أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن خليل غريب - الفصل الرابع من كتاب الماركسية بين الأمة والأممية















المزيد.....



الفصل الرابع من كتاب الماركسية بين الأمة والأممية


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 1028 - 2004 / 11 / 25 - 09:13
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الفصل الرابع
الماركسية بين خيارين مركزيين:
الحلم الأممي أم الواقع القومي؟
لا بُدَّ في البداية من أن نعرف ما هو مدى الترابط بين اتجاهات الاتحاد السوفياتي على المستويين العقائدي والسياسي وبين مواقف الأحزاب الشيوعية العربية. تدل معظم الوقائع والتحليلات، ومنها بعض النقد الذاتي الذي مارسته الأحزاب الشيوعية العربية، إلى وجود ترابط وثيق بينهما. وبمراجعة الخط البياني لمواقف كل منهما نجد أن هذا الترابط امتدَّ منذ العام 1925م حتى العام 1967م. وكان يتمظهر في تحديد موقع الحركة العربية بشكل عام، وقضية فلسطين بشكل عام.
كانت علاقات الأحزاب الشيوعية، في مرحلتي الكومنفورم() والكومنترن مع المركز علاقة مركز بفروع. ولكن هذا الوضع لم يتغير بعد حل الكومنترن. وظلت الأحزاب تعتبر أنها فروع، وأنها تتلقى توجيهات وتعليمات. ولهذا ارتبطت باستراتيجيات المركز وتكتيكاته، بثباتها وتقلباتها. وحين اختلفت المراكز اختلفت سياساتها، وقاد هذا الاختلاف إلى ابتعاد الفروع عن قضاياها، فارتكبت أخطاء فادحة، بسبب خلل في المنهج، وعجز عن التحليل، واتجاه نحو التقليد.
كانت العلاقة بين الأحزاب الشيوعية العربية والقوى القومية محكومة بالسلبية، فما هي أسباب تلك العلاقة؟
I- لا يُضير النظريـة الماركسيـة شيئـاً أن تتحمَّل وزر بعض الأخطـاء.
ليست المشكلة المحيطة بالمسألة القومية العربية هي مشكلة المنهج، المنهج الماركسي الذي يأخذ الظروف القومية الخاصة بعين الاهتمام، لأنه ليس هدف الماركسية أن تعير اهتماماً للظروف الخاصة بكل قومية لتؤسس عليها مفهوماً ثابتاً للقومية، بل الغاية منها أن تؤسس لتكتيكات سياسية - تنظيمية في سبيل الوصول إلى ثابت آخر، وهي ثابت الدولة الاشتراكية الأممية، مستفيدة من الاهتمام بتلك الخصوصيات. وهذه هي حقيقة المنهج الماركسي من دراسة الظروف القومية الخاصة.
فهل المطلوب أن تكون المسألة القومية العربية متغيراً مرحلياً، أم ثابتاً استراتيجياً؟ هذه هي طبيعة الخلاف الحقيقي بين التيارات الفكرية الماركسية والتيارات الفكرية القومية.
يقال بأن الماركسية «لا ترفض القضية القومية، بل إنها تُقرُّ ظاهرة الأمة، كظاهرة تاريخية، إضافة إلى إقرارها بالطبقية كظاهرة اجتماعية. وبالتالي، فهي ترى الطبقة داخل الأمة، وليست في أي إطار آخر»( ).
جميل هذا الكلام، لكن ما هو الجديد فيه، وهل يمكن نفي ما هو موجود في واقع التاريخ البشري منذ ابتدأ هذا التاريخ. كانت الأمة، بشتى أشكالها موجودة ولا تزال. ولكن الخلاف الحقيقي في أن تكون الأمة وسيلة للوصول إلى ظاهرة أخرى، أم هي المحطة الثابتة -على الأقل- لآلاف السنين. تعترف الماركسية بأن الأمة ظاهرة، ولكنها الظاهرة - الوسيلة للوصول إلى المرحلة الأممية. وتعترف الماركسية، أيضاً، بالطبقية كظاهرة؛ وهذا استلزم منها أن تعترف بالإقطاع والرأسمالية والبورجوازية، فهل يشكل هذا الاعتراف بتلك الطبقات موقفاً إيجابياً منها؟ لقد اعترفت الماركسية بالإيجابيات المرحلية للطبقة البورجوازية، مثلاً، لأنها قضت على الإقطاع، فإيجابيات البورجوازية هي إيجابيات مرحلية تستثمرها الفلسفة الماركسية للانتقال إلى ديكتاتورية البروليتاريا. وهكذا ينطبق الموقف نفسه على المسألة القومية.
وهل تساوي الماركسية موقفها بين القومية والطبقية؟
إنها لا تساوي بينهما على الإطلاق. بل هي تعتقد اعتقاداً جازماً بأن القومية هي وسيلة لا غاية. هي وسيلة لتأهيل الطبقة البروليتارية - الأمة كي تصبح الطبقة - الأمة. وكي تشكِّل الطبقة - الأمة جزءًا من المجتمع الأممي، بل تدعو الماركسية إلى أن تكون طبقة - أمة ما صادقة مع طبقة - أمة أخرى أكثر من صدقها في علاقتها مع قوميتها. ويكون هذا الصدق بالمستوى الذي تتنكَّر فيه الطبقة - الأمة لقوميتها الأم. أوَ ليس هذا صحيحاً؟ وهنا، لا نرى أي تناقض بين الرؤية «الماركسية العربية» في القضية القومية وبين الرؤية الماركسية الأم.
أما أصحاب الاتجاهات القومية، على شتى مشاربهم، فيرون في المسألة القومية هدفاً ثابتاً ونهائياً -على الأقل- لآلاف من السنين. ولكن ما يبحثون عنه هو طبيعة النظام السياسي - الاجتماعي - الاقتصادي الكفيل بتسيير شؤون الدولة القومية.
فنحن نرى، أولاً، وتطويراً لمواقف الشيوعيين والماركسيين العرب، هو أن يعيدوا قراءة الماركسية من جديد لأنهم قد يكتشفون أفكاراً جديدة. وبالتالي أن يتجاوز الماركسيون العرب مبدأ اعتبار المسألة القومية عاملاً متغيراً، وأن ينتقلوا بها إلى كونها هدفاً ثابتاً.
ونرى، ثانياً، أن نتحاور حول مضمون النظام السياسي - الاجتماعي الاقتصادي الأسلم لقيادة المؤسسة القومية - الأمة. وهنا سوف نجد الكثير من المبادئ العامة في الماركسية التي تخدمنا في تحديد ذلك المضمون، وسوف تساعد كثيراً في بناء أسسه.
وفي اللحظة التي نتّفق فيها حول هذا المنهج، لا نستطيع إلاَّ الموافقة على أن المجتمع الأممي - على الرغم من أنه حلم جميل- هو حلم بعيد المنال( )، ولأن المجتمع ما دون القومي هو حالة من «عدم اكتمال النمو»( ).
هناك موقف عام للأحزاب الشيوعية العربية من المسألة القومية يستند إلى أن القومية تعبِّر عن اتجاه شوفيني تعصبي يتناقض مع «الروح الأممية»( ). وفي المقابل كانت هناك مواقف استثنائية على هذا الصعيد، في بداية مرحلة الثلاثينات من القرن 20م؛ أما بعد العام 1937م، فقد كان الموقف العام، المشار إليه، هو السائد والمهيمن على موقفها( ).
بين الموقف المؤقت، الذي يبدو أنه كان استكمالاً لاتجاهات لينين التي كانت تعمل من أجل فهم أعمق للمسألة القومية، والموقف الذي استمر عشرات السنين وبسببه ساد التشنج السياسي بين الاتجاهات القومية العربية واتجاهات الأحزاب الشيوعية العربية، نتيجة لهذا التباين حاول بعض الباحثين الماركسيين، بشكل عام، والباحثين الشيوعيين بشكل خاص، أن يردموا الهوَّة بين التيارات كافة، لكنهم وقعوا بمطبات نظرية أخرى ساد فيها موقف التوفيق في تفسير النظرية الماركسية وتأويلها، وحاولوا من خلالها -ربما لأغراض حزبية تنافسية على حساب البحث الموضوعي- أن يُقوِّلوا النظرية الماركسية حول المسألة القومية ما لم تكن تريد أن تقوله على الإطلاق().
رأى البعض أن من أهم إيجابيات الماركسية في النظر إلى المسألة القومية قد جاءت في تحليل ماركس وإنجلز لظروف عدد من البلدان المجزّأة والمستعمَرَة (ألمانيا، إيطاليا، بولنده)، حيث لم تستطع بورجوازيتهما أن تحقق الوحدة القومية، فقالا إن وحدة ألمانيا، مثلاً، هي هدف مُلحٌّ. لكن لم يحدد من يدافع عن إيجابية هذا الموقف الماركسي إلى أي اتجاه كان ماركس يريد أن يوجِّه هذا الهدف. وهنا نتساءل: هل كان ماركس يريد أن يوجّهه إلى غير اتجاه الهدف المركزي وهو تجميع نضالات طبقة البروليتاريا ووحدتها؟ هل كان يريد ماركس من وحدة ألمانيا أكثر من أن يحوّل البروليتاريا فيها إلى «أمة البروليتاريا»؟
تحاول مثل هذه المعالجات أن تفتعل، بشكل أو بآخر، أن المسألة القومية كانت ذات قيمة عند ماركس. صحيح أن ماركس قد أعطى لمسألة وحدة القوميات المجزّأة قيمة، ولكن أية قيمة؟
إن القيمة التي أعطاها ماركس للمسألة القومية هي قيمة النضال المرحلي، واستخدامها في سبيل الوصول إلى هدف آخر، إلى هدف نهائي هو أن يصب النضال القومي في دائرة وحدة الأممية الشيوعية العالمية. وإننا نشتمُّ من تفاصيل هذا الدفاع رائحة عقدة الذنب بسبب المواقف السلبية للحركة الشيوعية العربية من المسألة القومية العربية.
من أوائل المطبات التي وقع فيها بعض الباحثين، الماركسيين والشيوعيين، أن النظرية الماركسية لا تتحمل وزر الأخطاء التي وقعت فيها الحركة الشيوعية العربية، بل إن الشيوعيين أنفسهم هم الذين يتحملون وزرها. فهم الذين أخطأوا في تفسير الماركسية وتطبيقها. يستدعينا هذا الادّعاء إلى أن نتذكّر ما تقوله الحركات الإسلامية السياسية عندما تحاول أن تُبرِّأ الإسلام من أي نقص، لكي تلقي باللوم على المسلمين، فالمسلمون هم الذين أخطأوا تفسير الإسلام ووسائل تطبيق الشرائع الإسلامية، فأخطاء المسلمين وانحرافاتهم على مدار التاريخ، إثمها على أصحابها، لا يتحمّل الإسلام وزر شيء منها، وهي حجة للإسلام عليهم، وليست حجة لهم على الإسلام( ).
تحاول بعض اتجاهات البحث أن تلتقط الهدف والغاية من عناية ماركس بالمسألة القومية، لكنها تعمل على إفلاتها من جديد. أوَ لم يقل ماركس وإنجلز، في بيانهما حول المسألة القومية، «وبدون إعادة الوحدة والاستقلال لكل أمة، يستحيل تحقيق اتحاد البروليتاريا من مختلف الأمم»( )؟
