|
نحنُ على مشارفِ الحريّة..!!!
فيروز شحرور
(Fairouz Shahrour)
الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 11:52
المحور:
حقوق الانسان
ربما من شدّه العنوان، سيعلل لا وعيه، أنه نابعا من أمل أو رغبة دفينة للحرية.. وربما سيضحك.. أو حتى يتسائل أي حرية يقصدها الكاتب المكرر لكل ما يكتب، وهل هذا حقا وكيف ومنذ متى؟!!
وأنا مبدئيا أقول أنا لست بصدد الحديث عن حرية الوطن والرغبة في التفكك من القيود الدولية والمحلية لانشاء دولة كما نريد، أي سأبتعد عن التحليلات السياسية التي تناولت ذلك بافراط ركيك وبلا داع أيضا- الأمر واضح-..!! أتحدث هنا عن محورين أساسيين أراهما في الحرية المجردة برأي:
المحور الأول: ما هي الحرية أصلا؟!! لعل وعسى مفهوم الحرية قد لاقى تعريفات عدة وبشتى الأصعدة والجوانب، وربما اصطدم بمعوقات ومحددات.. ولكن من قرائتي لبعض هذه التعريفات، أو الدخول في عالم النقاش الجماعي حول مفهومهم عن الحرية، والتي ربما أول اجابة كانت لديهم، بروز لمعة في العينين والتحديق في السقف بانتظار الاجابة الشافية.. كما أنني لاحظت من خلال اللوحات التشكيلية التي عبرت عن الحرية، أن البعض منها صورها بحمامة بيضاء محلقة دون قيد، أو ذراعين متسعتين على امتدادهما، أو قفص مكسور.. الخ، كل هذا يجعلك تأخذ انطباعا، أن الجميع بشكل أو بآخر يتفق أن الحرية، هي أن تكون أنت.. من خلال التحليق دون حد، أو باحساسك بالهواء وهو يتغلغل لكل مسامات جلدك دون حواجز، وربما أشبه بالصراخ على أعلى قمة، ولكن هل كل هذه التشبيهات البسيطة تناولت الرأس مثلا؟!! أم كانت أكثر عجزا عن وصف أهم حرية، وهي حرية الفكر، والتي أسألكم ان كنا قد وصلناها؟!! أي هل نملك ذواتنا، وقادرين على اتخاذ أبسط قرار في حياتنا، مثل اقدام أنثى على كنس شارع، أو بيع ترمس وغيره أمام الجميع، وأن يجاهر المرء أي كان جنسه أنه مقتنع تماما بدينه، بعمله، بدراسته، بحياته الزوجية والعادات العائلية، بحكومته والأراء السياسية.. وغير ذلك؟!! وهل نحن حقا من الشعوب التي نستطيع أن نفتخر أن لا خوف يتسلل الى أسرّتنا وعقولنا؟!! وأن لدينا القدرة على دحض وتمحيص موروثاتنا العائلية والمجتمعية، واقصاء التالف منها ورميه طعاما لديدان القبر؟!!
الحرية: أن تملك ذاتك.. أن تتنفس وتملأ صدرك دون اكراه، أن تكون حنجرتك لك وحدك وانعكاسا لصوتك، أن تُذوب الخوف فيك، أن تكون مؤمنا بك، أن لا تحشر جسدك عند نقطة زاوية وتبدأ طقوس الوساوس والهواجس والمجتمع.. الحرية أن لا تنتظر مني أن أقدم لك حريتك!! كما قال جان بول سارتر " قراراتنا هي السبب الوحيد في كوننا مهمين"، وهذا ما يتناسب أيضا مع مقولة أفلاطون " الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم بالشؤون العامة، هو أن يحكمهم الأشرار".
واستدراكا لما قلته عن الحرية، والتي طبعا لا أعني فيها – حق خرق دائرة الآخرين- والتطاول عليهم، لأن هذا لسوء الحظ ما ندركه.. هذا هو مفهومنا السلبي عن الحرية، أن نقول كل شيء ونفعل كل شيء دون احترام لمشاعر الآخرين.. الحرية احترام، احترام لذاتك وللآخرين، احترام للكائنات الأخرى باختلافها وللطبيعة، وللرب وللديانات ولاختلاف الآراء.. فألست تملك فكرك.. أليس الفكر أساسه الاحترام والانسانية؟!!
ومن هذا السؤال سأنتقل للمحور التالي، وان كان سيتداخل ولو جزئيا مع مفهوم الدولة بنظري.. وهو هل شعبنا يملك مقومات الشعب المناسب للدولة، ولن أقول المثالي؟!! هل نحن مؤهلين للحكم ولادارة دولة؟ هل جميعنا نمتلك هدف رئيسي كشعب بجانب أهدافنا الثانوية، وماذا حققنا؟!! هل نحن كما الصين واليابان؟!! طبعا كل ذلك استنادا لحرية الفكر وقراراتنا حول مفهوم الحرية، فإن كان المرء يصبح حسبما يفكر.. فنحن بحاجة لوقفة نقدية تاملية حول ماذا نفكر؟!! وأذكر مرة سمعت من شخص يتحدث حول رؤيتنا للجيل اللاحق، وقد علق قائلا: أنظروا لاهتمامات أولادكم!!
انه لمن المحرج حقا، أن نكون أول أمة تحدثت عن الشورى((الديمقراطية))، وعن القيمة الانسانية وغير ذلك من المفاهيم النبيلة ولب مفهوم الحرية، أن نجدنا نحن من نمارس دور القضاة المجاني ودون أي مؤهلات تذكر، وأننا من نحاسب كل من يجلس بشكل مختلف، ويأكل بشكل مختلف، ومن بدل مواعيد قهوته، وأننا من نحاسب ونقصي كل من لا يعتبر نفسه نبيا، وكأننا لم نخلق في الحقيقة بشر!!... ونحن من نذبح الرقاب ونترك الدم ينساب في كل الأروقة باحساس وضمير مثلج.. ألم يتأملوا أهم مقولة قرأتها طوال حياتي، وهي لألبرت آينشتاين" من لم يخطئ، لم يجرب شيئا جديدا.." وأضيف أنا ولن يتعلم شيئا جديدا، فطوبى للماضي، ولأخطائنا التي جعلتنا أكثر انسانية وأكثر عمقا.
#فيروز_شحرور (هاشتاغ)
Fairouz_Shahrour#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة الحلم!!
-
مساعدات أمريكية - للفلسطينيين-، أم مساعدات فلسطينية - للأمري
...
-
إغتراب قسري
-
إليها.. جدتي
-
سيرة فيروز شحرور
-
رواية -ما زال المسيح مصلوبا- ضمن قراءة تحليلية لشباب فلسطيني
...
-
لننسى جميعا
-
الكتابة النسوية: بين الحلم واضطهاد الواقع
-
حينما تستريح الوطنية بشكل أو بآخر
-
الحجاب يغطي العقل
-
المفاجأة الرائعة
-
هواجس مارٌة
المزيد.....
-
القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في
...
-
شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
-
السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق
...
-
-بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4
...
-
فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان
...
-
أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|