|
مابين ... أدونيس وأبو شاور
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 19:17
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أجد نفسي مضطراُ للرد على خطاب يتخالف مع منطوق العلم والمعرفة والجدل السياسي وأسباب الظواهر ، وأرد على على خطاب يتوهم أنه يقتات من صلادة في البنيان الفكري ، وصلابة في النسق العرفاني ، ومتانة في الرؤيا التنظيري ، وجلادة في ظواهر السبب . أجد نفسي مضطراٌ للرد على خطابين ، أحدهما كارثي ، والآخر كارثي ، ويتعاشقان على طول الخط البياني للقطع الناقص ، رغم انهما ينتميان إلى مستويين متباغضين ، إلى مستويين لايلتقيان إلا في نقطة البداية ، حيث الذهنية المشتركة ، ثم يتفارقان في مستوى المعرفي بالحصر ، ليلتقيا من جديد ، في نقطة النتيجة ، حيث نقطة الكارثة . أجد نفسي مضطراُ للرد على الخطابين ، خطاب ينطلق من المعرفي التاريخي – المزعوم – ليحدد أبعاد ومرتكزات السياسي بصور ، توافقية متداخلة أحياناُ ، وأخرى قسرية أعتباطية ، وثالثة إرادوية تصادر المطلوب ، والخطاب الآخر ينطلق من السياسي الجزافي ليحدد مقومات وأطروحات التاريخي والمعرفي بصور تتماقت كلياُ مع المقولات الثلاثة الآنفة الذكر . هنا أجد نفسي مضطراُ أن ألج إلى حيثية دقيقة ، حيثية مزدوجة : ما الذي يضفي على – الحدث – ( بما فيه محتوى الديمقراطية ، ومفهوم المعارضة ) القيمة والقدر البنيويتان في التجربة البشرية . ما الذي يمنح – الحدث – معناه ، مفاده ، فحواه ، أصوله . ورغم هذه الأزدواجية ، يروق لي أن أمازجهما في معادلة ثنائية رياضية الأس ، ما الذي يخلق – الحدث – تماماُ مثلما هي العلاقة ما بين العلة والمعلول ، وليس كعلاقة السببية إذ دونكم معطيات الأسباب والعوامل التي لاوزن تحليلي لها هنا ، ولاقدر تاريخي معرفي . فهل يمكن للإرادة ، كما في معظم المذاهب التصورية والمثالية في الفلسفة ، أن تفسر – الحدث – وتوهبه دالته في العلاقة ما بين الموضوع والمحمول . أم إن الحدث يستطيع أن يفسر ذاته لذاته وليس بذاته . أم إن الحدث ليس إلا تمظهراُ للتاريخي وفقاُ لقوانين هذا الأخير وليس أنسجاماُ مع محتوى – الظرف – التقليدي .وإذا كنا من أنصار الفرضية الثالثة الزاعمة إن الأرتقاء ضمن التجربة البشرية لايمكن أن يكون إلا من خلال قوانينها البنيوية حصراُ ، فلا حرج ولا بأس إن نوهب للفرضية الأولى حيزاُ زمكانياُ أكبر ، هل الإرادة هي التي خلقت – علاقات العبودية – ، أم علاقات الأنتاج والقوى المنتجة . هل الإرادة هي التي تميز ما بين الأنظم المستبدة وما بين الأنظم الديمقراطية ، وما بين الأنظم الدستورية وبين الأنظم اللادستورية ، أم أن لكل منها طبيعتها التركيبية التساوقية النوعية ، وهل العروبة والديمقراطية والحرية مفاهيم إرادوية ، أم إنها حيثيات واقعية في الفعل ومفاهيم تطبيقية ممارساتية يكرس الواقع والتاريخ نفسهما لها ولمحتواها . أم ، ومن الجانب العكسي ، وفي كل مرحلة تاريخية محددة وطبقاٌ لسمتها السائدة ، ثمت أشكال متنوعة لكنها محددة ومعينة بالقطع مرشحة للظهور فتتبارز وتتعارك ، فينتصر أحد الأشكال على غيره طبقاٌ لمفهوم – القوى ، الإرادة ، العوامل . لأن الممكن التاريخي الذي حدد