أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علال البسيط - حاسبوا الله على سوء توزيع الأرزاق













المزيد.....

حاسبوا الله على سوء توزيع الأرزاق


علال البسيط

الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على مسرح الخلق صورة صبي صغير يتهدم جوعا، ويتمزع هزالا على رمال الصومال، وللمرء أن يسأل سؤالا يتردد بين نفسه والسماء، أليس من صفات الله وأسمائه العاطي الرزاق.. فاللهم هذا الجوع فأين الرزق..؟!!

ألم يبق من الانسانية وترفها الباذخ إلا حشاشة مساعدات ومؤن ترسل من هنا وهناك، لا تمسك منهم الرمق، ولا تقيم بابا يمنع الجوع أن يدخل إليهم الموت ويخرج منهم الروح. من هو هذا الحي الذي يموت أربعة آلاف ميتة قبل أن يموت، وكأن يد القسوة ألقت به من قبة الفلك ليهوى الى الأرض عاريا منبوذا تحرقه الرمال، ويأكله الموت، وتتربص به صقور البراري وديدان القبور، حتى يستنفد أيامه المنكوبة، ويستوفي أنفاسه المقدرة، فتتناهبه نهبا، ويغدو كلُّه الصغيرُ مُضغة في شدق غراب!!
من هو هذا الحي الذي تنكرت له الدنيا حتى أصبح فيها كأنه نوع شاذ في الخلق..أي شح بلغه عطاء ربك فيجني على صغير بالتصاق المعدة منه على الأمعاء..وأي حكم يصدره الحكيم فيشنق هؤلاء المساكين بمشنقة القدر ويشدخهم بمطرقة القضاء..

يغادر الدنيا كل يوم أشباح منهم في صمت رهيب، إذ جاءوا الدنيا من باب بؤسها وشقائها، فرحلوا عنها لا يشدهم إليها حنين ولا حب ولا رجاء ولا لذة...ولا كسرة خبز!! ضاق بهم الكون الرحيب فانكمشت أرواحهم على جلود مهترئة، وعظام كأنها من وهنها حبال مفلولة لا تقوى على الشد..يبيتون على الطوى والهم، ليصبحوا وما في الدنيا جديد إلا مزيد من الطوى والهم..أليس الله مع المنكسرة قلوبهم..!!

واها يا أخي! إني لا أكاد أغمس اللقمة حتى أرى جوعك وهزالك يلفها بطعم الموت، ولا يستقر الرغيف في معدتي حتى اشمئز من شبعتي.. فلا شبعتُ ولا شبعت الانسانية إذا قضيت بيننا جوعا وفي أرض العرب على مرمى حجر منك قوافل الابل والأنعام تشوى على نار بؤسك، وخواء بطنك..

ذلك هو البائس المدرج في أكفان النسيان... الضائع بين وحوش من البشر فلا يعرف له محل..المنفرد على بسيط من الأرض فلا يرى له تحت شمسها ظل..اصطلح على جسمه النحيل هم الليل والنهار، واجتمعت إليه علل الشيخوخة كلها تهنئه بالمصير المحتوم، وتستحث طفولته اليانعة إلى يوم الوداع.. قلب يسكن من ضلوعه الخربة في شقوق، وظهر منكفأ كالقوس، وعيناه الغائرتان تدوران في رأسه، لا يدري من حيث ابتدأ إلى حيث ينتهي في وجه دنياه الحالك.. ترى الواحد منهم وله شكل الطفل وحجمه، وليس له وجوده وعنفوانه وعالمه..

ترى أين تكون شرائع الرحمة في الدين وذي آثارها.. فانظر الى آثار رحمة الله كيف تتداعى بشائرها على الجماجم والحطام..فهل بعد أن رأينا نتائج أعمالك وتناقض أقدارك، لا نحسبك إلا صنما من أصنام الحياة، ويحسبك الجاهلون للعبادة والصلوات..

وفي وجه الدنيا الآخر يقف قوم عندنا، من جفاة الأغنياء، جفاة القلوب غلاظ الأكباد كالابل التي يمتطونها..أعظمهم اسما، وأفخهم زيا وجسما، لن يستطيع بكل ملكه أن يشتري الطريقة الهنية التي ينبض بها قلب ذلك الجائع المُدنف.. فإن لهم في صدورهم حجارة تتصدع لقسوتها الجبال، ويلين لهولها الحديد، وفي نفوسهم قدرة خارقة على التلون والتكذب، وتغيير الحقائق وتبديلها، وكلما ازدادو غنى ازدادوا حرصا وبخلا..

فيما طالعتنا به هذا الأسبوع صحيفة فاينانشيال تايمز ، تقرير يرن رنين الدراهم الغراء، في سيرة مالية هائلة لثلاثة من أكبر أثرياء العرب من الأمراء والشيوخ، يتهادى التقرير بأرقام ثقيلة على السمع، ثقيلة على القلب، بين ١٩,٦ مليار دولار و١٥٠ مليار دولار !!..ويأتي التقرير على ذكر دور هؤلاء المترفين جدا، في ضخ أموال هائلة في البنوك الأوربية ابان الأزمة الاقتصادية، خاصة بنك باركلايز الذي واجه فترة حرجة لولا صدقات أحد الشيوخ البررة في تطويق البنك وتحصينه بترسانته المالية التي ليست إلا ثروة وضع عليها الشيخ يده منذ عهد القبيلة في غرة من التاريخ، فصارت في حكم ملك اليمين والشمال يصرفها كيف يشاء..أليس الله مع المنكسرة قلوبهم..!!

ويشهد الواقع والتاريخ أن ما من مفسدة للشعوب، ومهلكة للأمم، إلا كان المتطاولون في البنيان وراءها، حتى روبرت مردوخ هذا الامبراطور الذي كان يراه بعضهم جبلا شامخا والناس في سفحه رمال، فلما أجحف به الدهر، وطحنته عوائد أعماله، وأقفل أسبوعيته العتيدة، فإن أول من هب لنجدته كان أميرا من هؤلاء..

هؤلاء يضرب أحدهم لذة بلذة، ويضم شهوة إلى شهوة، وكل واحدة منها بحجم الصومال ومجاعته.. تساوت عنده عشرة ملايين وعشرة قروش.. فهي كقوت سباعه في يوم أو يومين، أونشوة سكره في ساعة أو ساعتين، أو مجونه في لية أو ليلتين..

هذا عطاء ربك فامنن أو أمسك بغير حساب..أما أولئك الجوعى المساكين، فلظهورهم العصى، ولسحناتهم الكالحة خراطيم الذباب، ولا يملئ بطونهم بعد إلا التراب...



#علال_البسيط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المسلمات الاسلامية.. الحديث النبوي وتخرصات الحفاظ -1
- قبلة فرنسية...
- صعصعة الديموقراطي
- جيوش الصائمين وكتيبة المفطرين


المزيد.....




- نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود ...
- ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علال البسيط - حاسبوا الله على سوء توزيع الأرزاق