أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رامز النابلسي - مأزق النكوص الفكري في العالم العربي














المزيد.....


مأزق النكوص الفكري في العالم العربي


رامز النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 16:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما زالت عورة الغزالي معاصرة، وتقبّح وجه التاريخ..
ما زالت لحية الأعرابي تؤلّب باسم التقاليد العصبيّات القبلية..
لا تزال عبارة "من تمنطق تزندق" تهدم كل بوادر العقلانية، وتبرّر أزمة النكوص الفكري الذي ينخر بعقل العربي..

نعلم يقينا لا تخالطه شكّ أن معيار تقدّم المجتمعات يرتبط ارتباطا وثيقا بعقول مفكّريها، وبسموّ مكانة فلاسفتها، وكان ابن خلدون أوّل من أشار لذلك في مقدّمته الشهيرة، وبات من المستهلك والمقيت تناول أزمة الفكر العربي دون إسقاط الطرح الخلدوني عليه..
فلا يزال العربي يعزو نكباته لضربة عين حاسدة، ولشيطان يلاحقه، ولمؤامرات تحيكها القوى الخفيّة من وراء الكواليس، وما كل ذلك إلا أمثلة حيّة على التفكير الغيبي، واضمحلال العقلانية والموضوعية في الطرح، وذلك نتاج تراكمات تاريخية، شاءت أن تغيّب الفلسفة تماما عن واقع الفكر العربي، وأوجد فجوة فكرية فجّة تفصلنا عن الفكر الغربي الحديث، فلا زلنا نواجه واقعنا بمعطيات رثّة عفي عنها الزمان، وبمثاليّات ميثولوجية أضحى شبه المستحيل أن تستوعب تناقضات عصرنا الحالي..

تغييب الفلسفة ومحاربتها لم تكن نتاجات البارحة، بل هي ارهاصات تاريخ طويل شابه الاستبداد ومحاربة الفلاسفة العرب، بدءا من كارثة أعمال الشيخ الغزالي "تهافت الفلاسفة" الذي اعتبر فيه الفلاسفة أخوة الشياطين وزنادقة، وماكرون يسعون لزعزعة ايمان الناس بدينهم !! وسرعان ما أضحى ذاك الكتاب الفزّاعة التي يتّخذها رجال الدين منطلقا ليهووا بسيف التكفير كل من اتّخذ من الفكر الحر والفلسفي عقيدة يجابه فيها دعاة الرجعية، وما أكثرهم !

كلّ ذلك ساهم في صعود الحركات الأصولية وتبوّأها هرم السلطة الفكرية، متزاوجة مع الاستبداد السياسي الذي لا زلنا نغرق في مستنقعه حتى اللحظة، رغم استفاقة بعض الشعوب العربية من سباتها العميق..
بات رجل الدين يعتقد خاطئا أنه محور المعرفة ومالكها، ويعتقد الناس كذلك، وبأنها حكر عليه، فهو ظل الله على الأرض والرافع لراية الحق، فأضحى يفتي في مسائل علمية دقيقة لا يدري عنها شيئا كالاستنساخ واطفال الأنابيب، ويفتي بجواز أكل لحم الجن اذا تشكّل !! وبحرمة قيادة المراة للسيارة التي يدلي بها دعاة الدين الامريكي الوهابي في مكّة !!

وينظر بنظرة استعلائية للقلة القليلة الناجية من وطأة الوصاية الفكرية التي يمارسها دعاة الحور العين، فمن تمرّد، فعلى سلطة الدّين يتمرّد، اذ ذاك يُحَلُّ دَمه حتّى لو كان الحلّاج أو السهروردي !

تزامن ذلك مع المساعي الحثيثة لتديين العلم، ويتجسّد ذلك في المناهج الدراسية، فكل فصل دراسي يتناول مواضيع علمية سواء في الفيزياء أم الكيمياء أم الاحياء، يستهلّ طرحه بأية قرأنية قد لا تتعلّق بتاتا بالطرح العلمي، وكأن العلم سُخّر لخدمة الدين، وانسلخ من هدفه السّامي كأداة موضوعيّة لانتاج المعرفة..
وغيّبت مناهج الفلسفة كليّا عن مناهج التدريس بقصد، لاجتثاث بذور الوعي الجمعي والفكر الناقد الذي قد يتشكّل في دماغ الطالب، فبات الشاب العربي يعود لرجل الدين لحل كل قضاياه، ولا ضير من مراجعة المشعوذين والدجّالين لحل أزماتهم..

ولا أبالغ حين أقول أن الفكر الديني تأذّى هو الأخر من تغييب الفلسفة والعقلانية عن مناهج التدريس، فبات رجال الدّين يؤوّل النصوص الدينية كيفما شاءت أهواؤه دون قراءة نقدية لها، فحلقة الوصل التي تربط النصوص المنزلة قبل 1400 عام بالحاضر باتت مفقودة، وطمرت في غياهب تفسيرات الغزالي وابن تيمية وابن كثير، فبات جليّا أن رجل الدين يرفض ويتماها في رفضه للعقلانية، فتراه يكفّر العلمانية، ولا يجد بديلا حداثيا لها ينتشل الفكر الديني من نكباته ..

فأي موقع كان يمكن أن يكون للمثقّف في مثل هذا الانفصام المتجّذر بين الفكر والواقع ؟ وفي مثل هذا الانحطاط الفكري الذي ينهش بواقع العربي ؟ موقع المنبوذ أم موقع خادم السلطان ؟
وما كان الفكر في الموقعين قادرا أن يغيّر، كان يرفض أحيانا أو يبرّر، أو يتصعلك ان خرج عن السائد ونظامه كأنه محكوما بموت يتأجّل !! يحتجّ على الشّرع ويثور، لكن موقع العاجز عن نقد الشّرع، فيتصوّف، يستبدل الأرض بالسّماء، ويزهد، أو يستكين للدنيا وللأخرة، فيعقلن الاثنتين في نظام من الاستبداد لسلطته يرضخ !

فالسلطة من منظور رجال الدين الحاليين الضيّق تبدو مطلقة، وهي المكدّسة بالغيب وفي الغيب، فوق الرّفض وفوق النّقد، فأضحى مشروع علمنة الفكر العربي وتحديث الفكر الديني واقحامه في منظورة فكرية كاملة لا يحتكرها، أشبه بعمليّة ولادة قيصرية !!

ما أحوجنا لثورة فكريّة عارمة تبدأ بمناهج التعليم الرثّة، وتنتهي بانتاج رجال دين حداثيين يزاوجون بين الفكر الديني والفكر الفلسفي، ولا يعمّقون الانفصام بين العقل الفلسفي المحض والثيولوجيا الدينية، ويسحبون بساط العقل من براثن السلطة الدينية الشمولية التي يحتكرها رجال الدّين الحاليّين الذين لا يمتّون بصلة لعلي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) ولعمر بن عبد العزيز ..

انتهى



#رامز_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يدعى ان تتقنع بالدين وجوه التجار الأمويين ؟!


المزيد.....




- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رامز النابلسي - مأزق النكوص الفكري في العالم العربي