تلك الأشكال بالنوعية ، وسمح فقط لها بالظهور ، لايستطيع السيطرة المطلقة في أختيار شكل واحد ومعين ، لإن الأمر سيغدو حينئذ جبرياُ وأفرازياُ ، وهذا مخالف لقوانين التاريخ نفسه . أي أن الممكن التاريخي الذي يسمح فقط بأشكال معينة للظهور لايستطيع أن يحدد الشكل الذي سينتصر من بين تلك الأشكال . ولكن هذا الشكل الذي أنتصر الآن قد يحل محله شكل آخر شقيقه في نفس المرحلة ، ولايستطيع بنيوياُ أن يستمر إذا ما تغير الممكن التاريخي ، لأن آنئذ سوف تظهر أمكانية أشقاء أخرين ينتمون إلى المرحلة المقبلة ، إذن ضمن ممكن تاريخي واحد يتبادل الأشقاء مركز الأنتصار والنصر ، لكنهم كلهم يهزمون إذا ما أستجد ممكن تاريخي آخر الذي يولد معه مجموعة أشقاء آخرين ، أولاد الخئولة الآن . بمعنى آخر ، وهذه هي النقطة التقعيدية ، إن الممكن التاريخي يولد السلطة الحاكمة ، وكذلك السلطة المعارضة التي لن تختلف عن الأولى من حيث معالجتها للحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية بنفس الذهنية التي تعالج بها الأولى مسألة القمع والأستبداد ، لكن هذا لايغير من المحتوى التاريخي بشيء ، فالديمقراطية ليست دفعة واحدة إنما هي عصر وتدرج وتجربة ، وهي ب( وجودها أوعدم وجودها ) لاتغير من محتوى المطالبة بالعدالة والحرية والمساواة التي هي من الحقوق اللصيقة الحميمية للكينونة البشرية ، والتي هي من حيث المبدأ ، ومن حيث المحتوى ، ومن حيث المبتغى البشري ، تمتاز باللامرحلية ، وينبغي أن توجد في كل مرحلة بمضمون ما أو بمضمون آخر . وهكذا فإن الممكن التاريخي الذي يخلق السلطة الحاكمة والسلطة المعارضة الموازية ، وأساس الحكم ( الديمقراطي أم غيره ) وجوهرالأستبداد والقمع أم العكس ، قد أصابه تغيير في المنطوق ، وتغيير في الطبيعة . أما التغيير في المنطوق ، فأن أحداث سوريا هي من الشعب ضد السلطة ، فهي إرادة الشعب وحده – وليس المعارضة – في الحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية ، والشعب لايفسر – بضم الياء – بالمعارضة ولا بأي شكل من الأشكال لأنه هو ( الحق ، السلطة ، القضية ، تماهي الصورة والمادة ) ، فأي عملية مبتكرة لتحوير المسألة برمتها إلى العلاقة ما بين السلطة والمعارضة ، هي بكل تأكيد دجل وتدليس . وأما التغيير في الطبيعة ، فأن سوريا قد ولجت آنفاُ في تشكيلة تاريخية جديدة من الممكن التاريخي ، والممكن التاريخي الحالي يلفظ أنفاسه الأخيرة بحكم الضرورة ، بحكم صيرورة قوانين الممكن التاريخي نفسها . وهكذا بعد أن أصلنا لجوهر المسألة ، لامناص من أن نؤصل لجزئيات نعتبرها هي الأخرى رئيسة . فما سمي بالحزب البعث العربي القديم الذي يحتسب طفرة تاريخية غير محمودة على الأطلاق ، ألف الشكل الأكثر رداءة من الممكن التاريخي القديم ، وما كان بإمكانه – وهذه هي النقطة الفاصلة في الموضوع – إلا إن يكون على هذا الشكل السيء تماماُ ، في أيديولوجيته ، في فكره ، في منطلقاته ، في ممارساته ، في سلوكه . فكان عروبياُ ضد العرب . وما الخطابان ، الأول الكارثي ، والآخر كارثي ، ليسا إلا نتاجان سلبيان من عقلية هذا الحزب ، نتاجان من ذهنية ( اللعب على المتعارضات ، وأرتكاب المتناقضات ، وتبرير اللامبرر ، والتمسك بالفارغ ، وأستعمال المقولات البائدة ، والولوج في المتاهات ، والأعتماد على الأقصاء والألغاء ) ومن ثم الهروب من الأستحقاقات وحيثيات بنود الفعل في التاريخ لتفتيت الأمة العربية ، والمنطقة العربية ، وتحريض القوميات الأخرى وشعوبها لمهاجرة المنطق القومي البعثي قسرياُ وأضطرارياٌ ومكافحتها . ويكفي القول في النهاية ، هل مطالبة الشعب بالحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية والمساواة يحتاج إلى الحديث عن مفهوم الديمقراطية ومعرفة التاريخي العربي لها أم لا ، وعن الأسلام المؤدلج ، وعن المعارضة اللاديمقراطية ، وعن العروبة ، وعن الوطنية ، وعن فشل التجربة الحزبية الآيديولوجية !! ثم حتى لو كانت تلك الفرضيات صادقة – وهي بالقطع ليست كذلك – أليست الحرية والعدالة هي التي تمنح للعروبة وللوطنية وللمقاومة مفاهيمها ، أليس الأستبداد والقمع هما أساس الداء في سلخ تلك المفاهيم عن محتواها !! ثم مالذي يمنح – على سبيل المثال – تلك القوة للصين واليابان أليست الحرية والمساواة والعدالة !! ثم أليست الديمقراطية التي كانت منهجية أصبحت الآن سلوك وذهنية بحاجة إلى تخمر في مقوماتها وأسسها ، وغدت الآن مرحلة تاريخية ، أي أليست هذه هي مرحلة الديمقراطية !! ثم أليس هذان الخطابان معاديان لمنطوق الديمقراطية ، ولايدريان تمام الدراية أبعاد حركتها في المجتمع ، في التاريخ ، في الذهنية !! [email protected]
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو شاور .. وبئس البؤس البائس
-
رؤية نقدية في المحنة السورية
-
الثورة ... ونهاية السلطة السورية
-
عارف دليلة ... والإشكالية المعرفية
-
سكان مخيم أشرف ... مابين العراق وأيران
-
الثورة .. وقانون الأحزاب والعفو العام في سوريا
-
مبروك ل( الشيوعيين ) السوريين الخزي والعار
-
النداء الأخير إلى الأحزاب الكردية ( في سوريا )
-
أدونيس ... ومنطق البؤس
-
الثورة ... وإشكالية المثقف
-
رسالة إلى مؤتمرأنطاليا
-
الثورة ... ومفهوم الشباب ( الحالة السورية )
-
الثورة ... ومفهوم المصالحة الفلسطينية
-
الثورة .. ومفاهيم أولية مابعد الثورة
-
الثورة ... ومفهوم الدولة وممارساتها
-
الثورة ...ومضمون التغيير ( النظام لا السلطة )
-
الثورة ... رؤية أبستمولوجية ( النقطة البنيوية )
-
سوريا ... مابين الإنتفاضة والثورة البنيوية
-
الثورة ... ما بين الإدراك والتدارك
-
رؤية معرفية في واقع لامعرفي ( سياسة الطفل )
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة حماس تعترف بمقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف
-
القاهرة: لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم
-
عمّان.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
-
حماس تنعى عددا من كبار قادتها العسكريين وفي مقدمتهم القائد ا
...
-
سـوريـا: مـا هـي طـبـيـعـة الـمـرحـلـة الـجـديـدة؟
-
الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى نادي الدحيل متصدر الدوري ا
...
-
العراق ومصر يجددان رفضهما لتهجير الفلسطينيين
-
الجيش الفرنسي يسلّم آخر قاعدة له في تشاد
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|