|
برنارد لويس و مشروع تقسم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( العراق انموذجا )
علي بشار بكر اغوان
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
برنارد لويس و مشروع تقسم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( العراق انموذجا )
علي بشار بكر اغوان طالب ماجستير جامعة النهرين كلية العلوم السياسية قسم الاستراتيجية مرحلة الكتابة
لسعة هذا المشروع وضخامته وكبر حجمه سوف اتحدث عن الاسس العامة لهذا المشروع الامريكي الصهيوني وسوف انطلق من مشروع لويس التقسيمي الى المشاريع الاخر التي ظهرت على اساس مشروع برنارد لويس ، لتقسيم الشرق الاوسط ، وسوف اخص العراق بهذا الحديث لانه من اوائل الدول الذي ظهرت فيه بوادر التقسيم بشكل واضح وصريح مستعينا ببعض البحوث المقالات التي اطلعت عليها من خلال متابعتي لهذا الموضوع وهذه الاستعانة كانت لغرض التعزيز وتوثيق المعلومات التي اودنها في سياق المقال . والمقال مقسم الى النقاط التالية : اولا : برنارد لويس والشرق الاوسط المقسم . ثانيا : المشاريع القديمة الحديثة للتقسيم (اساسها برنارد لويس) . ثالثا : الطائفية والقومية اسس الدويلات الجديدة في العراق . رابعا : لماذا العراق وفي هذا الوقت تحديدا .
اولا : برنارد لويس والشرق الاوسط المقسم في مقابلة أجرتها وكالة الإعلام الامريكية مع "برنارد لويس(*)" في 20/5/2005م قال الآتي بالنص: "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها".(**) .
ان برنارد لويس اول الداعين الى مشروع تقسيم وتجزئة الشرق الاوسط من باكستان الى المغرب العربي حيث طرح هذا الموضوع عشية إقامة الإمبريالية الغربية للكيان الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948م ، ثم نشر المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" الإنجليزي الأصل، الأمريكي الجنسية ، دراسة في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يقترح فيها إعادة وزيادة تفتيت العالم الإسلامي من باكستان إلى المغرب، وإنشاء أكثر من ثلاثين كيانًا سياسيًّا جديدًا . وهذا الحديث يعني تحويل العالم العربي و الإسلامي إلى "فسيفساء ورقية" تقوم فيها 88 دولة، بدلاً من56دولة ، بما يعنيه هذا التقسيم المقترح من شقاقات وصراعات وحروب وآلام ، تزيد هذه الكيانات ضعفًا فوق ضعفها، وهزالاً فوق هزالها ، ولقد كان برنارد لويس صريحًا عندما قال: إن هذا التفتيت للعالم الإسلامي هو الضمان الحقيقي لأمن إسرائيل، التي ستكون الأقوى وسط هذه "الفسيفساء" .
وفي هذا المخطط الصهيوني "الذي نشرته مجلة البنتاكون" فصل فيه برنارد لويس مقترحات التفتيت الى : - 1 ضم إقليم بلوشستان الباكستاني إلى مناطق البلوسن المجاورة لإيران، وإقامة "دولة بلوشستان". - 2ضم الإقليم الشمالي الغربي من باكستان إلى مناطق البوشتونيين في أفغانستان، وإقامة "دولة بوشتونستان". - 3ضم المناطق الكردية في إيران والعراق وتركيا، وإقامة "دولة كردستان". - 4تقسيم إيران إلى أربع دويلات: "إيرانستان"، و"أذربجيان"، و"تركمانستان"، و"عربستان". - 5تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: كردية، وسنية، وشيعية (والمشروع قيد الانشاء ) - 6تقسيم سوريا إلى ثلاث دويلات: درزية، وعلوية، وسنية ، مع احتلال جزء من شمال سوريا من قبل الاتراك ، الى جامب لواء سكندرونا . - 7تقسيم الأردن إلى كيانين:اولها الدولة الهاشمية متد الى شمال السعودية وجزء من الدولة السنية في العراق ، وثانيها : ودولة فلسطينية )كيان يضم الى الضفة الغربية ، لكي تقوم دولة فلسطين عليها الضافتا الى الضفة الشرقية من البحر الميت ) - 8تقسيم السعودية إلى كيانات قبلية، تعيدها إلى حالها قبل وحدتها سنة 1933م. - 9تقسيم لبنان إلى خمس دويلات: مسيحية، وشيعية، وسنية، ودرزية، وعلوية.(اجزاء كبيرة من هذا المشروع قد تحققت ) - 10تقسيم مصر إلى دولتين على الأقل: إسلامية، وقبطية.(المشروع قيد العنفيذ) - 11تقسيم السودان إلى دولتين (دولة دينية) مسيحية في الجنوب (وقد استقلت الان)، وعربية في الشمال. - 12تقسيم المغرب بين العرب والبربر.(ازمة الصحراء الغربية الصحراء الغربية) - 13إعادة النظر في الكيان الموريتاني على ضوء المتناقضات بين العرب والزنوج والمولدين.(***)
