احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 05:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما أن يجد المثقفون دريئة تصلح في التدريب على الرماية, حتى يشرع القصف عليها جماعيا وبدون تردد, وكأن المطلوب هو مجرد وجود الخصم, حتى وان كانت دوافعهم الفعلية , هي في البحث عن بيئة متطورة , وأكثر إنسانية .
لقد استطاع أعداء الشيوعية والمناهضين لها تمرير مصطلح الشمولية بوصفها خاصية للعالم الشيوعي ومن نتاج وافرازات طبيعة وجوده ؟ ويسوق بعضهم هازئا أمثلة كثيرة و ومن نوع : إذا أردنا أن نعرف ما يحد ث في المكان كذا فعلينا أن نعرف ما يحدث في المكان كذا ...,السؤال أين هي المشكلة ؟!
الأنظمة الشمولية كما صورها أحد أهم فلاسفة العصر(برتراند راسل ) وهي النظام الشيوعي العالمي والنظام الإسلامي , وهذا التحديد الخطير فعلا , هو تحديد موجه تماما لخدمة شموليات أخرى .
روسيا الاتحادية اليوم وبعد زوال النظام الشيوعي المتهم ظلما بالشمولية , ليست أوروبية وهذه نكتة العصر اللا شمولي , ولا أحد ممن يفك الخط وبكل اللغات إلا وعرف أن روسيا هي جزء لا يتجزأ من القارة الأوروبية , بل ان النظام الشيوعي المتهم ظلما بأنه شمولي ولأغراض مشبوهة, لم يقم بشي له أهميته سوى فصل الأوروبي عن القارة القديمة وخلق فضاء عالمي جديد .
لماذا يصر على اعتبار روسيا خارج القارة الأوروبية , بينما ثورة أكتوبر أممت الملكية الإمبريالية الأوروبية , التي كانت تلعب فيها(لعبا) وبحكم انتمائها آنذاك للقارة الأوروبية , لماذا ؟ لأن المصالح الأوروبية وحدها هي التي تقرر الانتماء أو اللا انتماء وهذه مفارقة تستحق التسجيل ,والتناقض فيها واضح وصريح لكل ذي عينين , فحين كانت فرنسا وبريطانيا تصوغان معادن العالم كما يحلو لهما ,وفي ظل نظام إمبريالي عالمي هوا لشمولي حقا كان الشيوعيون الروس وهم أوروبيون لحما وعظاما يعملون بصلابة على تحطيم الشمولية , بل وتنويع لوحة العالم الجديد , وإظهار حقائقه الخفية وراء قعقعة السلاح الإمبريالي .
فمن هو الذي فضح المؤامرة الدولية للإمبريالية الفرنسية والبريطانية غير النظام الشيوعي , وفي الشرق الأوسط الكبير , وذلك ليس ابتداء من الشرق الصغير , بل وصولا الى الهند والصين وأمريكا اللاتينية ...؟
لقد كانت المصادفات التاريخية هي اللاعب الرئيسي في التغيرات الدولية اليوم , فلولا الرصيد الأمريكي الداعم للوجود الأوروبي لكنا أمام تاريخ حديث ,لأن الصراع كان قد احتدم في لحظة تاريخية أوروبية مابين الشيوعية الأممية المتمثلة بروسيا وبين الاشتراكية الوطنية الألمانية ومع الأسف أدى تحالف السوفيت مع الإمبريالية الأمريكية والعالم الديمقراطي الحر وضد خصم كان ينبغي له أن يكون حليفا سوفيتيا , وكان المستفيد هو الشمولي الجديد والقديم وهذه المرة تحت شعار العالم الديمقراطي الحر وهو طبعة جديدة وقديمة , استطاعت إثارة الحنين المسيحي القديم وإعادة إحيائه من جديد ولاشك مطلقا في صحة استنتاج دستويفسكي من أن الكنيسة المسيحية خير من يمثل الإنسان وهي خير بديل عن دول التماثيل والشموع .
الأديان السماوية ومع كامل المحبة والتقدير , وحين تبارك هذا الطرف أو ذاك , فإنها تكون في سلوكها غير محايدة على الإطلاق , بل ومتواطئة ولو كانت غاياتها مثالية مندمجة مع حسن النية ,فالشمولية الشيوعية وربما وصلت بحكم النفاق الدولي الكبير الى مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة الدولة التي لا تنفع , ولكن يبقى الأهم في سلوكها وكونها لا تضر بل لم تبد الاستعداد الى اليوم في إظهار قدراتها على الإضرار بالمجتمع الدولي .وشتان بين من لايبني وبين من يحطم .
.من المفارقات التي عملت على إضعاف المقدرة الشيوعية اقتصاديا , والسوفيتية خاصة , هو الازدواجية السلوكية لأنظمة (قومية أو ثورية ) ,كانت حريصة على التحالف السياسي والعسكري مع الكتلة الشيوعية , بينما تعاملاتها الاقتصادية بالمطلق كانت مع الاقتصاد الإمبريالي , وهذا مما أضعف بشكل عفوي أو مقصود في ضعف النمو الاقتصادي للنظام الشيوعي وعجل تفاقم أزماته , على الصورة الهزلية الشعبية ):( أكلتم خيري وانتخبتم غيري ) .