فحتى لو ميَّز ماركس وإنجلز الظروف الواقعية لكل أمة يبقى الهدف المركزي واضحاً لديهما. فقوميات أوروبا الغربية كانت قد اكتملت على أيدي البورجوازية، وهذا واقع ملائم للبروليتاريا لكي تبدأ فوراً نضالها الاجتماعي - الاقتصادي، لكن الماركسية لا تدعو على الإطلاق إلى المحافظة على بناء القوميات كما كانت، بل يصبح من المطلوب العمل من أجل إلغائها في سبيل القضاء على أي شعور بالتعصب والشوفينية. أما قوميات أوروبا الشرقية، بوصفها مُجزّأة قومياً، يتطلَّب من البروليتاريا جهوداً إضافية، فهي لكي تنتقل بشكل ناجح إلى مرحلة النضال الطبقي، يُلقي عليها ماركس وإنجلز عبء توحيد الدول على أساس قومي، كمرحلة لا بُدَّ منها، للانتقال إلى النضال من أجل الهدف المركزي.
لقد دعا ماركس الشيوعيين والبروليتاريا إلى الاستفادة من عامل التحريض القومي، لكن ذلك لن يتم عن طريق بناء قومي نهائي وأساسي. وإذا كانت بعض التحليلات والتأويلات لموقف ماركس التي تعكس الإيجابية على مواقفه من المسألة القومية -كوسيلة لإثبات أن الماركسية ذات مواقف إيجابية من المسألة القومية العربية- فإلى أين سيقودنا موقف ماركس ودعوته من «أجل انتصار الرأسمالية في ألمانيا ومن أجل وحدتها»( )؟ فهل يعني ذلك أن الموقف الماركسي هو إيجابي من انتصار الرأسمالية؟ أوَ ليست دعوته تتضمن تكتيكاً مرحلياً، أيَّد فيه انتصار الرأسمالية في دولة محددة وضمن ظروف محددة، كوسيلة تمهِّد لتأمين شروط محددة ومرسومة على طريق الوصول إلى الهدف المركزي؟
يُعبَّر عن هذا الهدف بأن «إنجاز انتصار الرأسمالية، حسب اعتقاد الماركسية، هو الذي يهيئ الظروف للانتقال إلى الاشتراكية، والذي بدونه لا إمكانية لذلك»( ). وقياساً عليه، كما نحسب نحن، لا يمكن الانتقال إلى الدولة الاشتراكية بدون القضاء على الرأسمالية، ولا يمكن مجابهة الرأسمالية إلاَّ بإضعافها من خلال التحريض القومي والدعوة إلى أن تمارس الأمم حقها في تقرير مصيرها، ولا يمكن تجميع جهود البروليتاريا إلاَّ عبر رقعة جغرافية - قومية كأساس لانتصارها، والتي سوف تقود حكماً إلى التحالف مع البروليتاريات - الأمم التي أنجزت مراحل انتصارها بحيث يشكِّل تجميع جهودها وتأمين وحدتها طريقاً أقرب إلى تحقيق الثورة الاشتراكية الأممية. هنا تكون الفلسفة الماركسية قد وقفت موقفاً إيجابياً من المسألة القومية، كما وقفت موقفاً إيجابياً من المسألة الرأسمالية، ولكن لا يتعدّى هذا الموقف الدائرة التكتيكية، أي أنه موقف مرحلي ووسيلة للانتقال منه إلى غيره، أي أن الماركسية تعمل على إسقاطها متى استنفدت أغراضها.
فماذا ارتكبت الأحزاب الشيوعية العربية غير ما نصّت عليه التعاليم الماركسية؟
هنا تبدأ الملامة التي يطلقها بعض الماركسيين على الأحزاب الشيوعية العربية، وتُسقط الوزر عليها، وتعمل على تبرئة الفلسفة الماركسية، بحيث يبدو، عند هؤلاء، موقف الأحزاب «غريباً» لأنه -كما تحسب تلك الانتقادات- أن مواقفها تنبع من «نقل رؤية محددة في مرحلة محددة، وتعميمها على أساس أنها الرؤية الماركسية في المسألة القومية، دون الالتفات للظروف الواقعية، التي تنطلق المنهجية الماركسية من أنها نقطة البدء»( ).
وعلى افتراض أن الأحزاب الشيوعية العربية قد عدَّت المسألة القومية العربية مسألة مرحلية وتكتيكية -كما فعلت الماركسية- فما هو الذي يتغيّر في جوهر الموقف؟
أفليس من المعقول أن تكون الأحزاب الشيوعية العربية قد أسقطت المسألة القومية من حساباتها بصفتها وسيلة من وسائل نضال الطبقة العاملة؟ فماذا يضيرها؟ أتكون قد اتّبعت خطى شكلية الماركسية أم جوهرها؟ وهل جوهر الماركسية يكمن في المسائل الفرعية أم في المسائل الأساسية؟
تلوم بعض الأبحاث الماركسية النقدية الحركة الشيوعية العربية لأنها أسقطت الأساس الواقعي، النضال القومي المرحلي، وهذا ما يخالف أساس المنهج الماركسي ذاته( ). وهنا نتساءل: وهل المشكلة تكمن في المنهج؟ وهل السوء في اتجاهات الشيوعيين العرب أنهم لم يفقهوا تكتيكات ماركس؟ وهل يحسب الناقدون أن جوهر موقف ماركس يقع في المسائل الفرعية أم في المسائل الأساسية؟ فهم إذا اتفقوا معها على صلاحية وصحة الثورة الأممية للعمال، فمن المنطقي أن يكون كل ما عداها مسائل ثانوية، وغالباً ما يكون تجاوز أية مسألة ثانوية جائزاً إذا لم يجد الذين يطبِّقون النظرية ضرورة للمرور عبره. ويصبح هنا من الجائز أن يتجاوز الشيوعيون العرب المسألة القومية إذا لم يجدوا فائدة من المرور إلى الأممية عبرها، لأن واقع القطريات في العالم العربي كانت تدل على أنها قوميات قائمة بذاتها. أفلم يكن خالد بكداش، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري - اللبناني، في العام 1939م، يروّج إلى وجود أمم عربية تمتاز بظروف موضوعية وجغرافية واقتصادية وتاريخية ونفسية( ).
يستند أي منهج من المناهج الفلسفية إلى ثوابت ومتغيرات. فالثابت في المنهج الماركسي هو ثورة البروليتاريا الأممية على طريق بناء الدولة الاشتراكية الديموقراطية الأممية. لذا حافظت الأحزاب الشيوعية العربية على ثوابت المنهج الماركسي التي أعطت الأولوية للنضال الطبقي، فلماذا نلومها ونحملها وزر الخطأ؟ هل سبب تحميلها الوزر لأنها أهملت بعض المتغيرات، ومنها المتغير القومي؟
لكل أمة متغيرات تختلف عن الأخرى كما حصل في مقارنة واقع القوميات في أوروبا الغربية وفي أوروبا الشرقية. ففي أوروبا الغربية لم يكن الشيوعيون معنيين بالنضال القومي، فأهملوه كمتغير. أما في أوروبا الشرقية، فقد كان المتغير القومي ذا قيمة واقعية فاهتمت الفلسفة الماركسية به. أوَ ليس من الجائز أن تكون الأحزاب الشيوعية العربية -خاصة وأن العدد الأكبر من مؤسسيها كانوا ينتسبون إلى الأقليات القومية غير العربية؛ وهم حسبوا من داخل مواقعهم القومية أن المتغير القومي العربي هو غير ذات أهمية فأهملوه؟
يفوت الأبحاث الماركسية النقدية أن لينين، أيضاً، قد أعطى للمسألة القومية، على الرغم من عنايته بها، دوراً ثانوياً / فرعياً من خلال إنقاذ عدد من الأمم من الاضطهاد القومي. وكان لينين يريد بذلك أن يُضعِف القوة التي كانت تعطيها القوميات المضطهَدَة، بخضوعها إلى القوميات الأقوى، كما كان حاصلاً في روسيا القيصرية. ولأنه كان في موقع الصراع من النظام القيصري كان عليه -تكتيكياً- أن يعمل على إضعافه من خلال اتهامه بالاضطهاد القومي فيقطف نتيجة هذا الاتهام عطف القوميات المضطهَدة.
لم يخرج التكتيك اللينيني عن استخدام المسألة القومية، كمتغير مرحلي، عن الخط الماركسي العام، لكنه استخدمها بمهارة وذكاء السياسي الذي نقل الماركسية من برجها النظري إلى الواقع العملي.
فلينين الماركسي يرى أنه ليس من مهمة البروليتاريا أن تدعو إلى الاستقلال الذاتي القومي. ولما أصبحت المبادئ على محك التجربة استخدم تكتيك مبدأ (حق الدول بتقرير المصير) بمهارة، سنوضحها من خلال مرحلتين:
الأولى: وهي مرحلة إضعاف سلطة روسيا القيصرية أولاً، وإقواء وحدة النضال الديموقراطي لطبقة البروليتاريا القومية ثانياً، واستخدام أي انتصار من خلال هذا النضال في سبيل إقواء النضال الديموقراطي لطبقة البروليتاريا الأممية ثالثاً. ولهذا السبب كان موقف لينين من المسألة القومية يتميز بالتركيز على المطالبة بجمهورية ديموقراطية بوجه عام، لأنه ليس من مهمة البروليتاريا أن تدعو إلى الاستقلال الذاتي القومي والتي لن تكون نتيجتها إلاَّ إنشاء دولة طبقية مستقلة ذاتياً، بل من مهمتها أن تعمل على توحيد أوسع جماهير العمال من جميع القوميات بهدف النضال «من أجل الجمهورية الديموقراطية ومن أجل الاشتراكية»( ).
أما الثانيـة: فقد رافقت انتصار الثورة البلشفية بحيث دعا لينين إلى عودة الأمم التي انفصلت عن روسيا القيصرية إلى حالتها السابقة ولكن على أساس القناعة الذاتية أولاً، ومنع القومية الروسية من اضطهاد القوميات الأخرى ثانياً. ولهذا أضعف لينين من حماسه السابق لمبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها، وانتقل إلى تحديد موقف آخر، إلى «التصدي للشعور القومي بتحرس شديد، وضمان تساوي الأمم وحريتها في الانفصال بعناية كبيرة، حتى تستأصل جذور الريبة، وحتى تتحقق عن طواعية وحدة وثيقة بين الجمهوريات السوفياتية للأمم قاطبة»( ).
لا شك أن لينين قد شخَّص طبيعة الثورة القومية في آسيا والشرق ووصف حقيقتها. لكنه كان يهدف من وراء ذلك الوصول إلى مسألتين: إضعاف السيطرة الأمبريالية وإرباكها من جهة، وتأجيج ثورة البروليتاريا الديموقراطية، ذات المجال الجغرافي القومي، على طريق إلحاقها -بعد انتصارها- في ركب الأممية من جهة أخرى.

