|
ضباط يوليو52وثوار يناير2011 بين الحقيقة والوهم
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 11:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى علم النفس مصطلح (الإيحاء) سواء فعله الشخص فى نفسه أوفعله آخرفيه. وهوما فعله الإعلام الذى يعتبرمصلحته فى (الإعلان) أهم من الوطن. عزف الإعلام نشيد التضليل بطرح سؤال عن العلاقة بين ضباط يوليو52وثواريناير2011 وباستخدام الإيحاء كانت صيغة السؤال : ماهى العلاقة بين الإثنين ؟ ولوأنّ الصياغة محايدة فإنّ السؤال هو: هل توجد علاقة بينهما ؟ فهذه الصياغة تحتمل الوجود أوعدمه ، بينما الأولى توحى بحتمية العلاقة. وهكذا يقع من تلقى السؤال فى الفخ . وكى يبدوأنه (العالم العلامة) يُسهب ويُسهل فى الكلام الذى تنفيه الوقائع . نادى شعبنا فى يناير2011 ب (الحرية) هذا المطلب (وحده) يقطع بأنّ انقلاب يوليووثورة ينايرنقيضان. فالضباط وهم يضعون (أساس) ترسانتهم الدكتاتورية قرّروا يوم 10 ديسمبر52 إلغاء دستورسنة23الذى وضع لبنة النظام البرلمانى ، وبدلا من تعديل بعض مواده التى أعطت بعض الصلاحيات للملك ، لجأ الضباط إلى الدساتيرالتى منحتْ رئيس (الجمهورية) صلاحيات أكثرمن صلاحيات الملك. ثم كانتْ القفزة الكبرى نحو(دمج) السلطتيْن التشريعية والقضائية فى السلطلة التنفيذية التى هى الرئيس وحده. ثارشعبنا ضد مبارك لهدم منظومة (السلطة المطلقة) فهل ابتدع مبارك هذه المنظومة أم ورثها عن السادات الذى ورثها عن عبدالناصر؟ (أنظرمذكرات ضباط يوليو: خالد محيى الدين ، عبد اللطيف البغدادى إلخ) وإذا كانت الديمقراطية تعنى تعدد الأحزاب ، فمن ألغاها ؟ هل هومبارك والسادات (فى شكلها الديكورى) أم عبدالناصر(دون تجميل) ذكرأ. طارق البشرى (لم يكتف نظام يوليوبتصفية الأحزاب والجماعات السياسية المعارضة.. ولكنه وجّه نيرانه الكثيفة إلى الأحزاب الشعبية فى الثلاثينات والأربعينات) (الديمقراطية ونظام يوليو- كتاب الهلال- ديسمبر91ص 151) وإذا كان مبارك ملأ المعتقلات بالشرفاء من أصحاب الرأى ، فمن الذى بدأ ؟ لم يكتف عبدالناصربخصومه الأساسيين من شيوعيين وليبراليين ووفديين ، وإنما استدارإلى رفاقه الذين طالبوا (بتكوين قيادة جديدة عن طريق انتخاب حرمن الضباط) والعودة إلى الثكنات لاقامة حكومة مدنية إلخ كان الرد اعتقال هؤلاء الضباط ووصل الأمرلدرجة التعذيب الوحشى كما حدث مع المقدم حسنى الدمنهورى (نموذجًا) بسبب ميوله الليبرالية الواضحة التى لاتعرف المهادنة أوالمداهنة (طارق البشرى- المصدالسابق ص 154، 156، 327) وإذا كان مبارك اعتبرالعمال هم الخطرالحقيقى على عرشه ، ودبّرنظامه أبشع مذبحة لهم فى المحلة عام 2008 فالذى بدأ هذا المنهج هم ضباط يوليوبمذبحة دنشواى أغسطس 52لعمال كفرالدوار، التى انتهتْ باعتقال المئات واعدام شابيْن صغيريْن (مصطفى خميس ومحمد البقرى) وبعد المذبحة تم عقد مؤتمرعمالى ، طلب فيه العمال الافراج عن عمال كفرالدوار، فثارأنورالسادات وقال إنه (سوف يُعلق المشانق فى شبرا الخيمةعلى أبواب المصانع إذا حدث أى تحرك من العمال) (طه سعد عثمان- خميس والبقرى يستحقان إعادة المحاكمة- ص 35) وذكرأحمد الجبالى فى كتابه (العمال فى الحركة الشيوعية) أنه وعدد من زملائه التقوا عام 53بعد اضراب عمال الشوربجى بالمسئول عن المخابرات حينذاك وهو(الضابط) وفاء حجازى الذى قال لهم (لقد أعدمنا خميس والبقرى ونحن مستعدون لإعدام مليون لتعيش الثورة) (نقلا عن فوزى حبشى- معتقل