أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - غموض الفكر السياسي الإسلامي














المزيد.....

غموض الفكر السياسي الإسلامي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية يجدر بنا أن نميز بين الإسلام السياسي، بوصفه ظاهرة سياسية - دينية، وبين الإسلام كعقائد وعبادات وتراث ثقافي. إذ يمكن هنا الانطلاق من تعريف للإسلام السياسي على أنه اللجوء إلى مفردات الإسلام كدين للتعبير عن مشروع سياسي، على أنّ النقطة المحورية فى الإسلام السياسي ربما كانت هي سعيه للوصول إلى السلطة، باعتبار أنّ ذلك هو الشرط الضروري لإقامة مشروعه.
وتضم الحركات الإسلامية، في مفهومها الواسع، جميع الأفراد والجماعات التي تسعى لتغيير مجتمعاتها عن طريق اشتقاق أفكارها وبرامجها من الإسلام. وفي حين تختلف هذه الجماعات والأفراد في طرقها ومناهجها وأساليبها، فإنها تتفق على القيمة الإيجابية للإسلام، وتريد تحويل إطار المرجعية في الحياة العامة إلى مرجعية يكون فيها الإسلام، بتأويلاته المختلفة، قوة رئيسية في تشكيل هذه الحياة.
وتاريخياً، لم يتناول التراث الفقهي السياسي الإسلامي والأحكام السلطانية مفهوم الدولة بمعنى الكيان السياسي الجغرافي المتضمن عناصر: الأرض والشعب والسلطة. بل أنّ التنظير لفكرة الدولة الإسلامية، خلال التاريخ المعاصر، حمل كثيراً من الطوباوية والتفكير الرغبوي، وقدراً كبيراً من الشعاراتية والرؤية الأخلاقية لمفهوم الدولة، دون الغوص الحقيقي في الآليات وأساليب العمل، ودون التنظير لفكر سياسي واقعي يملك القدرة على التحرك والمرونة في محيط مضطرب. لذلك بقيت أغلب الكتابات حول " الدولة الإسلامية " مثقلة بعبء التجربة التاريخية الإسلامية ولم تستطع الانفكاك عنها وتجاوزها. ففي الدولة الإسلامية المفترضة هناك غموض يحيط بالمفاهيم المرتبطة بالدولة، فالولاء مسألة خلافية: هل هو للدولة أم للدين، ومسألة غير المسلمين في الدولة الإسلامية ما تزال شائكة، كما أنّ مسألة ولاء المسلمين المواطنين في دول غير مسلمة هي مسألة أكثر تعقيداً. ثم هناك غياب ثقافة المؤسسة لصالح ما نسميه " القدوة والهيبة "، وهي صفات للفرد، إذ أنّ المؤسسة لا كاريزما لها، لكنها أقدر على رعاية مصالح الناس من الأفراد لأنها تضمن الاستقرار والثبات والاحتكام للقانون.
وهنا يدور الأمر حول ما إذا كان بالإمكان طرح مفهوم للمواطنة يقوم على أساس التوفيق بين مجتمع مؤمن ودولة لا دينية، أي دولة تحترم الدين وتصون الحريات الكاملة لرعاياها المؤمنين لممارسة شعائرهم الدينية، المتعددة والمختلفة والمتباينة، من دون أن تتخلى عن مدنيتها.
وربما تستطيع التيارات والحركات الإسلامية، التي انخرطت في معمعة النضال السياسي الواقعي، تجاوز التجربة التاريخية والتنظير لرؤية إسلامية تعبر عن فكرة ومشروع الدولة، عمادها الإصلاح السياسي وإقامة الحريات العامة والمجتمع المدني الديمقراطي، وإصلاح الفساد الداخلي والتنمية المستدامة.
ومن شأن هذه المراجعة وتواصلها أن تعكسا، من جهة، هموم قطاع كبير من الرأي العام العربي الحريص على القيم الدينية، والمتمسك بها. وتعملا، من جهة ثانية، مع الحركات الاجتماعية والسياسية الأخرى في التوصل إلى الحلول التوافقية المجدية، لإقامة نظم سياسية عربية تضمن المساواة والعدالة والحريات الفردية لجميع المواطنين.
وقد يكون هذا المدخل في استشراف اتجاه إعادة الحركة الإسلامية لإنتاج نفسها أكثر منطقية وصحة، خاصة مع إرهاصات الربيع الديمقراطي العربي، فهي بحاجة إلى أن تبحث عن تعريف لنفسها يختلف عما كانت عليه طوال العقود الماضية، وهو تعريف يجب أن يكون مستمَداً من رؤية لدورها وما تسعى إليه بالفعل، ومن حاجة مجتمعاتنا العربية إلى الانخراط في عصر الحداثة السياسية، بكل ما تنطوي عليه من مفاهيم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات وحاكمية الشعب.
وإذا كانت بعض حركات الإسلام السياسي منسجمة مع دعوتها إلى الوسطية والاعتدال والالتزام بالديمقراطية فعليها أن تكون في مقدمة المقاومين للانفلات الديني والتطرف الذي يمارسه المتشددون ضد الحريات الفردية، أما إذا صمتت أو اكتفت بالمواقف الغائمة فإنها ستسيء لنفسها وتشكك في جدية خطابها. ولعلها الأكثر قدرة على لعب دور إيجابي في هذا المجال من موقع المسؤولية البناءة، فقد تجد نفسها عاجزة بعد حين إذا استفحل الأمر وعمت الفوضى وتحولت شعارات الثورة من الحرية والكرامة والمواطنة إلى التفتيش في عقائد الناس والحكم عليهم من طول لحاهم وهيئات لباسهم.

ولاشك أنّ نشوء تيار إسلامي مدني‏،‏ يؤمن بفصل الدين عن الدولة‏،‏ ودعم الدولة المدنية التي ترعى كل الأديان وتصون مقدساتها، وتضمن حقوق كل مكونات مجتمعاتنا،‏ هو أمر بالغ الأهمية في مرحلتنا الانتقالية الصعبة من الاستبداد إلى الديمقراطية، حيث لابد فيها من قيام مؤسسات الدولة المدنية القائمة علي مبدأ المساواة في المواطنة‏،‏ وهو أمر بالغ الحيوية والأهمية لتطوير المفاهيم الدينية‏،‏ ولكن بشرط الإيمان بدنيوية الممارسة السياسية‏،‏ ولوازم الدولة المدنية من الديمقراطية الحقيقية والتعددية‏‏ وتداول السلطة‏،‏ واستناد البرامج السياسية إلى أسس مدنية ومعايير عقلانية،‏ بعيداً عن المزايدات الدينية‏ والتدخل في حيوات الناس الشخصية‏.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (*) حوار مع الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية الدكتور عبد ...
- الدوران حول الحوار الوطني في سورية
- أسطورة المؤامرة في الإعلام السوري
- أسئلة الدولة والمواطنة في سورية
- رؤية عربية للثورة التونسية
- أي ثقافة للربيع الديمقراطي العربي ؟
- إصلاح سوري حسب مقاس سلطة الاستبداد
- نحو العدالة الدولية في سورية
- حوار عبدالله تركماني بين الثقافات
- رسالة مفتوحة إلى المؤتمر القومي العربي
- نحو مقاربة تنموية تشاركية
- الثورة السورية .. إلى أين ؟
- انكشاف الخيار الأمني في سورية
- نحو إعادة ترتيب وبناء البيت الفلسطيني
- ما يمكن أن تتعلمه سورية من الأنموذج التركي
- ساعة الحقيقة في سورية
- مؤشرات الحكم الرشيد
- أزمة الدولة العربية .. عن البوليس السياسي وقمع الحريات
- الثقوب السوداء التي تعطل التقدم العربي
- أهم تداعيات الربيع الديمقراطي العربي على القضية الفلسطينية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - غموض الفكر السياسي الإسلامي