|
الاخوان وحماس ومن لف لفهم وجوه لعملة بلا غطاء وقيمة
ناصر طه
الحوار المتمدن-العدد: 1025 - 2004 / 11 / 22 - 08:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما يبدو العنوان اعلاه موغلا في القسوة و الجرأة ان لم نقل الوقاحة !! ولكن المبرر الوحيد الذي اسوقه من اجل تأكيد العنونة هذه هو ان التوصيف النقدي في كتاباتنا غالبا ما ينكمش وتضمحل دقته الموضوعية والعلمية امام هيمنة الآليات الاخلاقوية القبلية وثوابت المجاملات والنفاق الاجتماعي والادبي التي تعد احد منتجات الفكر الاستنساخي والاتباعي الذي يؤثث فضاء ثقافة شعوبنا المنكوبة بتراكمات وترسبات المعرفة الاطلاقية التي استولدها الخطاب السياسي المتدين والذي ما زال يعمل جاهدا من اجل تكريسها وتثبيتها عنوة في جغرافيانا التثاقفية بل والتطرف في تأصيلها عن طريق العنف والاستئصال والاقصاء ! لكل محاولة تحلم بالخروج والتقاطع مع المنهج الاطلاقي الاعرافي الذي لايرحب بالاختلاف ولايرغب التفقه في معناه ولهذا فغالبا ما يصور هذا الخطاب المأفون كل اختلاف على انه خلاف يستدعي الضبط والتقييد ومن ثم الاذلال والتعزير!. جدير بالتذكير ان نقول ان هذا الخطاب الاطلاقي لا يتوانى ولا يتردد في ابتكار لغة تسفيهية متخمة بالوقاحة وموغلة في الخروج عن قواعد الادب والتأدب بل نرى اساطين هذا الفكر لايتهيبون من استخدام الاصطلاحات الشوارعية الانحطاطية في تقييمهم للآخر تحت ذريعة ان هذا المخالف الكافر- والخارج عن قواعد خطاب ما يصورونه وهما خطاب الالهيات - لا يستحق ان يعامل باخلاقيات خطاب السماء- الله ونحيل القارئ الى منبريات هؤلاء المتفيقهين ومراجعتها ليكتشف كم هي متخمة جمعاتنا ومنابرها الخطابوية بلغة اللعن والسب والشتم الوضيع المتخفية وراء اقنعة الدعاء والتوسل بالخالق الخلاق !! . اتصور ان ما ستطردنا فيه يمنحنا التبرير الاخلاقي في اعتماد العنونة اعلاه باعتبارها توصيفا نقديا دقيقا لخطاب هؤلاء ، وبالتالي فان لنا الحق في ان نتحاور معهم باللغة المألوفة لديهم فنحن لن نعتمد التغريب الخطابي في الحوار معهم بالرغم من انهم يرفضون كل لغة للحوار وهذا ايضا سمة تميز تثاقفهم المشبوه لا مجال لمناقشتها الآن . الاخوان من المتأسلمين يتبنون هذه الايام خطابات مواجهة العدو البعيد بعد ان انهزمت فلسفة العدو القريب التي ورطهم فيها قادتهم من المرشدين قبل عقدين من الزمن وبعد ان فشلوا فشلا ذريعا في ترسيخ خطابهم داخل البلد الذي انبت شجيرتهم الاشواكية ، اقول هذا بعد ان اعلن المرشد العام المتأخون دعمه لما تقوم به اقلية خرجت عن الاجماع العراقي وتبنت خطلا وتدليسا آليات ما اصطلح عليه بالمقاومة ومن الواضح جدا ان هذه الاستعارة المصطلحية لم تأت بصفتها اجتهادا لقراءة المنظومة الواقعية العراقية بل جاءت كتقليد اعرج للمفاهيم الفقهائية الاصولية التي يحلو لها تعميم خطابها وتصويره كوصفة جاهزة لعلاج كل مشاكلنا وفي كل زمان ومكان !!. وبمراجعة بسيطة لما تفوه به المرشد العام المتأخون ستجد ببساطة شديده ان لغة البيان تكرر السفسطات ذاتها التي دأب على ترديدها كل من تمرشد واراد ان يجد له تأييدا شعبويا يتفوق من خلاله على الكم الفقهائي الذي يتناسل يوميا فوق مساحات البلدان العربية ! فهو كالعادة يحث من على شاكلته مذهبيا على التحلي بالصبر وعدم الياس ومواصلة القتل والتدمير بكل الوسائل قبيحها وغريبها متذرعا بالحجج الشرعوية الواهية ومبررا لكل عمليات الذبح والتفخيخ تحت عنوان الجهاد المنفلت من اي قيود اخلاقية وشرعية تأخذ في الاعتبار مقدار الضرر الذي ستجلبه تلك العمليات القبيحة على اهل العراق !! ونحن عندما نؤكد على ان خطابه هذا مختص بمن يتماثل مذهبيا مع الاخوان !