|
سقطت الكفاءة وانتصرت الإنتهازية والتملقية
عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 21:11
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
* هذا هو اليوم الأخير،وهذه هي الساعة الأخيرة،وهذه هي الدقيقة الأخيرة........,،التي أعلن فيها وفاة الكفاءة وانتصار الطفيليات الجرثومية التي تتجمع حول القاذورات أينما وجدت،وأعترف إعترافا كاملا أن الإنتهازية انتصرت ميدانيا وواقعيا بشهادة الجميع ،وأقر إقرارا كاملا أن الكفاءة ولت وعادت أدراجها،ولكن هل كانت من قبل ؟كلا لم تكن ولن تكن،أعني بالمعنى الواقعي،أو بالمعنى العالمي،بتعبير آخر معترف بها،ولكن هي موجودة ،غير أنها ما إن تبدأ بالإنبثاق والبزوغ حتى تقمع تاركة المجال للإنتهازية،لكي تلد لنا الإنتهازيين ويصلون إلى إلى القمة،مع أنهم في واقع الأمر ،ماهم إلا ما دون القاعدة، سواء من الناحية النظرية أوالتطبيقية الميدانية.هنا أتحدث إلى كلية،والنمط الذي تسير عليه،هو نمط تقليدي،نمط يسير عليه البعض،يفتقد لأبسط الشروط الدولية،مثلا،كالإكتفاء بالكتابي في الإمتحان،هل هذا الإمتحان يعبر بشكل صحيح عن المستوى الحقيقي للطالب؟سواء من حيث المعرفة الكمية والكيفية؟ كيف يعقل أن الأغلبية في جميع المحاضرات تظل غائبة،وفي الأخير نكتفي بالكتابي؟أليس هذا إجحافا في حق الحاضرين؟ وإذا كان المنطق هو هذا ألايجوز لهؤلاء الحاضرين الغياب حتى الإمتحان على قدم المساواة مع هؤلاء الإنتهازيين؟وإذا كان الأمر كذلك أي دور لمؤسسة كهذه؟وإذا كانت هكذا، ألا يجوز لنا أن نسميها بؤرة الإنتهازية؟ أو نسميها بؤرة الإستلاب والضياع؟ * للإجابة على هذه الأسئلة،يمكننا أن نستعين برواية "أوراق" التي ألفها التاريخاني والروائي والنقدي الأستاذ عبدالله العروي،هذه الرواية تعتبر رواية النصف الثاني من القرن العشرين بامتياز،تكلم الأستاذ في إحدى فقرات الرواية عن الإنتهازية التي سبقت الإستقلال وبعده ،وتكلم عن الكفاءة واضمحلالها قبله و بعده.منذ انضمامه ليتابع دراسته بدار المغرب في باريس وجد العديدين لا يلعبون سوى "الكارتة"،ولا يتقيدون بحضور الدروس ،ويستيقظون متأخرين بعد قضاء أمسياتهم(1) يعيشون حياة الخمول والكسل،بل أكثر من ذلك الغالبية منهم لا تعرف حتى ظروف البلد رغم أنه كان يمر من ظروف صعبة ،ولكن الطامة الكبرى كما يقول العروي:"" هي التي ستملأ دواوين الوزراء في السنين الأولى من الإستقلال""،غير أن السؤال الذي يمكن أن يطرح ،لم انسحبت هذه الطائفة وفضلت القيام بهذا العمل ؟ يجيبنا العروي بأن هذه الجماعة عرفت بخمولها وحدة لسانها، وعجزها عن الإنسجام مع الجو الثقافي الفرنسي.من هذا المنطلق كيف نفسر هذه المفارقة ؟؟ العجز والحصول على مهنة مشرفة ، أليست هذه القضية منتهى التعجب والإستفهام ؟هل يمكن أن نفهم أن المغرب انبنى على العجز والهوان؟ألا يمكن أن تنطبق هذه المقولة على كلية استشرت فيها انتهازية و تملق ؟ كلية بطلبة فلكلوريين مصطنعين ضيقي الأفق وسطحيين ،وأنشطة برتوكولية لا تمت بصلة للثقافة ،وإسلاميين شعارتيين فضفاضين،وجنس لطيف جعل من ساحة "الأغورا" مكانا لإستعراض لحومه،وجنس خشن جاء ليمارس "اللواط"،وامتحانات ملؤها "النقلة" و"الكريد "،وإذا كانت الأمور هكذا! لم لا تصارح التعساء وتقول لهم،هذا ليس مكان للعلم كما تعتقدون!!وإنما مكان لهؤلاء من هم أرفع شأنا منكم ،ليقضوا فيه لحظات جميلة،ويذهبوا؟؟أما أنتم أيها التعساء،إذهبوا لتجدوا مكانا منحطا يتناسب معكم ،فأنتم لم تصلو بعد إلى هذا المستوى!! لأنكم لستم تستحقون السعادة،إنما تستحقون الضنك،إذهبوا لكي تقبرو أنتم والعلم الذي تريدونه،إذهبوا وانتشروا حتى يدب العياء فيكم،وتموتوا وتنعدموا !!!! هذا كلام جميل ،نعم جميل نعم جميل...!!! أن يقال من طرف جهة بنوع من الصراحة والوضوحية ،سيء أن يقال من طرفها في الخفاء والضبابية. لم التعساء يتلقوا هذا الكلام بين الوضوحية والضبابية؟ وفي نفس الوقت ،الإنتهازية تتلقى الكلام هذا في واضح النهار مفاده:"تعالي إلى هنا فهذا مكانك،والأرض التي وجدت من أجلها "،قد يقول البعض أن الإنتهازية لها أنف طويل تستطيع الشم به أينما وجدت الرائحة الكريهة !! أقول له :" ليس المشكل الأساسي في الإنتهازية والإنتهازيين،وإنما المشكل يكمن في المكان القدر الذي يجلب الإنتهازية بدون أية صعوبة ومشكل ،وما على الإنتهازية سوى بدل جهد قليل،فالمكان باعث على الهيجان،يقول نيتشه:" لعل الحكمة لا تظهر على الأرض إلا هيأة غراب يهيجه عفن جيفة مكتوم"(2) عذرا لنيتشه ،فهو تكلم عن الحكمة،ولكن هنا أية حكمة!!!! وحتى إذا أردنا أن نحولها إلى هرمونتيقا. لا يمكن أن تتحول لأنها عفنة من قذارة الإنتهازية في تلك الأرض.إذا اقتربت منها تعفنها وتجعلها تصاب بالإسهال إلى ما لا نهاية ؟! من خلال هذه المقولة أريد أن أقول أن الحرب موجهة ضد تملقية وانتهازية قاتمة -منحطة بئيسة،ضحكات وجهها باعثة على القيء.....هي انتهازية لا تستغل الفرص من أجل العلم والمطالعة ،وإنما تبني وجودها على حساب الآخرين ،هي لا تفهم ،هي"تكرد"،هم معلمون في ألبستهم "الكارطونية"،لكنهم في عمقهم في حاجة إلى الشفقة ،إلى الرحمة،في حاجة إلى إعادة التربية ،عوض تربية الناشئة ،هم معلمون طلبة" نقالة" في مدرجات الكلية، هم "موظفون" يستغلون مهنتهم للتقرب من الأستاذ والتملق قصد الحصول على نقطة قصد إدخال "الآس"!!ليس إلا!!!......... من باب الدعابة والتهكم و"التقشاب"،أود قول شيء، كيف يمكن أن يفطم هذا النوع من "البشر" ويستوعب مفاهيم حداثية كالليبرالية والديمقراطية والعلمانية،وهو ممعمع كالنعجة داخل القطيع،خاضعالما يسمى بأعراف الشعب كما يسميها الأنثربولوجي عبدالله حمودي،كالنعجة التي تنطح إبنها ،لا لشيء ،إلا لأنه طلب منها الرضاعة،هذا هو حال هؤلاء المعلمين"الموظفين " ،الرجعيين الذين يدرسون معنا،الذين في أذهانهم الميوعة،القمع ،التنكيل،العنصرية،السادية ضد تلاميذ عزل أبرياء،من هنا كيف يمكن لهؤلاء المعلمين أن يدرسوا السوسيولوجيا الحرة الأبية،وهم في أذهانهم ثقافة فقهية متحجرة تعود إلى الغبير من السنين قائمة على الإستهلاك واللاإنتاج؟؟؟!!!وهم" كالآباء" بالنسبة للتلاميذ يقول نيتشه:"ليس كل الأشقياء في الحياة بأشقى من الأطفال الذين يجور عليهم آباؤهم وأمهاتهم" (3)،إنهم يقمعون تلاميذهم ،واتضح هذا من حواراتي مع بعض من هؤلاء،لا يستعملون إلا لغة العصا،هذه هي ثقافة هؤلاء،وهي ثقافة نظام تعليمي بأسره قائم على التدجين،لم يستوعب الحس التاريخاني،لازال في ذهنه وسلوكه شخصية الفقيه ،"يكردون"،"وينتجون" تلاميذا" كرادة" في حجرات التعليم الإبتدائي والثانوي،ولكن أين هي الشخصية النقدانية والفذة والقوية التي تدافع عن رأيها بالحجج في المؤتمرات ؟ والتي تنتج ولا تكرر،والتي لا تكون ثقافة الخجل؟!!........................أستخلص في النهاية التي تستمر بلا انقطاع،أن الإنتهازية والتملقية وليدة الإرث الماضوي،وليدة النزعة الحنينية،تربت فيها وتقوت من أجل التكرار لا من أجل التجديد،دون أن تعلم بأنها تحفر قبرها بيدها لها ولحفدتها،لأنها تقول أنا مستفيدة من الوضع لا داعي للتجديد ،لكن التجديد أصبح يكتسح العالم ،وبما أنه اكتسحه أصبح كالغول أو كالثعبان ،وبالتالي مآل هذا المجتمع في خطر ،لأنه مجتمع ذو هوية مشتتة،يعيش بجسده وعقله غائب.25-05-2010 ----المراجع: (1) أوراق -ص 74 - المركز الثقافي العربي - رقم الإيداع القانوني 374/96 (2)أفول الأصنام - ص3 - ت محمد ناجي ضمن العلم الثقافي (3) نيتشه - هكذا تكلمت زرادشت.
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدينة خضراء التي قيل أنها مدينة خضراء؟!!!!
-
الثورة المنسية
-
أية تنشئة نريدها لمغرب اليوم؟
-
نقد الإنتخابات المحلية(1)
-
دور الجنس في تغيير الشروط الإجتماعية
-
قراءة في الإنتخابات المغربية
-
القانون في المجتمع المحلي!(1)
-
البذرة المسوسة
-
الروائح الكريهة تجوب الأطراف والسلطات المحلية تغط في السهاد
-
ملاحظات ماقبل الإستفتاء
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|