|
ما هو سر هذا التهافت التركي على احتضان المعارضة السورية
زارا صالح
الحوار المتمدن-العدد: 3442 - 2011 / 7 / 30 - 08:25
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
ما هو سر هذا التهافت التركي على احتضان المعارضة السورية؟؟؟؟
د.زارا صالح
تلعب اليوم تركيا دورا سياسيا محوريا في منطقة الشرق الاوسط نظرا لموقعها الجيوسياسي والدور المنوط بها دوليا كعضو في حلف الناتو يمثل أجندة الدول الكبرى ومصالحها في هذه المنطقة الحيوية كما كانت في السابق ( شرطيا للمنطقة ). وزاد من أهمية هذا الدور التغيرات المفاجئة والديناميكية التي شهدتها البلدان العربية والسقوط المدوي لدكتاتوريات كانت تمثل وترعى مصالح الدول الكبرى واسرائيل ( مصر كمثال ) وتحافظ على معادلة التوازن الاقليمي المطلوب وكذلك الخوف من رحيل أنظمة أخرى مكملة في لعبة التوازنات مثل النظام السوري. هذا عدا عن المصالح التركية المباشرة لحزب العدالة والتنمية في سعيها لحماية ( الامن القومي التركي ) وتحقيق برنامجها الاستراتيجي الجديد في علاقاتها مع جيرانها ودول المنطقة الشرق اوسطية سياسيا واقتصاديا وتجاريا عبر دبلوماسية ناجحة يقودها وزير الخارجية داوود أوغلو. العلاقة التركية- السورية أخذت طابعا خاصا ومميزا لا سيما من قبل الطرف التركي الذي تعامل مع الجانب السوري بعين( الخليفة العثماني ) كولاية تركية من خلال فتح المعابر الحدودية والغاء تأشيرة السفر بين الدولتين مع انفتاح اقتصادي وتجاري غير محدود وزيارات رسمية مكثفة للمسؤولين الاتراك والسوريين في محاولة واضحة من كلا الطرفين طي صفحة الماضي من حقبة حكم الاسد ( الاب ) والتوتر الذي ساد العلاقة التركية-السورية نتيجة إيواء زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يطالب بالحقوق القومية لاكثر من 20 مليون كردي في تركيا. هذا التصعيد بلغ ذروته عندما هدد رئيس الوزراء التركي سليمان ديميريل عام 1998 بدخول سوريا واعلان الحرب اذا لم يبادر حافظ الاسد الى تسليم أوجلان وحظر نشاط حزب العمال الكردستاني في سوريا, وفعلا حصل الاتراك على مبتغاهم عبر عملية قرصنة دولية لاطراف عدة وتغيرت منحى العلاقة بين الطرفين الى ان شهدت انفتاحا في عهد الرئيس الابن ( بشار ). وتولي تركيا أهمية خاصة لعلاقتها مع سوريا لاسباب داخلية وقومية تركية بحتة بسبب البنية الديموغرافية والاثنية والتي تمثل لتركيا هاجسا و( عقدة مزمنة ) فيما يخص المشكلة الكردية وقضية الاتراك العلويين لديها. ولعل امتداد خط التماس الحدودي( 900 كم ) مع الجارة الجنوبية والواقع ضمن جغرافية كردستان تاريخيا والمقسمة سياسيا بين عدة دول وعملية التواصل والبعد الاستراتيجي للمكون الكردي في الدفاع والذود عن قضيتهم مما يفضي الى اتفاقيات امنية واقليمية بين تركيا وايران وسوريا في سبيل مواجهة ( الخطر الكردي ) كما يزعمون. حقيقة الامر ان التطورات التي عصفت بالوضع السوري لم تكن في حسابات اردوغان وسياسته, لذلك حاول الاتراك ومنذ بداية الاحتجاجات اسداء النصح في سعي حثيث منها المحافظة على بقاء هذا النظام الذي يراعي ويخدم المصالح القومية التركية بكل جدارة خاصة وانه تنازل حتى عن لواء اسكندرون ويعتبر جسرا اقتصاديا وبوابة للعبور نحو الشرق الاوسط. المساعي التركية في قيام النظام السوري باصلاحات وترقيعات تمتص ثورة الشعب السوري باءت بالفشل بعد ان فضل هذا النظام الخيار الامني والعسكري ولم يستفد من التجارب السابقة في ( تونس-مصر ليبيا ) بعد ذلك أي عندما يئس الاتراك وشعروا بان هذا النظام في طريقه الى الرحيل ولكي لاتخرج الامور عن السيطرة من قبلها حاولت عبر سيناريوهات دولية ومصالح تركية طرح البديل القادم الاقرب الى تنفيذ وتمثيل المصالح القومية التركية ولايكون عقبة امام عملية التوازنات الاقليمية التي ترسمها الدول الكبرى هذا من ناحية. والنقطة الاخرى والاهم التي برزت على السطح هو هذه الرعاية والكرم في احتضان رموز المعارضة السورية المختلفة( المتواجدين في الخارج بشكل مميز من جهات اقرب اليها فكريا) وعقد المؤتمرات العديدة في محاولة منها امتلاك ورقة ضغط على النظام السوري وكذلك اختيار البديل المناسب لخدمة اهداف تركيا قوميا واقليميا بعيدا عن أية مفاجأة يمكن ان تؤثر على الوضع الداخلي التركي وعلى الدور المركزي لها في المنطقة العربية والعالم الاسلامي خاصة وانها استماتت في سبيل امتلاك الورقة الفلسطينية وسحب البساط من نظام احمدي نجاد في ايران. ولكن القضية الابرز والتي تقلق الاتراك وعلى اطراف حدودها الثلاثة هو تخوفها من امكانية حصول الشعب الكردي في بقية الدول على حقوقها المشروعة وانتقال هذه ( العدوى ) الى الداخل التركي خاصة وان حزب العمال الكردستاني يملك امتدادا حدوديا وتنظيمات ضمن حدود دول الجوار ( ايران-عراق-سوريا ) بعد ان فشل اردوغان في طرحه المبتور لمعالجة قضية الكرد لديه رغم نجاحه في الانتخابات الاخيرة ولو جزئيا, لكن حصول الاكراد على نسبة جيدة ( 36 ) نائبا في البرلمان اقلق اردوغان وبات على مفترق طرق في تعاطيه ( الاتاتوركي ) مع المسألة الكردية ولهذا يحاول عرقلة فرص نجاح الكرد في بقية الدول ومنها سوريا ولكي لايؤثر ايجابيا على الصعود الدولي للقضية الكردية وتخضغ تركيا لسياسة القبول بالامر الواقع في اعترافها بحقوق الشعب الكردي . واذا كانت تركيا تتوجس على مصالحها في سعي مباشر منها فرض السيناريو البديل الاقرب اليها فان كل الدلائل تشير الى استقلالية ثورة الشعب السوري ووحدة جميع مكوناته( عربا وكردا ) مع بقية الطوائف الاخرى ورفضها التدخل الخارجي من قبل أية جهة كانت في سبيل الحرية والكرامة وبناء دولة مدنية ديمقراطية تؤمن العيش الكريم والحرية لجميع أبناء الشعب السوري وتصون حقوقه دستوريا وقانونيا وتمنع والى الابد احتكار أي طرف للسلطة لتضع حدا لمنع عودة الاستبداد والحكم الشمولي ويكون الشعب سيد نفسه وبيده السلطة والحكم.
#زارا_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|