|
جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 20:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن وصلتْ فوضى السوق في العراق ، الى مَديات بالغة الخطورة ، نتيجة الإنفلات الكبير الذي دّشنه الحاكم الامريكي بريمر ، بقراراتهِ الخاطئة ، بفتح الحدود على مصراعيها ، أمام تدّفُق مُختلف البضائع بدون أي رقابة ، وكذلك إلغاءه للتعرفة الكمركية .. وإستمرار الحال على نفس المنوال ، طيلة السنين الماضية .. مما سّببَ بإغراق الاسواق العراقية ، بالبضائع الرديئة والفاسدة ، وتدمير ما تبقى من الزراعة والصناعة الوطنية العراقية . كُل ذلك حدا بالحكومة العراقية ، في مُقتبل هذه السنة ، الى إصدار قرارات مُهمة " وهي خطوة تأخرتْ سنوات " ، بتفعيل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، هذا الجهاز الذي هو من المُرتكزات الأساسية لوزارة التخطيط .. والذي كان من الناحية العملية ، خلال السنوات الماضية ، مُهمَلاً وبلا نشاطٍ حقيقي . فلقد جرى تخصيص مبالغ جيدة له ، من ضمن ميزانية 2011 ، وإستيراد الأجهزة والمُعدات الحديثة .. وفي حين كان الواجب الرئيسي للجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، خلال العقود الماضية ، هو مُراقبة وفحص الإنتاج المحلي العراقي الصناعي والزراعي والإنشائي ، ومدى مطابقته للمواصفات المطلوبة ، فأنه تَمَ تكليف الجهاز منذ بداية هذه السنة ، بفحص البضائع المستوردة أيضاً .. علماً ان جهاز التقييس العائد الى وزارة التخطيط ، يقوم بفحص ومتابعة قسم من البضائع ، وهنالك بضائع اُخرى تقوم وزارة الزراعة بالإشراف على فحصها ، وكذلك وزارة التجارة ووزارة البيئة . أدناه بعض الملاحظات : - هنالك "13" منفذ حدودي بري ، وخمسة منافذ جوية وخمسة بحرية ، ماعدا منافذ أقليم كردستان ، ولو إفترضنا ان كُل منفذ بري ، تَمُر من خلاله مئة شاحنة فقط في اليوم " علماً ان احد منافذ البصرة ، لوحدهِ تمر من عنده 400 شاحنة يومياً " ...فأن عدد الشاحنات العابرة يومياً يبلغ " 1300 " على الأقل . بينما وبعد إستيراد بعض المُعدات وأجهزة الفحص الحديثة ، للجهاز المركزي للتقييس والسيطرة ، ورفده بالمزيد من المنتسبين وفتح دورات لإكتساب الخبرة والكفاءة ... بعد كُل ذلك ، فأن الجهاز المركزي ، إستطاع ان يصل الى ذروة قُدرته ، خلال الاشهر الستة الاولى من هذه السنة ... وقام بفحص ما مُعدله " 1100 " نموذج في الشهر !!. أي بمعنى آخر ، ان إمكانية الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، اليوم وبعد تطويره المُفتَرَض ، هي فحص أقل من ما يدخل في يومٍ واحد فقط ، عبر الحدود ، وعدم إمكانية فحص ما يدخل في تسعة وعشرين يوماً !.. - تعاقدَ الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، في نهاية كانون الثاني 2011 ، اي قبل ستة أشهر ، مع شركتَين عالميتَين ، لفحص البضائع المستوردة ، فحصها في بلد المنشأ ، لضمان مطابقتها للمواصفات العراقية ، من خلال مختبرات معتمدة بشهادات مُطابقة ، وتُرسل الكترونياً الى الجهاز المركزي ونسخة منه الى المنفذ الحدودي . وهاتان الشركتان ، هما : شركة ( اس جي اس ) السويسرية ، و ( بريوفيرتاس ) الفرنسية ، اللتان لديهما فروع في أكثر من "130" بلداً في العالم . وقام الجهاز المركزي ، بإعلان ذلك في كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ، منذ نهاية كانون الثاني ، وفسحتْ المجال للتُجار والشركات ، بتكملة عقودها في الأشهر القادمة ، لأنها ستقوم بتطبيق القانون إعتباراً من 1/5/2011 . فإنهالتْ إعتراضات التُجار والشركات التجارية في العراق وفي دول الجوار أيضاً ، بحيث ان وزير التجارة الاردني جاء الى العراق وطلب تأجيل تطبيق القرار ! . المُهم ان وزارة التخطيط وبالتنسيق مع مجلس الوزراء ، أصدرتْ أمراً في 16/5/2011 ، بتأجيل تنفيذ قرار فحص البضائع في بلد المنشأ ، لمدة شهرين من صدور القرار ، اي لغاية 16/7/2011 . بمعنى انه من المفروض ، ان اي بضاعة تدخل من الحدود ، إعتباراً من 16/7 ، يجب ان تكون مُرفقة بشهادة مُطابقة ، من الشركتين أعلاه . - بالنسبة الى المُعلبات والصناعات الغذائية ، التي تدخل عبر الحدود ، فأن هنالك الآن ثلاثة جهات تقوم بعمليات الفحص على هذه البضائع : دائرة الصحة في المحافظة ، الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، دائرة الإشعاع في وزارة البيئة ... ومن المفروض ان تنجح البضاعة في الفحوصات الثلاثة معاً ، وإلا فأنها لن تحصل على الموافقة . وفي حين ان هذه الإجراءات ضرورية ومطلوبة ، إلا ان الآلية المُتبعة بحاجة الى تطوير وتحديث ، وتقليص الروتين ، والإرتقاء بالعملية فنياً وعلمياً وإنجازها بالسرعة الكافية . - عموماً ، هنالك الكثير الذي ينبغي تطويره ، في الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، إذ ان عمله ، لايُغطي فعلياً إلا أقل من 4% من البضائع الداخلة عبر الحدود الان . - من المُلِح ، تشريع قوانين مُلزمة ، تتلائم مع التطور الحادث في العالم ، بالنسبة الى فحص البضائع ، سواء المُنتجة محلياً او المستوردة ... وضرورة الإهتمام البالغ بتنفيذ التعاقد مع الشركتين العالميتين المعروفتين بالرصانة .. وعدم السماح لضغوطات التُجار الجشعين والشركات المُستغلة ، بتعطيل القوانين أو تأجيله ، ومُحاسبة المُخالفين بكُل جدية . - تفعيل قوانين " حماية المُستهلك " ، إذ ان القانون شُرعَ منذ أشهرٍ طويلة ، في بغداد واربيل ، وبقيَ حبراً على ورق . إذ ان الفوضى التي عَمتْ السوق العراقي خلال السنوات الماضية ، وإغراقها بالبضائع التي شكلتْ خطراً بالغاً ، على صحة المواطن .. كانتْ أحد الأسباب الرئيسية ، لتفاقم مرض السرطان بأنواعه ، والكثير من الامراض الاخرى . أخيراً ، ان جشع التجار الذين يجلبون البضائع الفاسدة والمُسرطنة والرديئة والأدوية الغير فعالة والمغشوشة ... يوازي الإرهاب في أعلى درجاته ، والفساد في أحط أشكاله .. طبعاً بالتنسيق والتواطؤ مع الجهات الحكومية المتنفذة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
-
ايران والحدود مع العراق
-
سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
-
ترشيقٌ على الطريقة العراقية
-
بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
-
الصحة النفسية لرؤساءنا
-
حكومتنا وصناعة الإحباط
-
يومٌ إيراني مشؤوم في العراق
-
- عصا - عُمر البشير
-
الفساد و - الأثر الرجعي -
-
المصريون و - الإستكراد - !
-
الصحفيون العراقيون .. وكِلاب التفتيش
-
المُعّلِمون .. أمس واليوم
-
المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
-
النُخَب المُهّمَشة
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
-
الحكومة ونقود الملا - سين -
-
قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
-
العبرة ليستْ بِطول الخدمة
-
انتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|