أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - سيطرة «الإسلاموية» وتعميق مآزق المجتمعات العربيّة















المزيد.....

سيطرة «الإسلاموية» وتعميق مآزق المجتمعات العربيّة


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 02:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الوقت الذي تتفتت فيه المجتمعات، وتتهدد فيه الدول بالتقسيم، وتنعدم مساحات التسامح، وتستفحل الأمية، وينكمش الاقتصاد، وتتضاعف معدلات البطالة، وتدق «القاعدة» بوابات اكثر من بلد، فإن الجدل والسجال والنقاش حتى على مستوى رسمي يتقهقر الى المناحرة حول اذا كان مفتي الأزهر السابق أجاز التعبد على طريقة المذهب الجعفري ام لا، او ان كان النقاب عادة او عبادة وما هو موقف «الدولة» منه!
في البداية يقتضي تحرير لفظة «الاسلاموية» والتي في الغالب قد ترفض من قبل غالبية «الاسلاميين» رغم دقتها المفهومية وحياديتها وافتراقها النسبي عن لفظ الاسلامويين والذي يواجه برفض اكبر من قبلهم. الاسلاموية هي الترجمة الاقرب الى التعبير الانكليزي Islamism او الفرنسيIslamisme وكلاهما يراد به توصيف حالة الاسلام السياسي بحمولته الفكرية والايديولوجية واجنداته السياسية والاجتماعية راهنا وخلال العقود الثلاثة او الاربعة الماضية الترجمة الحرفية لكلا التعبيرين قد تكون الاسلامية لكنها بالعربية تكاد لا تعني شيئا، فهي النعت وليست المنعوت، وتظل مبهمة، بخاصة عند الرغبة في استخدامها منعوتا بالمعنى الايديولوجي المناظر للشيوعية والقومية اوالاشتراكية. الاسلاموية في هذا السياق هي النظرية والمشروع الذي تنادي به شريحة او شرائح متعددة من الافراد والجماعات وتتبنى تفسيرات مختلفة لموقع الاسلام من السياسة والحياة العامة. ايضا، ومن ناحية مفهومية وموضوعية تامة وبناء على معنى الاسلاموية فان الوصف الادق لمن يحملون افكارها هو الاسلامويون وليس الاسلاميين. فتعبير الاسلاميين لفظ عام منسوب الى الاسلام بالمجمل وفيه حصرية مسبقة من قبل من يستخدمونه او من يوصفون به. وفيه استثناء فوقية وسلطوية على بقية المسلمين وثمة من جادل في هذا السياق بان لفظة اسلامي اصطلاحية ولا تتضمن حكم قيمة او استثناء للاخرين، ويقابلها لفظة مسلم التي تصف عموم المسلمين ممن قد لا يتوافقون بالضرورة مع ايديولوجيات وبرامج الاسلاميين ونظرا لاشتهار الوصف اسلامي واسلاميين فقد تحول فعلا الى مصطلح عملاني، بحيث لم تعد هناك فائدة من المماحكة بضرورة استخدام وصف اسلاميون عوضا عنه، لكن الامر لا ينطبق على لفظة الاسلاموية التي ليس هناك بديل اصطلاحي منها. واضاف التيار الاسلامي او الحركات الاسلامية لاتغني ولا تقدم المعنى المطلوب الشامل الذي تحققه الاسلاموية تماما كما لا يحقق استخدام لفظ التيار الشيوعي او الحركات الشيوعية غرض ووظيفة لفظة الشيوعية.
الاسلاموية ازدهرت في العقود الاخيرة على حطام الايديولوجيات الاخرى، مترافقة مع فشل الدولة العربية الحديثة في انجاز مشروعات النهضة والتنمية والاستقلال، وانهيار الجيوش العربية امام اسرائيل، وبقاء السيطرة الغربية في المنطقة باشكال وتمثلات متنوعة. مع نهاية عقد السبعينات بدا واضحا ان الاسلاموية تكتسح الشارع العربي وتقدم نفسها بديلا عن كل تراكم الفشل الذي ساد عما يزيد من نصف قرن بعد نشوء الدول العربية المستقلة. لكن الان وبعد نصف قرن تقريبا من ديمومة ذلك الاكتساح فان النتيجة الاجمالية هي تراكم اضافي للفشل على مستوى كل دولة عربية على حدة، وعلى مستوى العالم العربي مجتمعا. خلال العقود الماضية احتل الاسلاميون موقعا رئيسا في المشهد السياسي محليا واقليميا، بل وعالميا وعولميا بعد تفجيرات 11 ايلول 2001. صحيح انهم لم يتسلموا الحكم في اكثر البلدان العربية. ولم يطبقوا شعار الاسلام هو الحل، لكنهم شاركوا في حكومات، وبرلمانات ومعارضات، ومقاومات، انتجوا تجربة وتجارب عديدة توفر ما هو كاف من خبرة للحكم على الاسلاموية ومشروعاتها.
لكن رغم ذلك الفشل تتواصل في طول وعرض البلاد العربية سيادية بارزة للتسيس الاسلاموي الذي يحتل ارضا جديدة مع كل تغير استراتيجي اقليمي، او وطني محلي، حربا كانت ام سلما. اذا اتسم المناخ العالمي بسيطرة احادية لخطابات امبريالية متطرفة كما كان الحال خلال سنوات حكم جورج بوش الابن السيئة فان ذلك المناخ ينتج ردود فعل اسلامية على حساب غيرها. واذا اتسم المناخ العالمي بانفتاح نسبي غير مسيطر عليه من قبل خطاب احادي ويتيح المجال لخطابات متنوعة ولتوزيع قوى عالمية اقرب الى التعددية القطبية فان القوى الاسلامية، من تنظيمات او دول، تجد هوامش لتوسيع نفوذها. اذا كان المناخ الاقليمي او المحلي عنفيا ومولدا لصراعات او حروب، فان ذلك ينتج اجواء تنتشر فيها لغة وخطاب وممارسة التطرف الاسلامي. واذا كان المناخ الاقليمي او المحلي سلميا ومحفزا لتسيس سلمي وديموقراطي نسبي وانتخابات فان ذلك يخدم الاسلاموية.



