جميل محسن
الحوار المتمدن-العدد: 3446 - 2011 / 8 / 3 - 15:07
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم يكن إغراء ممتعا الخروج في العاشرة صباحا للذهاب الى ساحة التحرير في صيف تموز العراقي الملتهب ولكنه تحدي أردت تأجيله ربما لقلة قناعة وتشويش فضائي لقنوات تريك الأحداث من زاوية النظر المريحة للممول , وإذا تساءلت من آخرين يأتيك الجواب كالعادة بعيدا عن التجريد والواقع قريبا مما في داخل عقل ورغبات المجيب !! .
ساحة الطيران على الطريق الموصل كانت هادئة نسبيا قبل ظهيرة يوم الجمعة عدا عن بعض الأقدام والسيارات المسرعة يتصاعد من خلفها الغبار وتراب الوطن , عيناي ترنو الى السياج الخلفي لساحة الأمة علني أرى طلائع المشاركين والمحتجين العراقيين ضمن الشبكة الواسعة من النهوض والوعي الشبابي العربي في محاولات الفكاك من اسر المنظومة الدكتاتورية الفاسدة الحاكمة منذ عشرات السنين والمورثة لنفس الطاقم وحتى الجينات والأشخاص الخالدين سواء كانت أنظمة ملكية أو جمهورية !! هو نداء التحرر من عقلية العبودية والإقطاع وأمراء القرون الوسطى , ولكن ماذا عن العراق وعاصمته بغداد !؟ توجهت الى ساحة التحرير لأشاهد وافهم , وما شاهدته من لافتات معلقة فوق السياج الخلفي للحديقة أثلج صدري وأعطاني فسحة للأمل للقادم مما سأراه اليوم , كانت اي اللافتات حمراء فاقعة حروفها بيضاء ناصعة تتحدث عن العمال والكادحين والبطالة والمطالب المحقة لفئات مهمشة في زمن التغيير !! الغامض المعالم , وتطلعت الى ماخلف السياج وداخل الحديقة لأرى بلهفة طلائع زحف الربيع العربي نحو بغداد في حر تموز اللاهب ,,, لا أحد ؟؟ حتى ولا خيمة !! لا بأس لايزال في الوقت متسع وفي الحديقة فراغ ستملئه يوما عقول وقلوب وأجساد يجذبها الوعي والشبابية وضرورة تحمل مسؤولية وطن تتقاسمه الطائفية والعرقية والفساد ليلتحقوا بركب من سبقهم وقدم صدره للرصاص وضهره وباقي جسده للضرب والركل والسياط الجمهورية والملكية التقدمية والرجعية ليصنع الفارق ويقول إن التاريخ لايتوقف رغم انف الجمود ,,, وتوقفت عند أول سيطرة رسمية وتلك الطقوس المؤلمة عندما يتحسس الآخرين قطع من جسدك وتقف صاغرا بدون إرادة وتسمع الخاتمة ,,, آسفين نعمل من اجلكم ,,, وأعاود السير الى حيث تتسطر بانوراما جواد سليم الملحمية تتوسطها شعلة الحرية تحملها امرأة بلا أقدام !! التفت يمينا حيث يمتد السياج الكونكريتي الطويل يختبأ خلفه المئات من اصحاب الجنابر والبسطيات , ترى هل تثيرهم صباحات الجمعة العراقية ؟ هل تعني لهم شيئا ؟ في بلد هم الأكثرية فيه !! , هامشيون كالفطر يتكاثرون خارج الكونكريت العالي نحو الشوارع بعد ان احتلوا الأرصفة , كأنهم إعلان مباشر وواقعي عن دولة فاشلة عربية صميمية , البسطيات فيها هي سوق العمل ومحرك الاقتصاد !! ولكن هل سمعوا بنتائج , انفجار , زميلهم التونسي وحرقه لنفسه انتقاما من الشرطة والقمع والقهر وفقدان الأمل ؟ , هاقد وصلت مقدمة ساحة التحرير وسيطرة اخرى وتفتيش اخر وجدل طويل حول قلم احمله ويتصورونه سلاح جاهز للاستعمال , وضحكت !! زال حتى توتري المتوارث والقديم عندما أعادوا الي قلمي الذي رافقني 50 عاما وتكسر وفقدته عدة مرات ولكنه يعود ويجبرني على استعماله لانه يحب العمل لا البطالة , وانا ارغب بدخول الجنة أو النار التي امامي وتدهشني رؤية سيارات الإسعاف والحريق واتخيل القادم من الاحداث , ويتسطر امامي اولا العشرات من العاملين في هيئة مراقبة الانتخابات العراقية يرفعون شعارات المطالبة بتعينهم على الملاك الدائم كموظفين حكوميين !! ولكن ماهو الثمن ؟ حكومة تراقب حكومة !! لتحقيق نزاهة للانتخابات القادمة كما الماضية ؟ وسجل ياتاريخ ,, بينما وقف بقربهم من يرفع شعارات معاكسة تماما تطالب بإلغاء هذه الهيئة الفاسدة حسب رأيهم !! ولم يتسن لي سؤالهم عن البديل برأيهم ؟؟ انجرفت للداخل ونزلت للحديقة وقرب تمثال الأم حيث بوري الماء المكسور المزدحم دوما يرتوي ويغتسل الجميع على الطريقة العراقية القديمة والمتجددة حيث لا ماء ولا نافورات منصوبة في طول الحديقة وعرضها !! أخذت اتطلع بوجوه الجالسين من قدامى الأصحاب وما أكثرهم لأرى ان كان الحدث يثيرهم أم ان هذه المرحلة الجنينية المشوهه احيانا تجعلهم في وضع المراقب من بعيد مادام هنالك كاميرات تنقل وحر لاهب يذيب حتى الفولاذ ومسافات يجب قطعها على طريق الآلام . ولكن لماذا سبقنا الآخرين ؟ هل لأننا في المربع الأبعد ؟ ولم يعد لدينا نظام شمولي قاس يستوجب النزول للشارع لإسقاطه او على الأقل تغيير نهجه التسلطي ومحاسبته وإلغاء حفلات التوريث وتحقيق العدالة والحرية والمساواة بين أفراد الشعب ونبذ التهميش , وكل ماسبق تجمع وتراكم في دواخل الحس الشعبي للفئات الشبابية والمسحوقة العربية وتفجر في الشوارع والساحات بوجه السلطات وأجهزتها الامنية , وسبقت الجماهير مايمكن تسميته قياداتها اليائسة المبعثرة والمتحجرة وتنعكس الآية ويعيد علم الاجتماع وجدليات التاريخ التوازن المفقود داخل دويلات التوريث الدائم العربية , وأفيق من السبات على أصوات متعالية وأقدام متراكضة في مقدمة المسرح في الساحة وتحت التماثيل ...........
احنه سيوف المالكي على عناد كل حاقد
سمعتها مرارا غير مصدق !! يا الهي هل هذا ماقدمت من اجله ؟؟ وصعدت مسرعا لأفهم , كان العشرات من الشباب يتراكضون يهزجون ويبزخون والمهم , يتحدون , مع مكبرات صوت مخترقين اي تجمع أخر والواضح تماما إنهم يعرفون بعضهم البعض جيدا ويرتدون ملابس نظيفة وجديده ومرتبة ! لاعلاقة لها بتاتا بلباس الكادح والعاطل والمفلس الباحث عن قوت يومه !! وابتعد الآخرين على قلتهم نساء ورجال حاملين قضاياهم المطلبيه من صور لشهداء وقتلى بلا تعويض , او كلمات خطت على كارتون ابيض يحملها افراد ربما ظنوا ان حلال المشاكل للعراقيين يتواجد اليوم في ساحة التحرير !!
أحنة سيوف المالكي على عناد كل حاقد
ولكن لماذا سيوف ؟؟ هل هنا ساحة موقعة إسلامية اخرى سيعاد صياغتها لينتصروا على الفئة الباغية ويعود الحق لأصحابه ؟ ام هم مجرد مشاريع وتجمعات لشبيحة وبلطجية المستقبل يفرضهم النظام ؟؟؟ ليفرض النظام بالمفهوم الدكتاتوري العربي التقليدي السائد حيث الحاكم هو خليفة الله في الأرض وابنه من بعده !! اين العملية السياسية الديمقراطية إذن ؟ ومن مسح الدماء التي سالت انهارا في سبيل حق الآخرين في الوجود والتعبير عن الرأي ؟
ما رأيته وسمعته وشاركت فيه أحيانا هو أسخف مافي الرواية , فهذا الركب او الموكب الطويل العريض المتحول الى سيوف قد توقف حيث ثلاث من النساء يلاسنهن ويجادلهن ويصرخ على واحدة منهن ,,,,, أم كلثوم , ام كلثوم ,, وهي تعيد عليهم صب اللعنات ! وافهمني الواقف بجانبي
- هاي جانت تشتغل بالإعلام أيام النظام السابق وهسه أيحركها مشعان الجبوري .
( ولم يتسنى لي التأكد من صحة الخبر من مصدر مستقل ) ذلك ما تذيل به وكالات الاتباء العالمية أخبارها غير الموثوقة , ولكني توجهت لأسمع الحوار المتبادل وافهم الجدل والتناقض العراقي الحالي ......
المرأة- عجم , عجم كلكم عجم بس أحنا العراقيين الأصليين .
ثم ذهبت بعيدا الى داخل الساحة لتجلس مع رفيقتيها , وسط صرخات الموكب الطويل العريض عليها ,, ام كلثوم , أم كلثوم , وسمعت احدهم
- لج أحنا ولد الملحة السمر مو عجم أم كلثوم !!
باقي من في الساحة كانوا يبدون في الواقع أسرى لهذا الجدل السفسطائي المزعج , ثم انسحبت المرأة مع رفيقتيها وخلا الجو تماما للسيوف البازخة الزاحفة الراكضه المسيطرة تماما على مسرح الأحداث والمتحركة كما يبدو حسب برنامج متكامل وموجه حيث شكلوا هذه المرة دائرة موسعة وبدؤا باللطم والنواح !! اي نعم !! وإلقاء الأشعار والدعاء ضد وزير الكهرباء المتنعم والمرفه والفاسد والتذكير بمظالم الشعب البسيط المكتوي بالانقطاع والحر اللاهب !!!!1 وضحكت ثانية وتحدثت مع نفسي ,, مو مشكلة حكومة اتسب حكومة ,,, ثم أنزلني القرف ثانية للجلوس قرب تمثال الأم وبوري الماء المكسور منتظرا إنزال الستار والمشهد الأخير للجمعة الحزينة الضائعة ,,,, اكتملت اللطمية بعدما اشبعوا وزير الكهرباء شتما وسبابا , ثم عادوا للركض والترداد
احنه سيوف المالكي على عناد كل حاقد
وكأنهم بذلك يكنسون وينظفون الساحة من كل من تبقى حاملا راية او فكرة او رأي معارض , بعدها أشار احدهم ,,,, خارج ,,,, وتفرغ الساحة وتنسحب سيارات الإسعاف والحريق ثم القوى الأمنية والمتبقي هو جواد سليم وملحمته , وذهبت لأشرب بعض الماء واغتسل عند صديقي صنبور الماء المكسور واجمع أفكاري وأحاول تسطيرها بلا رغبة , ولكن ماسمعته وشاهدته وقرأته في الصحف والتلفزيون والفضائيات وأفواه الناس من تضخيم وتشويه وحكايا ونضالات خيالية عن نفس اليوم والمكان أعادني للقلم والكتابة , أردت ككل مرة وبدل أن العن الظلام أن أشعل شمعة .
جميل محسن
#جميل_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