لكل العصور- دارميرت للنشرعام 2004ص120) هذا الضابط الذى هدّد بإعدام مليون إنسان مصرى شريف من أمثال خميس والبقرى ، تمتْ ترقيته ليُصبح (بقدرة الضباط الخارقة) دبلوماسيًا ويشغل منصب (السفير) ليُمثل مصرفى أوروبا . وإذا كان السادات سخركثيرًا من اليساروالليبراليين ووصفهم ب(الأفندية الأرازل) وأنهى حكمه باعتقال 1536من كافة التيارات ، وإذا كان مبارك تظاهرفى العلن بأنه يستمع إلى (المثقفين) فإنه كشف نفسه عندما لم يحتمل كلمة صادقة أطلقها المرحوم محمد السيد سعيد فى معرض الكتاب ، عن تقريب الفجوة بين الفقراء والأغنياء ، فسخرمنه مبارك وطلب من معاونية بعمل (أسانسير) لهذا التقريب ، ومن بعدها تم منع د. محمد من حضوراجتماعات معرض الكتاب إلخ ، هذا العداء (للأفندية الأرازل) بدأه عبدالناصربنقل 54أستاذ جامعى عام 54إلى وظائف أخرى بسبب ميولهم الليبرالية ، تمهيدًا للاعتقالات المتعاقبة والتى كان أشهرها وأبشعها حملة الاعتقالات الواسعة ضد الشيوعيين مع فجرعام 59، وهى الحملة التى مهّد لها عبدالناصرالذى ردّد مقولة وزيرالخارجية الأمريكى بعد حرب 56(لقد انتهت المعركة مع الاستعمار، وبدأتْ المعركة مع اليسار) وترجمها هيكل فى مقال شهيرفى (أهرامه) (على الشيوعيين أنْ يضعوا أقفالا على أفواههم وإلاّ) (فخرى لبيب – الشيوعيون وعبدالناصر- جزءان- أكثرمن صفحة) بعد ثورة ينايراكتشف الثوارأنّ الرصاص الحى إلخ صناعة إسرائيلية وأمريكية ، وهوما فعله ضباط يوليو، وأدوات التعذيب كانت أمريكية. وذكرد. فخرى لبيب (كان الضرب بالفلكة وتقييد المعصميْن بقيد حديدى أمريكى يضيق بصورة آلية مع أى حركة مهما كانت محدودة فيُمزق الجلد واللحم) وأنّ التعذيب كان أشد وأنكى من عصرالاستعمار، وأنّ ضباط المباحث كانوا يتلقون تدريباتهم فى أمريكا. وأنّ التعذيب (بلغ آفاقا تجاوزت ماوصلتْ إليه المعتقلات النازية) (المصدرالسابق فى الجزءيْن) أى أنّ الدولة البوليسة فى عصرمبارك هى إمتداد للسادات الذى هوإمتداد لعبدالناصر. وحرص مبارك على (عسكرة المجتمع) بوسيلة تعيين العسكرفى الوظائف المدنية (محافظ ، رئيس مدينة، رئيس حى ، رئيس مؤسسة إلخ) ووصل الأمرإلى نقل الضباط إلى وزارة الخارجية بعد شهورمن انقلاب يوليو. وذكرأ. جميل مطرأنّ (وكيل وزارة الخارجية كان أحد كبارضباط مكتب المشير، وكذلك كبارالعاملين فى مكتب وزيرالخارجية. كلهم باستثناء المدنيين من صغارالدبلوماسيين والإداريين من العسكر، وعدد منهم أقرباء لضباط مكتب المشير (حكايتى مع الدبلوماسية- كتاب الهلال- إبريل 2002ص20، 21) ونقل أ. طارق البشرى عن محمد فوزى أنه تم التنسيق بين وزارة الحربية والمخابرات العامة ومباحث أمن الدولة ووزارة الحكم المحلى (لإتمام السيطرة العسكرية على المحافظات وتعيينهم رؤساء مجالس إدارات وأعضاء فى أغلب مؤسسات وشركات القطاع العام وتعيين بعض الضباط سفراء فى الخارج. ثم السيطرة على المدارس الثانوية والجامعات. وعبدالناصرالذى سحب قوات الأمم المتحدة فى شهرمايو67 وروّج إعلامه إلى أننا سنشرب القهوة فى تل أبيب ، إذا به كما ذكرمحمود رياض فى مذكراته أنه (فى صميم هذه الأزمة طلب المشيرمن عبدالناصرأنْ ينقل إلى وزارة الخارجية عشرة من قيادات الضباط ، وكان فى مقدمة هؤلاء اللواء أحمد إسماعيل الذى قاد فيما بعد حرب 73ووافق عبدالناصر، دون اعتراض من وزيرالخارجية محمود رياض) (مصدرسابق – ص353، 355) أى أنّ مبارك لم يخترع الدولة البوليسية ولم يبتدع أسلوب (عسكرة