عادل محفوض
الحوار المتمدن-العدد: 1025 - 2004 / 11 / 22 - 08:03
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كنت أنتظره ، وكنت اعرف تماما انه قادم ، كما كنت أنتظر أجهزة الأمن القمع في الثمانينيات وكنت اعرف أن دوري آت .
لم أخف منه كما لم أخف من أجهزة القمع برغم عدم قدرة جسدي النحيل على تحمل الألم .
في عام / 1961 / كنت في الصف الأول الابتدائي ، في هذا العام تعرفت على حالتين لم أكن أعرفهما ضمن هذا العمر والوعي ، لقد توفيت جارتي الصغيرة والتي هي من عمري وفي صفي ، كنت ألعب معها وأتشاقى عليها ، ماتت بالمرض الذي لا يسمى وكانت المرة الا ولى والأخيرة الذي أبكي فيها على إنسان يموت ، لقد بكيت كثيرا ، وفي نفس العام تعرفت على ماسمي ب منع التجول وبسببه بكيت كثيرا وكرهته أكثر لأنه حرمنا من اللعب في الشارع .
انه نمو عشوائي لخلايا الجسم ، يخلخل طبيعة الحياة لكي يقضي عليها فيك ، يأكل منك ويتمدد ، يؤلمك يؤذيك لكنه سوف يموت معك .
وكذلك السلطة الدكتاتورية الشمولية تنمو بشكل عشوائي وتخرب المجتمع ، تأكل خيرات الوطن ، تضرب القيم والأخلاق ، تحاول وقف تطور الحياة ، تؤلم وتؤذي الوطن بأبنائه ، لكنها ستموت هي ويبقى الوطن وتتطور الحياة بشكل طبيعي .
قررت أن أقصر زمن الألم النفسي والمعنوي عن عائلتي ورفاقي وأصدقائي ، ما ذنبهم والنتيجة محسومة .
وأعجبتني فكرة عدم معرفة أجهزة القمع لحالتي الصحية ، إنني أتذكر الآن كيف جاءت دورية الأمن العسكري إلى حيث كنت أعمل ، لقد تبارى بعض الأنذال لتسليمي ، أتصل مديري في العمل يريد أن أحضر إلى مكتبه فورا ، وتتالت الاتصالات معاون المدير ، الفرقة الحزبية ، النقابة ، كل منهم يريد أن يحصل على شرف التسليم ، لن أضع إشارة استفهام أو تعجب فلا شيء يثير العجب فكل شيء ينمو بشكل عشوائي ، توضع إشارة الاستفهام والتعجب عندما تكون الأمور تسير بشكل طبيعي ويحدث خلل ما .
منذ فترة لم أعد أستطيع النوم ، ليس خوفا من المرض ، وليس بسبب الألم فالألم مازال خفيفا ويتنقل بين الرئة اليمنى والكبد والكلية اليمنى ومؤخرا انتقل إلى الرئة اليسرى .
هناك الكثير من الأمور على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام ليست محلوله وبحاجة إلى عمل ووقت ، وأصبحت أشعر إن الوقت قصير جدا ، فعشوائية ما يجري في داخلي ومن حولي ترك أثره علي تفكيري وعلى بعض تصرفاتي .
#عادل_محفوض (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