|
العراق بقيادة الذهن الثيوقراعلماني
احمد صحن
كاتب وباحث
(Ahmed Sahan)
الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 13:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
على الرغم من مرور زمن طويل على الذهن الذي عارض نظام صدام حسين، الا ان الذهن ذاته يحكمنا الان. وبفضل الزلزال الذي اصاب شعار الأمن في مدينة مانهاتن حتى أخذ برجاها يستبدلان الترنح بالشموخ وراحت طبقاتهما تنهار وتفرم قاطنيها، حينئذ بدء العد التنازلي لسقوط شعار العروبة في بغداد، لم تكتف أمريكا بأفغانستان، فدخلت عسكريا الى عمق الشرق الأوسط عبر نافذته المفتوحة – العراق- فسقط النظام هناك، وعقب انتهاء الحدث في ساحة الفردوس، انقشع غبار الحرب عن الصورة، تجلت الحقيقة للجميع، الحقيقة التي أظهرت وهن النظم الاستبدادية وكذلك أظهرت وهن قدرتنا في تقديم البديل لشكل الحكم. لذا فأن أمراض العملية السياسية في العراق هي دليل على عجز قادتها في تحريك عجلة البناء بالشكل الذي ينسجم مع الركب السائر اليوم، ويبدو أن ساسة العراق في عهد ما بعد صدام فشلوا في رسم الشكل السياسي للبلد، مكتفين بلغط الأحلام السياسية طيلة وجودهم في الساحة خلال السنوات الماضية، اذ تصدعت رؤوسنا، استهلكوا كل الشعارات التي تنهل من ذهن معارضتهم للنظام السابق، حيث أملت عليهم أحلام سبات المعارضة الثقيلة بأيديولوجيات تندلق منها شعارات لم يضمنوا تطبيقها. البعض يتأمل طيلة السنوات الماضية التي أعقبت السقوط المدوي والفاضح للنظام من القيام بعقد مقارنة بين ما كانت عليه الدولة العراقية أبان حكم حزب البعث وبين ما آلت إليه الأمور والأوضاع في البلاد بعد عملية التغيير التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ولست هنا في معرض عقد مقارنة بين "فوضوية" اليوم و"أمس" البعث فالمقارنة صعبة وصعوبتها تكمن في تقييم صورة النظام السابق والتي نعتقد من انها انغمست بالدرك الأسفل من وحل السوء، وكنا نعتقد أيضا من أن للسوء وجها واحدا كان النظام السابق انفرد بتمثيله، ولا يمكن بأي حال ان تُعقد مقارنة.. لكن يبدو لنا كأبناء لأمة عراقية لم نشخص عللنا لحد اللحظة ومكتفين باحلامنا، ولم يتحقق اي منها، باستثناء تغير نظام البعث، غير ان حلم اسقاط النظام تحقق وانتهى، لكن لم نستيقظ من سباتنا، بل رحنا نحلم بالخلاص مرة اخرى، الحلم الذي نتوخى فيه إيقاف دوامة الخراب والهبوط التي وفرت بيئة اجتماعية قادرة على انتاج الاستبداد والظلامية بألوان مختلفة وقد لا يروق للكثير حين نقول من ان بيئتنا الاجتماعية مسؤولة عن ولادة صدام والخشية كل الخشية من أنها قد تلد لونا اخر من الظلام علاوة على ما نعانيه من استبداد العقل الجماعي حيث بدت الدكتاتورية والظلامية الحزبية تعمل وكأنها ذاكرة وهاجس وممارسة في آن. اننا ذقنا من الجور في السنوات الماضية ما يكفي لإطلاق صرختنا ضد الفساد والعبث السياسي وأشكاله خصوصا ما تعرضنا له من ممارسات ميليشاتية تنتمي الى القرون القاتمة وتدعي الاسلام، ممارسات بألوان لم نعهدها من قبل، وفوضوية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ابسط دليل اسوقه، حتى أصبح كل من لامس الدين يملك سلطة عليا، وبالطبع لا ينبغي أن يعزى فشل قيادة البلاد من قبل تشكيلات سياسية قارعت النظام إلى أسباب واهية فسنوات المعارضة كانت طويلة وطويلة جدا وأيضا كانت كفيلة في بلورة شكل العراق وهويته السياسية قبل الإطاحة بالنظام. فالأحزاب الدينية التي ولدت في العراق ضمن مخاض تجربة الإسلام السياسي في أواسط القرن المنصرم قد اصطدمت وتعثرت في قيادة الدولة وبنائها، حزب الدعوة على رأسها، تزّعم السلطة في العراق منذ عام 2005، مارس العمل القيادي للدولة ولا شك انه وقع في شرك أحلام الذهن المعارض وواقعية الحال القائمة اليوم، فبينما كنا تواقين الى التحقيق النسبي للعدالة فوجئنا ونحن نشاهد اغلب شعاراته تُسحق تحت اقدام اللصوص والفاسدين والقتلة وطالما إرادته هي السائدة اليوم فأن الأمر يدعو للتوقف عند جملة من المفاصل الإيديولوجية المهمة في الإسلام السياسي حيث فشل في مغازلته للعلمانية وكذلك فشل في التوفيق بين ما يروم الى تحقيقه وبين متطلبات عراق ما بعد صدام.. لقد صح الاعتقاد عندما قيل ان تلك الاحزاب سوف تعاني من إمكانية مقاربة المسافة بين رؤية الدولة المدنية المحكومة وفقا للنظم القائمة اليوم على أساس ديمقراطي وبين رؤيتها التي تتقاطع عند مناطق فكرية مهمة كحاكمية السماء وما يرتكز على اساسها من حقوق وواجبات وكذلك الشكوك تحوم حول قدرة تلك الاحزاب في قيادة الدولة وهي تحمل في ذهنها مخزونا من الشعارات الدينية كفيلا بشل حركتها في الساحة السياسية الدولية في عالم ما بعد العولمة، ان هذا التقاطع الفكري ادى الى بناء ركائز سياسية في العراق لا تستند على اساسات متينة واهمها الدستور الذي اصبح كماكنة تعمل بتروس مكسرة الاسنان. اثبتت التجربة ان تلك الاحزاب وعلى رأسها حزب الدعوة لم تملك في جعبتها سبل تردم بها الهوة بين العالم المعاصر المحكوم وفقا لقوانين حديثة والتكنولوجيا الجبارة التي ساهمت في تقويض العالم والغت بعض الحدود الدولية، كثورة الاتصالات "بحزمتها المعروفة" وعلاقتها بربط الشعوب مع بعضها وما ينتج عنها من تبادل قيمي كبير. ان تلك المعادلة تدعو الاحزاب الدينية في العراق على وجه الخصوص الى التوفيق بين المفاهيم الدينية التي تحملها وبين ما وصلت إليه النظم الفاعلة والصانعة للقرار السياسي العالمي والمتسلحة بالحريات العامة وحقوق الإنسان وكذلك محكومة اقتصاديا وفقا لنظام السوق الحر وغيرها من المحددات الآتية والمفروضة من المركز. المقال لا يتحمل الخوض المفّصل في المسائل الفكرية العالقة بين الدولة العلمانية والدولة المحكومة "ثيوقراعلمانية"، لكن في تقديري المتواضع ازعم ان تعثر بناء الدولة العراقية بعد التغيير يكمن في كسل الذهن الذي عارض نظام البعث، حيث يحكمنا الآن. إن الوجوه السياسية التي أطلت علينا بعد عام 2003 يجب ان تدرك خطورة الأجندة الخارجية سواء كانت من دول الجوار او من امريكا صانعة القرار فأن تلك الأجندة سوف تسحقها ما لم تجد حرفا وتضعه بين سطور السرد السياسي المتأتي من الصراع الدولي على ارض العراق ويجب ان يكفوا عن حكمنا بأحلام وشعارات الذهن الذي عارضوا به النظام السابق
#احمد_صحن (هاشتاغ)
Ahmed_Sahan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوجه الانسحاب الأمريكي المتعددة، تخلو من النصر
-
العراق أولى ساحات الحوار المسلح
-
العراق بفساده الإداري ، ورشة للشيطان
-
عراق ما بعد الانسحاب
-
التاسع من نيسان، لحظة الانهدام الشامل
-
أوباما والحوار المسلح
-
احداث 11سبتمبر - زلزال لم يطح بالغرب الجديد
-
طبول الحرب لا بد ان تقرع في الخليج
-
مسارات التغيير تبدأ من القمة
-
الدكتاتورية - ذاكرة ، هاجس ، ممارسة -
-
حزب الله واولمرت بين الحماقة والجنون
-
الحرب الخفية في العراق
-
الكرة في ملعب الشعب
-
مرايا 11 سبتمبر
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|