أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر كريم - الانتخابات مهمة و هناك أشياء أكثر أهمية















المزيد.....

الانتخابات مهمة و هناك أشياء أكثر أهمية


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 08:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اهمية الانتخابات
اجل، ان اجراء الانتخابات شيئا فادح الضرورة في عراق ما بعد الاستبداد.
فالانتخابات تضفي شرعية سياسية على نظام الحكم. شرعية مستمدة، حصرا، من سكان البلاد باعتبارهم امة عاقلة. امة تنتخب بنفسها حكومتها وتقيم دولتها. وبفعل الانتخابات تصبح مدخلات النظام السياسي ومخرجاته شرعية. أي ان مناهج الحكم السياسي والعمل الحزبي والصحافة الحرة والقرارات السياسية لن تخضع كلها إلا لسلطة الجمعية الوطنية (البرلمان) والدستور.
بلا شك ستتحقق الشرعية الوطنية بفضل الانتخابات القادمة في العراق. حتى وان تمت والاحتلال الاميركي مخيم على البلاد. اذ المعلوم للجميع ان الانتخابات جزء من عملية سياسية تفضي الى ازالة الاحتلال من بلادنا بالكامل.
ولكن برغم هذا الكثير المهم لصالح ألانتخابات فان ثمة أشياء اهم. لم اكتب، لذلك، كلمة "لكن" في عنوان هذا المقال إذ لو فعلت ذلك لقللت، بلا مبرر، من شأن الانتخابات، بل فضلت حرف "واو" ألعطف والاضافة للاستدراك ان هناك اشياء اهم منها.
فما بعد الانتخابات ليس ثمة شيئا آخر سوى الشرعية يجنيه العراقيون. وهي شرعية تعني اتفاق القوى السياسية الفاعلة على احترام ارادة الناس في الوصول للحكم سلميا اومعارضته سلميا. وأن معارضة الحكومة المنتخبة لا تعني معارضة النظام السياسي للدولة، وهو نظام يتيح للاطراف المعارضة ذاتها ان تربح الجولة القادمة.
ولكن ثمة في العراق جبل من المشاكل.
فالانتخابات- بحد ذاتها- لن تحل مشلكة الفقير العاطل عن العمل. ومشكلة الدخل الواطىء للعائلة. ومشكلة الخدمات الاساسية الممتدة، مشكلة المياه والكهرباء والصحة. ولن تحل ميكانيكيا مشكلة النمو وضعف الانتاج. ومشكلة الهياكل الاقتصادية المفككة...الخ. قد تفلح السياسة الاقتصادية للحكومة المنتخبة في حل بعض هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. ولكنها ربما لا تفلح ابدا. فاختمالات الاخفاق واردة دوما.
سنرى ما بعد الانتخابات، اذن، جدية وحنكة الحكومة الجديدة في تخفيف امراض العراق وقوتها في تهديم جبل المشاكل فيه. ودفع البلاد صوب التقدم والازدهار.
ولكن بغض النظر عن نجاح او اخفاق الحكومة في حل القضايا الاقتصادية والاجتماعية فان هناك اشياء اهم يجب ان تتمسك بها الحكومة والمجتمع المدني وكل القوى الوطنية العراقية تمسكها بأولويات حاسمة. اولويات يجب على الجميع (بغض النظر عن المشارب والميول) المشاركة في تحقيقها لانها الدواء الوحيد ضد شمولية النظام السابق الطائفية. ولأنها تؤمن جوهر نظام الحياة للعراقيين ما بعد الاستبداد، أي استبداد. ولانها تتصل بشدة بتأمين أمن وطني تام لكل ابناء هذه البلاد.
تلك الاولوية الكبرى هي اقامة دولة قانون في العراق. وهي بالذات مهمة الجميع. كل من مستواه.
