أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي الخزاعي - قالـت الذاكــــرة.....















المزيد.....

قالـت الذاكــــرة.....


هادي الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1029 - 2004 / 11 / 26 - 09:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مايجري في وطني العراق من هرج ومرج يشكل واحدا من أرخص أدوات الأستفزاز، لاسيما أستفزاز المشاعر، ومنها الذاكرة.
ولذاكرتي عن وطني الذي لا يبرحني، مخالب صقرأميري، أن قَبَضَ لا يفلْ. ومن بين ما تقبض عليه مخالب ذاكرتي المبارحة، تلك التداعيات التي تعود لأيام صباي المبكر.
ومن بين عشرات الأسباب المستفزة التي تجعل من المخالب الحديدية، طرية كأصابع الرضيع، هي مناطق بؤرالتوترالتي توطنت فوق تراب العراق، والتي سبق وأن كانت هي ذاتها أداة بيد من كان لا يريد الخير للعراق وناسه، وتحديدا في فترة ما بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز من العام ثمانٍ وخمسين.
وها هي ذات المناطق يعاد أنتاج التاوتر والتوتر فيها، ولكن بلغة مضافة ، غير لغة القومانيين العروبيين التي عصفت بالعراق فتمخضت الأنقلاب المشؤؤم في شباط الأسود من العام ثلاث وستين وما تلاها من سنين عجاف لأغلب العراقيين، جاوزت الأربعين عام حتى يوم سقوط الصنم في مارس من عام 2003.
وهذه اللغة المضافة هي لغة المتأسلمين والأسلامويين التي لم يألفها العراقيين بهذا القدر من السادية والغِلْ والتشبث بأن العراق أمارة للظلاميين والنصيين الذين ، إما سيغرقون العراق في بحر من التخلف والدماء، وإما سَيغرقهم العراق، وهذا أكيد، فالعراق أرض الطوفانات، مائية وبشرية، يتجدد بها مثلما تجددت الأفعى لما أكلت عشبة الخلود التي اعطاها لكلكامش، الجد أوتنابشتم، الناجي الوحيد من طوفانات غضب الآلهة العراقية أنليل وآنو.
أعود لذاكرتي التي تختزن في صفحاتها الكثيرة، بعضا من توصيفات ما شوه نسيج العراق طيلة مسيرته، وأسس لما يطلق عليه الآن بالأرهاب وعدم الأمان الذي يجتاح أديم العراق كالجراد.
أنها مسيرة لا يراد لمنابعها أن تجف، فأن جفت، جف أعداء العراق وأينعت قدراته الحقيقية التي غيبها النظام المقبور بين حروب لا معنى لها وبين حملات الأبادة التي عانى منها أبناء الشعب العراقي الذين وقفوا في الضفة الأخرى التي أعلنت رفضها لمسلك وسياسة ذلك النظام . ومن المؤسف أن من دفع بالنظام الى تلك المزالق والمحارق ليست سياسته الرعناء فقط، وأنما أيضا دونية ألعرب وأعلامهم الرخيص الذي سكب كل الزيت، الذي يملكوه والذي لا يملكوه كي يستمر أوار تلك الحروب المجنونة للنظام ضد الآخرين وضد أهله.
في اعوام الخمسينات وبداية الستينات من القرن الفائت، كنت شغيلا في أحد الأفران التي تقع في محلة الشيخ بشار في منطقة الجعيفر ببغداد، وتحديدا قرب جامع الشهداء، وهناك كان يقع أيضا كراج نقل المسافرين الى سامراء والفلوجة والرمادي. ولهذا المسجد وهذا الكراج حكاية من حكايات الغل التي كان العروبيون يكتبونها بذؤابات الخناجر العربية، وفوهات رشاشات بور سعيد المصرية على أجساد الضحايا من الذين رفضوا ركوب موجتهم العروبية المزيفة.
ففي المقهى التي كانت تمثل ذلك الكراج، كان يحتشد كل السكيرين والأشقيائية وهم يستعرضون ما يؤمرون به من ترديد للعبارات القومانية والبعثية المرتدية ثوب الدين مقابل قارورة من العرق أو بضعة دراهم، ويا ويل من يعترض، فسكاكين ومسدسات هؤلاء كانت مشرعة للطعن والأنطلاق، تماما مثلما يحدث اليوم.
أما جامع الشهداء الذي سمي هكذا بعد ثورة الرابع عشر من تموز، فقد كان ملتقى ووكر لعروبيي الجعيفر من السفاحين، ومكان لأجتماعاتهم وتجمعاتهم الحزبية مثلما كانت تجري على نفس السياق في جامع الأمام الأعظم في الأعظمية، حيث كانت الطائفية ترضع حليبها من أثداء تلك الأماكن لتوضف في أرباك الوضع الجمهوري الجديد والذي توج بالمحاولة الآثمة لأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم قرب عقد الكنائس في شارع الرشيد والذي سماها قوميوا وبعثيوا أنقلاب شباط الأسود بساحة الغريري تيمنا بقتيلهم في تلك المحاولة الآثمة القاتل المجرم عبد الوهاب الغريري، والعشرات من محاولات الأغتيال للمناضلين والوطنيين الذين آزروا جمهوريتهم الجديدة. أكرر تماما مثلما يجري الأن بعيدا عن تكرار أسماء الشهداء الذين جرى أغتيالهم في شوارع بغداد ومدن أخرى.