المجتمع) لضمان الولاء لذاته ولنظامه لاستمرارثنائية القمع والنهب. والذين تباروا فى الرد على سؤال الإعلام ، تمادوا فى اعتساف وجود تشابه بين انقلاب يوليو وثورة يناير. ولأنهم وقعوا فى (مصيدة) الإيحاء بوجود علاقة ، تجاهلوا رمزاختيارشباب الثورة ليوم25يناير، فهذا اليوم فى عام 52كتب فيه الجنود والضباط صفحة ناصعة فى تاريخ مصر، إذْ أثبتتْ الشرطة المصرية أنّ ولاءها لمصر، وليس للمستعمرأوللقصر، فإذا بنظام يوليويسطوعلى هذا اليوم وينسبه لنفسه ، رغم تحول الشرطة من جهازلأمن المجتمع إلى جهازلحماية النظام . وإذا كان نظام يوليو رضخ لسياسة أمريكا وبلع (طُعم) المعونة الأمريكية (المنطقة الرابعة- نموذجًا) وبدأ سياسة تدميرالزراعة المصرية (تفتيت الرقعة الزراعية - نموذجًا) وبناء المصانع على أجود الأراضى الزراعية (حلوان ، القليوبية إلخ) فإنّ ماحدث فى عصرمبارك هوالمعول الأخير، حيث سمح لأعضاء مجلس الشعب ولرجال الأعمال بتجريف الأراضى الزراعية ، بل وبناء المنشآت الحكومية عليها ، فى حين أنّ الصحراء على بُعد (فركة كعب) لذلك فإنّ الفلاحين الذين شاركوا فى ثورة يناير، كان مطلبهم الأساسى حماية الزراعة المصرية من الانهيار، وأنّ هذه الحماية لن تكون إلاّبدعم الفلاح كما تفعل كل الدول المتحضرة. فأى تشابه بين نظام تعمّد تدميرالزراعة وثواريُطالبون بإنقاذها من الانهيار؟ حكى جميل مطرأنّ سفيرمصرحمل رسالة من عبدالناصرإلى رئيس جمهورية الأرجنتين وتكليفه (بمهة إنقاذ مصرمن الجوع) إذْ حدث (انحسار فى الانتاج الزراعى . وبنهاية عام 64وأوائل 65كانت حاجة مصرإلى مواد غذائية خاصة القمح حاجة شديدة) اعتذرتْ الأرجنتين ، ألحّ الوفد المصرى . انتهتْ المهمة بفضيحة طرد الوفد المصرى من الأرجنتين (مصدرسابق- أكثرمن صفحة) فبدلا من تطوير الزراعة والاعتماد على الذات ، تم تبديد أموالنا وقتل شبابنا فى اليمن إلى آخركوارث المشروع العروبى لتدميرمصركلها وليست الزراعة فقط . عندما رفع ثوارينايرمطلب الحرية كانوا يقطعون الطريق على (الرئيس صاحب السلطة المطلقة) وعندما طالبوا بالعدالة الاجتماعية كانوا يضعون خطًا فاصلا بين ضباط يوليوالذين أهدروا كل امكانات مصر(البشرية والطبيعية) لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية. إنّ شعبنا فى ثورته الأخيرة أنجزنقلة حضارية سيكتب عنها المؤرخون فى العصورالتالية تحت عنوان : مصرقبل وبعد يناير2011. *****
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثيقة الأزهر ووهم تنبى دولة الحداثة
-
جهاز المناعة القومى
-
الأمة المصرية فى مواجهة (الجيتو) الإسلامى
-
الإخوان اليهود والإخوان المسلمون
-
من يُشرع للبشر قوانينهم
-
جامعة للشعوب العربية أم لتجميل استبداد الأنظمة ؟
-
خشيم : الأيديولوجيا = العداء للغة العلم
-
حصار العيون - قصة قصيرة { مهداة إلى الفنان عزالدين نجيب }
-
قراءة المستقبل بالبصيرة وليس بالبصر
-
الشاويش براهيم - قصة قصيرة
-
دنشواى أغسطس 1952 وسياسة العين الحمرا
-
التعصب
-
ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة
-
التعليم الأزهرى والاعتقال فى كهوف الماضى
-
الشعريواجه الدكتاتورالمحتمى بعرش السلطة
-
عندما يكون البشر مثلثات متطابقة
-
معبررفح وأمن مصرالقومى
-
حقوق الإنسان والعقوبات البدنية
-
إنقاذ الأمة المصرية من حرب أهلية دينية
-
الإفراج عن كاميليا أم الإفراج عن العقل المصرى
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|