ماهي دولة القانون؟
لعل مفهومات الدولة والقانون من بين اهم الموروثات الفلسفية والسياسية التي اورثتها حضارتي اليونان وروما لاوربا. يمكن الاشارة هنا الى فكرة ارسطو في حق الجميع بالمساواة امام القانون. في بريطانيا ارتبطت فكرة دولة القانون بتطور مديد لفكرة سيادة البرلمان والقوانين الصادرة عنه. واضحت الفكرة تعبيرا، من جهة، عن مبدأ الحق العام، من جهة اخرى، عن القانون الدستوري.
ويعود مصدر فلسفة دولة القانون بوجهه المعاصر الى المانيا القرن التاسع عشر. فمنذ ذلك الوقت انبثق المفهوم ارتباطا بمجمل تطور فلسفة الدولة وفلسفة الحق. فقد وضع فلاسفة الدولة والقانون الالمان ثقلهم في مفهوم الدولة. واعتبروا ان دولة القانون نمطا متميزا من انماط الدولة. نمط قائم على توصيف محدد لغاية الدولة وخصائصها التنظيمية الاساسية.
وأشار الفلاسفة الالمان ان مفهوم الحق الطبيعي، حق الحكمة العاقلة هو علّة افكار دولة القانون وحقوق الدولة. والحكمة نفسها نتاج لحوار الناس المستفيض والحر وليس مجرد تأملات صادقة لحفنة من رجال القانون اونخب السياسة والثقافة.
ان دولة القانون، اذن، دنيوية ومتحررة من أي تصورات دينية مسبقة. ومن هنا ضرورة تحديد غايات الدولة لتشمل متطلبات اساسية بحتة. فعلى هذه الدولة ان تسهر، قبل كل شىء، على حماية الامن الشخصي للمواطنين وحرياتهم. ويمكن لها ان تقوم بتنفيذ بعض الواجبات الخدمية والتنموية والرفاهية، ايضا. ولكن رغم ان هدف دولة القانون يختلف عن طريقة تجليها التي قد تختلف من بلد لآخر فان علّتها تبقى، بلا شك، حماية حق الانسان في ان يعيش آمنا مطمئنا. ان يمتلك الانسان حرية ضميره، حرية تكوين عقيدته الخاصة، حريته في الاتصال والاستفسار والتحرك والانتقال والتنظيم. حقه في حماية ملكيته وموارده.
وتعني دولة القانون ايضا ان يكون القضاء مستقلا. وان تكون ادارة الدولة والبلاد محكومة بالقواعد وفق مبادىء الشفافية والمسؤولية والمحاسبة. وان تكون الحكومة مقيدة بالدستور ومنتخبة دستوريا. وان يكون هناك تمثيل شعبي. وان القانون فوق الجميع. دوما وفي كل الاحوال. ومقابل هذه الخدمات الملزمة التي تقدمها الدولة للناس فانها تحصل على اثمن ما يقدمه الناس للحاكم: الولاء الوطني. هذا الولاء الذي يضمن لحمة جل المواطنين. ويضمن انتماءهم لذات الاطار السياسي. ويضمن استقرار الحكم. وهذا الاستقرار وذلك الولاء الوطني هو اقصى ما تتمناه الحكومات المعاصرة. دول القانون، اذن، تؤمن الخير للحاكم والمحكوم على قدر واحد.
وبعد كل شىء فقد أكتسبت دولة القانون عبر المواثيق الحقوقية للامم المتحدة بعدا ماديا وعالميا متينا.
باختصار، دولة القانون هي علاقة صريحة بين القانون والادارة والفرد. علاقة مبنية على حق المشرع في اتخاذ ما يرتأي من القوانين. وحق الفرد ان يكون محميا، كليا من أي تجاوزات على حريته وأمنه. وان أي تحديد لحرية الانسان يجب ان تكون شرعية قانونا. وان أختيار مجلس المشرعين (المجلس الوطني او البرلمان) يجب ان يتحقق ديمقراطيا، بقانونية الديمقراطية، وعدالة القانون.
دولة القانون في العراق: اولوية رقم واحد
العراق مريض في كيانه. أو هو بناء اوقعته الشمولية الطائفية وحروبها وكوارثها في مهاوي المرض وسياقات التفكك. كان مريضا باللاعدل ومنهكا بالاحتكار وهذا ما قاد البلاد للجوع. كان العراق مطية لشرعة الغاب وآفة الطغيان. كان مبتليا بهيمنة اللاقانون الذي قاد للحرب والدمار. فاللاعدل السياسي والاحتكار والاستبداد هي وجوه مختلفة لجوهر واحد، علة واحدة أوقعت العراق في سياقات التفكك والهاوية. سياقات هددت وتهدد صخورها المتساقطة كل سكان هذه البلاد في استقراراهم وامنهم، في كرامتهم وفي مستقبلهم.
وفي الطريق الى ان يكون هذا العراق بناء جميلا لابد، اصلا، من تشييد اساس بنيان ما بعد الطغيان. وليس ثمة اساس آخر للبنيان سوى مؤسسات تحترم فيها وعبرها وبفضلها حقوق الانسان وكرامته. حرياته ومعتقداته. مؤسسات تؤمن تطبيق القوانين بالزام الجميع، بلا استثناء، على احترامها. وتفعيل الدستور. مؤسسات تضمن مساواة الناس السياسية وفرصهم، افرادا وفعاليات، في العمل والحياة، في السياسة وفي أي مجال آخر.
لن يقوم مثل هذا الاساس بدون بذل الجهد الوطني للقضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية والمنسوبية. فهذه الامراض هي العثث الكبرى المتفشية في نسيج الدولة. وهي كعب اثيل التغيير السياسي. وهي اصل أي انتاكسة متوقعة، لا سامح الله . ولن يقوم هذا الاساس، ايضا، بدون ترسيخ سيطرة الدولة على ادوات العنف وقنواته عبر مؤسسات الجيش والشرطة والامن. وبدون حل الميليشيات المسلحة القائمة.
ان مهمة اقامة دولة القانون في العراق هي المسؤولية رقم واحد الملقاة على عاتق القوى السياسية ما بعد الانتخابات. وان مهمة الترويج لفكرة دولة القانون الوطنية بين اوساط الناس هي احدى المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتق المثقفين العراقيين. وان المطالبة بتثبيت قواعد دولة القانون هي احدى المسؤوليات الرئيسية للمجتمع المدني.
فاذا اجتمعت هذه القوى الكبرى، الحكومة ونخب المثقفين والنشطاء السياسيين ومكونات المجتمع المدني على رفع دولة القانون الى اولى الاولويات يمكن لسكان هذه البلاد، عندئذ، ان يتوقعوا حقا نشوء مجتمع عادل وآمن في العراق.
قد تفضي الانتخابات الى ترسيخ الاستقرار السياسي في العراق ولكنها لن تقضي على اسس الجور والقمع والعنف الاستبداد. لا بديل، لذلك، سوى دولة القانون. ولن ينتج عن غيابها سوى الفوضى والفساد والتخلف.



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ان قدر فكر اللبرالية في منطقتنا ان يكون تابعا او عدميا؟
- لا خير في بوش بعد اسقاط صدام حسين
- حتى لا يخرب الدفاع الاعمى عن سياسات بوش روح اللبرالية: ردا ع ...
- تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات الس ...
- نحو اعادة تقييم انقلاب 14 تموز 1958 في افق الديمقراطية والاص ...
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 2-2
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 1-2
- نحو اعادة تقييم المجالس التمثيلية في العهد الملكي
- هل سيتحقق مشروع الدولة الوطنية في العراق يوما ما؟
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- ما تأثير الراسمالية والطبقة الوسطى في انجاح الانتقال للديمقر ...
- اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر كريم - الانتخابات مهمة و هناك أشياء أكثر أهمية