ثانيا : المشاريع القديمة الحديثة للتقسيم (اساسها برنارد لويس) وبعد طرح برنارد لويس لمشروعه ( القديم الحديث ) ظهرت الكثير من الدراسات والشروحات والمشاريع التي تتناول هذا الموضوع من قبل العديد من الكتاب الامريكان والصهاينة خصوصا بعد احتلال العراق عام 2003 ، حيث في 22/7/2007 نشرت صحيفة الدياراللبنانية تقريراً من باريس عن محاضرة للسفير الأميركي الأسبق في لبنان ريتشارد باركر قال فيها "إن الرئيس جورج بوش سيعمل خلال الفترة المتبقية من ولايته الرئاسية على وضع أسس ثابتة لمشاريع "خرائط طرق" لمنطقة الشرق الأوسط تنطلق من تطلعات القسم الأكبر من ممثلي الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي تتمحور كلها حول ضرورة منح الحكم الذاتي لهذه الأقليات عبر إقامة أنظمة حكم ديمقراطية فدرالية بديلة للأوطان والحكومات القائمة الآن". أما بالنسبة للعراق فيقول التقرير إن "العراق الفدرالي" سوف يتم ضمه (أو ربما ضم بعضه) إلى صيغة كونفدرالية، تحت عنوان "الاتحاد الهاشمي"، تتألف من الأردن أيضًا، والسلطة الفلسطينية وقد بدأ يتضح الآن المقصود بما قاله ريتشارد باركر . غير أن مشروع تفكيك العراق والوطن العربي هو في الأساس مشروع يهودي قديم، ولعل أقدم وثيقة صهيونية تتحدث رسمياً عن تفكيك العراق والوطن العربي هي تلك المعروفة باسم " وثيقة كارينجا"، الصحفي الهندي الذي أعطاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وثيقة "هيئة الأركان الإسرائيلية" حول تفكيك المنطقة، فنشرها في كتاب يحمل عنوان "خنجر إسرائيل" عام 1957.وهي وثيقة وضعت على خلفية العدوان الثلاثي على مصر، ونشرت بالعربية في تموز/يوليو1967 عن "دار دمشق"، وتتحدث تلك الوثيقة عن إنشاء دولة درزية في "منطقة الصحراء وجبل تدمر"، ودولة شيعية في جبل عامل ونواحيه في لبنان، ودولة مارونية في جبل لبنان، ودولة علوية في اللاذقية حتى حدود تركيا، ودولة كردية في شمال العراق، ودولة أو منطقة ذات استقلال ذاتي للأقباط. وتضيف الوثيقة "تبقى المناطق العربية التالية: دمشق، جنوبي العراق، مصر، وسط العربية السعودية ومن المرغوب فيه إنشاء ممرات غير عربية تشق طريقها عبر هذه المناطق العربية". وهو ما يوحي بإمكانية تفاهم براغماتي صهيوني إيراني على جنوب العراق، على طريقة نقل الأسلحة الأميركية و"الإسرائيلية" لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية التي انكشف أمرها في فضيحة "إيران كونترا". وكان المحلل العسكري "الإسرائيلي" زئيف شيف قد طرح فكرة تقسيم العراق في 2/6/1982 ، قبل أيام العدوان الصهيوني على لبنان . كما كانت إستراتيجية تقسيم العراق حجر زاوية في ورقة المحافظين الجدد لنتنياهو عام1996 ، وفي المشروع الذي وضعوه في الولايات المتحدة عام 2000 في ورقة بعنوان "بداية جديدة". وفي25/11/2003 طرح الصهيوني، ليزلي غلب فكرة تقسيم العراق رسمياً في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز تحمل عنوان "حل الثلاث دول"، وبالتعاون معه تبني جوزيف بايدن صيغة مخففة منها (كونفدرالية ضعيفة)، بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفي 1/5/2006 نشرت النيورك تايمز مقالة تحمل عنوان "الوحدة من خلال الحكم الذاتي". وفي 10/ 8 / 2006 ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن خطة بيكر هاملتون تقوم