* نظرية اجتماعية لتحقيق السلم الاهلي
لكن هذه الاسلاموية لم تساهم في انتاج نظرية تنموية بديلة تترجم شعار لا شرقية ولا غربية، الذي اعلنته مبتدعة عن النموذج الاشتراكي والنموذج الرأسمالي في الاقتصاد وادارة الحكم. والدولة الاسلامية التي تضمنتها ادبيات كثيرة من الحركات الاسلامية لم تكن سوى استنساخ في الشكل للدولة القومية الحديثة التي انتجها مشروع الحداثة الغربي، لكنه مفرغ من المضمون الذي اريد له ان يكون اسلاميا ولم تسهم الاسلاموية في انتاج نظرية اجتماعية تحقق السلم الاهلي الذي ما زال بعيد المنال في معظم البلدان العربية. فالاحتراب الداخلي، المعلن والمضمر، ما زال هو الهاجس الاكبر الذي يتهدد اقطارا كثيرة في حال ما تزحزت وطأة الاستبداد والقبضة البوليسية التي تقمع تمظهرات ذلك الاحتراب. لكنها لا تحله ولاتعالجه، بل تؤجله وتفاقمه بممارساتها.ليس ذلك فحسب، بل افاضت الاسلاموية الى ما هو قائم اصلا من تنازع اثني وطائفي وقبلي وعززت الانقسامات واضافت اليها نكهات حزبية وشعبوية وطائفيةلم تكن موجودة. ومن دون التقليل من أثر العوامل الخارجية والتدخلات والحروب المفروضة على المنطقة في تسعير تلك الانقسامات، فان مستوى الاستعداد الداخلي للانخراط في حروب اهلية طائفية ودينية تعمق مع سيطرة خطابات «الاسلاموية» بتنويعاتها المختلفة وأطيافها المتوالدة.
لم تسهم «الاسلاموية» في انتاج علاقة صحية وتثاقفية مع العالم و«الآخر»، بل عمقت منطق الاستعداء، وروجت نظرية «الصراع الحضاري» التي هي النسخة الاسلاموية لنظرية صاموئيل هانتنغتون حول تأبد الصراع بين الحضارات، وبخاصة الغربية والإسلامية. ارادت «الاسلاموية»، كما ارادت من قبلها القومية العربية والاشتراكية والبعثية وكل الايديولوجيات التي اخذت نصيبها من السيطرة على فضاء السياسة العربية، ان تواجه وتقاوم، محقة، أطماعاً غربية في المنطقة، ودعماً أعمى لاسرائيل. لكن اثناء تلك المقاومة فشلت في صوغ خطاب مقاومة انسانوي مركب يفكك التسطيحية والاجمالية للغرب بكونه كتلة صماء واحدة. وعوض ان توسع من معسكرات الاصدقاء والانصار خلطتهم ببعض، وسيطر في الجزء الضجيجي من خطابها التقسيم الساذج للالم بين «فسطاطين».
اسهمت «الاسلاموية» في إشاعة خوف شرائح ونخب عديدة في العالم العربي، ولأنها لم تنجح في طمأنة الخصوم والمحايدين ازاء نياتها المستقبلية، فان الخوف من وصولها الى الحكم، سواء بالسلم او بالعنف، لم يخفت. ولأنه أثبتت أنها الأقدر على الفوز في أية انتخابات نزيهة ومحايدة في اي من البلدان العربية، فان الحماس لفكرة الديموقراطية دوى في كثير من دوائر المثقفين والديموقراطيين وأعداء الاستبداد. لقد وفرت «الإسلاموية» من دون ان تريد مسوغاً لا مثيل له لمعظم الأنظمة العربية كي تتهرب من أية استحقاقات للدمقرطة والانفتاح السياسي. وانحصرت الخيارات التي تواجه المجتمعات العربية عملياً بين استمرار الوضع الاستبدادي القائم، او المغامرة بقبول حكم الاسلاميين. ولأن تجارب الاسلاميين في الحكم، سواء في السودان او افغانستان او غزة، او مشاركاتهم فيها في غير بلد عربي، لم تقدم النموذة البراق الذي يقطع مع ما تعودت عليه المنطقة من فشل وقمع وانحطاط، فان الرهانات على خوض تلك المغامرة بالنسبة الى الكثيرين لم يعد لها معنى.