كيف تكامل المنهج اللينيني مع المنهج الماركسي؟
دعا ماركس إلى توحيد ألمانيا عن طريق نقلها إلى المرحلة الرأسمالية، لأنه بدون الرأسمالية لا يمكن تطبيق الاشتراكية، فعملية التوحيد، حسب المنهج الماركسي، هو تأمين أفضل الشروط الموضوعية للانتقال من عصر التجزئة الألماني إلى عصر توحيدها، وهو الشرط اللازم لنقلها إلى المرحلة الرأسمالية، الذي هو الشرط اللازم إلى نقلها إلى عصر البروليتاريا صاحبة المصلحة في النضال من أجل الاشتراكية، وهو الشرط اللازم للانتقال من العصر القومي إلى العصر الأممي.
دعا لينين إلى حق الأمم، الخاضعة لشوفينية الدولة القيصرية، في تقرير مصيرها؛ وهي دعوة للتفتيت، لأنها البيئة الأفضل لتنظيم بروليتاريا الأمم المضطهَدَة في أمة البروليتاريا، التي هي الطريق المنهجي الموضوعي لتجميع الأمم البروليتاريا وتأهيلها لدخول العصر الأممي.
فأصبحت صورة المعادلة على الشكل التالي:
توحيد ألمانيا = تأمين شروط ولادة الرأسمالية + تأمين شروط توحيد البروليتاريا = بناء أمة البروليتاريا في ألمانيا + أمم بروليتارية أخرى = دولة الاشتراكية الأممية.
تفتيت روسيا القيصرية إلى أمم = ولادة البروليتاريا القومية لكل أمة = توحيد أمم روسيا القيصرية + أمم بروليتارية أخرى = دولة الاشتراكية الأممية.
قوميات أوروبا الغربية مكتملة التكوين + أنها دول رأسمالية = العمل لتوحيد بروليتاريا كل قومية + أمم بروليتارية أخرى = دولة الاشتراكية الأممية.
النتيجـــة: قوميات أوروبا الغربية مكتملة التكوين = توحيد ألمانيا = تفتيت روسيا القيصرية إلى أمم.
بين التوحيد الذي دعت إليه الماركسية، والتفتيت الذي دعت إليه اللينينية، مساحة التقاء استراتيجي، وهي المساحة الأهم في المنهج الماركسي - اللينيني، يُختصَر بالتمهيد إلى الانتقال إلى العصر الأممي.
الأمة العربية أمة مجزَّأة، وهي أمة خاضعة للهيمنة الاستعمارية الرأسمالية، فالمنهج الماركسي - اللينيني يجب أن يعمل في سبيل توحيدها كخطوة تمهيدية لنقلها من الوحدة القومية البورجوازية إلى الوحدة القومية البروليتارية فإلى الوحدة الأممية.
أما لو حسبت بعض الأحزاب الماركسية أن الأمة العربية ليست مجزَّأة، وإنما هي خليط من القوميات غير العربية، لكان من المحتمل، حسب المنهج الماركسي - اللينيني، أن لا ترى تلك الأحزاب ضرورة للعمل في سبيل توحيد الأمة العربية. فالثغرة، هنا، ليست ثغرة في تفسير المنهج أو التأويل، وإنما هي ثغرة في المنهج بالفعل، لأنه لم يضع في معادلاته بأن التوحيد القومي هو حالة ثابتة بل حسبه وسيلة متغيرة تمهِّد للوصول إلى الهدف الثابت.
فنحن لو أردنا أن نمارس النقد لمواقف الأحزاب الشيوعية العربية من جراء مواقفها السلبية من القومية العربية وقضاياها المصيرية لكان من الواجب أن ننقد المنهج الماركسي - اللينيني أولاً، وليس كما أرادت بعض الأعمال النقدية التي قام بها ماركسيون وشيوعيون. تلك الأعمال التي حمَّلت وزر الخطأ للأحزاب الشيوعية العربية وليس للمنهج الماركسي - اللينيني بالذات.
***

II - نحـو طاولـة حـوار بـين الماركسيين والقوميـين
بداية لا بُدَّ من أن نرسم مخططاً عاماً لفكر التيارات الحزبية، من داخل الحركة العربية الثورية، يكون مساعداً لنا في تحديد أهم مواضيع الحوار التي لأجلها على تلك القوى أن تبسط طاولات الحوار فيما بينها.

1- كيف يرى حزب البعث العربي الاشتراكي إلى القضايا القومية الأساسية؟
أ-الرابطة القومية، عند حزب البعث العربي الاشتراكي، ذات أولوية عن كل ما عداها من الروابط الأخرى:
وقد كان ذلك واضحاً في دستور الحزب، وقد جاء فيه أن «الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية»( ).

ب-تلازم النضال الوطني / القومي مع النضال الطبقي:
لقد اكتشف البعث الصراع الطبقي من خلال كفاحه لتحقيق الوحدة العربية، «لأنه أدرك أن الوحدة لا يمكن أن تحققها إلاَّ الجماهير الشعبية الكادحة… وكذلك أدرك الترابط الوثيق بين المصالح الاستعمارية ومصالح الطبقات المحلية المستغلة المالكة للأرض ورأس المال، مؤكداً أن مقاومة الاستعمار تعني مقاومة المتحالفين معه من المستغلين الذين ترتبط مصالحهم بمصالحه»( ).
آخذاً بعين الاهتمام علاقة النضال الطبقي مع النضال القومي، يعدُّ ميشيل عفلق أن «القومية تبقى مجرد ألفاظ مع الظلم والفقر والحرمان»( ). وحول ذلك يقول: عندما ربطت جماهير الشعب «بين مطلب التحرر والوحدة وبين كفاحها اليومي من أجل الرزق… عندها أمكن أن تحقق الانتصارات على الاستعمار… لأننا سلّمنا هذه الأهداف الغالية إلى أصحابها، إلى الطبقة الكادحة»( ).
إن قيمة الدولة العربية أنها ناجمة عن انبثاقها عن إرادة الجماهير( ). لذا عليها أن تكفل المساواة المطلقة بين المواطنين أمام القانون، والتعبير بملء الحرية عن إرادتهم( ).
فمن أهداف الحزب تعميم مساواة المواطنين بالقيم الإنسانية، ولذا يمنع استثمار جهد الآخرين( ). وأن يشترك العمال في إدارة المعمل. واعتبار العمل واجب إلزامي على كل من يستطيعه. وأن يكفل مورد العمل مستوى لائقاً في الحياة. ويؤكد على صيانة حقوق العمال، وذلك من خلال تأليف نقابات حرة( ).
من هنا نرى أن الحزب دعا إلى «إلغاء التفاوت الطبقي والتمايز: [لأن] التفاوت الطبقي نتيجة لوضع اجتماعي فاسد. لذلك فالحزب يناضل في صف الطبقات الكادحة والمضطهدة من المجتمع حتى يزول هذا التفاوت والتمايز…»( ).
أما عن موقع الطبقات الكادحة من الوحدة القومية، فهو أن «الوحدة ما زالت تحتاج إلى جيل يؤمن بها، يناضل من أجلها، يتابع رسالتها على الأسس الصحيحة، على المبادئ الديموقراطية والاشتراكية لكي يجد فيها الشعب ما يطمح إليه». وهي «وحدة جماهير الشعب، لا وحدة طبقة إقطاعية»، والسبيل لكي تكون «وحدة شعبية اشتراكية ديموقراطية»، هو الإيمان بها، والعمل في سبيلها، لا أن نتركها للصدف والظروف( ).
إن القومية العربية، في وقتنا الحاضر، مرادفة للاشتراكية «فلا تناقض ولا تضاد ولا حرب بين القوميين والاشتراكيين… فضرورات النضال القومي توجب النظرة إلى الاشتراكية… فهذا النضال… ضد الطبقة المستغلة التي فشلت في نضالها… هو نضال في سبيل تحقيق الاشتراكية، لأن القضاء على الطبقة المستغلة للقضية القومية، هو أيضاً، قضاء على الاستغلال الطبقي الاقتصادي، أي تحقيق للاشتراكية»( ).
ويشكِّل نضال الطبقة العاملة الوحدوي الضمان الأساس لكي تأخذ الوحدة العربية مساراتها الصحيحة، لأنه إذا «دخلها العمال، إن دخلتها الطبقة الشعبية الكادحة، يخرج منها كل رجعي مشبوه»( ).

ج-القومية العربيـة إنسانيـة وليست شوفينيـة:
إن القومية في فكر الحزب ثابت استراتيجي، وهي ليست مرحلة لشيء فوقها «وإنما الصحيح أن بين القومية والإنسانية انسجاماً»؛ وهي «حالة سوية وحالة ثابتة غير مؤقتة… إذا خلصت من التعصب وشوائب الطمع والتوسع»( ).
«ففكرة القومية العربية، إذاً، لا تنحصر بالعرب، وإنما لها نزوع إنساني. وفكرة الرسالة في هذه القومية تربطها بالإنسانية عامة، وتقيها من التردي في المفاهيم السلبية للقومية، كالمفهوم العنصري والمذهبي وكل تعصب… ولا يمكن أن تؤدى إذا لم يكن الشعب العربي في الداخل ممارساً لحريته، إذ لا شيء ذا قيمة يمكن أن يصدر عن القسر والضغط والإكراه»( ). فإن «الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته، مشترك في قيمه وحضارته، فالعرب يتغذون من الحضارة العالمية ويغذونها، ويمدون يد الإخاء إلى الأمم الأخرى، ويتعاونون معها على إيجاد نُظُمٍ عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام، والسمو في الخلق والروح»( ). فعلى الشعب العربي «أن يتعاون مع سائر الأمم على كل ما يضمن للإنسانية سيرها القويم إلى الخير والرفاهية»( ). لذا تكون رغبة العرب في أن يجدوا جميع الأمم تتمتع، مثلهم، بالحرية( ).