في أحد بنودها على تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية. وعبر اللوبي الصهيوني ومن ثم المحافظين الجدد، أصبح تقسيم العراق بشكل أو بآخر مشروعاً ديمقراطياً وجمهورياً في الولايات المتحدة حتى أن السيناتورة كاي بايلي هاتشنسون تقول على موقعها على الإنترنت إن تقسيم العراق "سينجح في وقف العنف مثلما نجح تقسيم يوغسلافيا في وقف العنف فيها" نتحدث بوضوح عن مشروع تفكيك إذن، وهذا المشروع ينبع من اعتبارات إستراتيجية، لأن الكيان الصهيوني وقوى الهيمنة الخارجية لن تعرف الراحة ولا الأمن حتى: 1- يتم تفكيك دول المنطقة إلى دويلات متصارعة على أسس طائفية وعرقية. 2- يتم شطب الهوية العربية الإسلامية لبلادنا. فالتفكيك للهوية قبل الجغرافيا.(****)
ثالثا : الطائفية والقومية اسس الدويلات الجديدة في العراق وانطلاقا من تحليل كلام برنارد لويس ، نلاحظ ان "لويس" المتأثر بالتوجهات الفكرية الصهيونية (تأثرا بدينانته اليهودية) دعى الى تقسيم الشرق الاوسط اعتمادا على ان هذه المناطق هي من اكثر المناطق التي يوجد فيها تنوعات اثنية ، عرقية ، دينية ، إيديولوجية ، وبالتالي خلق نوع من الصراع فيما بين هذه الجماعات يدخلها في صراعات تؤدي الى اضعاف الموحد منها ، وتجزئته الى اجزاء لكي يسهل السيطرة عليه .
ان القارئ لمشروع برنارد لويس والمتمعن به ، منذ 1980 تم العمل به ودخوله حيز التنفيذ ،حيث تلقفته منه الادارات الامريكية المتعاقبة من ريغن 1980 – 1988 ، و بوش الاب 1988 – 1992 ، ومن ثم كلنتون 1992 – 2000 ، وصولا الى بوش الابن2000 - 2008، والذي دخل مشروع "لويس" التقسيمي حيز التنفيذ بشكل جزئي ، ومن ثم بارك اوباما 2008 – 2016 ، والذي دخل في فترة رئاسته مشروع "لويس" بشكل موسع ، واقول 2016 ، لانه من الواضح جدا ان اوباما باقي لكي يكمل هذا المشروع ويوصله الى مراحل متقدمة ، بسياسته التي سحر فيها العالم من خلال خطاباته التي نادى بها للحرية والديمقراطية نحو العالم ، واكد على على ضرورة على حق تقرير مصير الشعوب وان تتمتع الاقليات المضطهدة في كافة الاقاليم حول العالم بقدر كاف من الحرية والديمقراطية .
بالتالي ان حديث اوباما عن الحريات وحقوق الانسان والمفاهيم الاخرى ، ليس سوا شعار و واجهة للترويج الاعلامي للمخططات التقسيمية ، بحيث ان هذه المفاهيم التي تبثها الادارة الامريكية بقيادة اوباما عن الحرية وتقرير المصير والديمقراطية وحقوق الانسان وبالبطالة والجوع والمجاعات ومكافحة الفقر والارهاب وغيرها من الامور ، اصبحت عقيدة مطاطية يتبناها كل الادارات المتعاقبة بحيث ان هذه الادارات عملت على تطبيق هذه المفاهيم في دول عالم الجنوب ، وقصدوا بذلك تفعيل مشروع تقسيم الشعوب الى دويلات صغيرة يسهل استغلالها وتسخير قواها ، وطبعا هذا التقسيم لم يأتي اعتباطا ولكن أتى بعد ادخل شعوب المنطقة كافة في صراعات ايديولوجية اثنية طائفية دينية تجعل من العيش المشترك والتعايش السلمي بين ابناء الدين الواحد امر صعب جدا . ولو القينا نظر عن الحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير في العراق لوجدنا ان اللولايات المتحدة ومنذ احتلالها للعراق ومع الايام الاولى بدئت بعض القوى السياسية (الكردية) ، بحق تقرير المصير والانفصال عن العراق ، وهذه كانت البدالية هذا المشروع على ارض الواقع ، ومن ثم قامت الولايات المتحدة باقناع بعض القادة السياسيين "الشيعة" بأن يتبنوا هذا المشروع والترويج له ، بحيث اعلن بعض قادة الكتل السياسية وابرزهم الراحل "عبد العزيز الحكيم" ومن بعده ولده عمار الحكيم وغيرهم من القادة ، بضرورة تطبيق الفدرالية على الاقاليم وتقسيم العراق الى فدراليات ثلاث الى جانب المركز (بغداد) ومطلب عبد العزيز الحكيم عززه الدستور العراقي الحالي المليء بالثغرات الدستورية ، ومن ثم