أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1028 - 2004 / 11 / 25 - 09:30
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعد الديون والتعويضات التي خلفها النظام الديكتاتوري البائد، تركة ثقيلة، ومعضلة كارثية شائكة تؤثر على مجمل الاقتصاد العراقي، وتشكل عقبة أمام خطط التنمية والإنماء المستقبلية، على مدار سنين طويلة قادمة. فقد انعكست جميع الخلافات الدولية التي نشأت بسبب خيار الحرب على العراق الى نزاعات داخل أروقة نادي باريس طوال المدة الماضية، إلا أن الدول الثمانية الأكثر تصنيعاً في العالم توصلت في يوم 21 تشرين الثاني 2004، الى قرار يمهد لشطب 80% من ديون العراق المترتبة بذمته لدول نادي باريس فقط، وسيتم إلغاءها عبر آلية محددة بعدة مراحل تستمر أربع سنوات، فسيجري شطب 30% من الديون العراقية مباشرة، بينما ستشطب 30% أخرى في مرحلة لاحقة، تعقبها شطب 20% المتبقية بعد مدة أخرى، وتقدر الديون العراقية التي ستعامل وفق هذه الإلية بحدود 40 مليار دولار.
هذه المبادرة ستضع بقية الدول الدائنة للعراق من خارج نطاق نادي باريس أمام أعين الترقب، وبالأخص أمام العراقيين، بانتظار أن تساهم وتحذو على نفس منوال هذا القرار، لتشارك في تمكين العراق من الخروج من مأزقه الحالي، كي ينعش اقتصاده المتردي بسبب ما حاق به من معضلات ساقها له القدر والتاريخ.
لا شك أن الدول العربية الشقيقة هي الأخرى مدعوة بشكل استثنائي من موقع المسؤولية التاريخية، لاتخاذ قرارات جدية تعالج ما لها بذمة العراق، وذلك من خلال إطفاء كل ما ترتب عليه من ديون أو تعويضات، تلك التي كان قد أقترضها النظام البائد، أو قدمت له كدعم خلال حقبة الحروب والتسلط والجور الماضية. كي تقوم بما يقع على عاتقها من استحقاقات أخلاقية وتاريخية، بحيث تنهض بمساعي الوصول الى إلغاء التعويضات التي أقرتها المنظمة الدولية، من جراء نزوات وغزوات فردية مريضة، لا يتحملها الشعب العراقي، بل كان هو ضحيتها الأولى.
ومع إدراكنا الكامل بأن معظم الديون التي بذمة العراق موثقة، فقد كان النظام المقبور يعدها منحاً، ولا يعترف بكونها ديوناً، إلا أنها تمثل تعهدات لتعاملات تجارية مبهمة، ومواثيق غير معلومة، تم إتمامها في حقبة تشارك فيها الكثير من الدائنين لرسم السياسات العدوانية للنظام المقبور، ودعم حروبه على دول الجوار، ولكنهم في الأخير تبرأو من جريرة نتائجها الكارثية المعروفة.
وعلى الرغم من كون قرار نادي باريس بشطب 80% من الديون يصب في مصلحة العراق والعراقيين، إلا أنه في الحقيقية، لا يمثل الطموح، ولا بد للعراقيين من التعامل مع ملف الديون والتعويضات بحذر ودقة متناهية، عبر لجنة متخصصة، مالية وقانونية لتلافي الوقوع بأية إشكالات ترتب التزامات مالية قد يمتد سدادها لأجيال طويلة، وسيظل الامل يحدونا بأن يتمكن العراقيون من خلال العمل الدؤوب على جعل كافة الديون والتعويضات في عداد الديون البغيضة قانونياً، ورفض سدادها لكونها نتاج قرارات لنظام ديكتاتوري جائر ينسحب أثرها على الأنظمة ذاتها وليس على الشعوب، سبق للمجتمع الدولي أن تعامل مع قرائن لها على سياق هذا القانون الدولي بالشطب وإلغاء.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