د-القوميـة العربية تقف في الخندق المعادي للاستعمار والصهيونيـة:
يرى الحزب أن الحاجة إلى الوحدة «شرط لازم للنضال الشعبي التحرري ضد الاستعمار وضد الاستغلال»، «إنها الوحدة الثورية في هذا العصر، وحدة تنهض على أكتاف الجماهير وتمتزج بالنضال الاشتراكي»( ). لذا دعا الحزب إلى وجوب «رؤية العلاقة العميقة التي تصل وجود إسرائيل بمشكلاتنا القومية من جميع نواحيها… عن ما يشكل خطراً على الأمة العربية هو كيان إسرائيل كدولة لا وجود أقلية يهودية في الوطن العربي»( ).
ويرى، أيضاً، أن «مساعدة الدول الاستعمارية للحركة الصهيونية… يُقصَد منه الحيلولة دون الوحدة العربية… [ولقد] وصفنا دوماً العدو الأول هو الاستعمار، واعتبرنا إسرائيل نتيجة للاستعمار وحليفة له وربيبة له، وإن مصيرها مرتبط بمصيره»( ). ووضعنا في الاعتبار أن مصلحة الفئات الرجعية رهن ببقاء الاستعمار( ). فعلى العرب أن يناضلوا «بكل قواهم، لتقويض دعائم الاستعمار والاحتلال وكل نفوذ سياسي أو اقتصادي أجنبي في بلادهم»( ). ولبلوغ هذا الهدف، ولأنه يعي أن عبء المهمة يفوق طاقة حزب واحد، يدعو حزب البعث إلى التعاون مع الأحزاب العربية التقدمية على أساس: النضال ضد الاستعمار الخارجي والاستثمار الداخلي( ).

2-التيار القومي - الماركسي - اللينيني: أنموذج حزب العمل الاشتراكي العربي:

أ-الأسباب التي أدَّت إلى أن يتحوَّل حزب ثوري بورجوازي إلى حزب بروليتاري:
للإجابة على ذلك يرى حزب العمل الاشتراكي العربي أنه لا بُدَّ من الوقوف أمام ظاهرة «إمكانية تحول الأحزاب البورجوازية الصغيرة المثالية إلى أحزاب بروليتارية ماركسية - لينينية، باعتبارها إحدى معطيات التجربة التاريخية لتطور المجتمعات المختلفة»( ).
بداية، وحول ظاهرة تحول حركة القوميين العرب، كمنظمة «وطنية بورجوازية صغيرة»، لا يمكن مناقشتها على أساس النظرية الماركسية - اللينينية، لأن الماركسية «يمكن أن تكون المثل الأعلى لمناقشة الأحزاب الشيوعية، ولكنها لا يمكن أن تكون مثلاً أعلى لمناقشة الأحزاب البورجوازية»، لذلك يجب البدء في البحث عن العوامل التاريخية التي أدَّت إلى بروز ظاهرة حركة القوميين العرب، والبحث عن المراحل الرئيسة التي مرَّت فيها( ).
لقد عاش التيار اليساري في داخل الحركة في قلب تكوينها البشري الكادح، وناضل مع الكادحين جنباً إلى جنب، فاشتدَّ ارتباط الحركة بالجماهير الكادحة من خلال معارك النضال، وهذا ما دفع الاتجاه اليساري إلى الاهتمام «باتجاهات الجماهير الكادحة ونزعاتها المعبِّرة عن مصالحها الطبقية»( ). وبهذا أدرك تخلف مفاهيم الحركة القديمة من جهة، واستجابة لممارساتها أدركت ضرورة تغيير مفاهيمها وشعاراتها من جهة أخرى؛ وهذا ما أظهر أن هناك علاقة جدلية بين الممارسة والنظرية( )؛ فكان «استنادها إلى ممارساتها النضالية هو النبراس الذي أضاء الطريق أمام الحركة، وفتح الآفاق أمام تطور فكرها»( ).
ثلاثة تناقضات حكمت تطور حركة القوميين العرب، وأسهمت في سيرها على طريق التحول إلى حزب ماركسي لينيني، وهي:
- التناقض بين نزعة الجماهير ونهج الحركة.
- التناقض بين الفكر الاشتراكي العلمي وفكر الحركة المثالي.
- التناقض الداخلي بين العناصر اليسارية والعناصر اليمينية( ).
فأما بالنسبة للتناقض الأول، فكان الأوائل من عناصر الحركة مدفوعين بتصور «مثالي يرفض موضوعة الصراع الطبقي، ويدعو لتآخي الطبقات»، السبب الذي دفعها لأن تسمح لأبناء العائلات الإقطاعية والبورجوازية أن تتسلل إلى صفوفها( ). ولم تبدأ ممارسة عملها على أساس أنها البديل لما هو قائم من منظمات وأحزاب وحركات وطنية( ).
وانطلاقاً من تصور حركة القوميين العرب المثالي، بإمكانية حشد كل طبقات الشعب الوطنية ضد إسرائيل، غابت القضية الاجتماعية عن لائحة أهدافها تحت «ذريعة الخشية من استفزاز الطبقة البورجوازية الوطنية»( ). لكن، لما تحسست عجز البورجوازية الصغيرة وفشلها في إنجاز مهمات الثورة الوطنية الديموقراطية استمرت الحركة في تقدمها نحو الأمام( ). آنذاك، أخذ التناقض الطبقي يتفاقم بين جماهير العمال والفلاحين والبورجوازية الصغيرة في المدن وبين أعدائها الطبقيين؛ فتحول إلى تناقض بين الحركة والجماهير، السبب الذي جعلها تتخلى عن بعض شعاراتها ومفاهيمها( ).
قاد التناقض الأول إلى إحداث تغير في فكر الحركة، أدَّى إلى التفتيش عن حل للتناقض بين الفكر الاشتراكي العلمي وفكر الحركة المثالي. ولما كانت الحركة تعيش في بيئة العمال والفلاحين، على أساس فكرها الإصلاحي المثالي، كانت عاجزة عن مواجهة حاجتهم إلى أجوبة علمية واضحة( ). ولهذا كانت تنتقل، تدريجياً، نحو الفكر العلمي -منذ أوائل الستينات- إلى أن تطوَّر فكرها «تطوراً دياليكتيكياً مطرداً، أوصلها إلى مواقعها الطبقية الإيديولوجية الجديدة»، في العام 1970م، ولكي تتحوَّل بشكل جذري كان عليها أن «تلتزم الشيوعية نهجاً وعقيدة»، وأن تتغلَّب «نهائياً على كل المفاهيم المثالية»( ). فكان لا بُدَّ من أن تحمل مفاهيم وشعارات، اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وفكرية، مُستمَدَّة من النظرية العلمية، أي الماركسية - اللينينية( ).
ومن هنا، ارتبطت حركة القوميين العرب بالجماهير «إيماناً منها بأن أغراضها السياسية القومية لن تتحقق إلاَّ إذا أصبحت تلك الجماهير، هي أداة تحقيق تلك الأهداف»( ).

ب-كيف حاول حزب العمل الاشتراكي العربي أن يتمايز عن التيارين: القومي العربي والأحزاب الشيوعية العربية؟
كانت نكسة الخامس من حزيران / يونيو، من العام 1967م، فاصلاً زمنياً مهماً أدى إلى متغيرات فكرية وسياسية على صعيد بعض أطراف قوى حركة التحرر العربي. فبعد ذلك المفصل التاريخي المهم، في حالة الصراع العربي - الصهيوني، قامت بعض فصائل التيار القومي بمراجعات نقدية دارت حول المحتوى الفكري الذي كانت تنتهجه سابقاً، فكيف كانت النتائج؟
ظهرت بعض التيارات الحزبية العربية، كمثل حزب العمل الاشتراكي العربي، بخلاصات سياسية تقوم على أن نكسة حزيران قد كشفت بشكل «حاسم وملموس» أن العدو القومي الرئيس لحركة التحرر العربية يتمثَّل «بالإمبريالية العالمية بقيادة أميركا، والتي تستعمل إسرائيل والحركة الصهيونية». ولامست «الخطر والظلم والاستعباد والاضطهاد والاستغلال الذي يمارسه هذا العدو». وتوصَّلت تلك الفصائل إلى نتيجة كبرى ثانية، وتتمثَّل في «انكشاف عجز كافة الأنظمة العربية، سواء منها الأنظمة الرجعية… أو الأنظمة الوطنية التي تحكمها البورجوازية الصغيرة»( ). ولقد أدَّت تلك إلى التفكير في توليد حركة جديدة، ورؤية سياسية جديدة، ومن أهم معالمها ما يلي:
-إن مرحلة النضال الراهنة، هي مرحلة التحرر الوطني، «مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية ضمن الإطار القومي، إطار الوحدة العربية».
-إن الأمبريالية الأميركية والصهيونية هي العدو الرئيس للأمة العربية، وطبقة الإقطاع والرأسمالية العربية هي حليف للإمبريالية.
فمعسكر الخصم لحركة التحرر الوطنية العربية هم: الأمبريالية العالمية، الصهيونية، «إسرائيل»، والرجعية العربية.
-كشفت الهزيمة عجز الطبقة البورجوازية الصغيرة عن مواجهة العدو القومي والطبقي. وهذا السقوط يمهِّد لولادة قيادة الطبقة العاملة لمعركة التحرر الوطني، وهي الأشد معاناة من ظروف الاضطهاد القومي والطبقي؛ فهي، استناداً إلى تجارب الثورة العالمية، «وحدها القادرة على مقارعة الأمبريالية حتى النهاية»؛ فعليها، على الرغم من أنها عملية شاقة وطويلة أن تعمل من أجل أن تتسلَّم القيادة.
-على قيادة الطبقة العاملة أن تشكِّل تحالفاً طبقياً، من «الفلاحين الفقراء، والبورجوازية الصغيرة، وقطاع من البورجوازية الوطنية… والمثقفين الثوريين والجنود…».
-على قيادة الطبقة العاملة أن تربط الثورة الوطنية الديموقراطية، ربطاً عضوياً، بمرحلة الثورة الاشتراكية. وهذا ما يضعها ضمن معسكر الثورة البروليتارية العالمية.
-من أهم أساليب المواجهة، التي على قيادة الطبقة العاملة أن تقودها، تأتي حرب التحرير الشعبية. بحيث تبدأ بحرب العصابات وصولاً إلى حرب المواجهة الكبيرة استناداً «إلى جيش ثوري شعبي متين التنظيم». لكن ذلك لا يمنع من ممارسة شتى أساليب النضال الأخرى.
-لا يمكن تحقيق تلك الخطة إلاَّ من خلال «حزب ثوري»، يتَّخذ دليلاً فكرياً قائماً على نظرية الماركسية - اللينينية، أي حزب الطبقة العاملة( ).
لم يقف هذا التيار أمام إشكالية الاعتراف بوجود أمة عربية أو إنكار وجودها، بل عدَّها من المسلمات الموجودة، فهي ليست «مجرد شعار سياسي، يُرفع تعبيراً عن العواطف والمشاعر القومية… [بل] يعبِّر بصدق عن مشاعرنا وأحاسيسنا القومية العربية… [لكن] يجب تنميتها وتنقيتها من شوائب الشوفينية والاستعلاء والنزعات القومية المتطرفة… [وعلى أن] يعبِّر، أيضاً، عن مصلحة الطبقة العاملة وسائر الجماهير الكادحة…»( ).
فتحقيق الوحدة العربية مرتبط بنضال الطبقة العاملة، وإن قيامها «سوف يصبح ممكناً جداً عندما تؤول السلطة إلى الطبقة العاملة وحلفائها الفلاحين في قطرين أو أكثر». والوحدة عملية شاقة وطويلة، وتتحقق بما يلي:
-نتيجة نضال عنيد تخوضه جماهير العمال والفلاحين.
-توفير الأداة القادرة على بلورة وعي الجماهير بأهمية الوحدة بشتى جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنضالية.
-وحدة الطبقة العاملة العربية هي الأساس الموضوعي لوحدة شعوب مختلف الأقطار( ).
إن الطبقة العاملة العربية، هي «الطبقة الصاعدة من بين كل طبقات الثورة العربية»؛ لذا من الواجب على الحزب الثوري أن يعمل على الارتقاء بوعي العمال، لكي يبذلوا الجهد من أجل تحالفهم مع «الفلاحين عامة والفقراء خاصة»( ). ومن شروط وعيها أن تعمل من أجل التحام الثورة القطرية بالثورة العربية( ).