تقود محدودية الخيارات هذه الى ترسخ وتعمق المأزق العربي الراهن على المستوى الداخلي ومستوى طبيعة الحكم السياسي والشكل الذي ينظم العلاقات بين السلطات المختلفة، وبين الحاكم والمحكوم، وما يمكن أن يحافظ على الحد الأدنى من التماسك الشعبي والاجتماعي في وجه تهديدات الانقسام والتجزئات الإثنية والطائفية الأهلية. تضاف الى ذلك توترات متفاقمة على المستوى الخارجي والاقليمي تعمل على تعظيم التحديات التي تواجهها كل دولة عربية على حدة. فمن تحدي اليمين الاسرائيلي، الى توسع النفوذ الايراني، الى الرغبة التركية في لعب دور اقليمي اكبر، الى آثار ومنعكسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وغير ذلك كثير.
لكن الغريب في الأمر وإزاء مخاطر حقيقية لتفتت بلدان عربية اضافية (السودان واليمن مثالا قريبا، بعد الصومال وفلسطين)، وتصاعد شبح الطائفيات في بلدان أخرى، واستعار أوجه التطرف بكل أشكاله، الرسمي والاسلاموي، ليست ثمة محاولات على ارض السياسة الواقعية تهدف الى مواجهة هذه الازمات. بل هناك مزيد من «الاسلاموية» الظافرة، والتي رغم فشلها المدوي، ما تزال تسيطر على الفضاء العربي بكل عنفوان. بل وتؤثر في اتجاهات السياسات المحلية والخارجية للدول والحكومات التي تنزع في المجمل العام نحو استراتيجية المزايدة على حركات الإسلام السياسي، وصوغ خطاب اسلاموي رسمي ينافس ذلك الذي تطرحه تلك الحركات. معنى ذلك ان كل الصراع على ايجاد حلول واقعية يتم نقله الى مستوى تجريدي وشعاراتي لا معنى له. ففي الوقت الذي تتفتت فيه المجتمعات، وتتهدد فيه الدول بالتقسيم، وتنعدم مساحات التسامح، وتستفحل الأمية، وينكمش الاقتصاد، وتتضاعف معدلات البطالة، وتدق «القاعدة» بوابات اكثر من بلد، فإن الجدل والسجال والنقاش حتى على مستوى رسمي يتقهقر الى المناحرة حول اذا كان مفتي الأزهر السابق أجاز التعبد على طريقة المذهب الجعفري ام لا، او ان كان النقاب عادة او عبادة وما هو موقف «الدولة» منه!



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا والصين: الصديق الوحيد هو الدكتاتوريات العربية!
- -نيرون العرب- -: الإنتقال من الدكتاتورية إلى الإجرام في ليبي ...
- إسكات -مشارف- واغتيال الثقافة الرفيعة
- ابن رشد ومارتن لوثر و«حوار التمدن»
- مشروع -حماس-... و-طلبنة- غزة
- المشروع النهضوي... والعدالة الاجتماعية
- العرب وإيران النجادية: غياب أسس الشراكة
- العلمانية تحمي التنوع الاسلامي من نفسه
- شلومو ساند وتقويض خرافة الشعب اليهودي
- إسلام غل واردوغان واسلاميونا العرب
- -حماس- في غزة: -طالبان- أم أردوغان
- التراجع الإنتخابي للاسلاميين ينضجهم ويخدم مجتمعاتهم


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - سيطرة «الإسلاموية» وتعميق مآزق المجتمعات العربيّة