أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بلند حسين - الفكاهة وأهميتها في شحذ الهمم (ثورة الحرية في سوريا انموذجاً)














المزيد.....

الفكاهة وأهميتها في شحذ الهمم (ثورة الحرية في سوريا انموذجاً)


بلند حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3440 - 2011 / 7 / 28 - 08:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الفكاهةُ فنٌ وابداعٌ وموقفٌ في آن، يستخدمها المغلوب على أمره أو الشعب المقهور كوسيلة للتعبير عن مشاعره أو مكنونات النفس ومكبوتاتها ضد قاهريه، وهي كثيراً ما تَنْضَحُ بروح السخرية على الواقع المزري، فتكشف بذلك عن مَواطِن الخلل فيه. تَظْهَرُ الفكاهة(الدعابة أو النكتة) السياسية فجأة، مما استدعى الأمر إلى تشبيهها من قِبَلِ أحدهم بالعنقاء التي تُبْعَثُ من رماد الحَدَثِ وتداعياته، وبالرغم عمّا يكتنفُ هذا الجنس من الأدب الشفاهي من عناصر المفاجأة والمبالغة، إلا أن المبالغة ليست غايته بالضرورة، فَرُبَّ دعابة لا أثر للمبالغة فيها.
ثمة فكاهة تبدعها قريحة ما، سببها سذاجة أو بلاهة شخص آخر، فحين سُيِّقَ الكاتب الكردي(سيامند ابراهيم)، صاحب مجلة(آسو) الكردية مكبلاً، إلى فرع الأمن السياسي في الحسكة بتاريخ(22 أيار 2011م)، سأله ضابط الأمن(النقيب): لماذا تُقْدِمون على تنظيم المظاهرات دون ترخيص أو استئذان؟. أجاب المذكور على الفور: وهل استأذنتم أحداً حين قمتم بانقلابكم في 8 آذار 1963م ؟.
في ضوء المأثور الجحوي(نسبة إلى جحا)، يمكن التأكيد على أهمية الفكاهة وتذوقها، للترويح عن النفس أو التخفيف من أعباء الحياة في الظروف العصيبة، من هنا يمكن فهم كلام عالم النفس(هرمان رايبر)، الذي قال:"اسْتَخْدَمَ علماء النفس في الجيوش المتحاربة، اثناء الحرب العالمية الثانية، الفكاهة لتخفيف وطأة المشقات الجسيمة على نفوس الجنود"(الفكاهة البلغارية/داميان بارنياكوف ـ دمشق/الصفحة 6). كما اعتقد ماركس بأن جروح الانسان النفسية(همومه)، قد تلتئم إنْ أضحت مادة للتندر و التفكه، لذا أجْزَمَ بأن عَبَقَ الفكاهة اللاذعة أو النقدية يمهد دروب النضال السياسي، لأن الفكاهة تزيح ورقة التين عن عورات المستبدين، والمقصود في هذا الشأن، الفكاهة الهادفة وليست تلك التي تدغدغ المشاعر السطحية عند الناس. فأهالي عامودا(بلدة كردية في منطقة الجزيرة)، اعتادوا معاقبة الفريق الخاسر بورق اللعب(الطرنيب)، في الاستماع للفضائية السورية ساعة من الزمن ... ألا تُعَبّر هذه الطُرفة بحق الرَّبِ عن شعار المتظاهرين السوريين اليوم، حين يرددون: كاذب...والله كاذب...الاعلام السوري كاذب؟.
ليتنا ندرك بأننا لانتخذ من الفكاهة وسيلة للترويح عن النفس، رغم ما لهذ الجانب من أهمية، بل كأداة لنبذ اليأس وشحذ الهمم، بغية المضي قدماً في تحرير البلاد من هذا النظام الشمولي ـ الشبيه بالهايدرا الاسطورية التي كلما قُطِعَ رأسها نما لها رأس جديد، أعني تلك التي أشار إليها الروائي الألباني(اسماعيل كادارا) في كتابه:(ربيع ألباني: تشريح الاستبداد) ـ وبناء دولة مدنية ونظام ديمقراطي، يتمتع الناس في ظلهما بالحرية والعدالة والمساواة، ويشعر المواطن في كنفهما بانسانيته.