3- نحو طاولة حوار بين فصائل حركة التحرر العربية:
إنقسمت الاتجاهات والقوى السياسية لحركة التحرر العربية إلى عدة تيارات فكرية وسياسية، ومن أبرزها التيارات التالية:

-تيار الأحزاب الشيوعية العربية: وهي من أقدم الحركات المنظَّمة في الأقطار العربية، وهي التي ارتبطت، بشكل أو بآخر، بمواقف الاتحاد السوفياتي. ولأنها كانت تتَّخذ مواقف الاتحاد السوفياتي دليلاً لها، وغالباً ما كانت مواقفه تراعي مصالحه السياسية، تذبذبت مواقفها، بشكل عام، من المسألة القومية العربية وترجمتها السياسية في الوحدة العربية. وهذا ما انعكس على مواقفها من القضايا القطرية العربية، فكانت قضية فلسطين مثالاً واضحاً.
ولأنها لم تتسم بالإيجابية الحاسمة من وجود قومية عربية، فقد تماوجت مواقف هذا التيار من مسألة الوحدة العربية من جانب، واختلطت مفاهيمه المتذبذبة حول المسألة القومية وانعكست سلباً على مواقفه من القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني - الصهيوني، فحسبت أن ذلك الصراع محكوم بالصراع الطبقي، فانحازت إلى جانب الطبقة العاملة اليهودية بعد أن خُيِّل لها أنها تقاتل البورجوازية والرجعية العربية. واستمرت مواقفها على هذا السياق فعدَّت أن العمل الفلسطيني المسلح وكأنه عمل مغامر.

-التيار القومي العربي: على الرغم من أن الحركة القومية قد سبقت في النشاط كل الحركات السياسية في الأقطار العربية، إلاَّ أنها أسست أحزابها في مراحل متأخرة عن تأسيس الأحزاب الشيوعية العربية. ومن أهم فصائل هذا التيار وأقدمها تأسيساً كان حزب البعث العربي الاشتراكي الذي عقد مؤتمره الأول في السابع من نيسان من العام 1947م. وكانت من أهم مميزاته الفكرية والسياسية أنه أعطى أرجحية للعمل الوحدوي على الصعيد القومي العربي؛ وبنى مواقفه القطرية استناداً إلى عمق تلك الأقطار القومي. وأعطى أرجحية للنضال القومي على الرغم من أنه لم يفصل، منذ تأسيسه، بين النضال القومي والنضال الاجتماعي، بل عدَّهما متلازمين ومرتبطيْن بعلاقة جدلية متواصلة.

-التيار القومي (الماركسي - اللينيني)، وقد تأسست فصائله في أوائل السبعينات من القرن ال20م، ومن أهم فصائله حزب العمل الاشتراكي العربي ومنظمة العمل الشيوعي في لبنان وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية ممن يدين بالولاء الفكري للماركسية.
حافظت تلك الفصائل على أصولها القومية، استناداً إلى تراث الحركة الأم، حركة القوميين العرب. وبعد أن كانت تعطي الأولوية في برامجها للنضال القومي بدون منازع، انحازت إلى جانب إعطاء الأولوية للنضال الطبقي، الذي عدَّته المدخل الأساس والرئيس للنضال القومي، باعتماد النظرية الماركسية؛ وآمنت بضرورة أن تقود البروليتاريا كل مراحل النضال على المستويين الطبقي والقومي، فزاوجت بين النضال القومي والنضال الاجتماعي.
لقد تداخلت الأولويات الفكرية - السياسية بين تلك التيارات، ومن أهم الأولويات: المسألة القومية والصراع الطبقي. أي النضال القومي والنضال الاجتماعي. ومن خلال تحديد الأولويات الفكرية تداخلت الرؤى وتعددت حول المسائل القطرية العربية الأشد إلحاحاً.
ومن أهم التداخلات والجوامع المشتركة تأتي المسألة القومية لكي تشكل جامعاً مشتركاً بين التيار القومي والتيار القومي - الماركسي - اللينيني؛ بحيث عدَّ كل من التيارين المسألة القومية بأنها من المسلَّمات التي لا يمكن النقاش حول وجودها، وحول أهمية روابطها.
وتأتي، أيضاً، مسألة الصراع الطبقي جامعاً مشتركاً بين التيارين، الشيوعي والتيار القومي - الماركسي - اللينيني. وقد أعطى التيار الشيوعي مسألة النضال الطبقي أولوية على النضال القومي - الوطني؛ بينما حسب التيار الآخر أنه لا يمكن إنجاح النضال القومي والقضايا القطرية إلاَّ على أساس أن تتبوَّأ قيادته الطبقات العمالية والفلاحية.
أما ما ليس بجامع مشترك بين التيارات الثلاثة، فهو عبارة عن أن التيارات الماركسية، بشقيها: الشيوعي والقومي - الماركسي، تُدين إلى الفكر الماركسي - اللينيني بالولاء وتعدّه بأنه المعبِّر العلمي الوحيد عن الصراع الطبقي والنظرية الاشتراكية. أما التيار القومي، على الرغم من أنه يتبنّى مصلحة الطبقات الكادحة، ويعدّها من ركائز حركة التحرر القومي والاجتماعي، فهو لا يدين بالولاء للماركسية - اللينينية كنظرية نهائية جامدة، مع أنه لا يرفضها، بل يدعو للاستفادة منها، لأنه يعدّها من التراث الإنساني الذي لن يكون مُلْكاً لتنظيم أو لحزب.

4-نحو دراسة مقارنة بين الاتجاهات الفكرية والسياسية عند فصائل حركة الثورة العربية:
أ- الرابطـة القوميـة ثابت إنساني:
جاء عند حزب البعث العربي الاشتراكي أن «الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية»( ).
وجاء عند حزب العمل الاشتراكي العربي أنها ليست «مجرد شعار سياسي، يُرفع تعبيراً عن العواطف والمشاعر القومية… [بل] يعبِّر بصدق عن مشاعرنا وأحاسيسنا القومية العربية… [لكن] يجب تنميتها وتنقيتها من شوائب الشوفينية والاستعلاء والنزعات القومية المتطرفة… [وعلى أن] يعبِّر، أيضاً، عن مصلحة الطبقة العاملة وسائر الجماهير الكادحة…»( ). ومن شروط وعيها أن تعمل من أجل التحام الثورة القطرية بالثورة العربية( ).
يحسب التجمع الشيوعي الثوري في لبنان [تنظيم تروتسكي] أن الأمة موجودة فنقدوا الماركسيين لأنهم لم يضعوا لها تعريفاً كاملاً. أما حول التعريف فيرى التجمع أن جامعة اللغة هي الشيء الثابت الوحيد بين أبناء الأمة، لكنه لا يكفي لوحده لتشكيل أمة، بل إن القومية تقوم على الشعور بالانتماء إلى أمة واحدة. إن الأمة شعور ووعي بالدرجة الأولى ، وغالباً ما سبق الوعي القومي إنشاء الدولة القومية. وإن صفة الأمة لا تُمنَح للشعوب: إنها تُعلَن من قبلها!. وغالباً ما يساعد القهر القومي على بلورة الوعي القومي( ). أما عن الوحدة القومية العربية يجب أن تشكل المهمة المركزية للثورة العربية، على أن يتم التمييز بين المهام القومية الثورية والنزعة القومية البورجوازية. فيصبح من الأساسي أن تكون ديكتاتورية البروليتاريا قائدة لمهام الثورة العربية( ).
أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري قراراً حددت فيه أن الوحدة العربية أصبحت ضرورة حتمية، وأكدت موقفها في كانون الثاني من العام 1958م، حينما دعت أعضاء الحزب في سوريا للتصويت إلى جانب قيام الجمهورية العربية المتحدة. وكان هذا الموقف لا يحوز على الإجماع في داخل الحزب، فأخذ المعارضون يروَّجون للمواقف المعادية للوحدة، وأيدوا الحركة الانفصالية.
إنتقد المؤتمر، الذي عقده الحزب الشيوعي اللبناني في حزيران / يونيو من العام 1969م، هذا الموقف. وأشار في نقده للمرحلة السابقة إلى غياب العمل الجماعي ومبادئ المركزية الديموقراطية، السبب الذي دفع الحزب إلى تبنّي مواقف فكرية وسياسية غير صحيحة، كموقفه من قضية الوحدة العربية وتأخر في طرحها كشعار استراتيجي( ).
وهنا يقول إن «بلورة البرنامج لطبيعة الحزب الطبقية وتعديل خطه في القضايا القومية يشكل الأساس لجذب الفئات العمالية الكادحة بصورة عامة نحو حزبها الطليعي»( ). ومن مبادئها أن «الطبقة العاملة، وحزبها الطليعي، لها مواقفها المبدئية في القضية الوطنية والقومية»، سواء تجاه القضية القومية عموماً، أو تجاه كل مسألة مهمة ذات طابع قومي( ). وعليه أن يدفع نضالاته من أجل خلق ظروف إيجابية لبناء علاقة سليمة بين الوطني والقومي( ). كما ويتم العمل على تعزيز العمل الجبهوي القومي، والتأكيد على أهمية قيام حركة ثورية عربية تعمل من أجل الوحدة القومية. والتأكيد على أهمية الترابط العضوي بين جوانب النضال في الأوجه المختلفة للمسألة القومية( ). والعمل من أجل قيام حركة ثورية عربية من نوع جديد( ).

ب- القوميـة العربيـة إنسانيـة وليست شوفينيـة:
يرى حزب البعث العربي الاشتراكي أن القومية ليست «مرحلة لشيء فوقها، وإنما الصحيح أن بين القومية والإنسانية انسجاماً»؛ وهي «حالة سوية وحالة ثابتة غير مؤقتة… إذا خلصت من التعصب وشوائب الطمع والتوسع»( ). وهي «لا تنحصر بالعرب، وإنما لها نزوع إنساني. وفكرة الرسالة في هذه القومية تربطها بالإنسانية عامة، وتقيها من التردي في المفاهيم السلبية للقومية، كالمفهوم العنصري والمذهبي وكل تعصب… ولا يمكن أن تؤدى إذا لم يكن الشعب العربي في الداخل ممارساً لحريته، إذ لا شيء ذا قيمة يمكن أن يصدر عن القسر والضغط والإكراه»( ). فإن «الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته، مشترك في قيمه وحضارته، فالعرب يتغذون من الحضارة العالمية ويغذونها، ويمدون يد الإخاء إلى الأمم الأخرى، ويتعاونون معها على إيجاد نُظُمٍ عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام، والسمو في الخلق والروح»( ). وعلى الشعب العربي «أن يتعاون مع سائر الأمم على كل ما يضمن للإنسانية سيرها القويم إلى الخير والرفاهية»( ).
ويرى حزب العمل الاشتراكي العربي أنه يجب تنمية المسألة القومية العربية وتنقيتها من شوائب الشوفينية والاستعلاء والنزعات القومية المتطرفة( ).
ويرى الحزب الشيوعي اللبناني أن الدول الاستعمارية كانت تحاول الاستناد إلى ترويج الدعوات الشوفينية لإيجاد موطئ قدم لها في العالم العربي؛ غير أنَّ «حركة التحرر الوطني العربية، بأهدافها القومية الاستقلالية، المتمثلة بالعمل لتحقيق الاستقلال التام والوحدة العربية… هي في جوهرها حركة تقدمية معادية للأمبريالية، وبالتالي تجعل مصالح الجماهير العربية الواسعة في تناقض تام مع الرأسمالية»( ).
ينتقل الحزب الشيوعي اللبناني في موقفه حول المسألة القومية العربية، أي من الشوفينية إلى التقدمية، فيرى أن مجرد نشأة الفكرة القومية في البلدان العربية في الظروف التي «بلغت فيها الرأسمالية مرحلة الأمبريالية» هو الذي أعطاها طابعها التقدمي من بعد أن أظهرت طموحاتها للتخلص من الاضطهاد الأجنبي( ).

ج- تلازم النضال الوطني / القومي مع النضال الطبقي:
يرى حزب البعث العربي الاشتراكي أن «القومية تبقى مجرد ألفاظ مع الظلم والفقر والحرمان»( ). لذا عندما ربطت جماهير الشعب «بين مطلب التحرر والوحدة وبين كفاحها اليومي من أجل الرزق… أمكن أن تحقق الانتصارات على الاستعمار…»( ). لهذا السبب يعمل الحزب على «إلغاء التفاوت الطبقي والتمايز: [لأنه] نتيجة لوضع اجتماعي فاسد. لذلك فالحزب يناضل في صف الطبقات الكادحة والمضطهدة من المجتمع حتى يزول هذا التفاوت والتمايز…»( ).
فالوحدة العربية هي «وحدة جماهير الشعب، لا وحدة طبقة إقطاعية»، والسبيل لكي تكون «وحدة شعبية اشتراكية ديموقراطية»، هو الإيمان بها، والعمل في سبيلها، لا أن نتركها للصدف والظروف( ). فالترابط بين الوحدة وطبقات الشعب الكادحة وثيق، لأنه إذا تسلَّمت قضية الوحدة «يخرج منها كل رجعي مشبوه»( ).
فالحاجة إلى الوحدة «شرط لازم للنضال الشعبي التحرري ضد الاستعمار وضد الاستغلال»، «إنها الوحدة الثورية في هذا العصر، وحدة تنهض على أكتاف الجماهير وتمتزج بالنضال الاشتراكي»( ).
أما حزب العمل الاشتراكي فيرى أن تربط قيادة الطبقة العاملة الثورة الوطنية الديموقراطية، ربطاً عضوياً، بالثورة الاشتراكية. وهذا ما يضعها ضمن معسكر الثورة البروليتارية العالمية( ). وبالتالي أن تعبِّر عن مصلحة الطبقة العاملة وسائر الجماهير الكادحة…»( ).
ويرى الحزب الشيوعي اللبناني أنه قد جرى البرهان على أن مهام التحرر الوطني والقومي تتقاطع مع مهام التحرر الاجتماعي. فالطبقة العاملة، صاحبة المصلحة بالتحرر الاجتماعي، تنجز مهام التحرر الوطني والقومي كذلك. وهذا يعني أن التحرر الوطني والقومي ليس مهمة ثانوية من مهام الطبقة العاملة، وليس هناك قوة اجتماعية أخرى لها مصلحة أكبر من الطبقة العاملة، أو دور أكبر، في إنجاز هذه المهمة( ).

د- القومية العربية في الخندق المعادي للاستعمار والصهيونية والطبقات الرجعية والإقطاعية:
يعمل حزب البعث العربي الاشتراكي من أجل أن «يناضل العرب، بكل قواهم، لتقويض دعائم الاستعمار والاحتلال وكل نفوذ سياسي أو اقتصادي أجنبي في بلادهم»( ). ومن جهة أخرى يرى وجوب «رؤية العلاقة العميقة التي تصل وجود إسرائيل بمشكلاتنا القومية من جميع نواحيها… [وإن] ما يشكل خطراً على الأمة العربية هو كيان إسرائيل كدولة لا وجود أقلية يهودية في الوطن العربي»( ). فيصبح من «المفهوم بداهة بأن مساعدة الدول الاستعمارية للحركة الصهيونية… يُقصَد منه الحيلولة دون الوحدة العربية… [وإن] العدو الأول هو الاستعمار، [وإن] إسرائيل نتيجة للاستعمار وحليفة له وربيبة له، وإن مصيرها مرتبط بمصيره»( ). ويرى الحزب، أيضاً، أن مصلحة الفئات الرجعية رهن ببقاء الاستعمار( ).
ولا يشذ حزب العمل الاشتراكي العربي عن الرؤية البعثية، فهو يرى أن العدو القومي الرئيس لحركة التحرر العربية يتمثَّل «بالإمبريالية العالمية بقيادة أميركا، والتي تستعمل إسرائيل والحركة الصهيونية». وهي تلامس «الخطر والظلم والاستعباد والاضطهاد والاستغلال الذي يمارسه هذا العدو». وتوصَّل الحزب، أيضاً، إلى نتيجة كبرى ثانية، وتتمثَّل في «انكشاف عجز كافة الأنظمة العربية، سواء منها الأنظمة الرجعية… أو الأنظمة الوطنية التي تحكمها البورجوازية الصغيرة»( ).
فمعسكر الخصم لحركة التحرر الوطنية العربية -كما يراه حزب العمل- هم: الأمبريالية العالمية، الصهيونية، «إسرائيل»، والرجعية العربية. لذا فإن مرحلة نضال الأمة العربية، هي مرحلة التحرر الوطني، «مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية ضمن الإطار القومي، إطار الوحدة العربية». وإن العدو القومي للأمة العربية هي الأمبريالية الأميركية والصهيونية. وطبقة الإقطاع والرأسمالية العربية هي حليف للإمبريالية( ).
وتربط بعض التنظيمات التروتسكية بين التجزئة العربية وبين الأهداف الاستعمارية من جهة، وبين مصالح الاستعمار ومصالح البورجوازية والطبقات المالكة العربية( ).

ومن جهته يرى الحزب الشيوعي اللبناني أن الأفكار القومية نشأت في العالم العربي في ظروف خضوع الشعوب العربية للنير الأجنبي واضطهاده»( ). لكنه نظر إلى القضية الفلسطينية وإلى التآمر الاستعماري الصهيوني نظرة ضيقة. ولم يفطن إلى أن قضية فلسطين كانت منطلقاً للجم وضرب حركة التحرر الوطني العربية… ولم يستطع أن يقدّر، كما ينبغي، الأبعاد السياسية والقومية، التي يمكن أن يؤدي إليها، على المدى البعيد، نجاح المؤامرة على فلسطين، بإنشاء كيان مصطنع على أرضها( ).
ومن خلال نقده الذاتي يحدد الحزب الشيوعي اللبناني موقفه قائلاً بأنه لم يكن من المفروض على الشيوعيين اللبنانيين أن يتخذوا «أي موقف تفرضه الضرورات العملية، لا من الناحية التكتيكية، ولا من الناحية المبدئية، حيث أن أرضنا كانت موضع اغتصاب»( ).

***
خاتمــة البحث
ظهر معنا، من خلال البحث المقارن، أن تيارات الحركة العربية الثورية تتفق حول معظم قضايا الصراع الذي تواجهه الأمة العربية:
-العمل من أجل توحيد الرؤية الفكرية حول وجود قومية عربية.
-النضال من أجل توحيد الأمة العربية.
-النضال من أجل إنهاء الوجود الإمبريالي وهيمنته، ومن أجل إنهاء الوجود الصهيوني في فلسطين.
-الصراع الطبقي بين الطبقة العمالية وأخصامها من الطبقات المستغلة.
أما التمايزات بين تلك التيارات فتعود إلى:
-إشكالية أية فلسفة على تيارات الحركة العربية الثورية أن تستند في تحديد قيادة تلك الصراعات. انتمى بعضها إلى الفكر الماركسي، وبعضها الآخر رأى ضرورة صياغة نظرية قومية عربية تستند إلى واقع الأمة وخصوصياتها.
-هل تكون قيادة الثورة معقودة اللواء للطبقة العاملة، أم أن هناك طبقات أخرى تعادلها كمثل الفلاحين والمثقفين الثوريين وصغار الكسبة والبورجوازية الصغيرة الثورية… وهل واقع الطبقة العاملة العربية، عددياً ونوعياً، مؤهَّلة لاستلام موقع القيادة؟
إن الاتفاق حول تشخيص القضايا الرئيسة متوافر بين معظم تيارات الحركة العربية الثورية، لكن نقاط الخلاف بينها تتمظهر من خلال التعددية في الرؤى حول من يقود الصراع من أجلها.
أما لو عدنا إلى تأصيل النظريات الفلسفية التي تستند إليها تلك التيارات لوجدنا أن أياً منها لم تدَّع أنها قد أصابت الحقيقة المطلقة، والسبب أنها وُلِدت من أصول تاريخية واجتماعية واقتصادية لمجتمعات لها خصائصها التي تميزها عن غيرها من المجتمعات.
أما بعض تيارات الحركة الثورية العربية فقد نسخت فلسفات تأصَّلت في مجتمعات متمايزة عن المجتمع العربي، وبعضها الآخر رفضها تحت ذريعة أنها صيغت لمجتمعات غير مجتمعاتنا في ظروف تتمايز عن ظروفنا.
ولكي لا نكون من الباصمين دون نقد، أو من الرافضين من دون نقد، نرى أن أية فلسفة تعير الثوابت الإنسانية اهتمامها، وتعمل من أجل صياغة نظريات تطبيقية لها، تصبح ملكاً للبشرية جمعاء. فيمكن لشتى التيارات العاملة من أجل التغيير في مجتمعاتها أن تستفيد من دون حرج أو عُقد من جوانب شتى الفلسفات الإنسانية، وأن تنتقد من دون حرج جوانب تلك الفلسفات التي لا تتلاءم مع ظروف تلك المجتمعات.
استناداً إلى ذلك، نقلت شتى التيارات الماركسية، عن الفلسفة الماركسية، نظرية الصراع الطبقي، وحصرته بين طبقتين: البورجوازية والبروليتارية. ونقلت، حرفياً، عنها تعريف كل مصطلح من دون أي تغيير. ولهذا أصبح الصراع الطبقي هو الخط الاستراتيجي لتلك التيارات. وصنَّمت هذا المبدأ، وعدَّت طريق الوصول إليه نصّاً جامداً.
ولكي ننظر إلى الواقع الطبقي وواقعه وصلاحيته لواقع البيئة الاجتماعية العربية، كان لا بُدَّ من أن نتساءل:
-هل واقع المجتمع العربي، على الصعيد الطبقي، هو نفسه الواقع الرأسمالي الذي بنى عليه ماركس نظريته؟
-هل المجتمع العربي هو مجتمع رأسمالي؟ وهل وصلت البورجوازية العربية إلى مستوى السيطرة على وسائل الإنتاج الصناعي؟
-هل يمكن أن توجد في المجتمع العربي طبقة بروليتارية عربية بمعزل عن تكوين المجتمع الرأسمالي العربي؟ بل هل يمكننا أن نؤسس مثل هذا المجتمع حتى نستطيع إيجاد طبقتين، بورجوازية وبروليتارية، لنطبِّق من خلال وجودهما قانون ماركس في صراع الطبقات؟
-وإذا كانت الطبقة العاملة العربية ليست بالمستوى العددي والنوعي، فهل يمكنها أن تتولى قيادة الصراع؟ وهل لا يمكن للصراع أن يأخذ اتجاهاته الماركسية إلاَّ من خلال بناء تلك الطبقة؟ وإذا لم نستطع أن نؤسس لوجودها، بالشكل الذي يؤهلها لقيادة الصراع ضد البورجوازية، فمن هي الطبقة المؤهلة، إذاً، أن تنوب عنها؟
من أجل تطبيق النظرية الماركسية في سبيل وجود طبقتين بورجوازية وعمالية، هل علينا أن نجهد لبناء المرحلة الرأسمالية في الأقطار العربية؟ ومن أجل هذا الغرض هل لا بُدَّ لنا من أن نكافح إلى جانب الرأسماليين لا أن نعمل على محاربتهم؟؟؟!!!
لم تنكر شتى التيارات الماركسية وجود صعوبة في هذا الجانب، ولكنها تصر على تطبيق نظريات على واقع غير موجود.
وإذا نظرنا، بشكل أوَّلي، إلى واقع تقسيم الطبقات الاجتماعية العربية، نرى أن هناك وجود طبقات عديدة تتشارك في السيطرة على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ومن أهمها:
-على المستوى الاجتماعي: العشائرية والعائلية…
-على المستوى الديني: المذاهب وتأثيرات مسلمات الفكر الديني والمذهبي…
-على المستوى الاقتصادي: طبقات التجار والأغنياء والوسطاء في التجارات الداخلية والخارجية… وهناك وجود ضعيف وهزيل للبورجوازية الصناعية، وهذا يستتبع وجوداً هزيلاً للطبقات العمالية.
-هذا بالإضافة إلى وجود طبقات أخرى متعددة المشارب والانتماءات تعدد الثقافات ومشاربها.
يقود الواقع العربي: القطري أو القومي، سلطات سياسية قطرية ذات منابت عشائرية وتجارية ونخبوية إقطاعية ونخبوية بورجوازية، من مثقفي الطبقات المهيمنة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
فلا يمكن للوصول إلى تغيير بين الطبقات من دون تغيير في بناها الثقافية، أو بشكل أساسي لتعريف وتثقيف البنى البشرية التحتية، ذات المصلحة في تغيير الواقع السائد من طبقات عمالية ومذهبية وعشائرية… بالجوانب السلبية لثقافاتها الخاصة، ولن نصل إلى هذا الغرض إلاَّ بالعبور من خلال دراسات نقدية واضحة جريئة لتلك الثقافات.
فإلى من نتوجه إليهم، من تيارات الحركة العربية الثورية، للجلوس إلى طاولات الحوار، نرى أن يسلكوا عدداً من الخطوات، ومن أهمها:
-أولاً: على شتى تيارات الحركة العربية الثورية، قبل أي شيء آخر، أن تعي الصراع الأساسي ليس فيما بين أطرافها وتياراتها، لأنها جميعها نذرت نفسها للقيام بعبء استراتيجية التغيير؛ فعليها أن تحدد أن صراعها الرئيس يكمن، أساساً، في مواجهة إيديولوجيات شتى الطبقات المهيمنة على حركة السلطة والمجتمع.
-ثانيـاً: القيام بأوسع حركة نقدية للثقافة الرسمية والشعبية من عشائرية، ودينية، ودينية - مذهبية، وانفصالية، واجتماعية - اقتصادية، على أن تكون مبنية على دراسات أكاديمية غير متأثرة بأيديولوجيات سياسية وحزبية مرسومة سلفاً.
-ثالثـاً: يمكن لتلك التيارات أن تحدد بشكل علمي أصناف الطبقات وأنواعها، وأفكار تلك الطبقات واتجاهاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن تكشف وسائلها في الهيمنة على المجتمعات.
-رابعـاً: في الحالة التي يتم تحديد الطبقات المهيمنة في شتى مجتمعات الأقطار العربية وفهم واقعها واتجاهاتها، يمكن وضع خطط الصراع معها.
من أجل كل ذلك، ومن خلال نقدنا للماركسية، وتياراتها الفكرية والحزبية، ندعو إلى طاولة حوار على قاعدة دراسة خصوصيات معالم الصراع في المجتمعات القطرية من جهة، ومعالم الصراع القومية بمظاهرها المشتركة من جهة أخرى. ويأتي على رأس تلك المعالم ومن أولوياتها مسألة الوحدة.
أما أهم معالم العوائق التي تحول دون تحقيقها هو التحالف الإمبريالي - الصهيوني. فهل هناك طبقة اجتماعية ذات مواصفات محددة وذات مصلحة أساسية تشكل طليعة للطبقات الأخرى في خوض الصراع ضد القوى التي تضع العوائق في طريق الوحدة؟
إننا نرى أن بعض الطبقات التي تقود الماركسية حرباً ضدها لها مصلحة، بنسبة أو بأخرى، في الصراع ضد الأمبريالية، ومن أهمها: الطبقة الصناعية النامية، والطبقات المدافعة عن الإيديولوجيات الدينية والقومية، والنخب السياسية التي تتطلع إلى نيل حريتها في صياغة قرارها السياسي المستقل… وعلى تيارات الحركة العربية الثورية أن تعي أن بعض الطبقات الإصلاحية قد تتحالف مع التيارات الجذرية في بعض مراحل النضال، فعلى الجذريين أن لا يخسروا، خاصة في مراحل التحرر الوطني والقومي، أي جهد يساعد في كسر حلقات الواقع المراد تغييره.
فإلى أي مدى يسمح الإصرار على أوحدية الصراع الطبقي -بمفاهيمه الماركسية- بتوسيع رقعة الطبقات ذات المصلحة في الخلاص من الهيمنة الأمبريالية - الصهيونية؟ وهل تستوجب أهداف التحرر السياسي تشكيل تحالفات طبيعية نقّالة، كمثل إنشاء جبهات عريضة تضم إليها تيارات فكرية وسياسية وطبقات ذات مصلحة في رفع شعارات التحرر من الاستعمار والصهيونية والنضال من أجلها؟

***
المصـــــــــادر والمراجـــــــــــــــع

(أ)
-أحمد، نازلي معوض: »النظرة السوفياتية الجديدة للصراع والتوازن في العالم المعاصر«(21 - 52): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 25: 1988.
-الأشهب، نعيم (عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الأردني): »نضال الشيوعيين المتفاني يجلب الإفلاس لسياسة العداء للشيوعية« (65 - 78): معاداة الشيوعية في العالم العربي: دار الفارابي: بيروت: 1974: د. ط.
-أمين، سمير: »ثلاثون عاماً لنقد النظام السوفياتي: 1960 - 1990م« (11 - 34): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 40: 1992م.

