|
مخاطر ليست افتراضية
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 23:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يطرحه المراقبون ووسائل الاعلام من مخاوف تهدد البلاد عند تنفيذ انسحاب القوات الامريكية يتم التعامل معها من قبل الساسة على انها مخاطر ليست حقيقية او على الاقل انها مخاطر مفترضة وبالتالي يرد السياسي على هذه المخاطر بحلول افتراضية او انه يفتعل صورة الزعيم المسؤول والقائد التاريخي فيقول انه لن يرد على افتراضات قد لا تصح، وهو بذلك يريد تمرير رسالة الى المتلقي اوالمواطن بانه لا يريد الانجرار الى لغة التحدي والتهديد والوعيد وكشف القوة المستورة، لكن هذا السياسي في الحقيقة لا يمتلك اي رد على هذه التخوفات وهو غير قادر حتى على نسج تصورات متماسكة لما يمكن ان يفعله هو وما يمتلك من مؤسسات في مواجهة هذه المخاطر. كل المخاطر المطروحة كتداعيات للانسحاب ليست افتراضية بل ان لها اسس واقعية وملامح يومية بارزة ودون الدخول في تفاصيل هذه المخاطر يمكن استذكار اشارة واحدة عامة لاي دولة ذات سيادة وهي ان مؤسسات الدولة وتشكيلاتها يجب ان تكون هي الاقوى على الارض مقارنة بكل ما يمكن تشكيله من تكوينات غير رسمية او خارجة على القانون وهذا الامر غير موجود في العراق بدرجة موجعة فهناك جماعات مسلحة من كل صنف ونوع توجه تهديدات يومية للعراقيين بل ولدول الجوار ايضا وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة ومن وقت لآخر تذكر بما ارتكبته وبما يمكنها ارتكابه وبما تمتلكه من اوراق ضغط وحتى بمن تحتجزهم من مختطفين وتعرض اسلحتها وربما تسلم بعضها الى الحكومة في اطار عملية المصالحة بينما هي (الجماعات المسلحة) تقوم في الحقيقة بتجديد اسلحتها، بل ان المعاقل المحصنة للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات تدك بالقذائف وبتفجيرات الارهابيين من وقت لآخر وحدود البلاد تتعرض لاعتداءات مستمرة ووحدة البلاد مهددة على لسان ابرز المسؤولين والساسة العراقيين وبسواعد شخصيات عامة ووجهاء، ومع كل هذا يقول المدافعون عن التزام الصمت ان المخاطر المطروحة هي مخاطر افتراضية رغم انهم يعرفون جيدا وبثقة كاملة انها ليست كذلك، بل انهم يعرفون ان وجود هذه المخاطر اكثر واقعية وصلابة من وجودهم هم انفسهم في هرم السلطة وفي البلاد بأكملها. الابتكار الاخير الذي خرج به علينا المدافعون عن الصمت تجاه مصير القوات الامريكية هو مقترح الابقاء على بضعة آلاف من الجنود الامريكان بصفة مدربين وهذا المقترح مجرد محاولة لتلفيق قرار وفق صيغة منزلة بين منزلتين فلا انسحاب ولا بقاء للقوات الامريكية وذلك للحفاظ على علاقة طيبة بين النخبة السياسية العراقية والادارة الامريكية توفر دعما لاستمرار النظام السياسي دون ضمانات لأمن المواطنين والدولة من جهة وللتملص من حرج التصويت في البرلمان على قرار تمديد بقاء القوات الامريكية لان وجود المدربين يتم عبر مذكرات بين وزارات عراقية وامريكية وليس بين حكومتي الدولتين. صيغة المنزلة بين المنزلتين تسيدت السلوك السياسي العراقي منذ عدة سنوات واثبتت فشلا منقطع النظير وطرحت حلولا ملفقة باهضة التكاليف قادت الى شلل في اكثر من ملف وتركت الكثير من الامور معلقة بين الارض والسماء، ولكن اقتراح الابقاء على مجموعة المدربين سيكون الحل الاكثر كلفة فهؤلاء المدربون لن يكونوا قادرين على القيام بمهمات أمنية حقيقية كما انهم في نفس الوقت سيكونون مبررا تستخدمه الجماعات المسلحة لمواصلة اعمال العنف وبدرجة اكبر حيث لارادع لهم وهو ما يحدث فعلا هذه الايام بدرجة محرجة للامريكان دفعت وزير الدفاع الامريكي الجديد ليون بانيتا خلال زيارته للعراق الى التهديد بتنفيذ عمليات منفردة ضد المليشيات في العراق مستنكرا موقف اللامبالاة الذي تتخذه الحكومة العراقية. تمديد بقاء القوات الامريكية او تنفيذ الانسحاب الكامل او الابقاء على وجود امريكي عسكري لغرض التدريب كلها امور ثانوية وغير ذات أهمية ولا حاجة للدفاع عن اي منها عندما نستذكر قضيتين أساسيتين، الاولى هي فشل القادة العراقيين في صياغة موقف واقعي واضح لضمان أمن البلاد، أما القضية الاساسية الثانية فهي عدم قدرة العراق بعد كل هذا الوقت ومع كل ما أنفق من أموال، على الوصول بقدراته الامنية والعسكرية الى مستوى حماية مقرات الحكومة من القصف بالكاتيوشا او اقتحامها من قبل الارهابيين او تعرض مسؤوليه الاداريين والامنيين لاغتيالات يومية دون الاشارة الى التحديات الامنية الاخرى التي تقطف ارواح المواطنين بدرجة حرب معلنة تقارب حصيلتها الشهرية في افضل الاشهر امنا عدة مئات من المواطنين، بل ان كل العملية السياسية وما انفق فيها وعليها لم ينزع شوكة العنف التي تحملها جماعات سياسية دخلت العملية السياسية احيانا وتوطنت على ضفافها في أحيان أخرى.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسؤولية قرار الانسحاب
-
الغرق في ميناء مبارك
-
اللعب بالدماء
-
التصعيد حل في العراق
-
بدائل مرعبة
-
نوبات المصالحة
-
النظريات ممنوعة
-
إفعلها إن إستطعت!!
-
الى أين نذهب؟
-
الرحيل الامريكي والمعركة العراقية
-
ظاهرة التشرذم
-
جاءوا جميعا وغاب الامن!!
-
أسرار الولاءات
-
تقاليد الفساد العراقية
-
بيئة بن لادن
-
قنابل صوتية
-
كل هذه الخلافات
-
نهاية الفساد
-
لاتراجع ولا إعتراف
-
سنة صعبة..شكرا ما قصرتوا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|