أوروبا في فخ الشرق الأوسط؟؟؟؟

محمد ماجد ديُوب

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 13:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مما لاشك فيه أن قراءة متأنية للأحداث منذ العام 1973 وخصوصاً حربه الشهيرة بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى ثم تتاليها حتى الساعة :حيث وعلى ذمة المندوب الروسي في حلف الناتو إن هذا الحلف يضع خطة للتدخل العسكري في سوريا على غرار ما جرى في ليبيا ستصل بنا هذه القراءة إلى رؤية الواقع السياسي في العالم على غير ما يبدو في ظاهره .
عندما قام الرئيس الأمريكي نيكسون ولأول مرة على ما أعتقد بإعطاء الأمر بطباعة مليارات الدولارات دون تغطية ذهبية مما جعل الدولار يترنح بسبب التضخم وبدأت قيمته بالهبوط حتى أثار فزع الهيئات الإقتصادية في العالم لما للدولار من أهمية حيث أنه يمثل الجزء الأكبر من إحتياطيات العالم من العملة الصعبة . فما كان من السيد هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا في حينها وفي محاولة لإنقاذ وضع الدولار المتدهورإلا أن دعا لإجتماع سري في هلسنكي العاصمةالفلندية ضمه مع وزراء حلف الناتو (جيش الرب الأمريكي ) وبعد مداولات ونقاشات عميقة استطاع السيد كيسنجرإقناع المؤتمرين معه بضرورة إحداث حرب محدودة في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل والسبب هو أنه لاتوجد سلعة عالمية الإستهلاك وتستطيع إمتصاص الفائض من الدولارات من أسواق العالم وبسرعة كبيرة سوى النفط بعد أن يتم رفع سعره بإيعاز للملك فيصل ولقادة الدول الخليجية المنتجة للنفط بإيقاف تصديره ورسم حدود السعر الجديد لبرميل النفط بحدود ال17 دولاراً للبرميل الواحد .وذلك بسبب أزمة وجوده في السوق العالمية .
قال كيسجنر عندما أيقظه مساعده بناءاً على إتصال غولدا مائير لتخبره أن الهيكل ينهار على رؤوسنا .فقال لمساعده جملته الشهيرة :دع الصغار يلعبون .
نحن في هذا المقام لانريد الإساءة لدماء المصريين والسوريين الذي استشهدوا في تلك الحرب بل على العكس نريد الإيضاح للأحياء بأن الحروب في العالم هي حروب مبرمجة أمريكياً بما يتناسب ومصالها ولايعني هذا أن قادة مصر وسوريا في ذلك الوقت كانوا على علم بالهدف الأمريكي لكنه بالتأكيد تم الإيحاء لهم بها( الحرب ) بالواسطة وليس بشكل مباشر كما حدث مع صدام حسين عندما اختلقت أمريكا بمساعدة قادة الكويت أزمة مع العراق الذي رأى أنه طعن في الظهر من قبلهم فقرر معاقبتهم وعندها جاء وقت الإيحاء الأمريكي الذي قامت به الشهيدة الأمريكية(سفيرة أمريكا في العراق وقتها إبريل غلاسبي)بأن أمريكا مشغولة بما يجري في أوروبا ولا معاهدة دفاع مشترك مع الكويت .وأقول شهيدة لأنها قتلت في حادث سير مفتعل في إثر تصريحها أنها تصرفت بناءأ على طلب الخارجية الأمريكية .بالإيحاء لصدام بما أوحت له به .
اعترف الس توني بليرفي مذكراته بأنه همس في أذن جورج بوش الثالث في إثر أحداث 11 إيلول قائلاً حان وقت الدخول إلى العراق.هل كانت مؤامرة بريطانية لإغراق أمريكا في وحول الشرق الأوسط مباشرة وبالتالي كتابة الفصل الأخير في تاريخ الهيمنة الأمريكية على العالم .وأرجو ألا يعتقدن أحد أن بريطانيا مغرمة بأمريكا فالعداء بين البلدين دفين وعميق منذ حرب التحرير الأمريكية .
أمريكا الآن على حافة الإفلاس وحجم الدين الأمريكي بلغ المستوى الأحمر ولاخروج لأمريكا من أزمتها إلا بإفلاس دول الخليج بالسيطرة على ودائعها في البنوك الأمريكية والبالغة 3,5ألف مليار دولارومن ثم إعادة رفع سعر برميل النفط إلى المستوى الذي يضمن إمتصاص ما دفعت به أمريكا إلى السوق العالمية من اوراق نقدية دون رصيد بحجة تلبية الطلب العالمي على هذه العملة وهنا لانستغرب تصريح بوتين الأخير الذي يقول في أن أمريكا تعيش على إقتصادات العالم كالطفيليات .
في واقع الأمر إن ماقاله السيد بوتين صحيح إلى حد كبير فدولة يعيش الفرد فيها بإنفاق يفوق دخله خمس مرات .هل ضريبة حمى الإستهلاك التي هي واحدة من الخصائص الأساس لمجتمع الرأسمالية الإستهلاكي وتدفع شعوب العالم دماء أبنائها ثمناً له .لماذا يغيب دائما عن الذهن السؤال التالي :لماذا كل دول العالم تريد أخذ حصة في السوق الأمريكية ؟ وهل يمكن القبول من ناحية المنطق أن بلداً تعداد سكانه بحدود 300 مليون يستهلك من خيرات العالم قدر ما تستهلكه الصين بلد المليار ونصف المليار .
إن الأزمة الأمريكية توحي بنذر الشر للعالم كله خاصة في زمن الرغبة الأوروبية لصنع كيانها المستقل والذي فيما لو تحقق سيكون المنافس الأقوى لأمريكا والصين التي هبت من غفلتها وتريد أن تكون رقما مهماً في الإقتصاد العالمي وكذلك في الميدان العسكري حيث شرعت ببناء أكبر اسطول حربي في التاريخ لتفرض وجودها في كل بحار العالم .وروسيا التي خرجت من النافذة لتعود من الباب وهي لاتزال القوة العسكرية المرهوبة الجانب لديها من القوة النووية ما يكفي لتدمير الكرة سبع مرات وبتقنيات عالية ؟هل سنجد الجيش الروسي قريباً وهويضرب في عمق أوروبا التي لم تنتبه للفخ الذي أوقعتها فيه أمريكا ؟حتى الساعة لم يسمح لأوروبا بخلع القذافي ,مزيدا من القتال مزيداً من الخسائر المالية (كلفة الحرب )ومساومات من تحت الطاولة بين روسيا وأمريكا
فكما يقال باللبناني الدارج(قبة باط) أمريكية سمحت لأوروبا التورط في حرب عبثية في ليبياوتريد الآن وبقبة باط أخرى توريطها في سوريا ؟
ماذا التدخل الأطلسي في سوريا ؟من وجهة نظر استراتيجية هو توريط لأوروبا في نزاع لن يتركه بشار الأسد محلياً (سورياً).وبالتالي ستضطر دول إقليمية دخول ميدان المعركة وسيتوقف تدفق النفط مرة أخرى والمتوقع لسعره في هذه الحالة هو250 دولار للبرميل الواحد مما يساعد على السير في خطين متوازيين بآن معاً
الأول هو تدمير المنشآت النفطية لدول الخليج والسعودية تحديداً مما سيجعل إعادة تأهيلها يستغرق وقتا ً تسنزف خلاله الموجودات الخليجية في أمريكا والمدة المتوقعة لإعادة التأهيل ووفقاً لأفضل التقديرات هي 7 سنوات .والثاني هو امتصاص الفائض من الدولارات في السوق العالمية وبالتالي إعادة التوازن للإقتصاد الأمريكي
ومن ناحية أخرى فإن المستفيد الأكبر من رفع سعر برميل النفط هو روسيا التي تحتل المركز الأول في إنتاج النفط ورفع سعر برميله سيعود على الخزينة الروسية بفوائد هائلة .كما أنه في الوقت ذاته تكون النهضة الصناعية الصينية قد تعرضت لنكسة كبيرة بسبب غلاء الطاقة وبالتالي إزدياد سعر التكلفة بشكل كبير مما يفقدهل القدرة على المنافسة ولو استمر إنقطاع النفط الخليجي وكما هو متوقع 7 سنوات فسيكون إعادة الصين إلى ما قبل نهضتها هو الأمر الطبيعي .
أما أوروبا فستدفع ثمن تكلفة تدخلها في سوريا مرتين :مرة كلفة عسكرية باهظة ومرة كلفة إقتصادية بالـتاثير على معدلات نموها وإزدياد حجم البطالة لديها وما ينتج عنه من مشاكل إجتماعية قد تسبب إنهيار سلامها الإجتماعي .ناهيك عن أن إسرائيل ستكون وللمرة الأولى في مواجهة خطر وجودها .
هل هناك من يخطط ليسير العالم وفقاً لهذا السيناريو المرعب مستخدما الحراك الشارعي العربي ورموزه وخصوصاً في مصر وسوريا لأنهما الدولتان الأهم ؟ربما .والقادم من الأيام هو من سيحكم .....

#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات