واعليّاه! إنها الفتنة من جديد!!
أقبل أن تفت بشارون يا عسكري!!
من المفتي؟ آصفي الذي نعرف، أم أصف بن برخيّا وزير فرعون!
التحالف مع اليسار حرام والتحالف مع أمريكا وإسرائيل حلال!!
دعما منها لموقف باقر حكيم المتعاون مع أمريكا، أفتتى ثلاثة مراجع شيعية، بتحريم علاقة الشيعة مع بعثيي العراقي وشيوعييه. فهل صبأ الثلاثة أم آمنوا؟
قبل كل شيء فأنا ماركسي لا أرجم الغيب ولا أقول إني عالم بما سيأخذه الله سبحانه على هؤلاء الثلاثة، وهل هو راض عن فتواهم أم متربص بهم. لكني أحتكم إلى الموجود وأستنبط. وعليه:
أولا: إن السياسة كما عرّفها الإمام علي (ع) هي قيادة أمور الأمـّـة. وهو كرم الله وجهه، لم يتبع حيلة ولا زيغا ولا لعب على موقف. والسياسة عنده سراط مستقيم، قوانينه كأحكام القرآن، طالما إن الخلافة ولاية، والولاية بمنزلة بعد النبوّة، وهي إذن، شأن رباني وحسب. ولو كانت السياسة عند عليٍ لعبة دنيا لعجز عنه معاوية. وهاك النتائج! كم هم الآن رعاياه وكم هم رعايا معاوية؟! أي لا لعب على المعطيات ولا زيغ. والسياسة مذهبيا، ليست فن الممكن، ولا لعبة الحزورات، بلها شروع وسنن وآيات. ومن إتبع آل البيت ولم يتخلّق بأخلاقهم وسننهم صبأ عن التشيع والإسلام جملة. كما إن التمذهب هرطقة وباطنية ما لم يدع بدعوى الله. وهي في الإسلام، الموعظة والكلمة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ما لم يدع بهذا لم يعد مذهبا وإنما مروقا وكفر.
ثانيا: إن هؤلاء المراجع، وهم: السيد مرتضى العسكري، والسيد كاظم الحائري، والسيد محمد مهدي الآصفي الناطق الرسمي السابق بإسم حزب الدعوة. والإنتماء الظاهر لهم وخطهم العام هو تأييد الغزو الأمريكي على العراق. وهم سبق وأرسلوا وفودا سرية (وأتحداهم أن ينكروا) للتفاوض مع أمريكا، ناهيك عن وفود لهم شاركت من خلف الكواليس في إجتماعي لندن وواشنطن لما يسمى بالمعارضة العراقية. الإجتماعان اللذان قادهما وحدد نقاط بحثهما مارتن إنديك وريتشارد دوني. ومارتن إنديك وريتشارد دوني، مواطنان إسرائيليان وصهيونيان عتيدان لا يعملان على منهج السيدين هرم بن سنان والحارث بن عوف. وحتما سيصبان TNTو TNG على نار الحرب بين عبس وذبيان، ويدفعان بالمسلمين (الغوييم) إلى الإحتراب، أو التفرقة ليسود شارون. وخير التفرقة تكفير العلاقة ما بين أبناء الشعب الواحد. ذلك التكفير الذي أوكل لباقر حكيم ومريديه.
ثالثا: مثل هذه الفتاوي ومن محيط عائلة الحكيم وخصوصا تحريم التعامل مع الشيوعية، عادة ما تصدر وبقدرة قادر بالتزامن مع تهديدات أمريكية بإحتلال المنطقة. من هذه الفتاوي على سبيل المثال: فتوى الحكيم الأب عن القاسمية عام 1959 وقد نزلت القوات الأمريكية في لبنان وبدأت تستعد لمهاجمة العراق، وفتواه عن تكفير الشيوعية عام 1963 حيث سيطر الظلاميون على مقاليد الحكم في العراق بقطار أمريكي، وفتوى الحكيم الإبن الحالية وأمريكا تستعد لغزو العراق أيضا. أما التصريح الذي صدر من إيران لوكالات الأنباء، والذي يدعي أن أمريكا لا تريد إحتلال العراق وإنما تحريره من نظامه، هذا التصريح هو عينه ما قاله سابقا الجنرال مود وهو يحتل بغداد، سوى أنه بلسان عبدالعزيز حكيم، وبعد عودته الموفقة من الإجتماع بحماة الإسلام والمسلمين - بوش وتشيني!
