2083 ج 6

محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ما زاد دهشتي أن الناطق والقارئ بالعربية لا يحب أن يطلع على أفكار الإرهابي النرويجي إلا القلة القليلة جداً، وأني لأراه مؤشر خطير جداً، ودليل على عزوف القارئ العربي عن هكذا معرفة.
فهو يدلني مثلاً على انكفاء العربي على نفسه، والذي قد يكون غروراً منه بها وبقدراتها، أو ظناً منه أنه بعيد عن الحاجة لكذا معرفة.
أما بالنسبة لي، فأني أعتبره مؤشر على ضعف اهتمامات القارئ العربي، ودليل على قلة اطلاعه على ما يدور في العالم، حتى ولو كان الأمر يمسه بطريق أو بآخر، وعدم وجود الاندفاع الذاتي لزيادة المعرفة والوعي لديه، وأخيراً وليس آخراً عدم وجود الرغبة الحقيقية بتغيير حاله، والتي تقود بالضرورة لتغيير نمط وسلوك المجتمع كمجموعة.
أتذكر عندما كنت في ليبيا، حيث كان لي صديق، أسمه بلقاسم محمد بلقاسم، حيث قال لي يوماً، أنه في سبعينيات القرن الماضي، وعندما كانوا يمثلون فلم الرسالة بنسختيه العربية والانكليزية، في واحة أوجلة التي يعيش فيها صديقي، والتي لا تحوي الى يومنا هذا سوى شارع واحد مكسى بالقار، كان ينزل أحيانا بعض الممثلين لمركز الواحة من مدينة انتاجهم التي بنوها خصيصاً للفلم، وكان في يوم أن نزل الممثل العالمي الايطالي الاصل أنتوني كوين الى مركز واحة أوجلة، ولم يهتم به أحد، بل وزادوا الطين بلة أنهم ضايقوه بحجزهم سيارته بين مجموعة من السيارات الواقفة، دون أن يعطوه مجالاً ولو ضيقاً، حتى يستطيع اخراجها والعودة لمكان عمله.
فاضطر على اثرها انتظارهم، حتى حضر احدهم، وسمح له بإخراج سيارته ذات الدفع الرباعي، حينها قال أنتوني كلمة، ما زال صديقي يذكرها دائماً في هكذا مواقف، حيث قال :
أما أنكم فاهمون ومثقفون لدرجة عالية جداً يا أهل أوجلة، حتى أنكم لا تهتمون بوجود أنتوني كوين بينكم؟!
أو أنكم لا تعرفون شيئاً عن العالم وما فيه، حتى أنكم لا تعرفون من هو أنتوني كوين الذي يعيش بقربكم ؟!
تذكرت هذه المقولة لأني لم أجد تعليقاً واحداً يسأل عن معنى عنوان هذه السلسلة؟ ولم سميتها 2083 ؟ ولو همساً.
لا أقول كلماتي هذه طعناً بالقارئ الكريم، ولكن بنفس الوقت هو حزن كبير لعدم وجود رغبة بالمعرفة.
فلا عيب يذكر بعدم المعرفة، ولكن العيب، كل العيب، أن ندعي المعرفة، ونحن نجهلها.
و ليس العيب أننا لا نعرف، و لكن العيب، كل العيب، أننا لا نعترف بأننا لا نعرف، و لا نسأل حتى نعرف، لأننا و بدواخلنا قد تأقلمنا على أن الجاهل فقط من يسأل، والجاهل هنا لا نعنيه بعدم المعرفة فقط، بل نقصد بها الاهانة الشخصية للسائل.
بينما أنا أرى السائل شخصاً محباً للعلم والمعرفة، وأن سؤاله لا ينقص من قيمته الشخصية والمعنوية شيئا، و أظن فيه حبه ورغبته في تطوير معارفه ومداركه، عكس الصامت، الذي لا يريد أن يتعلم، أو أنه لا يريد أن يتعب نفسه بالبحث عن المعلومة، وهو يريدها أن تعطى له هكذا، على طبق من فضة.
وهي نفس طريقة التعليم في بلداننا الناطقة بالعربية، فالتعليم فيها تلقين، وليس به بحث وتعب، عدا الحفظ والسماع، وترديد ما قيل.
بينما التعليم في بلدان الغرب، يعتمد على البحث والتقصي، والمعلم لا يعطي كل شيء، بل على المتلقي البحث للوصول للمعرفة الكاملة.
لذا فأني لن أتحدث عن سبب اختيار اسم المجموعة هذه الآن، وسأتركه لمقال قادم، عسى أن أجد من يتبنى الاسلوب الحديث بالتعلم والمعرفة، و يجيب على تساؤلي، أقلها للقراء الآخرين.
أعود لموضوع الإرهابي النرويجي، ففي تقرير لصحيفة أفتن بوستن النرويجية تقول فيه، أن رئيس الوزراء البريطاني كلف سكوتلاند يارد بمتابعة دقيقة لمتطرفي اليمين البريطانيين، وسبب ذلك أن الارهابي النرويجي ذكر في بيانه أن لديه معلم أو موجه بريطاني، وأنه اشترك في لقاء في لندن عام 2002 مع جماعة تسمي نفسها فرسان الهيكل، وحينها التقى بالمعلم، والذي يسمي نفسه ريتشارد، تيمناً بالملك ريتشارد قلب الأسد Richard Lionheart.
وهذا طبعاً استدعاء لتأريخ الحروب الصليبية و روحها، ففرسان الهيكل معروفون بمدى حرصهم و اصرارهم على شن تلك الحروب والمشاركة فيها، و الملك ريتشارد قلب الأسد معروف أيضاً بتأريخه وجمعه للجيوش الجرارة وغزوه لفلسطين.
و ذكرت صحيفة الديلي تلغراف أن الشرطة البريطانية تتابع آثار مدون آخر، يسمى نفسه قلب الأسد، وأنه ذكر بمدونته أن الجنود المسلمين يريدون احتلال أوربا، واعادة حضارتها الى ما كانت عليه في العصور الوسطى.
وكتب مضيفاً:
الله يريد منا احياء ترتيب فرسان الهيكل القديمة، وأن يحسبني من الشهداء في خدمة الله، لحماية العالم المسيحي واليهودي.
وحسب الصحيفة فأن اسم المدون الحقيقي هو Paul Ray ، وهو من مدينة بد فورد شاير، وهو يعتبر نفسه حسب أقواله من مؤسسي رابطة الدفاع الانكليزية اليمينية المتطرفة English Defence League .

محمد الحداد
20 . 08 . 2011

#محمد_الحداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات