|
الجيش المصري والمجلس العسكري الاعلى
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 12:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كتبت في اول مقال كتبته حول الثورتين المصرية والتونسية ان هاتين الثورتين حتى لو حققتا جميع مطالبهما على اكمل وجه فانهما لن تستطيعا احقاق ما يريده الشعبان من عدالة وحل مشاكل الشعبين حلا حقيقيا. وبينت ان سبب ذلك هو ان الثورة لم تعلن ضد النظام القائم وانما هما ثورتان ضد الدكتاتورية الاستبدادية الفاسدة رغبة في احقاق حكم اقل فسادا وتحقيق دولتين اكثر استقلالا واقل خضوعا لاوامر الامبريالية الاميركية واكثر اهتماما في رعاية الشعبين ومصالحهما. ولكنهما لا تستطيعان انهاء الاستغلال الاقتصادي والبطالة والفقر وكل ما عاناه ويعانيه الشعبان من استغلال وفساد. ان السبب الحقيقي لفقر الشعب ومعاناته وبطالته هو وجود النظام الراسمالي. فالراسمالية فاسدة كانت ام غير فاسدة، ظالمة كانت ام غير ظالمة، لا تستطيع العيش يوما واحدا بدون استغلال الطبقة العاملة والكادحين لان هذا الاستغلال هو مصدر ربحها الوحيد ومصدر حياتها . وهاتان الثورتان لم تعلنا من اجل القضاء على النظام الراسمالي. قد تتحقق للشعبين ظروف اقل قسوة واقل استغلالا واقل خضوعا للسياسات الامبريالية نتيجة للثورة ولكنهما لا تستطيعان ان تقضيا على معاناة الشعبين وعلى استغلالهما. ان ما نسميه ثورة في تونس وفي مصر ليس ثورة في المفهوم العلمي للثورة بل هي انتفاضة سلمية عارمة تهدف الى تحسين الاوضاع التي عانى الشعبان منها خلال عشرات السنين من حكم ابن على او حسني مبارك. في هذا المقال اود ان اناقش ظاهرة شائعة في هاتين الثورتين وخصوصا في الثورة المصرية. واضح خصوصا في مصر ان الجيش المصري وقف موقفا مشرفا من انتفاضة الشعب المصري. كان واضحا ان هذا الجيش هو جزء من الشعب المصري وحام لانتفاضته بحيث انه لم يطلق النار على الشعب المنتفض بل عمل على حمايته وصيانة انتفاضته او ثورته. وقف الى جانب الشعب ضد سلطة حسني مبارك ورهطه. اي جزء من الجيش هو الذي وقف هذا الموقف المشرف العظيم تجاه الشعب المصري وتجاه ثورته؟ يبدو لي ان هذا الجزء من الجيش هو الجنود الافراد الذين هم ابناء العمال والفلاحين والكادحين المعرضين لظلم واستغلال السلطة القائمة. هذا الجزء من الجيش هو الضباط الصغار الشباب الذين لم يكونوا على استعداد لاطلاق النار وتحطيم وتشتيت وتفريق الشعب المنتفض. ان الجزء الذي وقف هذا الموقف المشرف من الانتفاضة الشعبية ومن الشعب المصري هو ابناء الشعب المجندين في هذا الجيش. ليست قيادة الجيش العليا هي التي وقفت هذا الموقف المشرف بل ضباط الجيش الصغار وافراد الجيش ابناء العمال والفلاحين هم الذين وقفوا هذا الموقف المشرف من الثورة ومن الشعب. ولكن يبدو لي ان هناك خلطا بين الجيش وبين قيادته العليا. يبدو لي ان شعب الثورة او شعب الانتفاضة يخلط بين الجيش وقيادته العليا اما جهلا او تحاشيا للتصادم بين الجيش والثورة. ولكني ارى ان هذا الخلط يشكل خطرا داهما على الثورة ومنجزاتها. فمن هي قيادة الجيش العليا؟ كان مبارك القائد العام للجيش المصري بصفته رئيس الجمهورية. ومن الطبيعي ان يقوم بقيادة وتربية الجيش من اجل الحفاظ على نظامه ضد اية معارضة تبدو من الشعب المصري لسلطته. فقد نظم وربى وسلح وثقف هذا الجيش لكي يكون اداته الفعالة في قمع اية معارضة مهما كان نوعها سواء اكانت مطالبها شعبية مشروعة ام لم تكن. كان حسني مبارك رئيسا للمجلس العسكري الاعلى واختار لهذا المجلس اخلص واطوع الضباط لارادته ولسلطته. وقد كان هذا المجلس اداته الطيعة طوال الثلاثين عاما من حكمه. ما الفرق بين ابن علي في تونس وحمني مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن؟ الفرق الوحيد في رايي هو ان القذافي وجد من الجيش او المرتزقة من يطيعه في عملية ابادة الشعب من اجل الحفاظ على سلطته بينما لم يستطع ابن علي او مبارك وقيادتاه العسكريتان ان يجدا جيشا يخضع لهما في عملية ابادة الشعب المنتفض وتحطيم انتفاضته. فالجيش الذي ربياه وثقفاه وسلحاه من اجل الحفاظ على نظامهما لم يخضع لاوامرهما في تحطيم الانتفاضة عن طريق تمزيقها بقوة السلاح. ولو خضعت قواعد الجيش المصري مثلا لقيادة حسني مبارك في ضرب الشعب المنتفض لما تخلى عن سلطته ولما تواني عن ان يستخدم الجيش بنفس الطريقة التي يستخدم القذافي جيشه ومرتزقته للحفاظ على سلطته. اعلن نائب الرئيس مبارك المعين قبل ايام عن تخلي مبارك عن مهام رئاسة الجمهورية. ولكنه لم يعلن عن تخلية عن رئاسة المجلس العسكري. فهل ما زال مبارك رئيسا للمجلس العسكري لا يحضر اجتماعاته بسبب توعكه الصحي؟ اعلن نائبه انه طلب من المجلس العسكري ادارة شؤون البلاد. فهل يحق لرئيس جمهورية قانونيا ان يعين من يدير شؤون البلاد بعده عند تخليه عن مهامه او الاطاحة به؟ اعلن حسني مبارك في خطابه الاخير قبل تخليه عن مهام رئاسة الجمهورية عن برنامج وعد بتنفيذه في الفترة المتبقية من ولايته الاخيرة مع التأكيد على عدم ترشيح نفسه للرئاسة هذه المرة. واعلن انه لا يورث ابنه جمال للرئاسة. وهذا لا يعني ان جمال ليس من حقه باعتباره زعيما لحزب ان يرشح نفسه للرئاسة من اجل انتخابه انتخابا شرعيا. ولكن حسني مبارك اعلن في هذا البرنامج الخطوات التي يزمع تحقيقها في بقية ولايته كانتخاب رئيس للجمهورية واجراء انتخابات ديمقراطية للبرلمان واخرها التفكير في انهاء حكم الطوارئ الذي عاني منه الشعب المصري طيلة حكم مبارك ولم يعش الشعب المصري ولو يوما واحدا في ظل حكم القوانين لان قانون الطوارئ يعني الغاء او تجميد كافة القوانين وابقاء قانون الطوارئ وحده نافذا في البلاد. ولكي يقدر الشعب المصري، شعب الثورة او الانتفاضة، موقف المجلس العسكري من الانتفاضة عليه ان يرى مقدار تخلي هذا المجلس عن البرنامج الذي وضعه له مبارك قبل ايام من تخليه. السؤال هو هل حاد المجلس العسكري ولو قيد شعرة عن هذا البرنامج؟ يبدو لي ان المجلس العسكري لم يحد عن هذا البرنامج خلال هذه الشهور من الثورة. وعلى سبيل المثال لماذا يبقى قانون الطوارئ الى ما بعد انتخاب المجلسين ورئيس الجمهورية؟ لماذا لم يلغ المجلس قانون الطوارئ الذي عانى منه الشعب المصري كل يوم من ايام حكم حسني مبارك؟ والموضوع الاكثر حساسية هو هل المجلس العسكري اليوم يمارس مهمته كقائد للجيش المصري؟ واضح ان المجلس العسكري بعيد كل البعد عن مهمته الاساسية، مهمة قيادة الجيش المصري. انه اليوم يمارس مهام رئيس الجمهورية. انه يقود سياسة البلاد في هذه الفترة الانتقالية. وقد كان هذا المجلس طوال مدة حكم حسني مبارك مجلسا طيعا ومنفذا لمصالح حسني مبارك وخاضعا لارادته ولاوامره. فما الذي تغير بين عشية وضحاها؟ كيف تحول هذا المجلس فجأة وعلى حين غرة من مجلس حسني مبارك الى مجلس الثورة على حكم حسني مبارك؟ يبدو لي ان مهمة المجلس الاعلى الاساسية هي كسب الوقت وتهدئة الثورة لابقاء حكم حسني مبارك بدون حسني مبارك ومن ثم الانقضاض على قيادات الثورة واشخاصها البارزين والتنكيل بهم بنفس طريقة حسني مبارك.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جواب الى نسيب عادل حطاب ١
-
حزب الطبقة العاملة ثانية
-
الاشتراكية العلمية والاشتراكية
-
يعقوب أبراهامي وماركسيته الجديدة
-
ارتداد وانهيار الاتحاد السوفييتي ٢
-
ارتداد وانهيار الاتحاد السوفييتي ١
-
بوبر ويعقوب ابراهامي
-
حول الجبهات الوطنية ٢
-
حول الجبهات الوطنية ١
-
حول علمية النظرية الماركسية
-
حول دكتاتورية البروليتاريا ٢
-
حول دكتاتورية البروليتاريا
-
الثورة البرجوازية والثورة الدائمة ٢
-
الثورة البرجوازية والثورة الدائمة ١
-
معاداة الستالينية هي ثورة ردة
-
المجتمع الاشتراكي وقانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني
-
حول حزب العمال الشيوعي التونسي
-
حول امكانية عودة اليهود العراقيين الى وطنهم العراق
-
درس من ثورتي تونس ومصر الشعبيتين
-
جواب جديد الى د. حسين علوان حسين
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|