رابعا: قبل أشهر فقط، أعلنت أمريكا، وبصريح العبارة، حربها الصليبية على الإسلام وبدأت بإبادة الشعب الأفغاني الفقير المسلم. ولم يحرك هؤلاء المراجع الأفاضل ساكنا. بل وأثناء القصف الأمريكي على أفغانستان، كانت وفود هؤلاء تجمع مع المسؤولين الأمريكين وتتبادبل معهم المزح والمشورات. في حين وحتى اليوم، إذا ما زار مسؤول إسرائيلي ألمانيا، يذهب وبعرض مسرحي ليصلي على أرواح موتاه، قائلا: (إنني أسمع أنين موتانا في محارقكم) والله سبحانه وتعالى، لم يجز حتما لليهود البكاء على موتاهم المزعومين، بينما يأمرنا بتبادل الأتكيت على خلفية أنين إحتضار موتانا ومع من يميتهم خنقا وحرقا. ناهيك عن إنه قال وبصريح العبارة (لا تتخذوا من أعداء الله أولياءَ لكم) ومن قول الإمام علي كرم الله وجهه في خطبته الشِّقشِقية: (( أما والذي فلق الحبة، .. لولا ما أخذه الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها )) فأين العلماء الأجلاء الثلاثة هؤلاء مما أخذه الله عليهم؟ أم إن أمريكا ليست ظالم كاظ، يصرخ تحت تجويعه المستضعفون؟!
خامسا: وما ينطبق على أفغانستان ينطبق على فلسطين. وليس لم يفت هؤلاء الأكارم بتكفير شارون أو بالدعوة إلى جهاده، بل ويا للهول، بدأوا في أوساطهم السرية والعلنية يحاربون الإمام الجليل حسين فضل الله، ويكفروه وينعتونه. وحين لم يتجرأ أي منهم ليذكر عنه صبأة عن الإسلام أو مذهب التشيع، فالتهجم عليه هو، أو لا يمكن إلا أن يصب في، ما تقوله أمريكا وإسرائيل عنه بسبب إجهاره بالجهاد ضدهما. وما يمنعهم من الشنيع بالإمام الجليل نصرالله، سوى أن قلوب الشيعة والسنة وعامة المسلمين والعرب معه. مثل هذا موقفهم من الشيخ العلامة المجاهد أسامة بن لادن. لا نكران. هناك فتوى صحيحة من الحكيم الأب عن فلسطين، لكنها إمتهان بالعقول وإزدراء بالإسلام أيضا. أو هي كشأن حنون بين المسلمين والنصارى. ففتواه تقول: (( يجوز التبرع بالزكاة للقضية الفلسطينية )) الأمر الذي يفعله وثنيو وملحدو اليوم، ويتبرعون لفسلطين وشهدائها، دون مرجعية!