المعروف أن منطقة الجعيفر كانت ولا تزال ـ بشارعها الجديد حيفا ـ وكذا منطقة الأعظمية تعج بالعروبيين من ناصريين وبعثيين ومعممين منتفعين، ممن ظلوا دروب عروبتهم ودينهم ، وهولاء هم الذين أرادوا ولا زالوا يريدون نحر العراق مع سبق الأصرار، ، تحت حجج متغيرة وأقنعة مختلفة، وذلك حسب حاجة السوق والمزاج وأيضا حسب العرض والطلب بلغة كسب المال الحرام.
وجديد الأمر الآن، أن القومانيين والمتأسلمين الذين كانوا يلبسون جبة العروبة والدين كواسطة للمرور، فانهم الأن أضافوا الى جبتهم، القناع والسيف والمفخخات والهاون لتكتمل الصورة.. صورة الرجل الظلامي القادم من بطاح الجاهلية وزمن التخلف وهو يدافع عن القلاع التي بناها لهم عرابهم الذليل صدام القاتل.
في الأول من أيار من العام 1959حشد العراقيون أنفسهم لأول مسيرة جماهيرية كبرى بمناسبة عيد العمال العالمي، حيث شارك في تلك المسيرة العظيمة أكثر من مليون مواطن، أما من أصطفوا على أرصفة شارع الرشيد الذي أخترقته تلك المسيرة الكبرى نهارا وعلى ضفتي نهر دجلة مساءا للتمتع بتلك الكرنفالات، فكانوا أضعاف هذا الرقم من مواطني العراق البالغ عددهم أنذاك سبعة ملايين فقط.
في هذا المشهد الذي أختاره العراقيون وهم لا زالوا يرتدون ثياب فرحة ثورة الرابع عشرمن تموز الخالدة من العام 1958، نعقت الغربان ومن ذات المناطق التي تتواترالأن في أعلام العروبيين الذين تسرح وتمرح في بلدانهم سفارات أسارئيل وشركاتها وهم صم بكم .
في ذلك اليوم، الأول من أيار ووسط تلك الفرحة المزدحمة، خرج نفر قدموا من مناطق الأعظمية والجعيفر والفضل و محلة الميدان( منطقة تواجد بائعات الهوى ) قرب جامع سيد سلطان علي، حاملين بعض المسدسات والسكاكين مقتحمين المسيرة لأرهابها وأفشال هذا الكرنفال العراقي. لم تمض سوى دقائق حتى واصلت المسيرة سيرها بعد أن أشبع الناس أولئك القبضايات، أصحاب المسدسات والسكاكين العروبيين ضربا بالأحذية والنعالات وأغرقوهم بالبصاق قبل أن يلوذا بالفرار.
ففي تلك الأيام وقفوا ذات النوع من العروبيين والمتأسلمين الذين ينهقون الآن ضد العراق. فأي عراقي لا تزال ذاكرته طرية لم تخدش بالببغائيات العروبية والأسلاموية الصدامية، يتذكر صوتهم العروبي الهتلري الجهير ( أحمد سعيد ) وهو يردد من " أذاعة صوت العرب من القاهرة " جملته الملازمة لكل تعليقاته في " أكاذيب تكشفها حقائق "، أذ كان يزبد ويرعد ضد الزعيم عبد الكريم قاسم بـ " يا قاسم العراق " لأن هذا الزعيم المخلص لوطنه عقد معاهدة تعاون مع الأتحاد السوفيتي بعد الموقف المشرف من ثورة الرابع عشر من تموز. فصوت العرب الأجش ، أحمد سعيد، كان حنانا رنانا، حتى وهوفي موضع المهزلة التي أوقعه بها أحد الخبثاء من العراقيين مشيرا الى المناضلين !! " عباس بيزه وحسنه ملص " والكيفية التي يقود بها هذين الشخصين نضال العراقيين ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، دون أن يدري بأن هذين الشخصين لم يكونا سوى قوادة وقواد. ويبدوا أن أحمد سعيد لم يمت، فقد خلف العشرات ممن يجترون الآن حكاية عباس بيزه وحسنه ملص، ولكن بلغة العولمة العروبية، أمثال عطوان والمسفر وبكري وكلوي وأصحاب الجزيرة وغيرهم من خنادق ومتاريس أعداء العراق.
أن مقولة " ما اشبه اليوم بالبارحة " أذا أنطبقت على ما يجري في عراق اليوم، فأنها لا تنطبق من حيث حجم الدمار والخراب، فهي الأن أعظم وأكبر حجما بمقاييس المال والأرواح، فعندما حرق أعداء العراق أولئك خزان النفط في منطقة كمب الأرمن عام 1959، لم يكلف العراق الكثير، ولكن أنظروا الى ما يخسره العراق الأن من المليارات من الدولارات جراء التفجيرات التي تجري في المنشآت النفطية ومفاصل البنية التحتية العراقية؟!
الخلاصة التي يمكن أن تقال عن هذه المقايسة السريعة هي، أن أعداء الشعب العراقي هم هم، والتساهل معهم سوف يجعل العراقيين يدورون في ذات الفلك من حمامات الدم والخراب.
فليجري الأقتصاص من حارمي العراق من أمنه حتى نتقي شر صدام جديد وليتفرغ أشراف العراق لبناءه وفق سمة العصر، عراق جديد للجميع يرفل بكل مقومات العملية الديمقراطية وفق دستور عراقي ديمقراطي دائم.



