|
الملك عبد الله وإغلاق المنابر
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 1027 - 2004 / 11 / 24 - 10:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إزداد إحترامى لشخص الملك عبد الله الثانى ملك الأردن فى حديثه إلى مؤتمر التبادل الإخبارى 2004 فى البرتغال عندما وجه دعوته إلى الإعلاميين بإغلاق المنابر الإعلامية أمام كل المتعصبين والمتطرفين الإرهابيين الذين يروجون بضاعتهم الكريهة ، وكنت أتمنى أن تكون تلك الكلمات خارجة من فم الرئيس المصرى مبارك الذى عاصر الماضى والحاضر وحارب المتطرفين ويعرف جيداً ما يصنعونه من فساد وإفساد فى المجتمع المصرى والعالمى سواء فى بيوت العبادة أو فى مراكز السلطة ووسائل الإعلام ، لأن مبارك هو من يعتبر نفسه أول من حذر من خطورة الإرهاب وطالب الساحة الدولية بعقد المؤتمرات لمحاربته. كانت كلمة الملك عبد الله أمام المؤتمر وإجاباته على أسئلة الإعلاميين تتسم بالواقعية والصدق بعيدة عن الشعارات والكلمات الرنانة التى تمتلئ بها خطابات الملوك والرؤساء العرب ، دعوة الملك عبد الله هى مثالاً يُحتذى به لدى حكامنا العرب الذين تخطوا سن المعاش بكثير . يعرف الرئيس المصرى أن الشارع المصرى يغلى والنار مشتعلة تحت الرماد ، ويحاول مع مساعديه ومستشاريه عمل مسكنات مؤقتة فى عملية الإصلاح الذى ينهار يوماً بعد يوم ، لأن خطط ومشروعات البناء التى تقوم بها الحكومات المصرية مبنية على الفكر القديم الذى سرعان ما ينكسر ليكون كالطوفان يغرق المجتمع بنتائجه السلبية مما يجعله يتقهقر بعدها إلى الوراء سنوات وسنوات من التخلف وأنواع جديدة من المشاكل العصرية . يعرف الرئيس المصرى أن أجهزته الإعلامية أخترقتها الجماعات الإسلامية اليقظة التى تغير بأستمرار جلدهها وأفكارها وهدفها الوحيد كرسى السلطان وتطلب من الحكومة إعطاءها الشرعية فى العمل وسط المجتمع المصرى لإفساده أكثر ونشر أفكارهم الداعية إلى إقامة حكم إسلامى أو دولة إسلامية أو سياسة إسلامية وإقتصاد إسلامى ومجتمع إسلامى وأسلمة المسلمين وغير المسلمين حتى تحين لهم اللحظة المناسبة مرة أخرى ليضربوا ضربتهم القاضية على مصر الحبيبة التى زوروا وحرفوا تاريخها بأسم الله والدين . ليس غريباً أن نسمع أنباء تأتى من سجون مصر تقول بأن عبود الزمر قائد وزعيم وأمير تنظيم الجهاد المصرى يدعو الحكومة إلى السماح لأعضاء تنظيم الجهاد بالمشاركة فى الحياة السياسية وهذا وكما يقول الزمر من أجل عيون مصر وشعب مصر ، فى الوقت التى أفرجت فيه الحكومة المصرية عن العديد من أفراد تنظيم الجهاد الإسلامى . يعرف الرئيس مبارك أن شبكات الإرهاب الإسلامى أو المتأسلم ليس فى طاقة حكومته أو غيرها من الحكومات إقتلاع جذورها ، تلك الشبكات التى تنتشر وتتلون وتلبس الملابس التى تناسب نظام الحكم الحالى ، وتعاليم تلك الشبكات الدينية تتسلل من أماكن العبادة إلى أماكن العمل والتعليم والدراسة بكل سلاسة ويسر ، إذ يكفيها أن