لاحظنا تهديدات بالانفصال واعلان اقليم السنة ، وهذا الحديث ظهر على لسان "اسامة النجيفي" ، رئيس البرلمان العراقي الحالي في حكومة المالكي ، ومن تراجع عن كلامه بعد ما احس ان هذا المطلب كان بمثابة فخ نصبه له الامريكان ، خصوصا ان حديث النجيفي لم يأتي الا بعد زيارة قام بها الى الولايات المتحدة الامريكية . وهناك سؤال يطرح نفسه وبشدة بعد هذا الكم الكبير من الديمقراطية التي تمتع بها الشعب العراقي وهو ، ماذا وجد العراقيين منذ احتلال العراق الى حد الان من الديمقراطية وحقوق الانسان التي روج لها الادارات الامريكية كافة ؟؟ ، انا ارى ان العراقيين لم يجد الى الان سوا الحديث عن التقسيم والتجزئة والاقاليم والفدرالية والطائفية التي اصبحت متجذرة في الشعب العراقي بحيث قتلت الولايات المتحدة روح التعايش السلمي بين ابناء الدين الواحد ، وانهت كذلك كل صور تقبل الفرد للاخر والشراكة في الوطن الواحد و وضعت العراقيين امام خيار صعب جدا وهو الانفصال أو الدمار والتفرقة والفوضى العارمة ، وبالتالي فأن هذا الواقع هو الذي ارادت الولايات المتحدة ان توصله للشعب العراقي . وبالعودة الى مخططات التقسيم نلاحظ ان نبوءات برنارد لويس بدأت تتحقق لتقسيم الشرق الاوسط حيث بدأ هذا الطرح يظهر بشكل واضح وصريح من البلد الذي حتلته الولايات المتحدة وهو العراق على يد نائب الرئيس الأمريكي الحالي "جوزيف بايدن " عندما كان سيناتور للحزب الديمقراطي و الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية CFR في أوائل مايس 2008, قد قدما مشروعا لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كردية وسنية وشيعية وبذلك اتخذ الكونجرس الأمريكي قرارًا غير ملزماً بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات -كردية في الشمال، وسنية في الغرب، وشيعية في الوسط والجنوب- بعد أن مهد الاحتلال الامريكي لهذا التقسيم بسياسة المحاصصة الطائفية ، وتفجير ألغام الصراعات المذهبية بين الشيعة والسنة، لأول مرة في تاريخ العراق ،ولو دققنا بهذا الطرح الحديث نسبيا لبايدن وقارناه بمشروع "برنارد لويس" الاقدم نسبيا ، لوجدنا نفس الطرح الذي تحث عنه " لويس" .بحيث ان جو بايدن طبق افكار لويس في هذا المشروع ودعى الى فكرة التقسيم الناعم ، وهذا التقسيم "الناعم" للعراق برأي بايدن هو المخرج الوحيد لايقاف العنف المستشري والمتزايد بشكل مستمر ، وبهذا الطرح نلاحظ جيدا ان الولايات المتحدة كانت دقيقة جدا في الوقت التي طرحت به هذا المشروع ، خصوصا بعدما ادخلت العراق امام مفترق طرق الحرب الاهلية أو التقسيم بحيث وصل العراقييون الى طريق اللاعودة ، خصوصا .
رابعا : لماذا العراق وفي هذا الوقت تحديدا
ظهرت في الاشهر القليلة الماضية مسالت الاقاليم و قضية تقسيم العراق على اسس فدرالية أو كونفدرالية ، وان المراقب والمتتبع الجيد للوضع العراقي في هذه الفترة يعي تماما لماذا ظهرت هذه الاصوات من جديد بعد ان اختفت عن الساحة العراقية في اقوى ايام ازمات العراق الدستورية ، عندما دخلت الكتل السياسية في ازمة حادة طويلة نسبيا لتشكل الحكومة الحالية، حث في ضل المد والجزر السياسي الذي حصل وما توصل اليه من طرق شبه مزدودة من خلافات حادة والتي حدثت في فترة غياب الحكومة وعدم توصل الساسة العرقيين الى حل ، ورغم هذا الوضع السياسي والامني الغير مستقر ، لم يظهر صوت التقسيم ولم ينادي او يهدد احدا بالتقسيم والانتفصال بما فيهم الاكراد (الداعين الاوائل لمشروع الفدرالية والحكم الذاتي) على الرغم من وجود المشروع في اجندات بعض القادة العراقيين ، وهذا الكلام معناه ان العراق مر بمراحل عصيبة جدا منذ بداية 2010 الى بداية 2011 وهي فترة غياب الحكومة لمدة طويلة نسبيا ولم تشهد هذه الفترات اي دعوات للتقسيم رغم الواقع المرير في تلك الفترة .