#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركريت حسن.. شهيدةٌ.. وأيُ شهيدة
- كفاح... أيها الشهيد الذي لا يوارى
- التحالف الوطني العراقي الواسع ضرورة تكوين قائمة انتخابية موح ...
- الـمُـعـــــــــــــادِلاتْ - القسم الأخير
- الـمُـعــــــــــــــادِلاتْ 5
- حين تُرهب الكنائس ، تُرهب المساجد
- الـمُــعــــــــــادِلاتْ 4
- الـمُـعـــــــــــادِلاتْ 3
- المُعـــــــــــادِلاتْ 2
- المعادلات ( رؤية تسجيليةعن أستشهاد النصير أبو كريم في العملي ...
- طابا التي تأن، من يان لها؟!
- لم ترحل أيها الشفيف سلمان شمسه
- لفت انتباه للسيد صلاح عمر العلي
- رحلة المهام النبيلة للمجلس الوطني العراقي
- أسئلة غير محرمة للمناضلة الرفيقة سعاد خيري
- سكاكين مثلومة؟! تضامنا مع الكاتب يوسف أبو الفوز
- مكاييل عربية!؟ القوات السورية في لبنان والقوات متعددة الجنسي ...
- مكاييل عربية؟! حسين الحوتي ومقتدى الصدر نموذجا
- عراقيامطلوب أشراك الجماهير الشعبية في أدانة سارقي قوتها وأمن ...
- خرف العمر يا سعدي يوسف أم جفاف القريحة؟!


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي الخزاعي - قالـت الذاكــــرة.....