذا العامل في الدولة مخطئاً أم غير مخطئ وإذا كان مخطئاً فيستحق العقوبة بالتسريح من الدولة بحكم قضائي، وبالتالي فإن وضعه تحت التصرف كمرحلة انتقالية حتى يبت بأمره، يتيح الفرصة للعامل لإثبات حسن أو سوء نيته. طالما أن المصروف من الخدمة لا يسمح له بأي طريقة من طرق المراجعة أو الطعن أمام أية جهة أو مرجع (حسب الفقرة الثانية) فكيف سيصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بعودة العامل المصروف إلى الخدمة، (حسب الفقرة الثالثة) التي تنص على أنه لا يسمح الاستخدام إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء؟!.. ● عموماً يمكن القول أن المراجعة الإدارية مسموح بها والقضائية غير مسموح بها. والمراجعة الإدارية هي مراجعة شخصية. ولكن القانون لا يتضمن ذلك، وبهذا تصبح الحلول حسب المعارف الشخصية... المظلوم المدعوم يعود إلى عمله، والمظلوم الذي لا يمتلك المعارف الشخصية والدعم يطرد من عمله... فأي قانون هذا؟!.. عودة بالهمس!! ● إذا همس أحدهم بأذن رئيس المجلس من الجهات النافذة ممكن أن يعود لعمله. إذاً فإن أسلوب العودة عن القرار كانت ترتبط بما يحيط برأي رئيس المجلس من مؤثرات وينبغي أن تكون للمراجعة في التظلم من قرار الصرف أصول واضحة ومحددة. أليس من الإنصاف تحويل كافة المصروفين من الخدمة على المادة 85 ـ 138 إلى القضاء لإعادة محاكمتهم من أجل إتاحة الفرصة لهم بالدفاع عن نفسهم وحقهم في العمل لدى الدولة مرة جديدة، والتعويض لهم عن فترة انقطاعهم الإجباري عن العمل. مطالب حقة ● هذه مطالب حقة، يمكن أن يحال المصروفون من الخدمة حسب المادة 85 ـ 138 إلى القضاء، وأن تنشئ الجهة التي صرفتهم لجنة خاصة للنظر في أوضاعهم، تسمعهم وترى إن كان الصرف بحق أو بغير حق، وإذا كان المصروف لم يقتنع يتحول إلى القضاء وينبغي أن يكون هذا الأمر متاحاً للجميع، وأيضاً فإن قبضهم للأموال التي حرموا منها أمر يجب أن يكون متاحاً. ■ حاوره: كمال مراد
#كمال_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصبحون على وطن.. سيرة وانفتحت!..
-
تصبحون على وطن.. «الشبح الغاضب».. وأنا غاضب!!
-
تصبحون على وطن!.. النط.. والنطوطة!!
-
تصبحون على وطن!... الشاة.. والجمل!
-
تصبحون على وطن... عالوحدة ونص!!..
-
الحكومة تسلم زمام الأمور لبائعي الهواء وأصحاب الاستثمارات ال
...
-
تصبحون على وطن!... «اللوتو».. و «اللوك»!!..
-
تصبحون على وطن... «أمورتي».. و «النماء»!!
-
دمشق.. بين المستعمرين والمستثمرين!! تصبحون على وطن..
-
تصبحون على وطن.. ماذا بعد الانتفاخ؟ ..
-
تصبحون على وطن.. البحث عن شهداء ميسلون
-
فرج الله الحلو.. جذوة متقدة
-
النظام المصرفي السوري بين الإصلاح والانفتاح
-
مساطر جديدة.. وفيلم أمريكي طويل..
-
دمشق تحرق الأعلام الأمريكية ـ الصهيونية: حماة الديار عليكم س
...
-
أيها المارون في الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم وانصرفوا
-
المقاومة.. الخيار الوحيد للإنتصار لبنان يحتفل بتحرير أسراه ا
...
-
حول أعمال المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري استعادة ال
...
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|