(ب)
-بن علي، سيف (البحرين): »العداء للشيوعية عداء لكل ما هو وطني« (109 - 115): معاداة الشيوعية في العالم العربي: م. س.
-بطاطو، حنا: العـراق (ثلاثة كتب): مؤسسة الأبحاث العربية: بيروت: 1992م: ط1.

(ج)
-الجباعي، جاد عبد الكريم: »حدود الواقعية الجديدة في السياسة الخارجية السوفياتية« (9 - 25): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 31: 1990.

(ح)
-حاجرس، صادق: »مظاهر المعاداة للشيوعية في الجزائر« (25 - 38): معاداة الشيوعية في العالم العربي: دار الفارابي: بيروت: 1974: د. ط.
-حداد، جورج: الأممية والثورة العربية: دار الهدف: بيروت: 1976.
-حمدان، ريتا: »تطور الموقف السوفياتي من التسوية السياسية للصراع في الشرق الأوسط« : مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 30: 1989.
( خ )
-الخطيب، محمد كامل: »الانقسام الكبير…« (111 - 120): مجلة الطريق: العدد الرابع، آب / أغسطس 1989: بيروت

(ز)
-زروق، حسن الطاهر (السودان): »العداء للشيوعية بشكل عام« (77 - 90): معاداة الشيوعية في العالم العربي: م. س.

(س)
-ستالين: اللينينية والمسألة الوطنية: دار الطبع والنشر الأجنبية: موسكو: 1954.

(ش)
-شاوي، نقولا: »العداء للشيوعية سلاح الأمبريالية والرجعية« (7 - 23): معاداة الشيوعية في العالم العربي: دار الفارابي: بيروت: 1974: د. ط.

(ع)
-عفلق، ميشيل: الكتابات الكاملة (ج 3): دار الحرية للطباعة: العراق: 1987.
-عفلق، ميشيل: الكتابات الكاملة (ج 4): دار الحرية للطباعة: العراق: 1987.
-علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: دار الطليعة: بيروت: 1980: ط3.
………: حوار حول الأمة والقومية والوحدة: دار الطليعة: بيروت: 1980: ط1.
-………: حوار حول قضايا الثورة العربية: دار الهدف: بيروت: 1979: ط1.
-عمرو، فؤاد: موضوعات الثورة العربية: دار الرأي: بيروت: 1976: ط 1.

(غ)
-غريب، حسن خليل: »عفلق وفلسطين: قضية العرب المركزية«: البعث وفلسطين: بغداد: 2001م.
-غورباتشيوف: بيريسترويكا (والتفكير الجديد لبلادنا والعالم أجمع): دار الفارابي: بيروت: 1989: ط 4: [نقله إلى العربية د. محمد أحمد شومان وآخرون].
(ف)
-فرح، الياس: تطور الفكر الماركسي: دار الطليعة: بيروت: 1979: ط 5.

(ق)
-القرضاوي، يوسف: الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه: مؤسسة الرسالة: بيروت: 1992م: ط3.

(ك)
-كالناخشتان: نظرية الأمة في الماركسية - اللينينية: دار التقدم: موسكو: 1988: د. ط.
-كونكوست، روبرت: الإرهاب الكبير: دار النهار للنشر: بيروت: 1969: د. ط.
-كيلـة، سلامـة: العرب ومسألة الأمـة: دار الفارابي: بيروت: 1989: ط1.

(ل)
-لينـــــــــين: نصوص حول المسألة القومية: دار الطليعة: بيروت: 1972: ط1. (ترجمة وتقديم جورج طرابيشي).
-…….: النصوص الكاملة حول الاستقلال الذاتي السياسي: دار الكاتب: بيروت: 1981: ط1: ترجمة جورج حداد، ومراجعة ناديا الحاج.

(م)
-ماركس، إنجلز، لينين: الماديـة التاريخيـة: دار الفارابي: بيروت: 1975م: د. ط.
-مرقص، الياس: »مسألة القوميات في الاتحاد السوفياتي (1912 - 1965م)«: مجلة دراسات عربية: بيروت: العدد السابع: أيار / مايو 1965.
-………….…: الماركسية والمسألة القومية: دار الطليعة: بيروت: 1970م: ط 1.
-مطر، فؤاد: الحزب الشيوعي السوداني، نحروه أم انتحر؟: دار النهار للنشر: بيروت: 1971: د. ط.

(ن)
-نعوموف، فلاديمير وآخرون: وصيـة لينـين: دار الفارابي: بيروت: 1989: ط1.
وثائق الحزب الشيوعي السوداني
1-عبد الخالق محجوب، من مقابلة صحفية بتاريخ 5 نيسان أبريل 1965م: نفلاً عن، مطر، فؤاد: الحزب الشيوعي السوداني، نحروه أم انتحر؟: دار النهار للنشر: بيروت: 1971: د. ط.
2-»موقف عبد الخالق محجوب من الاتحاد« الذي اتُّخِذ في اجتماع للحزب ترأَّسه محجوب في الربع الثاني من شهر تشرين الثاني / نوفمبر 1970م (191 - 196): الحزب الشيوعي السوداني، نحروه أم انتحر؟: م. س.
3-»بيان للمكتب السياسي حول الوضع العربي الراهن« تاريخ 18 آب / أغسطس 1970 (186 - 190): نقلاً عن، مطر، فؤاد: الحزب الشيوعي السوداني، نحروه أم انتحر؟: م. س.
4-»تقرير عبد الخالق محجوب إلى المؤتمر التداولي« (99 - 147): مطر، فؤاد: الحزب الشيوعي السوداني، نحروه أم انتحر؟: م. س.
5-مقابلة صحفية، بتاريخ 5 نيسان أبريل 1965م، مع عبد الخالق محجوب (الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني).


وثائق الحزب الشيوعي اللبناني:
- الوثائق الكاملة للمؤتمر الوطني الثاني: منشورات الحزب الشيوعي اللبناني: بيروت: 1988.
- نحو المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي اللبناني: منشورات الحزب: حزيران / يونيو 1986م.
- الوثيقة الفكرية - السياسية - التنظيمية: المؤتمر الوطني السادس (9 - 12 كانون الثاني / يناير 1992م).
- الوثائق الفكرية السياسية التنظيمية تحضيراً للمؤتمر الوطني الثامن: منشورات الحزب: شباط / فيراير 1998م.
-الحزب الشيوعي اللبناني (قوى الإصلاح والديموقراطية): مشروع وثيقة إنقاذية للنقاش في قواعد الحزب: منشور في بيروت: آب / أغسطس 2000م.

وثائق حزب العمل الاشتراكي العربي
-طريق الثورة: منشورات حزب العمل الاشتراكي العربي: العدد الأول: 1970.
-موضوعات طريق الثورة: منشورات حزب العمل الاشتراكي العربي: بيروت: 1978م.

وثائق منظمة العمل الشيوعي في لبنان
-البيان السياسي الأول: مجلة الحريـة: بيروت: العدد 574: 5/ 7/ 1971م.

وثائق بعض المنظمات التروتسكيـة
-المنظمات المنتسبة إلى الأممية الرابعة في المنطقة العربية: الثورة العربيـة (طبيعتها، وضعها الراهن، وآفاقها): د. ن: 1974م.
-التجمع الشيوعي الثوري (لبنان): مسائل النهج الثوري: د. ن: 15/ 3/ 1981م.

وثائق وموسوعات
-الأممية الشيوعية والثورة العربية: (ثلاث وثائق صادرة عن بعض الأحزاب الشيوعية العربية): دار الحقيقة: بيروت: 1970: ط1: ترجمها وقدَّم لها الياس مرقص، وهي التالية:
1- الوثيقة الأولى: »واجبات الشيوعيين في الحركة القومية العربية الشاملة«، وهي بمثابة قرار صادر عن كونفرنس الحزبين الشيوعيين الفلسطيني والسوري في العام 1931م. وقد أصدرها -كنشرة حزبية- معهد ماركس - انجلز - لينين في موسكو في العام 1934م، من ضمن وثائق برامج الأحزاب الشيوعية في الشرق.
2-الوثيقـــة الثانيـــــة: »برنامج عمل الحزب الشيوعي المصري«، والتي نشرها معهد ماركس - إنجلز - لينين باللغة الروسية في العام 1932م.
3- الوثيقـــة الثالثــة: »مهمات الحزب الشيوعي الفلسطيني في الأرياف (قرار المؤتمر السابع في العام 1931م)«، والتي نشرها معهد ماركس - إنجلز - لينين باللغة الروسية في العام 1932م.
-معاداة الشيوعية في العالم العربي: دار الفارابي: بيروت: 1974: د. ط.
-موسوعـــــة السياســــة (ج 2): المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت: 1981: ط1.
-……………: (ج 3): 1983: ط1.
-……………: (ج 6): 1990م: ط 1.
-……………: (ج 7): 1994: ط 1.
-نضال البعث (ج 4): دار الطليعة: بيروت: 1976م: ط3.
-البعث وفلسطـــــــــين: بحوث الندوة الفكرية في الذكرى 12 لرحيل ميشيل عفلق: بغداد: 2001م.

المجلات والصحف والدوريات
-مجلة دراسات عربيـة: بيروت: العدد السابع: أيار / مايو 1965.
-مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 25: 1988.
-……………………………….: بيروت: العدد 30: 1989.
-……………………………….: بيروت: العدد 31: 1990
-……………………………….: بيروت: العدد 40: 1992م.
-مجلة الطريق: العدد الرابع، آب / أغسطس 1989: بيروت.

***



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الثالث من كتاب (الماركسية بين الأمة والأممية).
- الفصل الثاني من كتاب - الماركسية بين الأمة والأممية
- كتاب الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة - الفصل الأول: مقدمات م ...
- الناسخ والمنسوخ
- الإشكالية بين الفكرين القومي والديني


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن خليل غريب - الفصل الرابع من كتاب الماركسية بين الأمة والأممية