أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء غزالة - الجهاد كنظرية اممية














المزيد.....

الجهاد كنظرية اممية


علاء غزالة

الحوار المتمدن-العدد: 1025 - 2004 / 11 / 22 - 08:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يشك أي مسلم في مكانة (الجهاد) كأحد اصول الدين الإسلامي، وضرورته عبر مراحل ظهور وانتشار هذا الدين في مشارق الأرض ومغاربها. كما وتتضافر النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على الحض على الجهاد ووصف مكانة الشهيد كنتيجة لفعل الجهاد، في الدنيا والآخرة. ولعل اكثر الأمنيات قربا للقلب لدى الكثرة الغالبة من المسلمين هي الموت استشهادا، في سوح الجهاد المقدس.
والجهاد، كما هو معروف، هو أي فعل يقدم عليه الإنسان المسلم من اجل الدفاع عن دينه في وجه الهجوم او الاعتداء الخارجي الذي يستهدف انهاء او تحديد او تهميش الدين الإسلامي وهو ما يسمى بجهاد الدفع. كما يعني ايضا المبادرة الى الحرب والسعي لفتح الأراضي والبلدان (الكافرة) من اجل هديها الى نور الدين الإسلامي الحنيف وهو ما يصطلح عليه بجهاد الطلب. وهذا يعني ان لدينا نوعين من الجهاد حسب التعريف الفقهي، نوع للدفاع ونوع للمبادرة. هذا ما كان في بداية ظهور وانتشار الدين الإسلامي، والذي مازال يصلح في نظر البعض الى هذا الوقت، بل وهو صالح الى يوم الدين كما يؤكد السلفيون.
ولست هنا بصدد البحث في صلاحية مبدأ الجهاد الدفعي او الطلبي.. او حتى من اجل اثبات صحة او خطأ ايا منهما. اذ ان من الثابت ان الجهاد في سبيل الله كان هو المبدأ الأساسي وراء الفتوح الكبرى في عصر صدر الإسلام والتي ادت الى انتشاره في بقاع شتى من المعمورة، وبالتالي تغيير الخارطة السياسية والديموغرافية التي استمرت لقرون طوال قبل ظهور الإسلام. ولان مبادئ الدين الإسلامي وروح التسامح التي اتسم بها رافقت المجاهدين في غزواتهم، لم يلق ناشرو الدين الأوائل عنتا شديدا في اقناع الناس المفتوحة اراضيهم في اعتناق الدين الجديد، بل والمحاربة في صفوفه. لقد انتشر الدين برغبة المجاهدين الجامحة للاستشهاد، وبقوة الفكر وسحر المنطق القرآني، وبالمبادئ السامية التي حملوها الى الأمم في اقطار الأرض.
وبينما توقف الفتح الحربي، وانحسرت حتى بعض البقاع المفتوحة كالأندلس، استمر الفتح الفكري، واستمرت امم تدلف الى حضرة الدين الإسلامي طواعية ودون اكراه، اقتناعا بفكر رجاله، او تمثلا بأعمالهم الجليلة. وخلال قرون من الزمن، تكونت خارطة ديموغرافية جديدة، وارتسمت خطوط معينة وحدود فاصلة، كانت الأديان عنصرا فيها وان كان عنصرها الأول القوميات. لم تكن الحروب الصليبية في حقيقتها الا حروبا سياسية استخدمت فيها الشعارات الدينية لخداع شعوب اوربا وتوحيدهم حول قضية ما، ثم جرّت عليهم بسبب ذلك الكثير من الويلات، والمزيد من الفرقة. وهكذا بعد اكثر من خمسمائة عام من ظهور الدين الإسلامي، بدأت اولى المواجهات بين الدينين العظيمين، الإسلامي والمسيحي.. بدأت تحت اهداف سياسية معروفة، وانتهت بإشعار كل من الفريقين مدى قوة الآخر، والاهم من ذلك، حدوده المقدسة.
وهكذا لم يعد هناك من ينادي بجهاد (الطلب) اليوم، فليس هناك من يفكر حتى في خوض حرب لجعل فرنسا مثلا تصبح بلدا مسلما. وانتهى على هذا الأساس مبدأ الجهاد بالطلب، او بالمبادرة. ولكن بقي النوع الثاني، الجهاد للدفع. ولاشك ان الدفاع عن النفس والعرض والأرض والمال والوطن ضد الاعتداء الغاشم، هي مبادئ سامية وحقوق مقدسة في كل اقطار الأرض، وتحث عليها جميع الأديان والشرائع السماوية والأرضية. ولكن مورد استخدام هذا الحق، مقيد بقانون ومحدد بنطاق. فأما القانون فهو العجز عن استحصال الحق او دفع الضرر الا بالقتال، وأما النطاق فهو مدى شمولية الاعتداء. فليس من الحكمة افناء النفس في الدفع منفردا ما يمكن دفعه بدون تضحيات، او بتضحيات اقل، اذا اجتمع عليه.
ورغم وضوح النيات السياسية دائما وراء الشعارات الدينية، الا ان العامة عادة ما تنخدع بها المرة تلو الأخرى.. تارة لأنها لا تفهم الا لغة الوعد الديني، وطورا لأنها اخذت تقطف بعض ثمار هذا الوعد، دنيويا على الأقل. وهذا امر عام، استخدمه البابوات في حملاتهم الصليبية، وهناك من يستخدمه في رد ما يدعي انه حملات صليبية.. وصدّام مثال حاضر في الأذهان.
فلو تصورنا ان متطرفين مسيحيين، على الشاكلة التي كانوا عليها في القرون الوسطى، من الذين نظروا الى الدين الإسلامي على انه دين (الكفر والإلحاد)، وان بيت المقدس مدنسة بيد هؤلاء (الزنادقة) وما الى ذلك من النظريات والشعارات التي استخدموها في شن الحروب الصليبية، لو تصورنا طائفة متنفذة من هؤلاء تدعو اليوم الى ابادة المسلمين كما كان يفعل اسلافهم، فماذا يمكن ان يكون عليه الحال؟ لو كانت هناك حركات تكفيرية مسيحية كما تظهر لدى المسلمين اليوم مثل تلك الحركات، فكيف سيكون شكل الجهاد، وتعرفيه لدى كل فرقة؟ اذا كانت غاية المرء المسلم، حسب نظريات التكفير المعاصرة، ان يموت شهيدا في عملية (انتحارية) ضد (كافر) ما، فماذا ستكون غاية المسيحي الورع الذي عليه ابادة (الكفرة) بأية وسيلة؟
لقد ارتكبت الحكومات الغربية، خلال تاريخها الطويل الكثير من الفضائع، التي لا ينسبها احد اليوم على الدين المسيحي.. كما ارتكب بعض الحكام المسلمين مثل تلك الفضائع دون ان تعتبر تشويها للدين الإسلامي. فالدين والسياسة سارا عبر التاريخ في خطين متوازيين، وشكلت نقاط التقاطع منعطفات كبرى غير مسار التاريخ. ويجب مع زيادة استنارة العقل البشري، العمل على الحد من التقاطع، الذي لن ينجم عليه وفق توازن القوى الراهن الا انتكاسة عظيمة لا يعلم الا الله مدى خطرها.



#علاء_غزالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ان العراق وفلسطين حالة واحدة؟
- ليست بالاغلبية وحدها تنجح الانتخابات
- التوافق وطريق الفوز بالانتخابات
- من المستفيد من غسل الدماغ العربي؟
- نظرية في فوز بوش بالانتخابات الرئاسية
- رحل زايد.. صاحب المبادرة الوحيدة لانقاذ الشعب العراقي
- اعرف من سيفوز في الانتخابات الامريكية
- عَلَم السعودية
- الدور الشعبي في تحديد النظام الانتخابي
- التطرف والارهاب في الميزان
- شارع المارقين
- قانون السلامة الوطنية.. خطوة للامام وخطوتين للخلف
- كيف نبني الديمقراطية.. ولماذا؟
- لعبة الانتخابات بين القبول والرفض


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء غزالة - الجهاد كنظرية اممية