|
هل يمكن للشيوعي ان يكون مسلما؟
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 08:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل يمكن للشيوعي إن يكون مسلما مؤمنا يؤدي ما عليه من فرائض وطقوس كالصوم والصلاة والحج والزكاة وغيرها وفي نفس الوقت يناضل في صفوف الحزب الشيوعي.؟ كيف يستقيم الأمر بين متناقضين، بين الدين الذي ينص على إن الله قد خلق الكون من العدم وبين الماركسية ، الفلسفة المادية الإلحادية التي تعتمد عليها الأحزاب الشيوعية كنظرية وتسعى إلى تغيير يستند على أسسها وافتراضاتها والتي تقول بأزلية المادة ونفي وجود خالق.؟ أي شيوعي عراقي سيجيب على السؤال الأول بالإيجاب، فهناك الكثيرون من المسلمين المؤمنين الذين يؤدون الفرائض الدينية قد انتموا إلى الحزب الشيوعي العراقي وأصبحوا أعضاء . إنا قد صادفت احدهم في اجتماع حزبي في سبعينيات القرن المنصرم حيث كان احد الرفاق صائما فواصلنا اجتماعنا وهو يتناول طعام الإفطار لكن الرفيق المسئول لم يسمح له بأداء الصلاة حين طلب ذلك واقترح بما يشبه الرفض تأجيلها إلى ما بعد نهاية الاجتماع. انتماء الناس للأحزاب الشيوعية في البلدان الشرق أوسطية لا يعني بالضرورة تبني الفكر الماركسي أو استيعاب للماركسية كنظرية وكمنهج. فمحرك الانتماء للحزب يختلف عن الانتماء للماركسية. إذ إن الدافع والمحرك للانتماء للحزب الشيوعي هي دوافع وعوامل سياسية ووطنية وحتى عاطفية وليست بالضرورة نظرية. هذه العوامل والدوافع السياسية والعاطفية لا تلعب دورا كبيرا عندما يتعلق الأمر بتبني الماركسية كفكر وكمنهج إذ انه ذلك لا يتحقق إلا بالمعرفة ولاستيعاب والإلمام ، فهي ليست دين يورث ولا تراث ينقل من جيل إلى جيل هي اختيار فردي ذاتي. وإذا كانت السياسة ثقافة الشارع، حيث تتبادل الأفكار والآراء وتتصارع النقائض والاختلافات فان الماركسية هي ثقافة النخب، ثقافة المفكرين المنتجين، ثقافة ميدانها صفحات الكتب والصحف والمجلات النظرية. رغم إن محاربة السلطات الحكومية للأحزاب الشيوعية وتحريم المرجعيات الدينية للفكر الماركسي وغياب الحريات العامة وخاصة حرية الفكر والمعتقد كلها عوامل حالت دون نجاح الأحزاب الشيوعية بنشر الماركسية في العراق وغيره من البلدان الإسلامية، إلا إن الحزب الشيوعي كان ولا زال مقصرا في نشر الوعي والمنهج الماركسي. لقد انشغل بالسياسة ومعاركها أكثر من انشغاله بنشر الفكر الماركسي، صحيح كانت هناك اجتماعات تثقيفية ودورات نظرية في المدارس الحزبية لكنها لم تنتج إلا إنصاف ماركسيين كانوا يتعاملون مع النص بجمود والتزام مدرسي أكثر مما هو تفاعل حيوي. إن التحاق المؤمنين المسلمين بالحزب الشيوعي العراقي يمكن إيعازه إلى سفر الحزب الشيوعي العراقي الغني بالنضال والتضحيات والمواقف المشرفة ووقوفه في جميع المنعطفات التاريخية التي مر بها العراق إلى جانب الشعب وليس لتبنيهم للماركسية أو إلمامهم بها، ومن هنا نستطيع تفهم رفض قيادة الحزب الشيوعي المتكرر لكل محاولات تغيير اسم الحزب إلى اسم آخر يلاءم وينسجم مع التطورات التي حدثت في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فهي، أي قيادة الحزب لا تود خسارة رصيد الحزب من النضال والتضحيات الكبيرة التي بذلها الشيوعيون في حياتهم الكفاحية الطويلة. إن هذا التاريخ الطويل من النضال والعدد الغفير من شهداء الشعب وصدارة الشيوعيين في الهبات والفعاليات المطلبية والوطنية من جهة وسطحية الدين وعدم تجذره في الذهنية العراقية والسمعة السيئة لرجال الدين وعدم نزاهتهم ودجلهم من جهة أخرى، أزال التعارض بين الانتماء للحزب الشيوعي والعمل بطقوس الدين الإسلامي، لقد بدا الوعي الشعبي يبحث عن نقاط تصالح بين شخصيات إسلامية شهيرة وبين الشيوعية حتى قالوا بان علي بن أبي طالب أول اشتراكي وكذلك تحدثوا عن أبي ذر الغفاري. كما إن الصراع الفكري في العراق لم يكن يوما ما بين الدين كايدولوجيا وبين الماركسية كنظرية، فمثل ما كان ولا يزال الدين سطحي ليس للعراقيين منه إلا الاسم والطقوس، كذلك هي الماركسية ليس للكثير من الشيوعيين منها إلا الاسم والانتماء للحزب، فلم يكن يوما نشوء الكون وانتفاء وجود اله وخلق المادة من العدم وأزلية الكون حديث الشارع، كما إن الحزب الشيوعي كان يتحاشى الخوض في مثل هذه نقاشات ولا يشجع عليها متجنبا الاصطدام الفكري المباشر مع رجال الدين الذين أفتوا بان الشيوعية كفر والحاد ووصفوا الشيوعيين بأنهم كفرة وزنادقة ليس بنية خوض صراع فكري معهم بل للقضاء عليهم والطعن بسمعتهم والحد من جماهيريتهم، لكن رجال الدين لم ينجحوا في مسعاهم بسبب تاريخهم غير النزيه ومواقفهم الدائمة بالضد من مصالح الناس. الشيوعي المسلم ليس شيوعيا بالمعنى النظري للكلمة، إنما هو سياسي وجد في الحزب الأداة المناسبة النزيهة والمخلصة لإحداث التغيير الذي يلاءم تصوراته للعدالة الاجتماعية.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة السنية والشيعة والتاريخ.
-
الاخلاق والاسلاميون
-
رئيس الجمهورية وأحكام الإعدام
-
قمع واساليب دكتاتورية لحكومة تدعي الديمقراطية
-
الاحزاب الاسلامية والثورة المصرية
-
العالم يقف احتراما لشعب مصر.
-
تجربة الفساد العراقية الرائدة
-
شكرا شعب تونس
-
الإرهاب كفكرة إسلامية مقدسة
-
قائمة مختلفة للمبشرين بالجنة
-
فضائية من اجل تحريك الركود العقلي.
-
وعاء الثقافة الإسلامية الفاسد
-
لقد أسكرهم الدين ولم يسكرهم الخمر.
-
مجزرة كنيسة سيدة النجاة والإسلام.
-
العراقيون ووثائق ويكيليكس
-
الحوار المتمدن في ألق متواصل.
-
السنة والشيعة وعائشة
-
البغاء وأنكحة المتعة الإسلامية
-
الطقوس المذهبية والأحزاب الإسلامية
-
صراع الولدين
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|