صفتها دينية حتى تفتح أمامها كل الأبواب المغلقة بل وتقوم السلطات الحكومية وغير الحكومية بتسهيل دخولها وخروجها بكل أمان ، وتقوم الحكومة ذاتها بتوجيهات من سيادة الرئيس بالطبع بتمرير القوانين التى تسمح للسلطة الدينية بتشديد الرقابة على إبداعات المصريين حتى ينال النظام البركات الوفيرة بعمر طويل ! إستمرار السياسات المصرية فى نهجها القديم الذى يسير بسرعة السلحفاة ، يؤكد إيمان العارفين ببواطن الأمور أن إصلاح المجتمع المصرى سيصاب دائماً بالنكسات لأن سياسات الحكم المصرى تقوم فوق مقبرة الماضى المتعفنة بتراث أستعمارى يهلل له الجميع فى إيقاع ساحرى عجيب . يقوم خبراء السياسة بإشعال صراع الحاضر مع الماضى بفرض تعاليم وشعارات دينية تضمن لهذا الصراع الأستمرار والدوام ، وبالتالى يستمر النظام فى السيطرة على الحكم ، وأستطاع النظام أستثمار نشأة المعاهد الأزهرية فى خلق ثقافة التحريض والكراهية والصراع الدينى الدائم فى المجتمع المصرى وهى معاهد يدفع ثمن تمويلها كل أبناء الوطن المصرى وتقوم بالأعتداء العلنى على حقوق الإنسان فى مقرراتها مما يساعد على أستمرار الفساد بكافة أنواعه، ومما يجعل أى حكومة عاجزة عن تغيير أو إصلاح المجتمع والنهوض بالوطن ، مما يدفعنا إلى التساؤل : لمصلحة من يتم تخريب الوطن المصرى ؟ إلى متى تستمر السياسة الدينية فى فرض قواعدها على اللعبة السياسية ؟ كيف يفسر لنا الرئيس المؤمن حسنى مبارك أنه منذ أكثر من خمسون عاماً مضت كان الدخل القومى المصرى يوازى ثلاث أضعاف الدخل القومى لكل الدول العربية مجتمعة معاً ؟ وكيف وصل هذا الحال إلى ما هو عليه فى مصر الوطن المغترب الذى يتقهقر إلى الوراء بينما غالبية هذه الدول بدأت تحتل مكانها العصرى فى الصناعة والزراعة وغيرها فى منطقتنا العربية ؟ متى يرجع الدين إلى أماكن العبادة فقط ؟ هل يحارب الرئيس الإرهاب بغلق النوافذ ويترك له الأبواب مفتوحة على مصراعيها ويعطيه الشرعية فى تخريج أجيال أزهرية جديدة شعارها الإسلام هو الحل ؟ متى يغلق رئيس الجمهورية المصرية كل المنابر العلمية والتعليمية والإعلامية والدينية أمام أفكار التطرف والحقد والبغض والإرهاب إلى الأبد ليبقى الدين لله والوطن للجميع ؟
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجراد البشرى
-
قتلوها ولكن شُبه لهم
-
مصادرة الأحلام الإنسانية
-
البيان الأممى وجنون الإرهاب
-
أين سلطة القضاء السورى ؟
-
إفطار الوحدة الوطنية
-
طريق الألف ميل
-
للبيع فى المزاد العلنى
-
مناظرات الرئاسة العربية
-
ما هو ذنب الكنائس ؟
-
ننتظر قرار الأسد
-
الإرهاب يا ريس صناعة محلية
-
طابا وإعلام التفجيرات
-
السعودية والخوذة الحديدية
-
الحقيبة الطائرة فى صحافة القاهرة
-
مصر التى فى خاطرى
-
التعليم العنصرى وعرب الحادى عشر من سبتمبر
-
خانة الديانة فى مصر الكنانة
-
جيش الإسلام العربى
-
صدقت يا شيخ الأزهر ولكن
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|