لاننا نجزم ان قوله ( الشعب العراقي ) هو عبارة عن ملصق تعميمي يراد منه التغطية على الانحياز المذهبي والا فان الحقائق الدامغة تقف في وجه المرشد معلنة تجاهله المقصود لها ان لم نقل جهله الفاضح بها ، فالعراقي يعرف جيدا قبل المرشد وجماعته كلهم ان من يتبنى منطق المواجهة المسلحة في العراق هم الاقلية الخارجة على القانون والاخلاق ممن يتمذهب بمذهب المتأخونين ويتمنطق بخرافات التسيس الاسلاموي الذي انتجته عقول الارشاد الفقهوي ! وليت شعري كيف يتأتى لرجل يدعي في العلم معرفة وهو يجهل او يتجاهل الحقائق الميدانية والمجتمعية والسياسية لمجتمع لفظ فكر الاخوان منذ السبعينيات ولم يتبق فيه الا شراذم تتخفى بمسميات اخرى وتدعي كذبا وزورا ممارستها للعمل السياسي السري على ارض الرافدين مع ان المؤكد هو تحالفها مع النظام البعثي الساقط ودعمها اياه بالمال والجهد ! وياتي توقيت البيان الاخواني المتمرشد متوافقا مع بيانات وتصريحات امراء حماس الذين يواجهون عدوهم بالتخفي والهروب من المواجهة الشجاعة ودفع الشباب المغرر بهم لتنفيذ مخططات التحرير المزعومة ! وتأمل عزيزي القارئ تزامن هذا التدخل الاخوانوي والحماسوي في الشأن العراقي ومحاولاتهم الرخيصة في التحريض الذي يشكل سمة هوياتية لفكرهم ، وسترى ببياطة شديدة ان هذا التدخل هو محاولة فاشلة وانحطاطية للتغطية على هزائمهم المتكررة سياسيا وميدانيا وثقافيا على الجغرافية التي ينتشرون فيها بل هو محاولة تسويقية ساذجة لاسمائهم التي تراجعت جماهيريا في اسواق النضال وبازارات التحرر والاستقلال بعد ان اكتضت بالتجار المنافسين ممن يحلو لهم الترويج لسلعهم التنظيرية بطرق اكثر نجاعة ونجاحا ، فالاخوان في مصر يمرون بمرحلة اضمحلال وضمور والامر نفسه ينطبق على الحماسيين في فلسطين ومحاولاتهم للتسويق وترويج بضائعهم البائرة محكومة بالفشل الذريع بعد ان اثبت الواقع هزائمهم المتكررة على مستوى التنظير والتطبيق ، ولا نجد تفسيرا لتدخلهم السافر في الشأن العراقي الا هذا ، والا فما معنى التطبيل لشراذم لا تتقيد باخلاقيات المقاومة وجل ضحاياها من ابناء الشعب العراقي !؟ بل ما معنى ارسال المساعدات التفخيخية والقنابل البشرية من قبلهم الى العراق ؟ اننا فعلا امام سيرك اسلاموي يعرض انشطته بواسطة ثلة من المهرجين الخرفين الذين توهموا ان الخرفنة الفقهائية هي السبيل الى استعادة امجاد مزورة لامة انحطت من وراء اتباعها وموافقتها لكل من هب ودب في ساحة التدين المفتوحة وادعى انه وجه الحقيقة وعملتها الاصيلة !! ولا يدري هؤلاء الذين استحكمت لعبة التغابي في طباعهم ان نتائج ما يدعون اليه كارثية بكل معنى الكلمة فتصور عزيزي القارئ لو حدث لا سامح الله وانتصرت نظريات وتطبيقات هؤلاء الشراذم ومرجعياتهم الاخوانوية والحماسوية !! فماذا ستواجه الشعوب ؟ سلطات الفقهاء غير القابلة للجدل او النقد لانهم خلفاء السماء على الارض ومن يخالف ! فادوات الردع متوفرة وجاهزة ولا تعرف الرحمة او الشفقة ! فهي في طور اضمحلالها وهزائمها المخزية تلعب بالسيف على الرقاب ومتمنظقة بالاحزمة الناسفة في كل باب ! فما بالك لو ان السلطة والقوة صارت بيديها ! تخيلوا فقط احبتي وسترون كوابيس لا حصر لها لو ان هذه العملة المتأسلمة وجدت لها غطاءا وقيمة في اسواق حياتنا المتخمة بدعوات الموت المنبري .
ناصر طه [email protected]
#ناصر_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب وخرافات الموت المسموم
-
الى الفقهاء اصحاب الفضيلة !! فتواكم باطلة جملة وتفصيلا
-
ردوا عليها يا فقهاء التفجير والتفخيخ
-
رؤى متأخرة لحركة الاكثرية الخاسرة
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|