آلية غير منصفة لتنفيذ القرارات

صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 02:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

لن نعني قطعا القرارات التي يصدرها مجلس النواب او الحكومة والتي تتعلق بشؤونهم هم اذ ان مثل تلك القرارات سرعان ما تطبق حتى قبل ان يجف حبرها ولذلك انشأوا مثلا وزارة خاصة بشؤون مجلس النواب واصروا على ابقائها في عملية الترشيق التي اثير بشأنها الجدل.
اما القرارات غير القابلة للتطبيق الفوري والتي تأخذ مديات واسعة قبل الشروع في تطبيقها ـ وربما لا تطبق ـ فتشمل طائفة واسعة من القرارات اكثرها تتعلق بحياة المواطن ومعيشته وبضمنها تلك التي تؤثر اما بصورة مباشرة على حياته مثل القرارات المتعلقة بقروض الاسكان والسلف وزيادات الرواتب او تلك التي تؤثر بصورة غير مباشرة و لكن لها مساس فعلي بحياته بالنتيجة ومنها قرار خفض رواتب الرئاسات واعضاء مجلس النواب و الوزراء وغيره؛ فبالنسبة للصنف الاول فان ثمة قرارات يجري اصدارها ولكنها لا تنفذ او انها تأخذ وقتا طويلا الى الحد الذي يكاد المواطن ان يفقد الامل بتطبيقها إذ يكون امرا غير منصفٍ ان يبقى مواطنون لاسيما المتزوجون و اصحاب العائلات من دون سكن لائق لعدة سنوات بسبب المماطلة في اصدار وتنفيذ القرارات المتعلقة بتطوير حياة المواطن في الوقت الذي تمرر بعض القرارات المتعلقة بشؤون النواب والمسؤولين بمنتهى السرعة الى الحد الذي لا يسلط عليها الضوء الكافي في وسائل الاعلام عند اقرارها والى الحد الذي يجري تنفيذها بصورة تكاد تكون سرية.
كما ان بعض القرارات يجري تطبيقها بصورة انتقائية كبعض قرارات الزيادات في رواتب المتقاعدين العسكريين على سبيل المثال، اذ يجري دفع الزيادة والفروقات لبعض الرتب الكبيرة في حين يبقى المتقاعدون من ذوي الرتب الاصغر اوقاتا طويلة من دون تسلم تلك الزيادات او الفروقات و لقد فقد كثير منهم الامل بتسلمها. ولطالما كنا نسمع طيلة السنوات الثماني المنصرمة عن دراسة تجري من قبل اللجنة المالية في مجلس النواب لزيادة رواتب المتقاعدين و كذلك توحيد رواتب المتقاعدين قبل عام 2004 وبعده نظرا لوجود فروقات غير عادلة بينهما بحسب قول اعضاء في اللجنة، الا ان الانتظار طال من دون ان تلوح دلائل لاتخاذ مثل تلك القرارات الشجاعة التي تنصف المواطن.
لقد اثار قرار احد النواب قبل ايام بالامتناع عن تسلم راتبه احتجاجاً كما قال على عدم تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة شجوننا ودفعنا الى الاستغراب من هذا الاصرار من قبل مجلس النواب على الاسراع في منح امتيازات غير مسوغة للرئاسات ونوابهم وجميع السياسيين وتمرير القرارات المتعلقة بتسلم تلك الامتيازات في الوقت الذي يماطل ويحاول التنصل من التصويت على القرار المتعلق بخفض رواتب الرئاسات ونوابهم والوزراء ونواب البرلمان برغم الاحتجاجات الشعبية المطالبة بخفضها وبرغم نداءات (المرجعية الدينية) بسحب تلك الامتيازات، و كذلك برغم مصادقة مجلس الوزراء مطلع شهر آذار الماضي، على مشروع القانون وتحويله إلى مجلس النواب لإقراره. الا ان مجلس النواب صوت في الـ12 من آذار ، خلال جلسته الـ41 على قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث "بشكل مبدئي"، ولكن جرى وضع العراقيل امام القراءتين الاولى والثانية المطلوبتين لإقراره. وقد اتهم بعض النواب رئيس المجلس بإعاقة رفع القانون للتصويت عليه تجنبا لخفض راتبه.
يذكر ان نسب التخفيض بحسب القرار المذكور تراوحت بين 80% و40%، اذ جرى تخفيض رواتب رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب من 50 مليون دينار إلى 12 مليون دينار، وتخفيض مخصصات الرؤساء الثلاثة ونوابهم بنسبة 80%. ويشار الى ان قيمة الراتب الشهري والمنافع الاجتماعية لأي نائب في البرلمان تصل إلى 34 مليون دينار ، فيما تصل قيمتها لدى كل من أعضاء الرئاسات الثلاث إلى 80 مليون دينار شهريا، فيما أكدت هيئة النزاهة أن مصروفات الرئاسات الثلاث بعيدة عن مراقبة الهيئة بشكل كامل.
ومن القرارات التي صدرت الموافقة بها ولم تنفذ موافقة رئيس الوزراء على منح قطع الاراضي للصحفيين، ويقول المراقبون ان هذا الحلم تبدد بفعل الاجراءات الروتينية المطولة و المعقدة التي اتبعتها وزارة البلديات وجهات اخرى معنية بالأمر الى الحد الذي يكاد فيها حلم الصحفيين ان يتحول الى أكذوبة بخلاف الاراضي التي اقتطعها مسؤولون على ضفاف دجلة والتي احتازوها لأنفسهم حتى قبل ان يصدروا قرارا بذلك، وكذلك فان قرارات وزارة المالية بمنح القرض السكني للموظفين والذي صدر منذ أيار وكذلك اطلاق سلف الموظفين والصحفيين لم تنفذ لحد الآن. ولو سردنا جميع القرارات المتعلقة بحياة المواطن والتي يجري المماطلة فيها ومنع تنفيذها مقابل القرارات المتعلقة بالمسؤولين لوجدنا مقدار المفارقات الغريبة التي تنم عن الاستهانة بحاجات الناس وبكرامتهم التي تستوجب الرفع من شأنهم بأقصى السرعة اذ ان المدة التي انصرمت منذ اسقاط النظام المباد مدة طويلة وكافية لتحقيق التغير المطلوب اضافة الى ان الاموال التي تمتلكها خزينة الدولة اكثر من المطلوب لتحقيق الطفرة النوعية في حياة الناس والارتقاء بمستواهم المعيشي ولاسيما من ذوي الدخل المحدود وتوفير الخدمات اللائقة لهم وتشغيل العاطلين وكل ذلك وغيره يرتبط ببعضه البعض وان المسؤولية الوطنية والاخلاقية تستوجب من المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية الإسراع في حسم الملفات المتعلقة بإصدار القرارات المتعلقة بحياة المواطن وتنفيذها الفوري كي نحقق العدالة المرجوة ولكي لا يشعر المواطن بالظلم الذي يحبط آماله في حياة حرة كريمة فيتحول الكثيرون الى أعداء للعملية السياسية بدلا من ان يكونوا سندا لها.

#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات