كلمة الاذاعة 26/8/2002
اثارت تصريحات وزير الدفاع التركي صباح الدين جكماك اوغلو اخيراً، والتي ادعى فيها ان لبلاده مصالح ستراتيجية في شمال العراق، بما في ذلك مدينتا الموصل وكركوك، وان بلاده ستقف في وجه "اية محاولة لاقامة دولة كردية"، اثارت ردود فعل غاضبة واستنكاراً واسعاً في اوساط شعبنا العراقي وعلى الصعيدين العربي والدولي.
فهذه التصريحات وهي تكشف اهداف المسؤولين الاتراك ونواياهم المعادية لمصالح شعبنا وبلادنا، تفضح ايضاً ما يكمن وراءها من الاطماع التركية المقبورة والمساعي لارجاع التاريخ الى الوراء.
كما انها تشكل تدخلاً فظاً في الشؤون الداخلية لبلادنا، وتهديداً سافراً لسيادتها وامنها، وخرقاً فاضحاً للمواثيق والعهود والاعراف الدولية، وصباً للزيت على نار الصراعات الدامية في المنطقة.
واللافت للانتباه والمثير للاستنكار في الوقت نفسه، هذا الموقف المخزي والمتواطئ من جانب الحكام في بغداد، ازاء تصريحات الوزير التركي العدوانية والمهددة لوحدة اراضي بلادنا. فقد جاء الرد عليها في الايام القليلة الماضية بزيارة "ودية" قام بها وزير تجارة النظام محمد مهدي صالح الى انقرة، واعلانه فيها عن صفقة تجارية ضخمة جديدة مع تركيا، وكأنه يكافئ المسؤولين الاتراك على عدوانيتهم الصارخة ويطمئنهم الى ان اطماعهم قابلة للتحقيق!
وليس في هذا الموقف من غرابة، اذا ما عرفنا حقيقة النظام الدكتاتوري، الذي فرط على الدوام بسيادة وطننا، وعقد مع انقرة الصفقات التجارية والاتفاقيات الامنية منذ اكثر من عقدين من الزمن، تلك الاتفاقيات التي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الاراضي العراقية، اينما شاءت ووقتما شاءت، وهو ما فعلته لمرات عديدة ولا تزال.
ان العراقيين بمختلف انتماءاتهم القومية، من العرب والكرد والتركمان والكلدواشوريين غيورون على وحدة وسلامة الاراضي العراقية، حريصون على صيانتها، وهم يناضلون مع القوى الوطنية المعارضة من اجل البديل الديمقراطي الفيدرالي في عراق موحد الارض وكامل السيادة.
اما الادعاءات برغبة الكرد في الانفصال فليست سوى تهمة باطلة، لا تمت الى الواقع بصلة، ولا يريد الحكام الاتراك من ورائها سوى اخفاء اهدافهم العدوانية من جهة، وحرمان الشعب الكردي في تركيا وعموم المنطقة من حقوقه المشروعة.
ان من الواجب ، خاصة في ظل الظروف المعقدة والخطيرة، التي تمر بها اليوم بلادنا وعموم المنطقة، فضح وادانة المطامع التركية ببلادنا والتصدي لها، والضغط من قبل المجتمع الدولي والهيئات الدولية على الحكومة التركية للكف عن التدخل في شؤون بلادنا الداخلية، وعن اطلاق التهديدات العدوانية ضد سيادتها وحرمة ووحدة اراضيها.