أومن المثل التراثي التقليدي القائل بوجود جماعات بشكل متناقض , فحيث تكون قلوبهم معك ,فتجد أن أسيافهم عليك وكل تلك الصور لبيان مفارقات تهاوي النجوم وأفولها بشكل إرادي ولكن في اتجاه معاكس للوعي الإنساني .
إذا كان الكل ضد روما فان روما يمكن لها أن تصمد ولكن بشرط حدوث المعجزة والكل يقر ويقبل بان عصرنا المزعوم ليس فيه معجزات .
ما الذي جعل النظام الإمبريالي الجديد الذي كان والى السنوات القريبة الماضية والجنود يهتفون من حنجرته المرعبة :
Iraq ? what is Iraq ? the camel ! the desert !?
وفجأة وإذ يصبح العراق رافعة مفترضة للشرق الأوسط الكبير ؟ وتفتح أبواب الجحيم على شعبه ليحل الدمار عليه بدم بارد! وليصرخ النداء العراقي, يا خليج ونجد الصدى يردد النشيج ليس إلا؟
ويبلغ درجة لا نعرف فيها أي فرق لديهم بين العراق وإيران , وأحيانا مع سوريا كذلك ,وعلى ما يبدو فان الأديان السامية كانت قد شاركت بل وباركت الانتقال السلمي من النظام الشيوعي نحو وضع دولي جديد خارج النظام الشيوعي , وهذا مع فعلته المسيحية شعبيا , وهذا ما قام به يهود العالم وما أيده بقوة النظام ( الإسلامي ) الذي ساد في فترة التعايش السلمي , بل الى درجة التحالف العسكري لإسقاط الأنظمة الشيوعية في البلدان الإسلامية وظنا منهم بأن التحالف سيدوم طويلا .
لقد أتضح جليا بأن الحراك اللا سياسي المزعوم وضد ماسمي بالنظام الشمولي ,وهو حراك شمولي أيضا تحالفي بين الأديان السماوية بزعامة المسيحية التي تحولت الى تراث عميق لشعوب بلدان العالم الديمقراطي الحر ,وقد اندمج في جوهر الشخصية الدولية الشمولية الفاعلة , لقد لعبت الكنائس والجوامع والبيع دورا أساسيا وشكلت تحالفا قاد بشكل خفي وظاهر مرحلة الحرب الباردة , وبعد أن دخلت البشرية اليوم عهد الحرب الدولية على الإرهاب وقع الانفصام بين الحلفاء ...؟!
ولأن المسيحية المدعومة والدا عمة للقوى العظمى التي تقود هذه الحرب , وهي الرابح الأول بدون شماتة , لأن من يلعب أفضل من غيره فمن حقه أن يربح المباراة , ولكن الهياج من هول النتائج ومما يسمى سقوطا للنظام الشمولي كان قد دفع ببعض اللاعبين المشتركين في لعبة الدفع ولو بالقوة الفكرية والعسكرية , الى رفض نتائج اللعبة المذكورة, فقد كان المهم بالنسبة إليهم جميعا هو العمل على إسقاط النظام الشيوعي الدولي والذي كان يقف جدارا عسكريا حاميا للنظام الدولي من الاختلالات الكبيرة التي أصبحت اليوم سمة لهذا العصر .
الجيوش ( الإسلامية ) التي حاربت مع العالم الديمقراطي والحر ,ولا يهمني مؤقتا سوى حالة انهيار الجدار الشيوعي من الخارج , فالجيوش الإسلامية التي صارت دولا صغيرة وفقيرة كأفغانستان مثلا , لم تكن قبل تحقيق أهداف التحالف الذي كان قائما آنذاك رجعية ولم تكن إرهابية والأنظمة الإسلامية عاقلة وتستجيب لمتطلبات النظام الدولي الجديد آنذاك ,
البنية التحتية وبوضوح تام للنظام الشمولي الدولي القائم اليوم وتحت عنوان الحرب الدولية على الإرهاب هي الشمولية المسيحية وسيكون الخاسر فيها الشمولية الإسلامية واليهودية وفي المستقبل القريب ستتوسع الدائرة شيئا فشيئا لتعم الديانات الكبرى ولابد من الإنصاف القول بأن الأديان السماوية الكبرى كانت هي الأنظمة للعالم القديم ما قبل التحولات السياسية الحديثة على الطراز الغربي حكما , وهذا ما يفسر خروجها من الشرق الى الغرب وعودتها ثانية ولو باتجاهات معاكسة فهل سترد البضاعة الى أهلها ...؟! التمر الى البصر ه,والنفط الى الخليج ,؟
احمد مصارع
الرقه-2004
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