أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي شفيق الصالح - وسيلتنا القادمة لحوار الحضارات















المزيد.....


وسيلتنا القادمة لحوار الحضارات


علي شفيق الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 22:53
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


وسيلتنا القادمة لحوار الحضارات
الجاليات العربية أولى بالقوانين العادلة في الغرب
كثرت اللقاءات في هذا العصر للبحث عن أفضل السبل لاندماج الأقليات في المجتمعات الغربية المعاصرة وهي تحمل عناوين مختلفة كحوار الحضارات والأديان وتقارب الثقافات. وبدأت حديثاً مبادرات تجد اصولها في روائع ما شهدته بلداننا من تلاقي حضارات الشرق والغرب, وهي فرصة لتبادل المعرفة القانونية والتعريف بالدور الحضاري لقيمنا وموروثاتنا التشريعية ومدى استجابتها لمتطلبات العصر.
أن ما يحتاجه الآن أي مجتمع متنوع الثقافات والأجناس للتعايش بسلام هو الانفتاح الفكري وتكاتف الجميع حول قيم انسانية مشتركة ومبادئ الحق والعدل, دون تمييز بسبب دين أو عرق أو معتقد من أجل السلم وحفظ الأمن.
وقد أصبح اليوم استخدام القانون وقيم العدالة كأداة للتغيير الاجتماعي والتحالف بين الحضارات مبدأً من مبادئ القانون الدولي.
ويؤكد علماء الاجتماع بأن القوانين تعتبر من أهم انجازات الجماعات البشرية, وكلما ارتقت الجماعة البشرية ارتقت معها أفكارها وسنت لها من الأحكام العادلة الواجبة الطاعة ما يحقق أمنها واستقرارها.
في هذا الاطار نجد أنفسنا كعرب ومسلمين أكثر الجاليات قدرة على الانسجام مع التشريعات العادلة وحقوق الانسان, بل نحن أولى من غيرنا بها لأن العدل والإنسانية هي من صميم معتقداتنا الأساسية. ولا من أحد يدعو الى انصهار الأقليات في المجتمع والتخلي عن هويتها.
المشكلة في الغرب أن البعض لا يفهم طبيعة ثقافة المسلمين, وأن هناك جهلاً كبيراً لأفضال هذه الثقافة على الغرب وما تحويه من كنوز الحكمة المتراكمة والمعرفة الروحية.
نحن أمة تمتلك تجارب إنسانية غنية ومفيدة لتحقيق السلم والعدل ومواجهة الظلم والعدوان, ولدينا موروثات تشريعية وقيم في العدالة, لو فهمنا اعماقها, وأحسنا تجديد صياغتها والترجمة الدقيقة لمعانيها, سنكون قادرين على تواصل حوار بنّاء ومثمر مع الغرب.
وتشهد على ذلك موروثاتنا الثقافية المليئة بالحكمة والعدالة, ومنها شريعة حمورابي, والشرائع السماوية, والمدونات العصرية للمعاملات المدنية والتنظيمات القضائية الناتجة عن تبادل المعرفة مع أوربا.
وقد أثبتت تجاربنا الحديثة في حوار الحضارات بأننا قادرون على مشاركة المجتمعات الغربية التي نعيش فيها في إرساء دعائم العدل والتعايش السلمي بين الثقافات, ورفض مظاهر العنف والعدوان.
وبدأت فعلاً فئات كثيرة من المجتمع الغربي تدرك بأن قيمنا الأخلاقية الموروثة ومبادئنا لا تتعارض مع الحضارة المعاصرة, وبأن لدينا تراث مفيد لتحقيق السلم ومساندة القضايا العادلة المتعلقة بحقوق الإنسان والحقوق المدنية.
ورأينا أن البعض من المفكرين والمسئولين يتحدث بحماس عن التعاليم السمحة لدى العرب والمسلمين, ومنهم من أكد على "الدور الثقافي المهم الذي قدموه للحضارة الإنسانية" ودعا الى "تحفيز العلماء والمثقفين لتحديد الأفكار والحكم التي تشجع على العمل بالانسجام مع الطبيعة "(الأمير تشارلس ولي العهد البريطاني في خطابات له في جامعة أكسفورد).
ولا غرابة في ذلك, فقد تنبه فقهاء الغرب منذ سنوات لأهمية موروثاتنا في القيم والتشريع العادل وكَثُرت إشادتهم بها, منهم البارون " ميشيل دي توب " Michel de Tubb استاذ القانون الدولي بمعهد الدراسات الدولية في لاهاي بهولندا, والفقيه الفرنسي "لامبير إدوارد" Edward Lambert.
وتم الاعتراف بالأحكام المستنبطة من هذه التشريعات كمصدر عالمي لمقارنة التشريع والقانون في عدد من المؤتمرات الدولية العلمية, بعد أن وجد فقهاء القانون المقارن أن فيها عناصر: "لو تولتها يد الصياغة فأحسنت صياغتها لصنعت منها نظريات ومبادئ لا تقل في الرقي والشمول ومسايرة التطور عن أفضل النظريات الفقهية التي نتلقاها اليوم"(الفقيه لامبير)
وصار الكثير يدرك بأن الكوارث والحروب التي اجتاحت البلدان العربية خلال العقود الأخيرة لم تكن باختيار شعوبها أو نخبتها من مفكرين ومصلحين, بل كانت المنطقة كلها ضحية نوازع سياسية وعصبية ضيقة والتقاء بين قوانين الصراع الاقليمي والدولي.
كما بدأت تتكشف نوايا أولئك الذين يجلبون العداء لنا بنشر الرعب في كل مكان باسم الجهاد, مستخدمين ثرواتهم لإيذاء الخلق, خلافاً لما أمرت به الاديان والقيم الحضارية الحديثة التي تؤكد على "أن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف"( حديث شريف), وعلى أن "المبدأ لا يتغير بالقوة بل بمبدأ أفضل منه", (هارولد ماكميلان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة).
ولقد أثبتت أحداث عنف كثيرة في العالم, ومنها الأحداث الأخيرة الدامية في النرويج بأن التطرف لا هوية له وعلى العالم مراجعة الإرهاب.
نحن ندرك بأن سوء معاملة البعض لأبناء جالياتنا في الغرب يعود في الغالب الى الجهل عن حقيقة ثقافتنا, ودور الاعلام المغرض في تضليل الشعوب بقصد اثارة الخوف لأجل السيطرة.
علينا أن نثبت لهم بأننا جئنا من ديار هي مهد أول الحضارات في التاريخ وأن هذه الديار هي أصل الإنسانية جمعاء, وعلى أرضنا نشأت أُولى القوانين والحقوق المدنية في العالم, وبأن العصور الذهبية من حضارتنا تحققت ليس بفعل السيف وانما بالعلم ورقي القيم ومرونة الفكر لمواجهة اتساع رقعة الدولة واختلاف ثقافة أبنائها.
أن ميراث العلوم عام مشترك بين كل البشر, وان القوانين العادلة هي ملك للجميع, وهي أفضل أداة للتفاهم الدولي وتوحيد كل الشعوب. وقد أكدت العديد من مؤتمرات حقوق الإنسان, منذ المؤتمر الذي عقدته الأمم المتحدة في النمسا عام 1993, على "أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة".
والآن تتقاسم كافة الثقافات القيم الأخلاقية العادلة والمتحضرة, وأن" حقوق الإنسان والحقوق المدنية ليست حكرا على الغرب, فهذا الاعتقاد يعزل الغرب عن مناطق العالم الأخرى"(يرغن ها برماس أحد أعلام الفلاسفة الألمان).
وهذا يفسر الاهتمام الدولي الذي ظهر منذ بداية العصر الحديث بالدراسات القانونية المقارنة, وبتشجيع المبادرات الداعية لتبادل المعرفة القانونية والقضائية المتطورة كوسيلة متحضرة لتقارب الثقافات بين الشعوب واحساس الجميع بالعدالة والأمن, وهذا هو الرد المتزن لمواجهة التطرف.
خلاصة ما اريد أن أقوله أن الذي لا يحب الظلم لا يخشى من القوانين العادلة, لذلك نحن أولى من الجاليات الأخرى في أن ندخل بثقة عالم الأقوياء بتراثنا التشريعي وعلمنا لفتح المجال أمام الحوار البنّاء والانسجام داخل المجتمعات الغربية, لأن أغلب ما لديهم من مبادئ العدل والحق تلتقي مع تشريعاتنا وقيمنا الموروثة, وهي بمثابة صياغة عصرية لنصوصها المتناثرة.
ولا يبقى للتقارب واحتواء العصبيات سوى حسن النية من الطرفين, وبذل الجهود اللازمة لإزالة العقبات وتكوين مجتمعات متضامنة تتقابل فيها الحقوق والواجبات. وهذا دور النخبة من المفكرين والمصلحين ودعاة العدالة لدى الجانبين.



#علي_شفيق_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متحف اللوفر والولع الفرنسي بآثار الرافدين
- الشريعة باقية وعلينا نحن التغيير
- الإهتمام الدولي بنشر القوانين العادلة أفضل وسيلة لتقارب الثق ...
- تقارب النظامين الفرنسي والعربي في رقابة القضاء على الإدارة: ...
- من بلاد الرافدين وحوض النيل الى ضفاف السين
- هذا العدل الذي نريده
- القوانين العراقية القديمة أول من كرم المرأة


المزيد.....




- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي شفيق الصالح - وسيلتنا القادمة لحوار الحضارات