لكن هذا (المشروع) مشروع التقسيم مرتبط بأمور اكبر من موضوع الحكومة وتشكيلاتها واختلاف الساسة العراقين فيما بينهم ، حيث بدأت هذه الاصوات تتعالى بعدما اقترب موعد الانسحاب الامريكي من العراق في نهاية السنة الحالية 2011 ،وبالتالي ارادة الادرارة الامريكية الحالية ان تدخل مشروع جو بايدن التفكيكي الى حيز التنفيذ بعد عدم قبوله من اغلبية المكونات الشعب العراقي عندما تك طرحه لاول مرة في عام 2007 ، وبالتالي فأن من الواضح ان اصل احتلال الولايات المتحدة للعراق كان غرضه التقسيم والتجزئة وبث الفتن الطائفية والعرقية والقومية بين ابناء الوطن الواحد والدين الواحد ، وبالتالي فأن شبح المخطط الامريكي الصهيوني لتقسيم العراق عاد من جديد بعد ما اقترب موعد انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الحالي2011 حسب ما نصت به الاتفاقية الامنية المعقودة بين الولايات المتحدة والعراق . ان الولايات المتحدة هدفت الى تفعيل هذا المشروع التقسيمي للعراق في هذا الوقت تحديدا لكي تستطيع ان تمرر قرارا جديدا لتمديد تواجد القوات الامركية في العراق ،وهذا ما نلاحظه من خلال اعطاء الضوء الاخضر من قبل الولايات المتحدة الامريكية لكل من ايران وتركيا للتدخل في الاراضي العراقية بحجة ملاحقة المتمردين والمخربين الاكراد في المناطق الشمالية ، وبالتالي فان هذا يعني ان العراق الى حد الان غير قادر على حماية اراضيه من اي اعتداء خارجي يوجه ضده ، وبالتالي فمن الضروري ابقاء القوات الامركية في العراق لغرض توفير الحماية والردع لكل من يحاول التدخل في شؤون العراق الداخلية ، هذه ناهيك من ان العراق يمر في فترة صعبة جدا خصوصا في ما يخص الاوضاع الغير مستقرة وعدم والتوزيع العادل للثروات والمشاريع التنموية بين المحافظات . حيث عملت الولايات المتحدة طوال الفترات السابقة على جلب الساسة الفاسدين الذين يحتكرون السلطة لصالهم ولصالح الاحزاب التي ينتمون اليها وبالتالي اغراق مقربيهم بكافة الامتيازات ، وحرمان فئات كثيرة من الشعب العراقي من اي حق من حقوقهم التي نص عليها الدستور العراقي الحالي، اي حكم القلة المتحزبة دفع الى هذا الوضع ، الامر الذي يؤدي الى زياد سخط الشعب العراقي عامتا ، وبالتالي المطالبة بالحقوق التي يعتبرونها اساسية ، وهذه الحقوق التي لم يحصلوا عليها ، (وضائف ، خدمات ، امن ، رفاهية ، تنمية ، تعليم ، مستوى دخل عالي ، الى جانب الحقوق المدنية والسياسية الاخرى ) ، لم يجدوها الى من خلال الانفصال و بالتالي فأن الشعب قد وصل الى طريق مزدود وبحاجة الحل السحري الذي يوفر حقوقهم ويلبي مطالبهم ، فأن مشروع التقسيم الذي روج له البعض يجعل من هذه الاحلام البسيطة للشعب العراقي تتحقق . واخيرا ان هذا المشروع لم يأتي بصورة مباشرة الى العراق ولكنه أتى بعد اغراق العراق بمشاكل كبيرة بين مكوناته المتعددة ، بحيث اقتنع بعض العراقيين بضرورة تقسيم العراق تحت غطاء ما يسمى بالحكم الفدرالي للعراق أو احكومة الاقاليم التي لو لاحظها طفل لا يتجاوز السادسة من عمره لقال ان هذه الاقاليم قسمت على اسس طائفية قومية ، وكثيرون من الذين لم يقرءوا التاريخ اضطروا دون وعي تصديق أن هذا الذي صنعته أمريكا بالعراق هو أمر "مفاجئ وجديد"، و اوهمتهم بأن التقسيم هو لصالح العراق والعراقيين بحيث أصبح بعض العراقيين (والذي اشك في عراقيتهم ) ينادون هنا وهناك على ان التقسيم هو الحل وهذا الكلام يثبت جهلهم الكبير في قرأة التاريخ وانهم موهومون ببعض التجارب الأوربية والتجربية الامريكية التي لا تعد خطرا (من الناحية الدينية على الولايات المتحدة) لأنهم لم يعرفوا -أو نسوا- المخطط الاستعماري الذي رسمته وصاغته وأعلنته الدول الغربية والصهيونية اليهودية لتفتيت العالم العربي و الإسلامي منذ إقامة إسرائيل ، أي قبل نحو ستين عامًا من هذا التطبيق الذي يحدث الآن على أرض العراق .