سادسا: ومن أقوال السيد رفسنجاني ((إن الذين ذهبوا إلى أمريكا في هذه الأيام يشكلون وصمة عار في جبين الإسلام )) ومن أقوال السيد خامنآي (( إن التعامل مع أمريكا التي تريد الهمينة غباء سياسي لا يوصف )) ومن أقوال السيد روح الله الخميني (( إياكم والشيطان الأكبر أمريكا )) ومن أقوال السلف ومواقفهم فقد كان السجاد وهو يعيش تبعات فاجعة كربلاء ويعاصر أكبر ظالم في التاريخ الإسلامي - يزيد بن معاوية، وبدل أن يستنجد بأعداء الإسلام للثأر لأبيه الشهيد الحسين (ع)، كان السجاد يدعو الله لتقوية ثغور المسلمين ويقول في أحد أشهر أدعيته: (( اللهم إشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين وخذلهم بالنقص وثبطهم بالفرقة وإذهل قلوبهم عن الإحتيال)) وقال بأهل الذمة: (( فالحكم منهم أن تقبل ما قبله الله وكفى)) ولم يتعاون أي من الأئمة الأثني عشر المعصومين ولا أولياؤهم من بعدهم مع أعداء الإسلام رغم الغبن العظيم والنكران الذي قابلتهم به السلطات. ومن مآثر الإمام محمد الباقر وهو يعيش وطأة أل عبد الملك بن مروان، أنه على العكس عزز إستقلال الاسلام عن الروم بإستباط العملة الإسلامية. كما أوصى الإمام الصادق بحفظ الثغور ضد أعداء الإسلام وقال: ( إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق ومن زرع العداوة حصد ما بذر )) كما قال الإمام الحسين (ع): ((اللهم إلى غيرك فلا تكلني)) وقال: (( المؤمن لا يسيء ولا يعتذر)) وقال الإمام علي (ك): (( أيها الناس شقّوا أمواج الفتن بسفن النجاة وعرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة )) وقال: (( أصلحوا ذات بينكم )) وقال: (( أعجز الناس من عجز عن إكتساب الإخوان وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم )) وقال: (( الكفر على أربع دعائم: التعمق والتنازع والزيغ والنفاق )) و: (( من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون)) و: (( عاتب أخاك بالإحسان إليه وأردد شره بالإنعام عليه )) و: (( إحصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك)) و: (( بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد )) و: (( أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه )) و: (( كفاك أدبا لنفسك إجتناب ما تكرهه من غيرك )) وقال الرسول الكريم (ص) : (( ولا تجسسو ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا )) وقال: (( ظهر المؤمن حمى إلا في حد )) وقال جلّ شأنه: (( لا تتخذوا من أعداء الله أولياء لكم )) وقال: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والركـّـع السجود )) بينما، وفي الطرف الآخر، يقول جلبي بالحرف: (( إن اليهود (وليس الشيعة أو المسلمين) هم جوهرة التاج العراقي )). وجلبي هو حليف حكيم ورئيسه في لجنة الستة التي ذهبت إلى أمريكا. كما يقول محمد باقر حكيم نفسه، وفي محاضرة له وتصريح لصجيفة الشهادة (عدد953) : (( على الرغم من الأيات القرآنية التي تنهي عن إتخاذ أعداء الله أولياء، رغم هذا فأنا أجيز العلاقة مع أمريكا )) طبعا وجملة: (( على الرغم من الآيات القرآنية )) لا يقولها مسلم. لأنها كفر صريح ونقض لأحكام القرآن. ثم أخيرا يأتي هؤلاء الثلاثة فيواطئوه، ويكفروا ليس علاقة حكيم المناقضة لأحكام القرآن، بل يكفروا العلاقة بين أبناء الشعب الواحد!
ومن هنا، أناشد العلمانيين العراقيين بالصبر وعدم الإنجرار وراء هذه الفتوى. وربما أخطأ هؤلاء الثلاثة وهم ليسوا معصومين على أية حال. فإن الإسلام بكل مذاهبه هو دين الجهاد ومقاومة الظلم. ونحن جميعا مواطنون عراقيون، ألحدنا أم ورعنا، مسلمين كنا أم صابئين ومسيحيين ويزيديين، فنحن مجبولون أولا وآخرا على الإيمان بالرب الأعلى وبأننا عباد الله إخوانا، ليس بيننا الخائن والعميل. أما هؤلاء فلنوكل أمرنا إلى الله ونتباهل معهم عنده ونقول:
اللهم إلعن الخائن بيننا تعمّم أم حسر!
اللهم إلعن المراغم لكتابك والمستعدٍ لأولياء الشيطان على أمتك!
اللهم إلعن نفرا بكى نتائج الفتنة الأولى بينما هو يذكي فتنة أشد منها!
اللهم إلعن نفرا حليفه وجوهرة تاجه صهيون، بينما عدوه عراقي أخوه مسحوق بالدكتاتورية!
الدكتور نوري المرادي
مالمو السويد 020824