|
العلمانية والجهل
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1030 - 2004 / 11 / 27 - 08:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلمانية او كما يطلق عليها تعريبا بالد نيوية هي من اكثر المصطلحات المثيرة للغط والجدل في هذه الايام المباركة لدى هذه المجموعات البشرية المخدرة بالغيب والدجل والشعوذة الفكرية والتي تكتنز الخرافة والجهل والاساطير في مجرات لامتناهية من الضخ الاجوف لفكر بائد ونافق ومنته الصلاحية المكانية والزمانية. ولن نغوص كثيرا في تاريخ ونشأة وتطور هذا المفهوم وهذا ميسير وسهل المنال وسنحاول قدر الامكان تناوله بكثير من البساطة والايجاز .وقد تعرض هذا المصطلح القادم من افاق النور ورحاب الحرية وموئل الليبرالية لكثير من الهجوم والنقد والتكفير احيانا كثيرة على ايدي فقهاء الظلام وبائعي الاوهام المستحيلة في المتاحف التي تغص بالكثير من المومياءات المستسلمة لاقدارها. وقد اصغيت ذات مرة لمتفوه طائش في مجلس شمولي محنط- شاءت الاقدار وحظي العاثر أن اكون فيه ذات يوم لاهب- وهو يشتم ويلعن ويقدح بالعلمانية في نوبة هيجان هستيري منفلت من كل عقال معتبرا اياها اشد كفرا ونفاقا وزندقة من اليهود والنصارى-الذين استخرجوا له النفط العربي الخفيف والثقيل والذي يعيش بنعمته الان- والفئات الضالة الاخرى التي لاتفكر مثله وبالتالي ليس لديها نفس حشوة راسه النادرة وجاحظا بعينيه المحمرتين حقدا وغلا وتشفيا.وعندما تظاهرت بعدم فهمي لهذا المصطلح الشائك والعصي عن الفهم- لانني لست متفوها ومتفقها مثله – ارغى وازبد وانتفض وغاص مرة اخرى في نوبة جنونية من القدح والذم والسباب أدركت معها حينذاك كم هو جاهل ومسيس ومسير ويهرف بما لايعرف. فلقد اصبح اي مفهوم جديد او اتجاه عصري او منحى ليبرالي تحديثي هدفا للنبال السامة من اصحاب العمائم بكافة الوانها القوس قزحية لانه ببساطة قد يسحب البساط من تحت اقدامهم وينهي الوكالة الحصرية الممنوحة لهم منذ ان انطلقوا يبشرون بثقافة السيف والدم وقطع الرؤوس والاستئصال.انهم يهاجمون اي جديد مثل ما هاجموا الافغاني ومحمد عبده وطه حسين في وقت ما- رغم انهم مسلمين لايشك احد بايمانهم- وكما هاجموا ويهاجمون الماركسية والشيوعية والقومية والعولمة والحداثة وحتى البعثية طيبة الذكر في وقت لاحق.ولو سألت احدهم عن الجدلية التاريخية لاعتقد انها مسرحية هزلية للمرحوم شكسبير لامرأة لها جدائل تبيع الخمر في حانات الكفار.انهم يهاجمون كل شيء دون ادراك المضامين المعرفية والمحتويات الحقيقية لهذه التيارات الفكرية والسياسية التي نمت وترعرعت في مجتمعات وبيئات صحية وكانت نتيجة حتمية لتطور تاريخي واجتماعي واقتصادي وسياسي راق ومتدرج والذي لم ولن يعترفوا به بما أن الزمن قد توقف في مرحلة ما ومكان ما ولا مجال لمحاكاته أواعادة انتاجه ابدا.ولقد بدت العلمانية لكثير من الاسباب سنعمل على سردها تباعا- ومن مجال ملموس وواقع حياتي معاش يوميا ومتطور تجريبيا وارتقائيا لا باسلوب سفسطائي ممل ومميت ومقيت وتهريج اعلامي مبهم واستعراض مضحك للعضلات الثقافية- بانها الاسلوب الامثل حتى الان في صهر مجتمعات بشرية متباينة الاعراق والالون والاديان-كما هو في الغرب عامة- في بوتقة متناغمة يحكمها قانون وضعي عام وعادل كان هو الاخر محصلة طبيعية ومنطقية لتطور هذه الشعوب والمجتمعات.فالعلمانية في الغرب مثلا هي التي اتاحت لملايين المسلمين-الفارين على ظهور القوارب احيانا من دار الايمان- من ان ييمموا شطر هذه البلاد ويدخلوها سالمين بكل امان واطمئنان لعلمهم اليقين بان احدا ما لن يسألهم عن دينهم وعقيدتهم وقبيلتهم وطائفتهم وعشيرتهم وبطنهم وفخذهم- وبقية الاعضاء الاخرى التي يسمو هذا المقام المتمدن المنزه عن ذكرها- ويبحث ويفتش في جيناتهم الوراثية والى اخر القائمة الرذيلة لعملية الفرز العنصري الاجرامي المبطن والتي لم تعد موجودة الا في بلاد بني العربان درر اخر الزمان وعجيبة العصر والاوان. والا فما معنى ان تصل امرأة مهاجرة من اصل افريقي- بقدراتها الاكاديمية الخارقة وتميزها العلمي ودأبها وشجاعتها الأدبية وتفانيها في عملها واولا واخيرا وهو الاهم بانها تحمل صفة المواطنة الامريكية تلك الحصانة المقدسة للجميع - لمنصب وزيرة الخارجية في اعرق الديمقراطيات واعظم الامم التي انتجها التطور البشري على مر العصور وحتى الان. وان يكون رالف نادر اللبناني الاصل احد ثلاثة مرشحين لاهم وظيفة في مطلع القرن الواحد والعشرين .لا منصب وزير متعيش في وزارات وحكومات مخابراتستان وقمعستان وعهرستان اكل الدهر عليه وشرب و.....و..... وكل مواهبه هو الطاعة العمياء للسلطان الاوحد والابتسامات الصفراء امام الكاميرات.اوسفير سام مفوض فوق العادة تراه متكرشا ومنتفخا لايتمتع بادنى مستويات المعرفة العلمية او اللباقة الانساتية يحتل موقعا ابديا سرمديا - بفضل جينانه الوراثية النادرة- فقوانين العلمانية السائدة في امريكا- والتي يحاول بن لادن تدميرها-هي التي سمحت لملايين المسلمين المهاجرين من ممارسة طقوسهم وعلى الملأ وبنت لهم المساجد ووفرت لهم المنابر واعطتهم حرية الكلمة والحركة والتواصل روحيا مع اوطانهم الام بكل سلام واطمئنان وتحت حماية ورعاية القانون الذي وضعه رواد علمانيون يؤمنون بعظمة الانسان وقدسية الحياة البشرية . ولولا فاجعة الغباء الارعن في الحادي عشر من سبتمبرلشهدنا ولادة اكبر مسجد في العالم في بلاد العم سام كما كان مخططا له. وهذا دليل اخر على انفتاح العلمانية وتسامحها مع الجميع.ان العلمانية المتمثلة باحد اهم مبادئها وهو الدين لله والوطن للجميع هي التي اتاحت لكثير من ابناءنا وبناتنا بالوصول الى البرلمانات والوزارات وحتى القصور الرئاسية في بلاد الاغتراب كما حصل في امريكا الجنوبية ومثال كارلوس منعم مايزال حيا وقريبا وماثلا في الاذهان دون ان يتجرأ احد ما ان يشير الى اصله او فصله او دينه وعقيدته لان في ذلك جريمة خطيرة يعرف الجميع تفاعلاتها القانونية. فيما يحاول رعايا قمعستان المساكين جاهدين عبثا اثبات انتمائهم وولائهم لارض اجدادهم ويعيشون يوميا هاجس نزع و تجريد تلك الجنسيات المميزة والفريدة التي ترفع الرأس. وفيما يحاول بعض الوافدين دونما جدوى بناء ولو نفق بوذي يمارسون اليوغا الهادئة امامه بخشوع وصمت ودون ضجيج.ولو استمعنا الان الىالابواق الاعلامية المختلفة المنطلقة من قمعستان وما تبثه من عويل ونواح وعواء مخز وتشهير عنصري استئصالي اجرامي وعلى عينك ياتاجر - برعاية قانونية طبعا وتسبيل عيون متعمد من اصحاب الشان حماة الحمى وولاة الامر الامناء - لادركنا حجم الكارثة وعمق الشرخ وفي اية حقب ظلامية نعيش. ولقد كانت العلمانية وقوانينها الانسانية ايضاوفي الغرب خصوصاهي الحامي الوحيد لكافة الاقليات العرقية والقومية والدينية ولقد استفادت الجاليات العربية والاسلامية من ذلك وحصدت الكثير من الميزات والتسهيلات وتمتعت بكثير من الحقوق وكدست الثروات وارتقى كثير من ابناء هذه الجاليات الى مناصب ووظائف ودرجات علمية لايحلموا بها في بلادهم.وظل القانون العلماني سندا ورفيقا لهم وفيتو مشهرا حاميا لهم من اية دعوات عنصرية اوقومية او دينية او شوفينية والتي لاتخلو منها اية مجتمعات بطبيعة الحال وبسبب الهامش الواسع في ان تفكر كما تشاء ولكن في نفس الوقت دون ان تصيب احدا بسوء . وللبحث صلة. نضال نعيسة كاتب وصحفي سوري
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجتمعات الاقصاء الشامل
-
وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|