جاسم محمد كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 22:20
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الى الرفيق فؤاد محمد وفائا بالوعد.
في واحدة من اللقاءات صرح احد قيادات الاحزاب الشيوعية ولانريد ذكر اسمة الصريح " ان نظام صدام حسين كن آيلا للسقوط ولو لم تتعجل اميركا في اختراق العراق من جبهة الكويت للقي لنظام حتفة على يد الشعب بثورة عارمة " وهذة الجملة وان كانت مغلوطة جدا وتثير الضحك والاستغراب بكل شواهد التاريخ لان نظام صدام حسين استطاع لملمة كل اوراقة المبعثرة ورسخ نفسة في اخر نهايات مطاف الحصار الذي احتضر في اخرة . ومد العراق جسور التعاون مع الكبار كروسيا والصين وباتت سفن موسكو وبكين واليابان تستعد لدخول موانئ البصرة . وفتحت بوابات الحدود اخيرا مع المملكة السعودية بدخول بعض رجال الإعمال ولم يتبقى الا مد يد واحدة للمصافحة مع الكويت لكي ينتهي كل شي ويطوي النسيان ايام الحصار ومن قبلها هزيمة الكويت . وهذا ماعجل باميركا استقدام المارينز الى ارض الكويت قبل ان يتم شهر العسل مع القيادة الكويتية التي تحمل ظهرها الصغير الاف الضغوط من ايدي ابناء يعرب للصلح مع بغداد .
وتعرف اميركا جيدا ان صدام يستطيع بظرف سنة واحدة من بناء قوتة العسكرية بسلاح النفط الذي بدات اسعارة بالصعود عبر متوالية هندسية بعد ان وصلت التوقعات بارتفاع سعر برميل النفط الى مافوق ال100 دولار ويخرج بالتالي منتصرا من اطول منازلة شهدها العصر الحديث مع الحلفاء . ليعود الى سيرتة القديمة و تسخين المنطقة بالجعجعة والصياح وان كان صدام يعول كثيرا على سر بقائة ككلب بوليسي وظيفتة النباح على ايران ومنعها من التغلغل داخل الجسد العربي .
فكان اخر العلاج الكي وانهار كل شي بعد التاسع من نيسان ودخلت المنطقة مختلف الحسابات وظهرت الى حين غرة دكاكين احزاب تتجاوز بالعدد احزاب اوربا الغربية مجتمعة .
وظهر احد الاحزاب الشيوعية الى السطح وكان لنا شرف الانضمام الى الصفوف بعد اقل من شهر على رفع راية المطرقة والمنجل . وبدئنا بالعمل عبر مكتبة الصحفي والولوج بشارع يرزخ بالخرافة وعقلية بدائية عصية على كل صوت ديمقراطي وكان صوت اليسار غريبا جدا باسماع الحشد وكانهم لم يالفوا هذا الصوت . وتصدر الفقهاء مشهد الساحة عبر الفتاوي ومشاهد اللطم والعزاء . وظهرا جليا دور العقل الابوي في قيادة الحشد والجموع المفتقرة للارادة والادراك وجهلها التام بدورها في مرحلة التغيير . وتضخم المد الطائفي كثيرا من اجل توسيع الفارق وتمايز الحشد على اساس هوية الدين المجرد من تعاليمة .
ظن الشيوعيون ان الامر سهلا عبر تغيير فكر القطيع عبر الخطاب والمنشور والصحيفة .وكانت الهيئات والمحليات صعودا حتى اللجنة المركزية والمكتب السياسي تتوقع ذلك . وتصدر الكهول المسنين مشهد الساحة بخطاب قديم يعتمد في بنائة على الكلمات المجردة الموجهة نحو فراغ جهة مجهولة وكأن وضع العراق مازال خمسينيا في طابعة كما يذكر بريمر في كتابة " سنتي في العراق " وهويتجاذب الكلمات مع واحد من قيادات الاحزاب الشيوعية وسكرتيرها لمدة تتجاوز الثلاثين سنة وخرج بحصيلة مفادها " ان ذلك الشخص لازال يظن ان بريجينيف مازال حيا "...1
وسيطر الكهول الستينيين على القيادات وحاربوا بكل قوة دور الشباب وارائهم وتصوروا كأن الحزب هو ميراث شخصي وكان هذا اول اخطاء ذلك الحزب في زيادة نفورة داخل المجتمع وحدث الانشقاق في بعض المحليات بسبب المطالبة بتغيير ديمقراطي اولي داخل التنظيم ووصل الخلاف الى انسحاب وفصل اكثر نصف من الرفاق الذين عرفتهم داخل المكتب الصحفي وتسربت الى داخل تنظيم الحزب ومحلياتة القرارات المرتجلة والمحسوبية وتغيير المسؤولين الجدد على مزاج ماسكي الامر في المحليات المهيمنة .
وزاد الطين بلة تراجع الحزب عن افكارة الماركسية وبناء الاشتراكية بعد ان وجد العراق يخلو تماما من طبقة العمال ولم ينفع التقرب من الفلاحين ورجال العشائر شيئا بسبب التجاء هذة العشائر لعبادة الاولياء وايمانها المطلق بالطواطم لحماية مزروعاتها ونفسها من الخطر ومحاصرتها بالقباب المقدسة للاولياء ووعيها الضيق المفروض عليها من انتاجها البسيط .
وكان الخطا الثاني الذي كشف ضعف الحزب وهزالة قاعدتة للعيان دخولة دوامة الانتخابات الطائفية وعدم حصولة الا على مقعدين فقط ثم تقربة كثيرا من الاديان وحملتها بمجاملات مفضوحة كنت شاهد من عيانها بعد ان قامت احدى المحليات بذبح خروف وتوزيعة على شكل "قيمة" في احدى المناسبات الدينية .وكان هذا الحدث اشبة بالكارثة التي ابعدت الكثيرين عن الصفوف ولم تحمي الحزب ومقراتة من الحرق على ايدي الحشد والقطيع المشبع بالخرافة .
يقول الرفيق النمري .. "ان الوضع السياسي في العراق بعد الاحتلال كان بنائة صداميا بالكامل . لان صدام قتل كل نفس ديمقراطي ولم يتبقى الا اسمال وخرق الاحزاب الدينية وكان من المستحيل بناء دولة برلمانية على اساس ديمقراطي " ..2 وهذا تحليل صائب اذا عرفنا ان صدام في نهاياتة امرة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية قد عاد الى لبس عبائة الدين الذي حاربة طوال حياتة واعتبرة مجرد تراث لا اكثر ونشر حملة ايمانية وفرض نظام تدريس ديني قاسي كان اصعب المناهج الدراسية حتى في المدارس الابتدائية وفرض لبس الحجاب قسرا على فتيات العراق ومنع بيع الخمور علانيتا وسد نوادي الشرب التي انتشرت كثيرا في السبيعينات وساعد هو على نشرها .
ان مشكلة تخلف العراق تقع في انتاجة الريعي ودفق نفطة وايراداتة الهائلة التي جلبت علية تسلط الطغاة على كل اشكالهم ومللهم وتوجهاتهم قومية كانت او دينية طائفية واشتراكهم بقاسم واحد هو احتقارهم لشرف العمل وقيمتة وتجريدالعراق بالتالي من اهم الطبقات المنتجة الخالقة للافكار والتقدم ووقوعة تحت رحمة البيروقراطيات بدئا بكل مفاصل مؤسساتة البسيطة حت اعلى مستويات متسلطية وفصل الادارة عن العمل المنتج وتحويل الادارة الى مؤسسة امنية ليس لها من هم سوى عقاب العمال على قلة عددهم .وكان من نتاج هذا الوضع اهمال الوزارات الصناعية المنتجة ووزارات العمل وشؤون العمال وبناء بنية وزارية تقع ضمن ست وزارات خدمية تتحمل عب موظفية بدئا بالدفاع الى الداخلية ثم التربية والصحة والتعليم العالي .
ولايتوقع من العاملين في هذة الوزارات شيئا في بناء العراق ونهضتة لاستهلاكها للنقد فقط وعدم خلق بضاعة ويقع غالبيتها تحت هيمنتة السلطة وهي ممتلئة حد التخمة بذوي الياقات البيضاء عدو العمل والعمال اللدود واكثر الناس ابتعادا عن اليسار واحزابة .
ان مشكلة اليسار العراقي واحزابة الشيوعية على العموم انة يبني نفسة بالكلمات بدون قاعدة عمالية تكون بمثابة القلب والعمود الفقري وبدون خلق ووجود هذة الطبقة فان الكلام عن الشيوعية في بلاد تحتقن بالطائفية والمملل المتصارعة على التاريخ السالف هو مجرد ضرب من الوهم والخيال حين خلت هذة الارض حتى من الاحزاب الليبرالية والطبقات الكومبرودورية المؤمنة بالسوق الحر وعولمة الاقتصاد والداعية الى جلب المستثمرين وشركات الافشور او حتى الباحثين عن المواد الاولية لعصب الصناعة .
إن تأهيل العراق اليوم يقع بيد فاتحيه بعد ولوجه مأزق الطائفية المقيت عبر سيناريو طويل يعتمد على إنهاء أحزاب اليمين الديني بسلاح الرأسمال المحارب ومابين الزمنين يدفع الحشد ضريبة غبائه الفكري .
اعتبر لينين في احدى ردودة المقتضبة " ان الحزب الشيوعي الالماني مجموعة من المثقفين البرجوازيين " لانهم يتشدقون بالكلمات فقط بدون تحليل الواقع .
الشيوعية وأحزابها الطليعية ثمرة ناضجة في شجرة العالم الصناعي تخلقها الصيرورة ووضوح المصالح وفرز الطبقات ولايستطيع التاريخ ايقافها مهما وضع في دربها من المعوقات لانها المفتاح النهائي الاخير لفتح اصفاد المغلولين لايجاد طريقهم النهائي حين يدرك الانسان بانة هو الصانع والخالق والمهيمن بدل اسقاط عملة على الاخرين ويصبح الفكر وليد الواقع لا كما هو اليوم.
جاسم محمد كاظم
1- ينظر كتاب بريمر "سنتي في العراق "
2-رد للرفيق فؤاد النمري على المقالة السابقة " كيف واجهت اميركا أحزاب اليمين الديني العراقي ؟ المنشورة في الحوار المتمدن
#جاسم_محمد_كاظم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