الهوامش : (*)برنارد لويس من مواليد 31 مايو 1916، لندن) أستاذ فخري لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون ، وتخصص في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب وتشتهر خصوصا أعماله حول تاريخ الامبراطورية العثمانية. لويس هو أحد أهم علماء الشرق الأوسط الغربيين التي طالما سعت إليه السياسة . ولد لويس من أسرة يهودية من الطبقة الوسطى في لندن. اجتذبته اللغات والتاريخ منذ سن مبكرة، اكتشف عندما كان شابا اهتمامه باللغه العبرية ثم انتقل إلى دراسة الآرامية والعربية، ثم بعد ذلك اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية. تخرج عام 1936 من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS)، في جامعة لندن، في التاريخ مع تخصص في الشرق الأدنى والأوسط. حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات، من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية متخصصاً في تاريخ الإسلام. اتجه لويس أيضا لدراسة القانون، قاطعاً جزءاً من الطريق نحو أن يصبح محاميا، ثم عاد إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط 1937. التحق بالدراسات العليا في جامعة باريس، حيث درس مع لويس ماسينيون وحصل على "دبلوم الدراسات السامية" في 1937. عاد إلى SOAS في عام 1938 كمساعد محاضر في التاريخ الإسلامي. أثناء الحرب العالمية الثانية، خدم لويس في الجيش البريطاني في الهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات في 1940، ثم اعير إلى وزارة الخارجية. وبعد الحرب عاد إلى وفي عام 1949، عين استاذا لكرسي جديد في الشرق الأدنى والأوسط في سن 33 من العمر. انتقل برنارد لويس إلى الولايات المتحدة حيث أصبح عمل كأستاذ محاظر بجامعة برنستون وجامعة كورنل في السبعينات. حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1982 كما حاز على العديد من الجوائز من قبل مؤسسات تعليمية أمريكية لكتبه ومقالاته في مجال الإنسانيات.نقلا عن : برنارد لويس http://ar.wikipedia.org/wiki (**) للمزيد انظر الرابط التالي : http://www.ansarh.cc/forumdisplay.php?2 (***) للمزيد الاطلاع على الرابط التالي ، محمد عمارة ، مخطط - برنارد لويس الجمعة, 14 كانون2/يناير 2011http://www.islamstory.com/ (****)نقلا عن مركز الكاشف للمتابعات الاستراتيجية مخططات تفتيت الشرق الاوسط " الجزء الثاني ، للمزيد الاطلاع على الرابط التالي : http://alkashif.org/html/center/22/2.pdf
#علي_بشار_بكر_اغوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القوة الذكية والمجالات التطبيقية في الاستراتيجية الامريكية (
...
-
التفاعلية والمرونة في الإستراتيجية الأمريكية الشاملة مع موجا
...
-
انحراف الاهداف الإستراتيجية (قرأة في تقييم عمليات حلف شمال ا
...
-
قرأة في اثر المحافظين الجدد في عهد اوباما
-
تحليل حلف شمال الاطلسي ( NATO ) وفقا لأنموذج سوت (SWOT)
-
ثورة ام فوضى خلاقة ؟؟
-
خيوط العلاقة ما بين التخطيط الاستراتيجي والقرار الاستراتيجي
...
-
الوقائية و الإستباقية في الإستراتيجية الأمريكية الشاملة بعد
...
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|