|
ماذا لو صح الخبر !
كمال يلدو
الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 17:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
نشــرت جريدة " الشرق الأوسط" في عددها 11935 والصادر يوم الثلاثاء 2 آب 2011 ، خبرا مفاده :" ان نظام ولي الفقيه قد طلب من المالكي تقديم 10 مليارات دولار لنظام بشار الاسد ، لدعمه في هذه المرحلة ، نقلا عن مصدر بارز في التحالف الوطني العراقي المؤتلف مع كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي....." ، كما تضمن الخبر، نفـي عضو البرلمان من حزب الدعوة خالد الاسدي * صحة هذا الخبر جملة وتفصيىلا . وأخذا بنفي عضو البرلمان الاسـدي ، فأن خبرا مثل هذا ســيجنب السياسة العراقية مطبات كثيرة اقلها، قولة القائلين بأن السياسة العراقية صارت تابعة لما تمليه عليها ايران وبشخص خامنئي ، وقائد فيلق القدس سليماني ، والذي يجري تداول اســمه كثيرا في اروقة السياسيين وتدخلاته الفظة في الشأن العراقي ، اضافة الى ما يصرح به قادة الجيش الامريكي منذ سنين من ان " سليماني" يشرف على تدريب وتسليح ميليشيات شيعية تستهدف القوات الامريكية ، لابل ان " مولن" قال ، ان اكثر من نصف ضحايا الجيش الامريكي سقط بأيدي هذه الميليشيات التي يشرف على عملها سليماني .وبالمعنى الآخر للكلمة ، فأن نفي هذا الخبر ، سيمنح السياسة العراقية نوعا من الاستقلالية تجاه ما يجري في الجارة سوريا على اقل تقدير . لكن مـاذا لو صــح هذا الخبر : اولا: انـه ســـيعني فيما يعنيه ، ان السياسة العراقية اضحت ودون لبس ، رهنا بالسياسة الايرانية وأستراتيجيتها في المنطقة ، وهذا ما سيجر العراق لاحقا الى حروب ودمار لايحمد عقباه ، والى عداء من بعض دول الجوار ، لايحتمله المشهد العراقي ، وأن العراق لاحقا سيصبح مستعمرة ايرانية تقودها حيث تكون مصالحها . ثانيا: ان هذا الامر يعتبر خرقا فاضحا للعقوبات التي اطلقتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الاوربية ضد نظام الاسد عقابا على اساليبه الدموية في قمع المتظاهرين . ثالثا: ان هذا الامر يضع حكومة المالكي في موقع الشريك غير الموثوق به ، عندما يتعلق الامر بموقف عالمي او اقليمي تجاه أمر ما ، اضافة الى امكانية اعتبارتقديم هذا المبلغ عملية تبييض للأموال ، وتعامل مع بنوك ومؤسسات محظور التعامل معها ، على صعيد البنوك العالمية التي يرتبط العراق معها بأتفاقيات . رابعا: ان هذا الامر يعتبر تنازلا فاضحا من النظام العراقي تجاه نظام بشار الاسد الذي ناصب الحكومات التي اعقبت زلزال 2003 العداء ، واحتضن ولا يزال معظم القيادات البعثية الصدامية ( المطلوبة عراقيا) ورعاها، وقدم لها التسهيلات في اقامة مؤتمراتها ، وغرف عملياتها، ناهيك عن اموال العراق التي هربها هؤلاء المسؤولون عشية سقوط الطاغية . خامسا: ان هذا يعتبر تنازلا عن دماء آلاف العراقيين الذين سقطوا بأيدي الارهابيين الانتحاريين الذين قصدوا العراق عبر الاراضي السورية ، بعد ان اقيمت لهم معسكرات استقطاب وتدريب وبرعاية الجهات الامنية السورية . سادسا: ان هذا الموقف يعتبر تنازلا لنظام يعمل ويخطط لتجفيف مياه نهر الفرات الواصلة للعراق ، عبر اقامة السدود ( الضرورية وغير الضرورية) في عملية صارت تكلف الاقتصاد والمواطن العراقي حياته ومستقلبه ، وممكن ان يحول نهر الفرات الى ارض جافة خلال العشرين سنة القادمة . سـابعا: ان هذا الموقف يكشف حقيقة بعض الساسة العراقيين، الدائرين في فلك السياسة الايرانية العنصرية الطائفية. فهذا الموقف هو للحفاظ على حكم العلويين في سوريا ، في مواجهة الثورة الشعبية العارمة ، تماما كما انتخى بعض القادة الطائفيين في الدفاع عن المظاهرات في البحرين ، والتي بينت الاحداث بأن هذه المواقف لاتمت لمطالب الشعب البحريني بصلة ، بقدر ما هي ارادة الحكام في طهران بغية سيطرة القوى الشيعية على الوضع في البحرين وأقامة دولة شيعية على غرار ما جرى مع حزب الله في لبنان ، والميليشيات الشيعية في العراق . ثامنا: ان هذا الموقف يعبر عن جهل متعمد لهؤلاء الساسة بتجربتهم مع حزب البعث العراقي ، والذي لا يختلف قيد شعرة عن نظيره السوري ، في القمع والقتل والمراوغة والديماغوجية . تاســعا : ان هذا الموقف يعتبر ضـربة غادرة لأنتفاضة الشعب السوري، الثائر ضد طغمة حزب البعث وقواه الامنية وشــبيحته وآلة القتل اليومي التي تفتك بالمواطنين الداعين لآسقاطه ،وسوف تعني فيما تعنيه ( حقنة المورفين هذه) ، المزيد من الضحايا والآلام للشعب السوري ، فيما دول العالم تعرب عن استيائها وشجبها للنظام . أخيرا: ان صــح هذا الخبر ، فأنه يكشـــف مدى البؤس الذي وصل لـه حال السياسيين في العراق ، والذين صاروا يراهنون على انظمة فاســـدة ، وطغم دموية لا تعرف طريقا للتعامل مع الجماهير سوى الارهاب والقتل ، تماما كما فعل صدام حسين ( ابان انتفاضة آذار 1991) مع المعارضين الذين يحكمون العراق اليوم ، وكأنهم نســوا أو تناســوا البعث وسياساته ، بوجهيها السوري والعراقي .
لا أظن بأن الشعب السوري المنتفض ، وثواره الابطال ، سيغفرون يوما ، لكل من دافع أو مـوّل نظام القتلة في دمشــــق! فنظام الاســد آيل للزوال مهما طال الزمن وكبرت التضحيات ، والشعب هو الباقي ، فكيف ســـيجيبون على اسئلة السوريين يومها ؟ هل سيقولون انهم قدموا هذه الاموال لمحاربة اسرائيل وتحرير الجولان؟ ام لقتل الثورة السورية ؟ اني على يقين بأن هذه السياسة سترتد على اصحابها ، ان كانوا في قم او طهران او بغداد أو بيروت ، فالشعب السوري انتفض، وســوف لن تنقذ نظام البعث في سوريا لا الدولارات ولا الشبيحة ولا فيلق القدس ، فشعوب المنطقة اقسمت ان تجعل من هذا الربيع بطول ايام السنة ، وربما تكون هذه الاحداث فرصة ذهبية للحركة الوطنية العراقية ، في ان تعلن موقفها المتضامن مع انتفاضة الشعب السوري ، تماما كما تستوجب الاعراف النضالية في التضامن مع الشعوب المنتفضة من اجل انعتاقها ، وحتى تسقط كل اوراق التوت عن الحكام والحكومات الدكتاتورية ، من اجل قيام حكومات وطنية ديمقراطية تحترم الانسان وتطلعاته .
___________________ *خالد الاسدي: قيادي في حزب الدعوة تنظيم العراق ، من مواليد بغداد للعام 1974 ، دارت حوله شائعات بأن شهادته الصادرة من ايران مزورة ، لكن وبتدخل من السفارة العراقية في طهران وبالمراسلة مع الخارجية جرى معادلة شهادته لتكون مماثلة لخريج الثانوية – الفرع الادبي . يقول موقع حزب الدعوة بأن الاسدي حصل على ماجستير في العلوم الاسلامية ومحاضر في الحوزة العلمية . مؤخرا دخل البرلمان كبديل عن خضير الخزاعي الذي اصبح النائب الثالث لرئيس الجمهورية العراقية.
#كمال_يلدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الاصالة في الغناء السرياني الحديث
-
يكفينا مزايدات ياسيادة الوزير!
-
حاضرنا حينما يتعثر بالماضي، علي الأديب نموذجا!
-
الشاعر عبد الكريم كاصد، بعيدا عن الوطن ، قريبا من الناس
-
دفاعا عن الحرية تحت - نصب الحرية-
-
بلطجية بطعم -العراق الجديد- !
-
عدوى - الصحّاف- تجتاح الانظمة العربية المتهرئة
-
رحمة بنا وبآثارنا يا سيادة الوزير!
-
موضوع للمناقشة:من يوقظ عصر السبعينات الذهبي من سباته؟
-
بين 8 آب 1988 و 2010
-
زيارة -للزعيم- في عيد الثورة
-
ظلال الزعيم -عبد الكريم- في المشهد العراقي
-
هل الآرشيف العبري العراقي ....عراقي؟
-
قرأة في تفجيرات الموصل الأخيرة:لا بديل عن الحماية والمحكمة ا
...
-
حول انتخابات 2010:قبلنا التحدي ، وفخورين به!
-
حول انتخابات الخارج،احتفظوا - بعراقيتكم- للذكرى فقط!
-
قناديل من كلية العلوم/جامعة بغداد
-
بعض الفرق الموسيقية للجالية العراقية في ديترويت ... - الجمهو
...
-
أتمنى ان تكون -زلّة لسان- غير مقصودة!
-
هدية عيد الميلاد لمسيحيي العراق!
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|