لا مناص والحال على ما تقدم، أن نمعن جيداً في قول هيجل:"الدعابة، هي ميل العقل والقلب إلى قول الحقائق باسلوب مرح"، أو نتأمل كنه وصف آخر للدعابة كونها:"مثل كوكب ذي وجهين، يضحك وجهه الظاهر من بكاء وجهه المستتر"، كي ندرك أهمية هذا النمط من الفن، الذي يتوسل النادرة أو الحكاية الساخرة أو النكتة أو الكاريكاتير، في التعبير عن الوجدان الجمعي والقيم الانسانية، في زحمة الهموم ومنغصات العيش. فالحماصنة(أهل حمص)، ممن نُكِبوا بحصار قوى الأمن والجيش لمدينتهم الوادعة وابتلوا باختراق الدبابات لشوارعها، ناهيك عن الشبيحة/القناصة أو البلطجية، الذين عاثوا فيها فساداً، لم يفتقدوا روح السخرية المستمدة من واقع الحال، فحين يُسْأل أحدهم عن عيادة طبيب أو موقع ما، يجيب: شايف هذه الدبابة، بَعْدا لِفْ على اليمين وإمشي دوغري ستجد دبابة أخرى، بعدا إمشي خمسين خطوة، ثم اسأل أحد رجال الأمن قد يدلك على العيادة أو القبر.
إن المآسي التي حَلَّتْ بالسوريين طيلة عقود من الزمن، طبعت الفكاهة السورية عامة والكردية خاصة بمسحة من التَّهَكُم تجاه النظام، لكنْ هذا الواقع المزري، ألهبَ الخيال الشعبي في ابداع الفكاهة الهادفة، التي تتوخى النيل من بطش هذا النظام القمعي بأي ثمن.
الشاعر الكردي(موسى زاخراني)، المجرد من الجنسية والذي أبتلي كغيره بالاستجوابات الأمنية حتى ضاق بها صدراً، جَرَتْ الدعابة على لسانه إبان الانتفاضة السورية(15آذار2011م). فحين لاحظَ غياب عناصر الأمن المفاجىء وغير المعتاد أو الملفت للنظر في شوارع مدينته القامشلي، والذي أثار إنتباه الناس جميعاً، حدا به الأمر إلى عرض طلبٍ لا يخلو من الطُرْفَة الموحية على إمام جامع قاسمو(هذا الجامع أضحى منطلقاً لاعتصامات شباب القامشلي)، كي يتكرم حالاً بالاعلان في مُكَّبِر الصوت عن فقدان عنصرين ـ سَمَّاهما بالاسم ـ من رجال الأمن، ومكافأة كل مَنْ يتمكن من العثور عليهما واحضارهما إلى الجامع.
والملاحظ أن شاعرنا كان ينوي بداية عَرْضَ طلبه على أولاد(بحري الدّلال)، لولا ضِيق اليَدِّ الذي حال دون ذلك.
وهناك طرفة أخرى، جرت على لسان أحد أصحاب دكاكين السمانة في مدينة القامشلي، فلما جاءه تاجر حلبي كي يسترد من صاحب الدكان بعض الديون التي كانت بذمته، لاحظ التاجر أن صاحب الدكان يدفع له أوراقاً نقدية من ذات الألف ليرة سورية، ومن المعلوم أنها مزينة بصورة الرئيس حافظ الأسد، فارتسمت علامات العجب على محياه، وتساءل:
ـ بالعادة كنتم تُسَدِّدون الديون بالأوراق النقدية من فئة(500) أو (200)، ماذا جرى لكم يا أهالي القامشلي ؟.
ردَّ عليه صاحب الدكان:
ـ أجل، لكن الوضع تغير الآن، فهذه الأوراق النقدية ذات الألف ليرة ستصبح في ذمة التاريخ قريباً يا سيدي، من هنا نحن نود أن نتخلص منها بأي ثمن.



#بلند_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارٌ أم مناورة بدأت تلوح بوادرها في الآفاق؟
- شهداء الاستقلال الثاني (حمزة الخطيب انموذجاً)
- جردةُ حساب سميرة المسالمة
- دور الشيوعيين السوريين في تضليل الناس
- هل يُعْقَل أن تظل سوريا عصية على التغيير؟
- (ثرثرة فوق النيل) العابثون أو محنة الطبقة الوسطى في ظل الأنظ ...
- مقاربة الحدث التونسي
- رائد الشعر العربي المعاصر يُعَطِّرُ الكُرْدَ بشِعْرِهِ
- همومُ الكردي في المَنْفى
- التقليد الروماني الذي تلقفته تركيا
- (هنيئاً لمن يقول بعد اليوم: أنا تركي)!
- بئس هذا الاعلام المسكون بهوى أنقرة
- الحِراك التركي: خمرٌ قديم في أوانٍ جديدة !


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بلند حسين - الفكاهة وأهميتها في شحذ الهمم (ثورة الحرية في سوريا انموذجاً)